📁 آخر الأخبار

قصة فتاة السطوح للكاتب احمد محمود شرقاوي

 قصة فتاة السطوح للكاتب احمد محمود شرقاوي


بعد جوازي بأيام قليلة كنت كل شوية بسمع صوت خطوات تقيلة من سقف الشقة, وكأن اللي ساكن فوق بيحب يتمشى بطريقة مُخيفة بعد نص الليل أو في الاوقات اللي بيكون فيها جوزي في الشغل, بس الغريب والغير مفهوم ان انا ساكنة في الدور الأخير من العمارة, يعني ببساطة اللي بيمشي ده بيكون بيتمشى على سطح العمارة, والأغرب إن باب السطح مقفول بقفل والمفتاح بيكون مع الناس اللي ساكنين في الشقة الأخيرة اللي هما احنا..



قصة فتاة السطوح للكاتب احمد محمود شرقاوي



يعني ببساطة شديدة المفتاح مع جوزي أنا وبس, أمال مين اللي بيتمشى بالليل على السطح وبالطريقة المُخيفة دي مش عارفة, حاولت أتجاهل الموضوع مرة واتنين طالما مش مسبب ليا أذى شخصي, وكمان كنت لسة عروسة جديدة ومش عاوزة أعمل مشاكل لجوزي خاصةً لو لقى حد من السكان معاه مفتاح باب السطح ولا ممكن يكون حد بيشرب مخدرات فوق, وانا مش عاوزة أورطه في مشكلة على الفاضي..


لحد ما في ليلة كلمني جوزي من الشغل وقال انه هيتأخر شوية واحتمال يبات لتاني يوم في الشغل, بصراحة حسيت بتوتر كبير لأني طول عمري في بيت أهلي منمتش في ليلة لوحدي خالص, بس مقدرتش أعترض وقولت عادي أهي تجربة عشان قلبي يجمد شوية, اتصلت بوالدتي واتكلمنا شوية ومحبتش أقولها إني هبات لوحدي عشان متبعتش أختي تبات معايا أو تطلب إني أروحلهم..


حملت فيلم كوميدي وقولت أسهر أتفرج عليه لحد ما أنعس وانام, وعلى الساعة 11 بالليل حضرت الفشار والبيبسي وعملت قعدة لذيذة وقعدت أتفرج على الفيلم, بس بعد ما بدأ الفيلم تقريبا بنص ساعة بس بدأت أسمع صوت الخطوات اياها جاي من فوق, من على السطح..


طق

طق

طق


قمت من مكاني وانا حاسة بتوتر كبير, خاصة ان صوت الخطوات ده بقا بيصيب جسمي بقشعريرة غريبة, قمت من مكاني وبدأت أتحرك عشان التوتر يختفي شوية, بس كل ما كنت بتحرك كان صوت الخطوات بيتحرك معايا, وأول ما أقف صوت الخطوات يقف من تاني, اتحركت من جديد لقيت الصوت بيظهر


طق

طق

طق


وقفت لقيت الصوت وقف, حسيت إني هتجنن وبدأت أتحرك ناحية البلكونة, والصوت لازال بيتحرك معايا, وقفت في البلكونة لحد ما الصوت اختفى وبصيت لفوق ناحية السطح لعل وعسى أشوف حاجة, فضلت لحظات بس مفيش أي حاجة, خدت نفسي بعمق وابتسمت على سذاجتي دي, وقبل ما اتحرك ظهر وش من فوق السطح وبص ناحيتي..


واحدة شعرها طويل جدا ومغطي وشها ومش باين منه أي ملامح, بس أول ما شوفتها وهي بتطل عليا حسيت إنها شيطانة جاية من قلب الجحيم, صرخت وحسيت إني هقع من البلكونة لولا إني مسكت في السور, ودخلت في لحظة وقفلت باب البلكونة الألوميتال ووقفت وراه بتنفض زي العصفور المبلول..


فضلت باصة وقت طويل وانا مرعوبة وكأنها هتطير في الجو وتنزل البلكونة, وفجأة شوفت جسمها بيقع من فوق, مرت من قدام عنيا في لحظة ووقعت تحت, من فوق عشر أدوار تقريبا, وسمعت صوت خبطة قوية أوي, وقفت مكاني وجسمي كله عرقان, منمل, مش قادرة أتنفس..


قربت من البلكونة وفتحت الباب الصغير الازاز بتاعها وبصيت تحت لعل وعسى أشوف جثتها متدمرة تحت البيت, بس مكانش فيه أي حاجة في الشارع, في اللحظة دي سمعت صوت أنفاس, الصوت جاي من فوق راسي بالظبط, بصيت فوق بفزع لقتها بتطل عليا, وأول ما شوفتها سمعت ضحكتها, ضحكة رفيعة وغريبة, كأنها ضحكة حيوان من القوارض..


صرخت بفزع أكبر وقفلت باب البلكونة من تاني وفضلت مكاني بترعش, وبدأت صوت الخطوات من تاني, ساعة واتنين وتلاتة لحد ما في النهاية الفجر آذن وكل حاجة انتهت, دخلت أنام بعد ما قرأت قرآن ودعيت ربنا ان الموضوع ده ميتكررش تاني, خاصةً إني مش عارفة انا ممكن أحكي لجوزي أقوله إيه من الأساس..


وتاني يوم فعلا جه بعد الضهر تعبان طبعا من الشغل وقال انه هينام لحد بالليل, سبته يدخل ينام وقولت أنزل السوق أجيب أكل عشان أعمله غدا محترم لما يصحا, وفعلا على المغرب قولت أجهز الغدا وبعدها أصحيه, بس وانا بعمل الغدا لقيت الملح ناقص, اتضايقت جدا من إني نسيت حاجة مهمة زي دي, لبست بسرعة لأن الأكل كان على النار ونزلت في الأسانسير بتاع العمارة, اشتريت الملح والبهارات اللي تكفيني وطلعت من تاني, بس وانا واقفة على باب الشقة سمعت جوزي بيناديلي, بيناديلي من الدور اللي فوق اللي يعتبر باب السطح, رديت عليه بتوتر وقولتله:


- انت ايه اللي طلعك فوق كدا


رد وقال:


"بظبط ارسال الدش تعالي ساعديني"


معرفش صحي امتا وطلع السطح, وانا عارفة جوزي لما بيصحا أقل واجب بياخد نص ساعة في الحمام, طلعت لقيت باب السطح مفتوح, عديت منه للسطح وبدأت أبص يمين وشمال مفيش حد خالص, المكان بقا مظلم لأن الجو كان شتا وبعد المغرب بيعتبر ليل, وقبل ما أنزل سمعت صوت حاجة بتتنفس في ركن السطح, في قلب الضلمة, قربت منها وانا بتنفض, وجسمي كله متخشب وعقلي واقف عن التفكير, ومع القُرب بدأت تظهر من تاني, نفس البنت اللي شعرها طويل, وشها مش باين منه أي ملامح..


أول ما شوفتها صرخت, وجريت, لقتها بتجري ورايا بسرعة الصاروخ, وفي لحظة حسيت بخبطة عنيفة في ضهري وقعتني في الأرض, وقبل ما استوعب اللي بيحصل حسيت بحاجة عنيفة بتشدني من رجلي, بتشدني ناحية سور السطح عشان ترميني منه, صرخت, صرخت بصوت رهيب, سور السطح بيقرب, وانا مش قادرة أقاوم, كنت شايفة الموت قدام عنيا..


وفي لحظة سمعت صوت جوزي على باب السطح بيقول:


"مين اللي بتصرخ دي"


وقتها اختفت البنت, ولقيت نفسي مرمية على الأرض وعمالة أبكي بهيستريا, خدني بسرعة ونزلنا تحت, كان مستغرب ازاي باب السطح اتساب مفتوح بالطريقة دي, بس وانا بحكيله بدأت أشوف في عنيه نظرات رعب كبيرة, مع إني كنت متوقعة انه مش هيصدقني, سمع مني ومتكلمش بنص كلمة, وقرر يوديني عند اهلي أرتاح شوية وهو هيقعد مع أهله في الشقة اللي في الدور الخامس من نفس العمارة ونسيب الشقة شوية..


وفعلا روحت لأهلي وقعدت عندهم تلت أيام, مكنتش باكل ولا بشرب, وعلى طول كوابيس كل شوية, وطبعا كانت بطلة الكوابيس بلا استثناء نفس البنت المُخيفة إياها, وفضلت على حالي ده لحد ما أمي بدأت تضغط عليا عشان أحكي, محبتش أحكيلها بالتفصيل طبعا وحكتلها إني متوترة بسبب القعدة لوحدي وبشوف حاجات مخيفة..


بدأت تنصحني انه عيب البنت لأي سبب تسيب جوزها, ولو على الخوف ممكن أشغل سورة البقرة يوميا في الشقة وكل حاجة هتبقا تمام, وفعلا بعد ما خلصنا كلامنا اقتنعت إني فعلا مينفعش أسيب جوزي ولا بيتي, وقررت على بعد المغرب أروح الشقة واعملها مفاجأة عشانه واعتذرله كمان..


والدي عرض عليا يوصلني بس قولتله ان كل حاجة تمام ومفيش مشكلة إني أروح لوحدي, وفعلا اتحركت, خدت عربية مخصوص لحد العمارة وطلعت في الاسانسير لحد الدور العاشر, وقبل ما أدخل شقتي سمعت صوت جوزي من فوق السطح كأنه بيتكلم, رجعتلي ذكريات اليوم إياه وحلفت ما هطلع, ودخلت الشقة فورا, دورت على جوزي هنا وهناك بس مكانش موجود, طلعت البلكونة وكان صوته فعلا واضح من فوق السطح, كان بيكلم حد فوق..


استعذت بالله من الشيطان الرجيم وطلعت بهدوء تام, وفعلا جوزي كان فوق واقف على حرف السطح, وقدامه واحدة في الضلمة مش ظاهر منها حاجة, وكان بيتكلم ويقول:


"هما اللي أجبروني أعمل كدا, انا كنت عاوزك انتي, انا كنت بحبك ومش عاوز غيرك"


وقفت مصدومة وانا بسمع الكلام ده, في اللحظة دي كنت قربت شوية, شوفت جوزي وكأنه متخدر, عنيه بيضا زي الاموات وواقف منكمش على نفسه بطريقة مخيفة, ومن قدامه نفس البنت, شعرها مغطي وشها كله, بس في اللحظة دي بصت ناحيتي وشوفت ملامح وشها, كان وشها متغرق دم, وشوفت ابتسامتها لثانية واحدة وبعدها خدت جوزي ونطت بيه من فوق العمارة, وصرخت بأعلى صوت..


نزلت زي المجنونة للشارع لقيت جوزي جثة هامدة والناس متجمعين حوليه وصريخ في كل مكان, كان جسمه متدمر تماما, ووقعت وقتها في غيبوبة طويلة أوي..


ومات جوزي, مات وفضلت اسبوع هتجنن من كل اللي شوفته, لحد ما اتكشفت كل حاجة قدام عنيا, اتكشفت لما افتكرت جملة اتقالت يوم ما شوفت جثته في الشارع يومها من حد من الجيران, قال وقتها


"هو كل شوية حد يقع من العمارة الملعونة دي, الأول سهام وبعدين الشاب ده"


ولما قلبت في موبايله لقيت شات مخفي لواحدة اسمها سهام كان بيكلمها, واكتشفت مصايب رهيبة..


كان على علاقة بالبنت دي واللي كانت ساكنة في نفس العمارة, ومن حبهم في بعض كانوا بيتقابلوا فوق السطح بالليل وحصلت بينهم علاقة كاملة, والبنت بدأت تبعتله كل شوية عشان يتجوزها بس كان بيتهرب منها, ولقتها بدأت تهدده بالرسايل انها هتفضحه ومستعدة تموت من أهلها بس المقابل انهم كمان هيموتوه, ورد عليها بحنية وطلب يقابلها فوق السطح عشان يتفقوا هيتجوزوا ازاي..


ومكنتش محتاجة تخمين كتير عشان أعرف ان هو اللي رماها من فوق السطح عشان يتخلص منها, واتأكد ظني لما لقيت رسايل بينه وبين أعز صحابه لما حكاله وقاله انه فعلا رماها, خاصة اني بحثت على الماسنجر بكلمة "السطح"


ولقيت جملة في محادثة بيقول فيها

"انا رميتها من فوق السطح خلاص"


وطبعا محدش عرف ان هو اللي رماها واتقال ان البنت كانت بتحب تقعد بالليل على السطح ووقعت, واتجوزني بعدها, بس يشاء ربك انه يموت بنفس الموتة اللي موتها للبنت, ورغم صدمتي انا سكت تماما, ومزعلتش عليه لأنه يستحق نهايته دي..


معرفش ليه وقتها افتكرت كلام أمي اللي بسمعه منها من يوم ما وعيت على الدنيا


"الشاب اللي هيحبك بجد هو اللي هيدخل البيت من بابه, أما أي شاب في الدنيا يتشقلب قدامك متصدقيهوش طالما مدخلش البيت من بابه, ولو طالك في الحرام استحالة يا بنتي يرضى بيكي في الحلال, عشان كدا ربنا حرم العلاقات اللي مش في إطار شرعي على الولد وعلى البنت"


ولأول مرة أشهد ان كلام أمي كان صح مية في المية, وأشهد وانا على يقين ان كلام ربنا هو اليقين لما قال:


"ولا متخذات أخدان"





تعليقات