📁 آخر الأخبار

استغاثة من أرض الأموات بقلم الكاتب أحمد محمود شرقاوي

 استغاثة من أرض الأموات بقلم الكاتب أحمد محمود شرقاوي



يوم وفاة أبويا والدنيا كلها متجمعة قدام البيت والبكاء والعويل شغال وتقريبا مبيقفش لقيت ابن عمي بينادي عليا وبيقولي إن الشيخ هارون جه عشان يغسل ويكفن الميت, تمالكت نفسي بالعافية لما أبويا بقا بيتقال عليه الميت وقابلت الشيخ هارون هو والمساعد بتاعه ودخلتهم على الأوضة اللي فيها أبويا..



محمد الشرقاوي,كريم محمود عبدالعزيز,الفنان محمد الشرقاوي,رانيا محمود ياسين,نجل الراحل محمد الشرقاوي,خلاف محمد الشرقاوي و عادل امام,أدهم شرقاوي,امجد الشرقاوي,مقتل فاروق الشرقاوي,مقتل فاروق الشرقاوي مسموعة,كتاب مقتل فاروق الشرقاوي,رواية مسموعة مقتل فاروق الشرقاوي,رواية مقتل فاروق الشرقاوي,كتب علم النفس وتطوير الذات,احمد موسي,إختياراتي - أحمد سعد من فيلم #مستر_إكس | ahmed saad ekhtayaraty,كاتب,الشرق,نصر محروس,كتاب مسموع,محمد انور,محمد ثروت,محمد عماد




دخلنا عليهم طاولة خشبية عشان الغُسل وجبنا المية الدافية والعطر والكفن, ودخلت أنا وابن عمي مع الشيخ والمساعد بتاعه, وبدأوا يحضروا الجثمان للغُسل, وغصب عني سرحت أوي في اللحظات دي وانا شايف أبويا بقا مجرد جسم مبيتحركش, مبيتكلمش, مفيش فيه نفس, وغصب عني لقيت دموعي بتنزل مني بغزارة, وفجأة لقيت الشيخ هارون بيبص ناحيتي بغضب شديد جدا وقال:


- انت بتبكي


بصتله بحيرة وهزيت راسي, راح مقرب مني ومسح تحت عيني الدموع وقال:


- أمال ايه ده ؟؟


ابن عمي اتدخل عشان يهدي الأمور وقال:


- طلباتك يا شيخ

- البُكا على راس الميت بيعذبه واحنا بنطلب للميت الرحمة وانتوا بتعذبوه, خود ابن عمك واستنوني برة


بصتله بغضب بس ابن عمي خدني بقوة واعتذرلي وطلعنا برة وانا مش فاهم هو بيعمل كدا ليه, بس كان في دماغي حزن أكبر من إني أفتكر الموقف ده, وجت اللحظة الأسوأ لما شيلنا أبويا على الخشبة وبدأ الصراخ من قلب البيت وخاصةً إخواتي البنات وطلعنا على المقابر, دفناه في النهاية ورجعت البيت وانا قلبي مكسور, حزين, مش قادر أتكلم ولا أهمس بنص كلمة..


كلمت عمي وقولتله يلغي العزاء لأنه بِدعة ودي وصية أبويا, وحتى كنا منبهين واحنا بنادي على المتوفي إن العزاء قاصر على تشييع الجنازة, ودخلت أنام عشان دماغي تهدى شوية لأني فعلا كنت محتاج ده بأي طريقة, وكانت تقريبا أسوأ نومة نمتها في حياتي, كوابيس وأرق وتعب نفسي, أبويا اللي كنت بكلمه طول نومي ومبيردش عليا, وكأنه كان أسوأ قرار أنا خدته لما قررت أنام في الوقت ده, وصحيت..


صحيت تقريبا على الساعة 1 بالليل, وأول ما فتحت عيني افتكرت إن أبويا مات, وبدأت أبكي فورا بدون تفكير, بكاء مرير, شديد, بس كان الأولى إني أتوضى وأصلي ركعتين لعل وعسى ربنا يغفر لابويا بسبب دعواتي, بس الغريب ووسط صمت الليل ده سمعت صوت بكاء غريب..


بدأت أكتم أنفاسي وأركز, كان فيه فعلا صوت بكاء جاي من الأوضة, الأوضة اللي أبويا كان بيتغسل فيها من ساعات, المُخيف إن الصوت كان شبيه أوي بصوت أبويا, حسيت وقتها إني عجزت 60 سنة, ورجلي رفضت تشلني, قعدت مكاني شعري واقف وقلبي بيدق وانا مش عارف إيه اللي انا سامعه ده, في النهاية اتجهت ناحية الأوضة وانا بفكر في احتمالات كتير, وآخر احتمال ممكن أتوقعه لقيته..


فتحت باب الأوضة لقيت جسم متكفن ومحطوط على ترابيزة الغُسل, ولما النور دخل شوية للأوضة شوفت الوجه, ده كان أبويا, وقفت قدامه مذهول, عقلي مشلول عن التفكير, وبدون وعي قولتله:


- انت عايش يا بابا


لقيته بدأ يبكي أكتر وبص ناحيتي ودموعه بتسيل بغزارة وقال:


- رجلي وجعاني أوي يا محمد


شاهد ايضا حكاية فتاة التيك توك للكاتب أحمد محمود شرقاوي


حكاية مدرسة الموت بقلم الكاتب محمد ابراهيم عبدالعظيم‎


بصتله وانا قلبي هيتخلع من مكانه من القهر وانا شايف أبويا بالحالة دي, وبدون تفكير روحت ناحية رجله بس بدأ يلفت نظري حاجة غريبة, دموعه بدأت تتحول لدموع من دم, دم أحمر قاني, وقتها فوقت, أبويا مات, اللي قدامي ده مين, وبدون وعي صرخت عشان اتفاجئ إن الطاولة فاضية ومفيش عليها أي حد, قعدت مكاني وانهرت في البُكا, لقيت أمي بتنادي بعد ما سمعت حد بيصرخ, طمنتها بسرعة وقعدت على الطاولة ولقتني بحضنها بقوة, بحضنها وانا ببكي وبدعيله بالرحمة والمغفرة..


وعدت الليلة عليا صعبة أوي, مشوفتش الراحة غير لما الفجر آذن, روحت صليت وقعدت شوية قرأت قرآن لحد ما هديت, خاصةً إني فوجئت بالآية دي وانا بقرأ

"وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون"


حسيت وقتها إن ربنا معايا, سامعني وشايفني بل وبيذكرني بيه وبيطلب مني الصبر, ودي حاجة عظيمة بالنسبالي, حاجة قدرت تهدي قلبي خالص, تاني يوم لقيت محمود صاحبي جايب فطار وجايلي, طلب مني أدخل الفطار ده لوالدتي واخواتي وانا أطلع معاه عشان نقعد شوية, مكانش حابب يسبني طبعا ولو لحظة, أمي شكرته وانا مكنتش قادر أمانع حتى, خاصةً إني بعتبره أخويا وأمي بتعتبره زيي بالظبط..


خرجت معاه وقعدنا نتكلم كتير, حاول يفصلني عن التفكير في ابويا لحد ما في النهاية قدرت فعلا أبتسم, ذكرني بالله وقالي إن أبويا كان راجل خيره على الكل وبيحل المشاكل وبيساعد الناس وأكيد ربنا هيجازيه خير وده المهم بالنسبالنا, أما الموت فكلنا هنموت..


قمت حضنتنه وحمدت ربنا إني عندي صاحب زي ده, وعلى بعد المغرب لقيت صنية أكل جاية مع محمود تاني وحلف ميت يمين اننا لازم ناخدها عشان نتغدا, جمعت اخواتي وأمي وفضلت معاهم لحد ما الكل شبع وصليت بيهم العشا جماعة وطلبت منهم نقرأ قرآن ونتخطى الموضوع لأن دي سُنة الحياة, حسيت بطاقة إيجابية بتدخل البيت وحسيت إن ربنا بيهون علينا كتير أوي..


وبعدها دخلت أنام, كنت حاسس بالسكينة ,وقلبي هادي تماما, لدرجة إني بدأت أروح في النوم تقريبًا, فوضت الأمر لله بغرض إن ربنا يديني جزاء الصابرين, وده أجره عظيم بيوصل إن العبد بيدخل الجنة وقتها بدون حساب..


ونمت, بس مسافة ما نمت بدأ جسمي يقشعر وأحس إن أنفاسي بتضيق, كأن الأكسجين بيتسحب من الأوضة واحدة واحدة, قمت وانا عرقان وبنهج كأن كان فيه حد بيخنقني, واتشليت أول ما لاقيت اللي نايم جمبي, أبويا بنفس الشكل, ونفس الكفن, وعمال يبكي بهيستريا ويقول:


"رجليا بتوجعني يا محمد"


قلبي وقتها كان هيخرج من مكانه خلاص وحسيت إن شعري بيشيب, وبدون وعي حطيت إيدي على رجل أبويا وأول ما لمستها صرخ بأعلى صوته واختفى من قدام عنيا, قعدت مكاني فاقد السيطرة على جسمي, وعلى أعصابي يمكن ساعتين كاملين, وعدت ليلة تانية كانت في قمة السوء والتعب..


لحد ما قابلت محمود تاني يوم وبدأنا نتكلم, بدأ يصبر فيا من جديد وانا قولتله إني خلاص رضيت باللي حصل وده أمر الله, ابتسم وقال:


- الحمد لله إن الموضوع مر على خير دانا ساعت موت أبويا اتمرمطت عشان اا


ولقيته سكت ومكملش كلامه, بصتله بتعجب وقولتله:


- كمل يا محمود

- مش حابب أضايقك بالكلام عن الموت

- لا قول عايز أسمع

- اتمرمطت عشان أدوق النوم, كنت بشوف أبويا في الأحلام بيبكي وبيقول رجلي بتوجعني


بصتله وانا في قمة الذهول, كنت مصدوم, عنيا جحظت وجسمي اتخشب, فضل يهز فيا بس أنا سرحت, سرحت أوي, وافتكرت وقت الغُسل لما طلعت برة وسبت هارون مع أبويا, وفجأة مسكته وغرزت ضوافري في كتفه وقولت:


- مين اللي غسل أبوك


بصلي بتوتر وقال:


- الشيخ هارون


قمت اتنفض من مكاني وقولتله:


- انا عازك معايا في مشوار


- هنروح فين


- هنفتح القبر على ابويا


بص ناحيتي بذهول وقال:


- انت اتجننت صح


- أبوس إيدك لو بتحب صاحبك اسمع كلامي


وجريت على البيت روحت جبت مفاتيح المقابر وروحنا على هناك, فتحنا القبر ونزلت, كان المشهد مهيب وانا شايف جثة أبويا قدامي, مسكت مقص كنت جايبه معايا ومحمود واقف جمبي مذهول, قطعت الكفن وكشفت رجليه, وكانت الصدمة, أبويا صباعه الكبير مقطوع, مش موجود..


صورت رجليه وخرجت وقفلت باب القبر, بصيت لمحمود بغضب الكون وقولتله:


- هارون بيقطع صوابع اللي بيغسلهم


محمود مكذبش خبر وراح فتح قبر أبوه اللي كان هيكل عظمي, بس قطع الصباع كان ظاهر في الهيكل, خرجنا من القبر واحنا في قمة الغضب, روحت لعمي وحكيتله كان هيتجنن, جمع رجالة العيلة كلهم وكان محمود بلغ أهله وجمعنا السلاح وطلعنا على بيت هارون..


خبطنا على الباب وطلع وهو مستغرب من شكلنا, مسكته وانا ثاير وقولتله:


- انت بتقطع في جثث الأموات يا راجل انت


وقبل ما ينطق محمود كسر باب البيت ودخل, فضل يفتش هنا وهناك بس ملقناش حاجة, هددناه بالموت لو متكلمش وقال هو عمل كدا ليه..


ومن الرعب بدأ يقول انه بيعمل كدا عشان رضوان الساحر بيديله فلوس مقابل الصوابع دي لأنه تقريبا بيعمل عليها أعمال, طبعا مسافة ما نطق نزل الشوم على جسمه يكسره, وروحنا جبنا رضوان وكسرناه وسلمناهم للمركز بعد ما اعترفوا غصب عنهم..


وقتها ناس كتير أوي من أهل البلد فتحوا المقابر واتفاجئوا ان أهلهم مقطوع صوابعهم, الكل كان عايز يقتله بس المركز وعد انه هيتحاكم محاكمة كبيرة, واختفى أبويا اللي كان بيظهر ويقول رجلي وجعاني..


بس السؤال اللي كان محيرني لوقت طويل هو


"اشمعنة انا ومحمود بس اللي شوفنا الأحلام دي وأغلب أهل البلد مشافواش رغم ان حصل في أهاليهم زي ما حصل معانا"


وجتلي الإجابة, شيخ قعد معايا بعد فترة وقالي إن الناس القريبين من ربنا واللي بيستعينوا بنعمة الصبر بيكونوا أقرب لاستقبال الرسايل من عالم البرزخ من غيرهم, وانت ومحمود شباب متدين, عرفوا ان ده قدر وصبروا لوجه الله, فقدر الميت يوصل الرسالة, محمود مفهمهاش وقتها, بس لما حصلت معاك ربنا الهمك الفِهم, الصبر يا بني, كل ما بتصبر ربنا بينعم عليك, هو مش قال

"أولائك عليهم صلوات من ربهم ورحمة"


ودي نعمة صبرك انك تجيب حق أبوك, حتى المظلوم يابني لو صبر لوجه الله بحق لهيشوف حقه بعينيه في الدنيا, أصبر يابني, دايما أصبر في حياتك لآخر نفس, أصبر عشان تدخل الجنة بدون حساب..


{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}





تعليقات