قصة الفيلا المهجورة بقلم الكاتب أحمد محمود شرقاوي
الفيلا دي مسكونة من زمان أوي يا أستاذ ابتسمت بكل سخرية وانا بسمع حكاية
الفيلا دي من عم سعيد حارس المنطقة, خاصةً إني كنت خلاص قررت اني الليلة هدخل
الفيلا دي, وهسرق شوية الانتيكات اللي هيدخلولي الاف على الأقل, مانا خلاص
قررت أبيع ضميري واسرق, بس مكنتش أتخيل للأسف اني هشوف شياطين الجحيم جوة
الفيلا دي..
قالوا ان الفقر بلاء شديد ومش أي حد هيستحمله, وان اللي بيستحمله بيكون من
أهل الجنة, أو على الأقل بيكون له حُجة عند ربنا, بس فين دلوقتي اللي بيفكر
بالطريقة دي, قلة قليلة بقوا نادرًا لما ممكن تلاقيهم, الغالبية العظمى بتعيش
بسخط ولوم على كل الظروف بل والأقدار نفسها, والبعض بيدعي القناعة والرضا
بالمقسوم بس من جواه بيغلي ومش راضي مطلقًا, والبعض بيقرر يدخل في سكك الحرام
كلها, وانا كنت من دول للأسف..
يومها كنت قاعد على القهوة تقريبًا مش معايا غير اتنين جنيه, وكوباية الشاي
نفسها بتلاتة جنيه, مكنتش حتى عارف هقوم من على القهوة وهحاسب ازاي بعد ما
شربت كوباية شاي, بس قولت يمكن اقابل أي حد يدفعلي, مانا ياما دفعت للناس,
ملحقتش أكمل تفكيري لأني فوجئت بحاتم القط جاي يقتحم ترابيزتي بكل وقاحة
ويقعد جمبي, كنا شبه مبنكلمش بعض بسبب مشاكل ما بينا, بس انا مش وقح لدرجة
اني اتجاهل حد جه مخصوص وكلمني وجها لوجه..
- مسا مسا يا درش
- أهلا يا قط عايز ايه
- يا أخي دانت قلبك اسود, ما خلاص بقا اللي حصل مات مع امبارح احنا في
انهاردة
- لا مماتش, لما نطلع الشغلانة واكتشف انك خدت 100 جنيه زيادة يبقا لازم
ازعل
- خلاص حقك عليا, وعد مني هعوضك, وحساب القهوة عليا انهاردة
واتكلم بصوت عالي وقال:
- هات قهوة فرنساوي هنا ياض يا صُبحي
كلمة قهوة فرنساوي حسستني بالبهجة, بصيت لصُبحي بنظرة غرور لأنه أخيرًا
هيحترمني بعد ما كان عايز يمشيني من القهوة لأني مبطلبش حاجة غير الشاي وبقعد
على الكوباية ست ساعات وأكتر, بصيت باهتمام للقُط وقولت:
- ها يا حاتم أكيد فيه حاجة عايزني فيها
- بصراحة ايوة, حاجة مهمة شويتين كمان
- اشجيني
- فيه فيلا على الطريق السريع بعيدة عننا مسافة 6 كيلو, الفيلا دي مهجورة
بقالها سنين طويلة, فيه واحد بلغني ان جواها أنتيكات ولوح غالية أوي, وقالي
كل أنتيكة أو لوحة هنجبها ليا فيها الفين جنيه, تخيل بقا لو طلعنا بعشرين
حاجة بس, يعني 40 الف, انت النص وانا النص, وكل ده في ليلة واحدة بس
- وهو انا على أخر الزمن هشتغل حرامي يا حاتم
- مين قال اننا هنسرق, دي فيلا مهجورة والحاجات اللي جوة استحالة حد يسأل
فيها من الأساس
- لا انا مش موافق
- خلاص خليك في الفقر اللي انت فيه, ما هو فيه ناس كدا متعرفش تنام غير
جعانة وهدومها مقطعة
وراح باصص لصُبحي وقال:
- اسحب القهوة الفرنساوي ياعم
مسكته من دراعه بقوة وقولتله:
- ياعم متبقاش قفوش كدا, الكلام خد وهات
- لا يا حبيبي الكلام ده للناس الفاضية, انا وقتي بفلوس, يا اة يا لا واشوف
غيرك
- طيب اديني بس ليلة افكر وهرد عليك بكرة
ضحك بصوت عالي وقال:
- هو انا طالب ايدك يا مصطفى, بس عامةً هستناك بكرة عشان خاطر نتخطب بسرعة
ونتجوز وفضل يضحك بأعلى صوته وانا غرقان في مكان تاني, بفكر في كل كلمة
اتقالت..
فيه قانون دنيوي شهير جدًا, إن التفكير في أمر محرم كتير بيخليك تعمله, لأن
الأصح انك ترفض الحرام فورا, أما لما تقول انك هتدي لنفسك فرصة عشان تفكر,
فانت بتدي للشيطان نفسه الفرصة عشان يحلي جواك الموضوع اكتر واكتر, وفي
النهاية هتلاقي نفسك هتعمله, وده بالظبط اللي حصل معايا, تاني يوم قعدت على
القهوة واستنيت ظهور القط, استنيت كتير أوي, لدرجة اني حسيت انه عمل الشغلانة
لوحده, وبعد تلت ساعات تقريبًا ظهر, كان وشه شاحب والغم راكبه بطريقة مخيفة,
تجاهلني تماما وراح قعد في ترابيزة بعيدة عني, استغربت من اللي عمله وروحت
ناحيته استفهم عن اللي بيعمله ده, أول ما شافني اتكهرب وقال:
بقولك ايه انا كنت بهزر امبارح انسى كل اللي قولتلك عليه ده, انساه
خالص.
بصتله بغضب شديد بعد ما كنت عشمت نفسي بالفلوس وقولت:
هو انا عيل صغير عشان تهزر معايا في الكلام ده
تجاهلني ومردش, وده خلاني أحس ناحيته بغضب شديد, كان هاين عليا أقتله,
وبحركة لا ارادية لقتني بسحب موبايله من على الترابيزة وهو مكنش باصص ليا
خالص, وقبل ما انطق بكلمة تانية لقيته قام وسابني ومشي, معرفش انا ليه خدت
الموبايل, بس كنت مخنوق منه وعايز أعمل أي حاجة تضايقه, ومن حسن حظي ان
الموبايل مكنش لسة اتقفل بالباسوورد لأنه كان لسة فاتحه وبيكتب عليه, قلبت في
المكالمات ملقتش حاجة مهمة, دخلت على رسايل الواتس ولقيته كان بيكلم حد اسمه
الدكتور وكاتبله رسالة طويلة شويتين.
" يا دكتور انا مش هعمل الشغلانة دي ولو فيها موتي, وفلوسك مش عايزها كمان,
يا روح ما بعدك روح, شوفلك حد غيري يعملك الشغلانة دي".
عنيا لمعت وانا قاعد من الفكرة اللي جت في بالي, خدت رقم الدكتور ده وكلمته,
حاولت اتمالك نفسي واتكلم بهدوء عشان يثق فيا, بلغته اني صاحب حاتم القُط
واللي كنت هعمل معاه عملية الفيلا, واني مستعد أروح للفيلا واعمل اللي هو
عاوزه بدون أي تردد, وبعد حوار طويل حسيت انه بدأ يثق فيا بل ويبلغني بمكان
الفيلا وشكلها وهدخل وهخرج منين, بس انا كنت ناوي على طمع, واتفقت معاه ان كل
أنتيكة أو لوحة هطلعها هاخد فيها تلت الاف جنيه..
وبعد كلام كتير وافق في النهاية واتفقت معاه اني هنفذ الليلة اللي جاية على
طول, هستكشف بس المكان بالنهار وعلى بالليل هكون قدام الفيلا بجيب كل اللي
فيها..
وروحت بيتي وفضلت طول الليل بفكر, قلق على خوف وتوتر على حماسة, كنت بحاول
انسى قلقي وانا بتخيل الفلوس اللي هتجري في ايدي بعد العملية دي, وأول ما
الشمس طلعت ركبت عربية لحد الطريق السريع, وبعدها خدت عربية تانية على وصفة
الراجل لحد ما وصلت للفيلا, الفيلا كانت على الطريق السريع وكل اللي حوليها
فاضي تماما, فيلا قديمة شكلها مخيف ومقبض, لونها غامق والعنكبوت تقريبا معشش
على كل مكان فيها, الغريب اني لمحت ورا الفيلا مقبرة قديمة شبه مهجورة, وجمب
الفيلا لقيت اوضة صغيرة طالع منها راجل كبير, عرفت انه الغفير بتاع المكان,
بيحرس الفيلا والمقبرة القديمة دي..
فضلت الف حولين المكان بحذر لحد ما عرفت مداخل الفيلا كلها ومخارجها, ومع
الليل استحالة الراجل ده هيشوفني, بصيت لنفسي لقتني لابس قميص أبيض وبنطلون
بدلة, لزوم المنظر لو حد شك فيا, وجالي الفضول أتكلم مع الغفير ده شوية وكأني
كنت هشتري أرض قريبة من المكان, دخلت عليه ورميت السلام, كان راجل ودود جدًا,
قولتله اني هشتري حتة أرض قريبة وملقتش عربية ترجعني ورجليا خدتني لهنا, رحب
بيا وعرض عليا الضيافة لحد ما الشمس تهدى شوية ونقف على الطريق نوقف
عربية..
ووسط الكلام جبت سيرة الفيلا دي, لقيت ملامح وشه اتغيرت وقال:
الفيلا دي مهجورة من زمان أوي يا أستاذ
وبدأت يخرف بالكلام عنها وعن انها اتسكنت وكلام المعاتيه ده كله, خدت منه
الكلمتين وانا مبسوط اوي, لأن لو جيت بالليل وشافني هيفتكرني عفريت وهيخاف
يقرب, في النهاية سبته ومشيت واستنيت الليل بفارغ الصبر على القهوة..
لحد ما الشمس غربت وجه نص الليل, واتخفيت كويس اوي وانطلقت ناحية الفيلا,
الجو كان برد شديد خاصة ان الطريق السريع فاضي تماما, والضلمة من حوليا مش
مخلياني عارف أشوف حاجة تقريبا, اللهم الا من نور ضعيف جاي من اوضة
الغفير..
خدت نفس عميق وجريت ناحية الفيلا, زي الصاروخ, نطيت من على السور وفي لحظة
كنت جوة الفيلا, المكان كان ضلمة أشد من برة, بس على الأقل لما فتحت نور
الكشاف مكانش واضح بسبب السور, وشوفت مبنى الفيلا قدامي, كان شكله مخيف جدا,
تحس انه وحش ضخم هيتحرك ويبلعك فورا..
اترعشت من منظر الفيلا بس كملت فورا ودخلت لجوة المبنى الضخم, وأول ما دخلت
شميت ريحة غريبة اوي, كأنها ريحة دم متجلط, تجاهلت كل ده وبدأت أبص على
الجدران, وقتها قلبي طار من الفرحة لما لاقيت لوح كتير أوي, بس المخيف ان
اللوح كانت كلها مرعبة, كلها عبارة عن أشلاء ودم وسكاكين, لوحة شوفت فيها
واحد بيقطع راس واحدة والدم سايل منها, ولوحة تانية كانت فيها شخص بيصرخ وفيه
خنجر مغروز في قلبه..
قلبي اتقبض من المنظر وبدأت أجمع اللوحات بسرعة, حاولت أجمع اكبر قدر منها
وفجأة حسيت بحاجة مدببة بتغرز في ضهري, بصيت بسرعة لقيتها انتيكة على شكل
تمثال بشع, كأنه تجسد للشيطان نفسه, حطيتها جوة الشنطة وطلعت أكمل تدوير فوق,
بس الغريبة اني لقيت شنطة حاتم, ايوة هي, كانت مرمية في الأرض وجواها انتيكات
ولوح, شكله كان قرر يعمل العملية لوحده بس فيه حاجة منعته, بدليل ان شنطته
مرمية في المكان..
وتقريبا نفذ في اليوم اللي قولتله سيبني يوم افكر, حسيت بقلق وتوتر, يا ترى
حد هاجمه ولا حصل ايه, مش مهم, المهم انجز بسرعة, فتحت باب اوضة من الاوض
بسرعة ودخلت, ومسافة ما نورت الكشاف اتفزعت..
شوفت واحدة ست واقفة زي التمثال بتتأمل لوحة من اللوح دي، كانت لابسة فستان
واسع لونه وردي وشعرها معمول زي الكعكة، معرفش ليه حسيت انها طالعة من فيلم
أبيض واسود، بس وجودها في المكان ده، وفي التوقيت ده كان مُرعب بكل المقاييس،
فضلت واقف وكاتم أنفاسي تماما، بس هي حست بوجودي لأنها لفت وبصت ناحيتي، ورغم
الضلمة شوفتها، رقبتها كانت مفصولة عن جسمها وساندة بس على العنق والدم كان
سايل منها، ومع ذلك كانت ماسكة بإيديها في اللوحة بطريقة غريبة..
شهقت زي اللي اتضرب بخنجر في صدره من الرعب، حاولت اهرب، اجري، اتحرك، بس
جسمي كان مشلول، متخشب زي الأموات، والمخيف اكتر ان جسمها بدأ يظهر فيه خدوش
كتير والدم بينزف منه، شهقت اكتر واكتر، في اللحظة دي شوفت واحدة مرسومة في
لوحة من اللوح وبتصرخ بهيستريا..
وقبل ما استوعب الجنون اللي بيحصل ده هجمت عليا البنت المدبوحة، وقتها بس
قدرت أجري، اصرخ زي المجنون، وقبل ما انزل على السلم حاجة مسكتني من رجليا
بعنف، وحسيت بضوافرها بتغرز في رجلي زي النار، وصرخت زي المجنون..
وزحفت بعنف لحد ما اتحررت من القبضة، وجريت، جريت وانا بصرخ لحد ما هربت،
ومن ورايا سمعت صرخات جاية من كل مكان تقريبًا، صرخات رهيبة، من اللوح،
والأنتيكات، وحتى من البنت المدبوحة دي..
رجعت بيتي عنيا حمرة، بترعش زي المحموم، قلبي بيتنفض مكانه، نظراتي زايغة زي
المجانين، اول ما فتحت الباب شوفت أمي قاعدة على مصلية الصلاة بتصلي، أول ما
شافتني جريت عليا وقالت:
- مالك يابني حصلك ايه
مقدرتش ارد عليها، لساني كان واقف نهائيًا، لقيتها بتحط ايدها على قلبي
وبتقول:
- ربنا يريح قلبك
بصتلها بغضب شديد، مصدوم، ولقيت نفسي بثور ثورة غريبة..
- ربنا، ربنا اللي سايب الفقر ينهش فينا، اللي بيرزق كل الناس وبيجي عندنا
ومبيرزقناش، انا خلاص تعبت، تعبت، حتى يوم ما روحت اجيب الفلوس سابني
للعفاريت يبهدلوني وينهشوا في جسمي
سابتني لحد ما خلصت، لحد ما وقعت على الكنبة وفضلت ابكي زي الطفل، قربت مني
ومسكت ايدي بإيديها اللي كلها تجاعيد وقالت:
- بتسأل عن الرزق وبس
بصتلها وانا مش فاهم عشان تكمل وتقول:
- ما عند الله لا ينال الا بطاعته يابني، متسألش عن حقوقك قبل ما تعمل
واجباتك، انت عمرك ما صليت ولا دعيت، عمرك ما طلعت صدقة ولا زكاة ولا شوفتك
عملت عمل خير، وجاي تلومه انه مبيرزقكش، ده المفروض يسخط عليك كمان، يابني
ادخل سكة ربنا وقدم العبادات واستنا منه كل خير، ليه يابني بتدور على اللي
ليك بس، ليه مبتعملش اللي عليك تجاه اللي خلقك، ربنا رحيم يابني استغفره،
استغفره من الكفر اللي قلته ده.
حسيت من كلامها وكأنه قلم نزل على وشي، بكيت اكتر وانا حاسس بالضياع، وأول
ما نطقت وقولت:
- استغفر الله
لقيت اذان الفجر بيأذن، ابتسمت امي وقالت:
- اهو بينادي عليك، يالا روحله، اياك تتجاهل ندائه
وفعلا روحت، وصليت، وحسيت بالسكينة بتدخل في قلبي، بس وعدت نفسي وعد بسيط
قبل ما ارجع لربنا، عايز افهم ايه اللي حصل في الفيلا دي، لازم زيارة للغفير،
لازم زيارة جديدة للفيلا دي عشان أفهم اللي حصل.. لازم..
"ما عِند الله لا ينال إلا بطاعته"
لسة معانا حكاية مُخيفة عن الفيلا، وعن سبب رسم اللوحات الغريبة دي، وعن
الست اللي كانت جوة الفيلا، لو عايز تتابع القصة معانا بكرة الساعة ٩ بأمر
الله كل اللي عليك تعمل فولو وسي فيرست لصفحتي الشخصية عشان تتابع كل
جديد..
↚
للأسف كان لازم ارجع, كان لازم أفهم ايه اللي حصلي جوة الفيلا دي, ومين البنت اللي كانت قدام اللوحة ورقبتها مفصولة عن جسمها, وحتى لما اتأخرت كام يوم الكوابيس مرحمتنيش, كنت دايمًا بشوف البنت وهي بتمسك بضوافرها في رجلي وبتصرخ صرختها المُرعبة, لحد ما في النهاية قررت أروح, أزور عم سعيد الغفير من تاني..
يمكن الفضول الغريب اللي عمال ياكل فيا ده يهدى شوية, أو يمكن الجن اللي ركبني من يومها يهدى شوية, وتاني يوم صحيت بدري, صليت الفجر على غير العادة وطلبت من ربنا النور, النور في كل حياتي اللي كانت مضلمة زي الليل..
وعلى الساعة عشرة الصبح كنت بخبط على عم سعيد الغفير, قدام الفيلا اللي شوفت فيها الويل, استقبلني بطريقته الودودة كالعادة وان استغرب شوية من زيارتي, وكنوع من أنواع التوبة وبدون مقدمات اعترفت قدامه بكل حاجة, اني كنت جاي أسرق الفيلا, وان ربنا أراد اني اشوف الشياطين جوة واخرج من الفيلا زي المجانين, واني قررت أتوب عن أي فعل غلط في حياتي وكل اللي محتاجه اني أفهم الفيلا دي حصل فيها ايه..
توقعت تعنيف, او هجوم, أو حتى عتاب, بس الغريب اني فوجئت براجل قمة في السماحة والسلام وردد وقال
"إن الله يغفر الذنوب جميعًأ" وانا مسامحك يا ولدي طالما نويت التوبة لله.
لقيت وشي بينور من الابتسامة وحضنته جامد, ده راجل مش موجود زيه في الزمن ده, سابني وعمل كوبايتين الشاي وبدون أي مقدمات بدأ يحكيلي عن الفيلا المخيفة دي..
من 40 سنة كان ابويا الحاج عويس حارس على الفيلا دي, وكان بيملكها شخص اسمه الدكتور منصف, دكتور نفس شهير جدا, وكان مخصص مكان في الفيلا بتاعته للاستشارات النفسية, اللي هو يعني بيعالج الناس اللي نفسيتها تعبانة, المنطقة نفسها كانت مليانة شجر وفيها جنينة كبيرة وكام فيلا حوليهم كمان, وكان زواره بييجوا تقريبًا كل يوم للفيلا, والغالبية العظمى منهم ستات..
اللي تعبانة نفسيا من جوزها ورايحة تفضفض للدكتور, واللي عندها مشاكل في حياتها وجاية تتعالج واللي واللي واللي, وعلى الرغم من ان ابويا كان شايف ان كل ده حرام, وان عيب وغلط ان ست تروح لراجل في عيادة جوة بيته عشان تمدد قدامه على السرير وتحكي أسرار بيتها وحياتها وعلاقتها بجوزها..
بس ابويا لو كان اعترض كان اتقطع عيشه, وفضل كاتم جواه وساكت, وللأسف الغلط لازم يجيب غلط أكبر منه, الدكتور بقا بيعمل علاقات حرام مع بعض الستات دي, دكتور, شكله وسيم, ولسانه حلو معاهم, والشيطان ما هيصدق, وبقا الوضع مريب جدا, بقا فيه ستات بتيجي تزور الدكتور بالليل كمان, بس ابويا للأسف كان خايف على أكل عيشه وقالك انا مالي بالموضوع كله..
لحد ما في ليلة أبويا سمع صراخ رهيب من جوة الفيلا, دخل بسرعة يشوف فيه ايه لقى الدكتور دابح مريضة كانت بتجيله اسمها "عايدة" كان ابويا يعرفها من كتر ما كانت بتجيله, ابويا سمع الدكتور بيشتمها بأقذر الألفاظ وبيقول انها عاهرة مينفعش تدعي الشرف دلوقتي, وللأسف, ابويا برضه سكت, ودفن الجثة مع الدكتور ورا الفيلا مقابل شوية فلوس, وقالك برضه أخاف على أكل عيشي..
ومن يومها وكل حاجة بقت مخيفة, الدكتور بقا بيقعد بالساعات في الفيلا يرسم لوحات شكلها مرعب, كان ابويا لما بيدخل ينضف او يجيب حاجة من جوة كان جسمه بيتلبش من شكل اللوحات الغريبة دي, ستات مدبوحين ودم وناس بتتقطع وأشلاء, حاجة كانت ترعب, لدرجة ان ابويا بقا بيتحاشى تماما الكلام مع الدكتور..
بس الدكتور دخل في سكة أسوأ, وبقا بيشتري تماثيل وأنتيكات شكلها بشع, شياطين وجماجم وحاجات مخيفة, لدرجة انه قرر يدهن الاوضة بتاعته كلها بلون أحمر دموي, ورجع من تاني يستقبل الزيارات بعد ما كان موقفها..
بس المخيف بقا ان الست اللي كانت بتدخل مكانتش بتخرج خالص, مكنتش بتخرج غير جثة مدبوحة وتتدفن ورا الفيلا, وابويا كان شاهد على كل ده, بس لقمة العيش اللي كانت مخلياه مقهور ومش قادر يتكلم..
لحد ما في ليلة ابويا قرر يدخل يشوف بيحصل ايه جوة, وبعنيه شاف الدكتور بيدبح الست, شافه بيعمل عليها طقوس غريبة, وكان بياخد الدم منها عشان يرسم لوحاته, ايوة اللوحات دي اترسمت بالدم المخلوط بالحِبر, ابويا اتصدم ومع ذلك مدافعش عن الست وسابها تموت قدام عينيه..
ومع الأيام بدأت الأمور تاخد منحنى مخيف جدا, ابويا كان في كل ليلة كان بيشوف ستات واقفين هناك عند المقبرة, وكان بيفضلوا يطلعوا أصوات عاملة زي الحشرجة, كأنهم لسة بيتدبحوا حالا, المشاهد دي خلت شعر ابويا يبيض, وجسمه يشيخ قبل أوانه, خاصة ان الستات دول أو عفاريتهم كانوا بيفضلوا يخوفوه طول الليل, وهو للأسف كان ولازال خايف على لقمة عيشه, في الأيام دي الدكتور بقا بيطلع يقعد قدام الفيلا كتير, كان بيبقا شكله غريب وشعره منكوش وعنيه تايهة, الراجل كان داخل على مرحلة من مراحل الجنون الغريب..
وفي ليلة اتفاجئ أبويا بالدكتور جاي يقعد معاه, وكان شكله وكأنه رجع طبيعي تاني, كان بيضحك بصوت عالي ومبسوط جدا, وبدأ يحكي لابويا انه كان بيعشق حاجة اسمها فاحشة وخاصة مع الستات اللي بيزوروه في عيادته, كان شايفهم حثالة يستحقوا انهم يبقوا مجرد عاهرات, مكنش قادر يشوفهم محترمين, بل هو نفسه مكنش مقتنع بشغله كطبيب نفسي..
وحكى لابويا ان عايدة كانت اقذر واحد من زواره, وكان بيحب يعذبها بطريقة سادية غريبة, لكنها جت في مرة وحاولت تدعي الشرف وترفض أوامره, وده خلاه يغضب عليها, ولما اشتد الكلام ما بينهم قتلها, ومن يومها قرر يقتلهم كلهم ويرسم بالدم بتاعهم لوح خاصة بيتقرب بيها من الشيطان زي ما قرأ في الكتب اللي عنده, وانه الليلة هيعمل الخطوة الكبيرة عشان يبقا من عبيد الشيطان نفسه..
الخلاصة ان ده كان واحد مجنون سادي بيتكلم, ورجع للفيلا يومها وابويا بيضرب كف على كف, وكانت ليلة من الجحيم, بدأت بإن نور الفيلا كله قطع, وبدأت أصوات تيجي من جوة الفيلا كأن فيه قداس جوة, ابويا بكل خوف قرب من الفيلا ومن خلال الباب حاول يشوف اللي بيحصل, ورغم الضلمة الشديدة ابويا شاف شيطان شكله بشع, لونه اسود متفحم وعنيه حمرة زي الدم وعنده قرنين مولعين بالنار, الشيطان كان واقف ورا الدكتور, ابويا وقتها اتشنج زي المجانين وطلع يجري للاوضة بتاعته, فضل يترعش لحد الصبح, وتاني يوم استنا ان الدكتور يظهر بس مظهرش, وتالت يوم استنا بس مفيش أي نتيجة, وفي الليلة التالتة سمع صوت الدكتور بينادي عليه من جوة الفيلا, وأول ما دخل اتقفل عليه الباب والنور كله طفى, وظهر نفس الشيطان, ومش هو بس, هو وكل الستات اللي الدكتور دبحهم, كانوا ماسكين في ابويا وكأنهم عايزين يقطعوه, يحرقوه..
ابويا فضل يصرخ ويتنفض لحد ما قدر يهرب من المكان كله, كنت لسة صغير, بس ابويا حكالي, حكالي كل حاجة ووصاني اني مبقاش شيطان واسكت عن الحق, مبقاش شيطان واسيب القاتل يقتل, مبقاش شيطان واسيب الفاحشة تحصل قدامي من غير ما اخد أي موقف, بعدها راح بلغ الشرطة عن الفيلا والجثث, وقبل ما يتحقق معاه جتله جلطة غريبة اتسببت له في شلل كامل, وكلها أيام وابويا اتحلل وهو صاحي ومات موتة بشعة لسة فاكرها لحد انهاردة..
وجت الشرطة واقتحمت الفيلا, وكان الهول في انتظارهم, دم حي, دم مغرق المكان كله, الحيطان والأرض, اللوح نفسها بيخرج منها دم, والدكتور كان مرمي على الأرض جثة متخشبة زي لوح الخشب, وشه اسود وبقه مفتوح على أخره وفيه جرح عميق في رقبته, وعلى مدار أيام في التحقيق كانت أمور غريبة بتحصل للمحققين, اللوح نفسها بقت بتنزل دم غريب كل شوية كأنها بتنزف..
ناس اغمى عليها وناس مرضت أمراض غريبة, في النهاية الحكومة قررت تشمع الفيلا وتقفلها خالص, والمقبرة اللي ورا اتقفلت بالجثث اللي فيها, واتقفلت القضية من سنين طويلة, اصحاب الفلل المجاورة مرة بعد مرة ومن كتر الأمور المخيفة اللي بقت بتحصل سابوا البيوت خالص, كانوا بيشوفوا نفس الشيطان, والستات المدبوحين بيتجولوا في الشوارع طول الليل..
وبعد ما الكل هرب جالي واحد من جيران الدكتور, قالي انه هيكلفني بشغلانة وليا مرتب كل شهر, ومهمتي كانت تخويف أي حد انه يقرب من الفيلا, قالي ان اللوح اتعمل عليها سحر مخيف, ومينفعش تخرج بأي حال من الأحوال من الفيلا ولا هي ولا الانتيكات..
وبما اني ابن الحارس القديم فانا اللي هتولى المهمة, ورغم خوفي وافقت,وشوفت كتير اوي في الفيلا, بس كملت, لحد ما جه قرار ازالة من الدولة للفلل عشان يبنوا مصنع, واتهدت كل الفلل, بس محدش قدر يقرب من الفيلا, المعدات اتعطلت والعمال اتصابوا ومات منهم اتنين, واتوقف المشروع وفضلت الفيلا وفضلت انا والأشباح..
كنت بتنفس بصعوبة وانا بسمع القصة المخيفة دي من عم سعيد ابن الحاج عويس, وحتى لما استوعبت اللي حصل وسألته:
- والراجل ملتزم بعهده من وقتها وبيديك قبضك.
- كل شهر, عنده حساب في البنك من سنين بيحولي القبض في ميعاده كل شهر مقابل ان اللوح دي متخرجش أبدًا
- طيب وايه تفسيرك للي حصل ده.
- الشهوات يا بني, لما تستسلم للحرام بتتجر بسرعة لسكك الشيطان, الدكتور استهون بالزنا وفتن النساء وخرب بيوتهم بالزنا, وشهورة الجنس جرته للقتل, والقتل جره لقتل أكبر وأكبر, ومن كتر الدم الراجل جاله هوس ونزعته السادية خرجت لما ملقتش دين يحكمها, ودخل في سكك السحر والسادية, عمل أسحار غريبة رغم انه دكتور, وابويا للأسف الله يسامحه كان شيطان أخرس, شاف الست بتدبح ووقف يتفرج, كان جبان الله يرحمه, وشاف الزنا قدامه قبلها وتهاون فيه, وبعدها القتل, وبعدها السحر, وسكوته خلى العذاب يطوله ويتحرق بالنار الجهنمية دي ويموت بالطريقة دي, مينفعش يابني راجل يشوف الغلط ويسكت حتى لو هيقدم روحه عشان يدافع عن الناس, ومينفعش نستسهل الحرام والزنا والقتل بالسهولة دي.
كلامه كان مؤثر جدا, بس وقتها افتكرت سؤال غريب:
- ما تقولي اسم الدكتور كدا
- منصف عبد العزيز
وقتها اتنفضت برعب لما قرأت اسم الدكتور اللي بعتني اسرق الفيلا على تروكولر
.
"دكتور عامر منصف"
معرفش هل هو ابن الراجل ده ولا دي صدفة, بس انا مش هخرج السحر ده لبرة مهما حصل, الله اعلم هيحصل ايه, وهل عم سعيد هيعرف يحمي الفيلا ولا لا, بس كل اللي فهمته ان اللي هيقتل هيتقتل, وان اللي هيسكت عن الحق ويتفرج هيتكوي بالنار.. وقتها أيقنت من كلام ربنا اللي بيقول.
"مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"
"واتأكدت كمان من الجملة اللي بتقول "الساكت عن الحق شيطان أخرس".
تخيل لو بتصلي العشا في الجامع واتفاجئت ان اللي بيصلي جمبك راجل عجوز وشكله غريب جدا, وفجأة قالك شوية كلمات غريبة غيروا حياتك كلها، لو عايز تتابع القصة معانا بكرة الساعة ٩ بأمر الله كل اللي عليك تعمل فولو وسي فيرست لصفحتي الشخصية عشان تتابع كل جديد..