📁 آخر الأخبار

حكاية غرام بقلم الكاتب محمد ابراهيم عبدالعظيم‎

 حكاية غرام بقلم الكاتب محمد ابراهيم عبدالعظيم‎


( اوعي تفتكري إكمني بواب ابقى كدا جاهل ، انا يعنى بعرف أقرى وأكتب،عايز أقولك أشتغلت حاجات كتير ، الشغل مش عييب علفكرا ، أشتغلت نقاش وسمكرى وقهوجى وكذا شغلانه كدا لحد ما وصل بيه الحال  وأشتغلت بواب على فيلا ف إسكندرية .. كانت اول مرة .



حكاية غرام بقلم الكاتب محمد ابراهيم عبدالعظيم‎




 صاحب الڤيلا اللى كنت شغال عنده ف شركته " ساعي" .


 كان إسمه عبدالباقي باشا ، ولما عرف إنى أمين وف حالى  طلب منى إن لو في اي حد هيأجر منه الڤيلا أكون معاه .


 وافقت وبعدها بأيام قالى أن فى ناس  بالفعل أجروا منه الفيلا وهما هناك وعايزين حد يبقى معاهم علشان يقضيلهم طلباتهم  .


 بعدها وصفلى عنوان الفيلا وفعلاً روحت ومن هنا بدأت الحكاية كلها .


بعد ما وصلت وبعد ما رحب بيا الراجل اللى أجر الفيلا اللى عرفت أن أسمه "عادل افندي" وتماام ظبطت نفسى ودخلت أوضتى غيرت هدومى ... لحد ما الليل ليل  خرجت و قعدت قدام الفيلا  .


مقولكيش بقى على المنظر والجمال ، البحر قدامي والهوا كان جميل ،بدات اتمشى شوية على البحر ، بس في الوقت ده سمعت حد بينادي عليا من جوة الفيلا، روحت وبصيت على مصدر الصوت لقيت بنت صغيرة أمورة أوي باصة من الشباك اللي في الدور التاني من الڤيلا .


البنت كانت بتشاورلي وهي بتضحك ،أنا بقى فضلت متسمر مكاني عارفه ليه ؟ .


لان الصوت اللي قولتلك نادى عليا ده كان صوت خشن كدا ،صوت راجل مش بنت خالص فهماني ! .


ده اللي اتفاجئت بيه وقولت في سري ( أعوذ بالله من الشيطان الرچيم ) .


أنا قولت أكيد دى تبقى بنت عادل أفندي  ..   .. فضلت واقف وباصص على البنت وهى كمان باصالى من غير ماتتكلم ولا تتحرك وملامحها أتخشبت مرة واحدة بعد ما كانت بتضحكلي ، بس لاحظت انها مكنتش بصالي في الوثت ده ، كانت باصة قدام منها .


فجأة شاورت قدامها ولمحت على ملامحها خوف ومرة واحدة حطت ايديها على وشها وجريت لجوة والنور طفى .


البنت كانت بتشاور على الڤيلا اللي قدامنا ، هي مش ڤيلا يعني ،الاساس كان موجود بس مكنش متشطب .


أنا طبعاً بصيت برة الڤيلا عليها ،بس لقيت مدام عادل واقفة في نفس الشباك وبتبص حواليها ولما بصيتلي قالتلي بنبرة قلق : 


_ عزيز ، أنت سمعت صوت من شوية .


قربت منها أكتر ووقفت تحت الشباك علطول وانا بحاول استفسر منها اكتر : 


= صوت ايه يا هانم ؟ .


هزت دماغها بمعنى خلاص مافيش حاجة وأبتسمتلي ودخلت جوة وقفلت الشباك .


كنت شايف البنت واقفة جمبيها وباصة برضو على الفيلا اللي قدامنا بذعر .


مشيت بس بصيت على الشباك مرة تانية بعد ماسمعت صوت حركة ، وقبل ما أقفل باب الفيلا لقيت مدام عادل بتبص حواليها للمره التانيه برعب  .


الوقت كان متأخر ، طلعت برة وجيبت كرسي وحطيته على باب الفيلا , وقبل ما أقعد  كان الراديو في إيدي ،وشغلته وقاعد بسمع الست ورصيتلي حجر معسل ودماغي كانت عالية .


الجو والبحر والهوا مع الست حياة تانية ،لحد ما قلق قعدتي صوت البحر العالي ،البحر في ثانية بقى مجنون، أمواج عالية والهوا بدأت يبقى برد ، كنت ببص على البحر اللي غرقان في العتمة الا من ضوء القمر ،بس لفت نظري حاجة غريبة ،هو حيوان بس قصير وعيونه حمرا وكان ليه جناحين ،وشكله كان اسود ،بس المرعب واللي خلاني أشغل قران يا بنتي لما لقيت الكائن ده بيمشي على البحر !! .


أبوكي برضو قلبه كان قوي مخوفتش وقومت وقربت من البحر أكتر عشان اشوف بوضوح ،عارفه يا ياسمين ، لقيته بعد ما كان تقريباً واقف في نص المسافة اللي عيني جيباها  ،يا دوب بربشت أختفى ! .


بعد ما اختفى البحر هدي تماماً ،كنت حاطط الراديو على الكرسي لما قومت ،رجعت مرة تانية لقيت الراديو متكسر حتتين ومرمي بعيد عن الكرسي ،عارفه لقيته فين ، عند الفيلا التانية .


( لأ يا عمو لأ ، تعالى هنا ماتروحش ، الست اللي شكلها وحش هتاكلك ) .


بصيت ورايا بعد مكنت رايح اجيب الراديو من على الرملة ،لقيت بنت عادل أفندي فاتحة باب الفيلا ومستخبيه فيه كدا وبتكلمني ،جريت عليها وانا بقولها : 


_ متخافيش يا حبيبتي مافيش ست ولا حاجة ،تعالي قربي انا عمك عزيز .


كنت بكلمها وهي واقفة قدامي بصة على الفيلا وجسمها بيترعش ،لما خلصت كلامي لقيتها بتقولي وهي بتعيط : 


_ لا لا يا عمو عزيز لا ،في ست بشوفها جوة وكل ما اشوفها تنادي عليا ،وشها اسود اوي وعارف ،عارف ،عنيها مش موجودين ،ايوة والله يا عمو،عنيها داخلة لجوة .


انفجرت في العياط وسابتني وجريت على الفيلا ،فضلت انادي عليها مكنتش عارف اسمها ،لما دخلت بصيت على الشباك لقيت امها واقفة وبتبصلي وهي مرعوبة ،لسه هقولها (  بنتك خايفة شوفيها ) ، لقيتها قفلت الشباك في وشي ! .


بصراحة دماغي كانت مقلوبة من اللي شوفته ،فضلت سرحان في الكائن دهومش هكدب عليكي انا خوفت .


عدى اليوم وتاني يوم جبت كل طلباتهم ،بس كنت ملاحظ نظرات غريبة من مدام عادل ،لما شوفت عادل أفندي بيتمشى على البحر على العصرية كدا ،روحتله وانا بقوله : 


_ متأخذنيش يا عادل أفندي بس مش صح البنت تنزل لواحديها بالليل كدا ،أنا خايف عليها .


كل اللي عمله انه بصلي وكانه سرح شوية في كلامي ،بعدها قالي في محاولة منه انه يغير الموضوع وانا فهمت علشان كدا لما قالي ( روح شوف الهانم عايزه ايه واعمله فوراً ) روحت من سكات ونفذت كل اللي قالتهولي ، بس كانت بتكلمني من ورا باب الفيلا ،وقالتلي لما اجيب الطلبات اسيبها قدام الباب وبس .


الصراحة تصرفاتهم مكنتش طبيعية ، وده مكنش شاغلني ،كل اللي هاممني اني اقضي معاهم الوقت وارجع القاهرة تاني ،علشان كدا في اليوم ده بالليل كنت سامعهم بيتكلموا وانا كنت قاعد جوة الأوضة في حالي ، صوتهم بعد وكنت عارف انهم خارجين علشان كدا لما صوتهم بعد قولت هخرج واقعد في الهوا شوية قبل ماييجوا ،بس قبل ما اقوم من على الكنبة  حسيت بنفس جاي من عند جمبى الشمال بالتحديد !! .


 قومت من مكانى وفضلت أبص حواليا بذعر ،أستعذت بالله وقومت وخرجت برة الفيلا وقفلت بابها ،الضلمة مع الهدوء ويقيني اني قاعد لواحدي وصوت امواج البحر والنفس اللي حسيت بيه من شوية كانوا عاملين جو متوتر ،بالذات لما بصيت على الفيلا ،لاني 


بدأت أشوف جسم واقف في الضلمة وكان ثابت مكانه ومش بيتحرك !! .


قولت لنفسي أكيد بيتهيألي علشان اللي حصل من شوية ، بس لما لقيت الجسم ده بيتحرك وبيدخل لجوة وبيختفي من قدامي اتاكدت اني كنت غلطان .


( لما تشوفه قوله إني زعلانه منه يا عمو عزيز ) 


أتخضبت أما لقيت البنت واقفة على سور الفيلا وبتكلمني بصوت واطي ،كنت متوتر بس قربت منها وانا رافع ايدي وبقولها : 


_ يا حبيبتي هتقعي كدا تعالي ، متخافيش انا هلقفك .


( مبقاش ييجي علشان يشوفني وانا خلاص زعلانه،انا زعلانه منه يا عمو عزيز ) 


جملة هي قالتها وطبيعي مكنتش فاهم هي بتقول ايه بس اللي خلاني مستغرب اكتر انها كانت بتقول كدا وهي فرحانه مش زعلانه زي مبتقول ، كانت بتكلمني وهي بتجري على السور بمرح .


كنت لابس جلابيا وباصصلها ،في الوقت ده لقيتها بصت ورايا بخوف ،نفس نظراتها لما بتكون خايفة ، بصبت ورايا وانا بسألها مالك ؟ .


ملقتش حاجة ورايا ولما بصيتلها ملقتهاش هي كمان ، دخلت الفيلا وكنت فاكر انها وقعت جوة خصوصاً ان السور كان عالي اوي ،بس بمجرد ما فتحت الباب ،تعبان لقيته بيتحرك على رجلي وبيقرصني ! .


  اللي فات يا ياسمين كوم ، واللي حصلي بعد كدا كوم تاني خالص ، لاني علطول وقعت على الارض  من شدة قرصة التعبان ،حسيت ان روحي بتروح مني ،فضلت اتشاهد ،مكنتش حاسس بالرجل اللي اتقرصت فيها ولا حتى رجلي التانية !! .


رميت جسمي على الرمل وبصيت في السما ،استسلمت خلاص ،بس سمعت خطوات بتقرب عليا ،وايد بتتمد على وشي ،وصوت هادي جداً بيقولي : 


_ قوم معايا ،متقلقش دي قرصة بسيطة تعالي معايا وانا اعالجك .


لما مسكت ايده وقومت معاه ، لقيت افندي من بتوع زمان ،لابس بدلة وطربوش وجزمة متلمعة ووشه سمح ،كان ماسك ايدي وبدا يمشي بيا لحد الفيلا اياها .


فلت ايدي من ايده سمعته بيضحك وبيقولي : 


_ أوعاك تكون  صدقت كلام البنت ،اعرفك بنفسي ،انا رؤوف باشا الصريطي ،مهندس معماري ومالك الڤيلا دي .


وشه البشوش وطريقة كلامه المهذبة والأهم وجع رجلي خلوني مفكرش كتير ودخلت معاه .


_ أعذرني ،الفيلا لسه على الطوب ،أصلي مباجيش هنا كتير ،لكن فيها إضاءة بالتأكيد ،أديني لحظات وأرجعلك أكون فتحت النور .



بدأت أدوخ ودماغي يسطر عليها الصداع ،لمبة واحدة نورت المكان كله ،طبعا المكان كان متبهدل ،طوب ورمل واسمنت .


لقيت حجر كبير روحت قعدت عليه ،رجلي ورمت ،سمعت من برة صوت فرامل ،عادل أفندي رجع هو ومراته، قولت لازم اقوم علشان يعرفوا اللي حصلي ،بس مقدرتش من كتر الألم ،سمعت صوت مدام عادل وهي بتقول : 


_ يا عادل انا مبقتش مرتاحة للفيلا دي ،مش هقدر أنتظر يومين كمان ،تعالى نمشي النهاردة وأدينا قضينا وقت لطيف مع بعض .


رد عليها عادل أفندي بعد ما سمعت صوت باب العربية بيتقفل : 


_ يا روحي أنا مصدقت فضيت نفسي وأخدت أجازة ،ثم مش انتي اللي عمالة تزني على نفوخي علشان نبعد ونبقى مع بعض لان الشغل واخد وقتي ،ايه اللي جد دلوقتي .


ردت عليه وصوتها بيبعد لانهم بدأوا يدخلوا الفيلا : 


_ مانت مش مصدقني ،انا بشوفها ،والله بشوفها نايمة على السرير ،ولا اللي اسمه عزيز ده ،ده امبارح لقيته بيكلم نفسه وااا .........


بعد الصوت ومقدرتش أسمع أكتر ،كنت عايز اعرف هي هتقول عليا ايه ،مكنش غرضي اتصنت ،كنت عايز اعرف هي شافتني بكلم نفسي ازاي ، كنت بكلم نفسي وقتها بس نسيت حاجة مهمة ، فين اللي إسمه رؤوف باشا ؟ .


دخل ينور الفيلا ومن بعدها ما طلعش ، قومت وانا بتسند على اي حاجة قدامي ،بصيت على المكان اللي دخل فيه ،لقيتها غرفة ضيقة فاضية من كل شيء !! .


مجرد الفكرة رعبتني والمشكلة الاكبر اني لما رجعت علشان أمشي لقيت ايد من ورايا وبالتحديد جوة الغرفة بتسحبني لورا .


و لقيت إيد خبطتنى ف ضهرى .. كان لازم اصدق كلام البنت لاني شوفت ست شكلها بشع ومرعب ،عارفه كانت واقفة فين لما بصيت ولقيتها في الغرفة .


كانت واقفة على الحيطة !! 


شعرها مقصوص وواقع تحت منها ووشها إسود ،ضهرها كان مقوص وريحتها وحشة اوي .


( عزيز ، أنت يا عزيز ) 


صوت عادل أفندي جالي في الوقت المناسب ، صوته كان جاي من برة الفيلا ،طلعت بعد ما بصيت على الست مرة تانية ملقتهاش ،أول ما بصلي حتى مسألنيش ايه اللي حصل ولا بعرج ليه ولا ايه اللي دخلك جوة ولا اي حاجة من دي ، هو بس لما شافني خارج من الفيلا ،كشر وقالي بغضب : 


_ تستنانا علشان تحط الشنط في العربية وبعدها تمشي وترجع لصاحب الشركة بتاعك وتقوله يرجع باقي العربون .


طبعاً استنيتهم لما لموا الهدوم وحطيتها في عربيتهم ، ومشيوا ، مشيوا وسابوني وكان المفروض أرجع مواصلات ،طبعا قلت ذوق منه .

معرفتش اتحرك لان الوقت كان متأخر وقولت هلاقي مواصلات منين دلوقتي ، بس اتصدقي ،الوجع اللي في رجلي اختفى لا والورم كمان ! .


دخلت الاوضة علشان أحضر نفسي انا كمان علشان قولت الفجر هيأذن من هنا هتوكل على الله ، مكنتش عايز أفكر في حاجة عشان الوقت يعدي وامشي وخلاص ،بس للأسف ده محصلش لان باب الاوضة خبط ٣ خبطات ورا بعض .








دخلت الاوضة علشان أحضر نفسي انا كمان علشان قولت الفجر هيأذن من هنا هتوكل على الله ، مكنتش عايز أفكر في حاجة عشان الوقت يعدي وامشي وخلاص ،بس للأسف ده محصلش لان باب الاوضة خبط ٣ خبطات ورا بعض .
كان الواضح انه خبط لايد صغيرة .


(مين) ؟ 


استنيت شوية ملقاش حد رد ، بصراحة يا ياسمين مقدرتش أقعد أكتر من كدا عشان كدا خرجت من الفيلا وقفلتها ومشيت .


علشان أطلع للشارع الرئيسي كان لازم أمشي حوالي ساعة الا ربع على شط البحر ، مكنش في صريخ ابن يومين في المكان ، بس وقفت مرة واحدة لما سمعت صوت حد بيجري من ورايا ، بصيت ورايا لقيت كلبين واقفين بصبات وباصين عليا!! .


بس مكنش ده الصوت اللي ليه سامعه وانا واقف ،صوت بالفعل حد بينهج وهو بيجري بس مش شايف حد ، لقيت طوبة على الرملة ،مسكتها وجيت علشان أهشهم بعيد ملقتهمش ! .


كنت هتجنن لو فضلت واقف مكاني ، خصوصاً بعد اللي حصل وبعد ما سمعت صوت عامل زي صوت الرعد جاي من جوة البحر نفسه ! .


طبعاً مبصتش لاني كنت متأكد اني هلاقي حاجة تزود اللي بيحصلي رعب وفزع ، عشان كدا جريت ،فضلت اجري واجري لحد ما بعدت كتير اوي عن المكان اللي كنت فيه ،هديت شوية ووقفت اخد نفسي .



في اللحظة دي أترعبت لما اكتشفت ان صوت النهجان اللي سمعته كان صوتي انا والمكان اللي انا وقفت فيه هو نفس المكان اللي جريت منه ، بمعنى تاني ، انا رجعت تاني نفس المكان اللي شوفت فيه الكلبين وصوت الرعد !! .


بصيت المرادي على البحر لقيت نفس الكلبين السود بس المرادي واقفين على الماية وباصين عليا بنفس النظرات ! .


( أنا زعلانه منك انت كمان علشان سيبتني ،ليه كلكوا بتسيبوني لواحدي ،انا خايفه ) .



أيوة كانت هي ،البنت،البنت اللي اتأكدت انها مش بنت عادل أفندي ،ماهو مستحيل يكونوا نسيوها وسابوها ومشيوا ، ربط أوام كلام مدام عادل لما قالتله انها بتشوفها بتنام على سريرها .


البنت كانت واقفة عند الفيلا ،على السور ، كانت قاعدة على السور ،ومربعة دراعتها ومكشره .

لقيتها بتبص على البحر وبدأت تضحك ،وتشاور على البحر وتقول بمرح : 

_ أصحابي ،أصحابي هناك أهم ، تعالوا ، تعالوا .

وفضلت تصقف ،لما بصيت على الكلبين لقيتهم باصين على البنت هما كمان ، وشوفت في الوقت ده جناحتهم السودة بتتفرد وبدأوا وكأنهم بيلعبوا وبيعملوا عرض قدام البنت اللي كانت قاعدة ومبسوطة اوي .


كنت واقف خايف أوي ، وسألت نفسي  مين البنت دي ومين اللي بيمشوا على الماية دول ؟ ،ومين رؤوف باشا اللي أختفى بمجرد ما دخلت معاه الفيلا ؟ .


أسئلة فضلت تدور في بالي لما كنت راكب الميكروباص وراجع القاهرة ، لما وصلت روحت لعبدالباقي باشا حكيتله على اللي عادل أفندي عمله ، لقيته بص في الارض ورجع يبصلي ويقولي بحزن : 


_ طب مدام عادل افندي مشافتش حاجة كدا ولا كدا ؟ .. مسمعتهاش بتتكلم يعني ؟ .


مكنتش قادر اتكلم ساعتها بسبب اللي شوفته ، علشان كدا استاذنت عبدالباقي باشا اني اروح وتاني يوم هجيله واحكيله على كل حاجة بالتفصيل .


كان متردد ومكنش عايزني امشي ،بس في الاخر سابني اقوم من على كرسي المكتب بتاعه ومشيت لحد باب المكتب ، وقفت وانا ماسك الباب لما سمعته بيقولي بلهفة : 


_ عزيز ، شوفتها مش كدا ؟ قولي أيوة ، قولي أيوة وطمن قلبي .


كنت لسه هرد عليه بس لساني اتعقد لما بصيت على المكتبة بتاعته اللي مكانها جمب الباب ، لاني لقيت صورة صغيرة محطوطة وسط كتابين ، صورة لعبدالباقي افندي وهو بيضحك وجمب منه البنت اياها !!! .


رجعت ابصله وقولتله وانا بهز راسي :

_ أيوة شوفتها ، شوفتها واتكلمت معاها كمان ، عن إذنك .

مشيت ولما جيت الشركة تاني يوم ، لقيته سايبلي تليغراف بإسمي ، وموصي السكرتير بتاعه يدهوني في ايدي .

بابا كان بيحكيلي وفجأة لقيته سكت وقام من مكانه ودخل الفيلا ودقايق ورجع وفي ايده جواب لونه اصفر وقديم ومتقطع معظمه .
ادالي الجواب وقالي : 


_ اللي في ايدك ده هو الجواب اللي سابهولي عبدالباقي أفندي ، واللي للأسف كان آخر حاجة من ريحته .
فتحت الجواب وبدأت أقرا : 


( جاتلي يا عزيز ، جاتلي امبارح في المنام وكانت عايزاني اروحلها لاني وحشتها ، وهي والله وحشتني اوي ، غرام ، كان اسمها غرام ، بنت أخويا الغالي الله يرحمه ،واللي اتوليت انا تربيتها بعد موته ، اخويا اتقتل غدر هو ومراته ،في الوقت ده غرام بقت كل حياتي ،لاني كنت متجوز بس اكتشفت اني مش بخلف علشان كدا طلقتها علشان تشوف حياتها ، وبقت غرام كل حاجة ليا ،كنت متعلق بيها ، لحد اليوم المشؤوم اللي فيه قررت اروح الفيلا بتاعتي انا وهي ، غلطة لو كنت اعرف عواقبها مكنتش عملتها ، لان غرام اختفت فجأة ، أختفت في اليوم اللي جت قالتلي فيه وهي خايفة ( ( لأ يا عمو لأ ، تعالى هنا ماتروحش ، الست اللي شكلها وحش هتاكلك ) .


كنت ماشي للفيلا اللي قدام فيلتي بعد ما سمعت صوت بيناديني ، صوت عارفه كويس ، صوت فرحت اوي لما سمعته بيناديني ، بس شافتني غرام وقالتلي كدا ، بس لما روحتلها طبطبت عليها وانا بقولها ( إهدي يا حبيبتي مافيش حاجة ،خايفه من ايه ) .. غرام مكنتش تعرف ان ابوها وامها اتقتلوا وهي صغيرة في الفيلا دي ، أيوة يا عزيز ،أكيد أنت شوفت رؤوف باشا الصريطي ، أخويا ، وهو صاحب الفيلا اللي كان بيحاول يشطبها في الوقت ده ، مش عايزك تتفاجيء اني عارف انك شوفته ، لانه كنت بشوفه في كل مرة بروح الفيلا فيها ، ومش هو ومراته اللي غرام مقدرتش تتعرف على امها وكانت هي الست اللي خافت منها غرام وبس لا .


 وشوفت  اللي بيمشوا على البحر اللي تقريبا دول جن مائي والله اعلم ، عارف يا عزيز ، غرام في اليوم ده بالليل صحيت على صوت صرخاتها اللي كان جاي من بعيد و هي مكنتش موجودة في الفيلا ، فضلت ادور عليها وقلبت عليها المكان كله ملقتهاش ، لحد ما تتبعت أثار أقدامها و لقيتها في عرض البحر ميتة غرقانه ، غرام بنتي وصحبتي وكل حاجة ليا ماتت وسابتني ،ماتت بسبب اني مكنتش جمبها في الوقت اللي كانت خايفه فيه ، أخر مكان كنت سايبها فيه جنينة الفيلا ،والأكيد شافت اللي كانت خايفة منه  وجريت منها على البحر واللي معرفتش تعوم وماتت علطول ، اللي عملته يا عزيز اني دفنتها في جنينة الفيلا ،وفضلت قاعد جمبيها شهرين ورا بعض ، كنت .. كنت مستنيها تقوم علشان نمشي سوا زي ما جينا سوا ، أيام كتير كنت بنادي عليها وهي تحت التراب وكنت بفكر كتير أفحت واطلعها ، كل ما كنت افكر في كدا الاقي رؤوف ابوها يمنعني ، سامحني يا عزيز ، غرام كانت وحشاني ومكنتش قادر اروحلها ، علشان كدا وديتك هناك ،لاني عارف انها هتجيلك وتسأل عليا ، انا عارف انها زعلانه مني ومش هتسامحني غير لما اروحلها ، وانت بتقرأ الجواب ده ، هكون وصلت لغرام .

عبدالباقي صالح الصريطي .


في الحقيقة مقدرتش أداري دموعي قدام بابا ، لما خلصت الجواب اديتهوله وانا بعيط ، اكتشفت ان هو كمان بيمسح دموعه ، طبطبت عليه وحسيت اني قلبت عليه المواجع ، خد الجواب وضمه وهو بيقول : 


_ من ساعتها يا ياسمين عبدالباقي باشا مظهرش ، الناس كلها إستغربوا بس انا الوحيد اللي كنت عارف ، وفي التحقيقات السكرتير قال انه سابلي تليغراف ، علشان كدا حكيتلهم على اللي حصلي وانا هناك وعلى قصة غرام ، ولما راحوا ملقوش اي حد ، لا غرام ولا رؤوف ولا عبدالباقي ، اعتبروني مجنون وبخرف ، بس لما جالي عبدالباقي في المنام وهو بيضحك وجمب منه غرام انا اطمنت وقلبي استريح ، قلبي استريح يا ياسمين رغم اني عرفت انه مات علشان يروح لغرام ،الضحكة اللي كانت على وشه مشوفتهاش من سنين ، دعيتله كتير واتصدقت على روحه كتير لعل ربنا يسامحه ويغفر له .


بعد ما خلص بابا كلامه وعلشان أخرجه من اللي هو فيه قولتله وانا ببتسم : 


_ بس تعالى هنا ،في جزء من حكايتك ناقص،لما كنت واقف وشايف غرام باصة على البحر على بسم الله الحفيظ دول ها . 

ضحك وضربني ضربة خفيفة على دماغي وقالي : 

_ انا محكتلكيش عن عمد ،لان ... علشان ااااا .


لقيته بص في الارض وسكت ،فهمت ان اكيد في حاجة حصلت ومش عايز يحكيها لغرض معين ، اتاكدت من وجهة نظري لما بصلي وقالي : 


_ قالولي متحكيش لحد اللي هتشوفه ،واللي شوفته من غير ما يقولولي ،ميتحكيش ، لاني عرفت مين كان سبب في موت غرام ،بس اللي عايزك تعرفيه كويس،ان غرام كانت غلطانة لما قالت على الكلبين دول اصحابها .واللي في الأصل أصلا مش كلاب ،ومش النداهة اللي بنسمع عنها بس هي اللي بتستدرج علشان تغرق ، لا ، في مخلوقات تانية .



خلص بابا حكايته اللي أثرت فيا جداً ومش عارفه انساها، كإني كنت عايشه جواها بالظبط ،علشان كدا وطبعاً لو سمحت كنت حابة انتهز الفرصة دي علشان ندعى لأستاذ عبد الباقي كلنا بالرحمة ، فكرة ان الواحد يتعلق بحد اوي وفجاة يروح منه ، بيحس انه عايش بس من غير روح ، بتبقى الحياة حواليه من غير طعم ، بتروح الضحكة اللي من القلب ، بتحاول تعيش حياتك بس مبتقدرش لانك بتحس بفراغ مش هيملاه غير انك تبقى جمب حبيبك او حبيبتك .



كل واحد مننا فقد حد عزيز عليه اوي ، ومع ذلك بنحاول نكمل المشوار من بعده ، في اللي بيقدر يتأقلم على غيابه بس بيعيش دايماً على ألم الفراق ، وفي اللي ايمانه بيكون ضعيف ومش بيستحمل فكرة انه مبقاش موجود في  حياته .


وبالتالي حياته بتوقف مع فقدان الشخص ده ،نصيحة ،قرب أكتر من ربنا وخلي ايمانك بيه قوي .. ولو حد عزيز عليك اوي فقدته ، أفتكر دايماً أن ما دايم إلا وجه الله . 


تمت .







تعليقات