أخر الاخبار

قصة الشيخ ختم للكاتب محمد شعبان العارف

  قصة الشيخ ختم للكاتب محمد شعبان العارف


في الفترة الاخيرة ووقت ما كنت في القاهرة، جالي تليفون غريب صحاني من النوم.

-الو.. مين؟

-مين؟.. مين ايه ياض انت؟، هو انت مش مسجل رقمي؟!


الشيخ محمد حسان,الشيخ,برنامج الشيخ محمد ابو بكر,الشيخ محمد ابو بكر,الشيخ محمد أبو بكر,محمد الشريف,عيون الشعب حنفي السيد 2021,الشيخ عمر عبد الكافي,محمد,محمد محمود,النار,أخبار العالم,الشيخ ضياء العنقاوى,العادة الشهرية,الثانوية العامة,عيون الشعب,إزالة الشعر,اني قريب محمد ابو بكر,الامير محمد بن سلمان,الشيخ عمر,محمد رضوان,عيون الشعب 2021,الشيخ مرزوق,الشيخ ابو بكر,محمد امام النمر,فتاوى محمد خسان,برنامج محمد ابو بكر,قصة رعب



اول ما سمعت صوته قعدت عالسرير ورديت عليه وانا فرحان اوي..


-يااه.. عم جاد، ازيك ياراجل ياعجوز.. معلش، اعذرني، انا مسجل الرقم والله بس انا كنت نايم، والتليفون لما رَن صحيت على صوته، ورديت على طول من غير ابص على اسم اللي بيتصل.


-نوم العافية يااخويا.. وبعدين نايم ايه.. ده احنا العصر!


-معلش ياعم جاد، ما انت عارف طبيعة شغلي بقى، مالوش مواعيد، وعشان كده تملي تلاقي يومي متشقلب.


-ماشي يااخويا ياابو يوم متشقلب، انت فين دلوقتي؟


-في دريم بارك ياعم جاد، بركب الدودة.


-دودة لما تنهشك من..


-بس بس.. ايه، انا لسه صاحي، واحدة واحدة عليا.


-ما انا واحدة واحدة اهو.. تحب اجي احضر لجنابك الفطار؟.. اخلص ياض، انت فين؟


-بقولك كنت نايم وعالسرير، هكون فين يعني، في البيت طبعًا.


-في انهي بيت يعني؟


-بيت القلعة.. بس غريبة يعني انك بتسأل!


-لا غريبة ولا حاجة، ما غريب إلا الشيطان، اصل انا كنت بقضي كام مشوار كده في القاهرة، وبعد ما خلصتهم، قولت اكلمك.. اصل طالما مش ظاهر في البلد ولا عالقهوة، تبقي اكيد في القاهرة.


-اه والله.. استنتاج مهم برضه، بس الاهم منه بقى انك في القاهرة ياعم جاد، يعني عندي هنا، وطالما جيت وانا موجود، يبقى لازم نتقابل.


-ماشي.. نتقابل... اجيلك على فين؟


وبعد ما قولتله عالعنوان بالظبط، ركب عم جاد من مكانه وجالي عالبيت، وبعد ما دخل وبعد السلامات، اتغدينا سوا وقومت عملتله الشاي، بس واحنا قاعدين وبنشرب الشاي في قعدة روقان كده بعد الاكل، قربت منه وسألته..


-ألا قولي ياعم جاد.. انا ستي الله يرحمها كان حكتلي على واحدة ست غريبة كده من الصعيد اسمها ام قويق، تعرفها؟!


-اعرفها؟.. إلا اعرفها، اصل الولية دي تبقى من البلد اللي ابني مناسب منها.


-طب حلو اوي ده، ما تحكيلي حكايتها، اصل انا هفهمك، ستي لما حكيتلي عنها ماقالتليش تفاصيل، هي قالتلي رتوش كده.. يعني، قالتلي انها كانت ست مجنونة ومرة واحدة بقت حامل وابنها مات، وبعد اما مات كانت لما تقعد قدام اي بيت او جنبه وتفضل تولول، كانوا اهله بيتأذوا او حد من البيت من اهل ده بيموت، صحيح الكلام ده؟.. وبعدين ايه حكاية ابنها اللي كان كل شوية بيقوق ده وعشان كده سموها ام قويق.. وكمان ايه حكاية انها بقت حامل مع انها..


قاطعني وهو بيحط كوباية الشاي قصاده...

-ايه.. خبر ايه، ما تسكت شوية واديني فرصة اجاوبك.


-الله!.. ما انا بسألك عشان تجاوبني!

-ما هو لو سكت الرغاي وصبر على عمه جاد، كان عرف كل حاجة لوحده.. بطل اسئلة وسيبني احكي، ولما اخلص الحكاية هتعرف كل الاجابات.



-ماشي ياعم جاد.. احكي.

وابتدا عم جاد يحكيلي حكاية ام قويق الاصلية، الحكاية اللي ستي نفسها ماكانتش تعرف حقيقتها ولا تعرفها بالتفاصيل اللي حصلت بجد.. وابتدا عم جاد كلامه لما خد كوباية الشاي وشرب منها شوية وسرح في الحكي...



-من زمان اوي، وفي البلد اللي ابني واخد مراته منها، كانوا الناس غلابة، بس مش كلهم، ده كان وسطهم شياطين في هيئة بني آدمين، ومن ضمن الشياطين دول كان دغيدي.. طب مين دغيدي؟.. دغيدي ده كان ابن واحد من كبارات البلد، ابوه عنده ارض وفلوس كتير اوي، يمكن اكتر من اللي بيملكهم العمدة، ومع الفلوس والدلع، ولانه كان ولد وحيد على تلات بنات، فالواد باظ.. لا كان بيشتغل ولا بينيل اي حاجة مفيدة في حياته، هو بس كان ينام طول نهار، وبعد غروب الشمس، كان يصحى عشان ياكل زي البهيمة، وبعد ما ياكل ويحبسله بكوباية شاي رايقة زي دي كده، كان ياخد بعضه ويلف عالموالد، وكل ليلة كان يروح مولد شكل حتى لو كان بعيد، المهم انه يقضيها؛ يلعب في المولد ده قمار، يكلم الغازية دي، يشربله قرعتين بوظة يدهوله، وخد من ده كتير، ولان ابوه كان راجل طيب وكان بيحبه اوي، فكان لا بيشقيه ولا بيحاسبه ولا بيكاتبه، كان سايبله السايب في السايب..





 واستمر دغيدي على الوضع ده لحد ما في مرة كان في مولد جوة بلدهم والرقاصة اللي فيه عجبته، لكن الرقاصة دي اصلًا ماكانتش من نفس البلد اللي هو منها، دي كانت من بحري، وكان اسمها بدور.. والشهادة لله، الناس بيقولوا انها كانت واخدة نصيب من اسمها، كانت بدر البدور.. شعر ايه وقوام ايه وجسم ايه، ولا مريم فخر الدين في زمانها.. ولإنها كانت حلوة والكل كان بينشغل بيها، فالواد دغيدي اول ما شافها فتح بوقه، كانت بالنسبة له مختلفة، غير كل الغوازي اللي شافهم في حياته، وعشان كده، استناها لما خلصت وصلة الرقص بتاعتها وحاول يجر معاها ناعم، بس البت صدته، ولما حاول معاها بالفلوس صدته اكتر، وفضلت تصد فيه كل ليلة لحد ما في يوم وبعد ما اتفض المولد، اتتبعها للبيت اللي بتبات فيه، او اللي يعني كانت واخداه زي ايجار كام ليلة كده، لحد ما يخلص المولد وترجع تلف لفتها في البلاد من تاني.. لكن ليلتها حصلت المصيبة او الكارثة اللي بدأت من عندها كل حاجة.. في الليلة إياها، استنى دغيدي البت بدور لحد ما دخلت البيت، وبعد شوية، قال يطب عليها وياخد منها اللي هو عاوزه بالعافية.. وبعد ما هي دخلت بشوية، وقف جنب الشباك المقفول وكان ناوي ينط منه، وماتستغربش لما اقولك وقف قصاد الشباك وكان ناوي ينط لجوة، اصل البيت كان من دور واحد.. بس الحاجة الغريبة بقى ان دغيدي وهو واقف، وقبل ما ينط، سمع من جوة البيت صوت راجل بيتكلم مع بدور!




-يااه.. امتى بقى نخلص من الهم ده وتفضلي معايا على طول.. انا من اول مرة شوفتك فيها جوة المولد اللي كان في البلد اللي جنبنا.. من ليلتها وانا بقيت محتاجلك كل ليلة.

لما الراجل قال كده، ركز دغيدي اكتر وسمع بدور وهي بترد عليه..



-ما انا قولتلك يادكروري، اكتب عليا يااخويا وانا اعيش خدامة تحت رجليك، وصدقني.. انا ماعنديش اي مشكلة ابقى مراتك التالتة، بس المهم اكون معاك.

-اكتب عليكي؟.. هو احنا مش كاتبين يابت الناس ولا ايه؟

-كاتبين ايه يااخويا، وانت بتسمي الورقتين دول كتابة، دول زي الهوا، في اي وقت ممكن تقطعهم وترميني.

-يابت ارميكي كيف بس وانتي نن العين وروح القلب من جوة.. وبعدين انا عايز اقولك على حاجة، انا لو عليا اطلق الاتنين واعيش معاكي انتي وبس، لكن اعمل ايه، الأمر مش بإيدي، الاتنين ماينفعش اطلقهم.. ما انا لو طلقت الاولى، واللي ابوها يبقى عم الحاج رحيم ابو دغيدي، هبقى بخَسر شراكته لابويا، ولو طلقت التانية، بنت عم سلماوي ابو كرم، هبقى بعادي الحكومة، وهبقى خسرت كتير.. ماهو سلماوي بيسهلي ورق ومصالح كتير اوي بسبب شغله في المركز.



لما دغيدي سمع الكلام ده، برق، ماكنش مستوعب اللي هو بيسمعه، اللي جوة ده وقاعد بيحكي مع بدور عن جواز وكتب كتاب، يبقى الدكروري فرج.. جوز اخته الكبيرة!.. وعشان كده وبسبب البوظة اللي كان شاربها، وبسبب انه عرف باللي جوز اخته وبدور بيعملوه، ماحسش بروحه ونط من الشباك ودخلهم.. ومع دخوله، اتفزعت بدور اللي كانت قاعدة جنب دكروري على السرير، اما الدكروري بقى، فأول ما شاف الدغيدي، قام من مكانه وفضل مبرقله..

-جرى ايه دكروري، انت هتفضل مبحلقلي كده كتير؟.. تكونش عاوز تاخدلي تصويرة ياابن الحاج فرج؟



-انت.. انت.. انت دخلت هنا ازاي ياابن المستخبي؟

-انا برضه اللي ابن مستخبي!.. انا!.. انا اللي مرافق غازية على مراتاتي الاتنين وكاتب عليها عرفي؟

-طب ما اكتب عرفي ولا حتى اكتب شرعي، هو حد لُه عندي حاجة؟.. ده الشرع محللي اربعة.


-ايوه ايوه خدني بالصوت بقى واعملي فيها عم الحاج الشريف اللي مابيهموش حاجة، لكن خليني اقولك إنه لأ، لأ يادكروري، الشويتين دول مايدخلوش عليا، انا لو طلعت من هنا وعديت على عم الحاج سلماوي وحكيتله اللي شوفته، وبعد كده طلعت على ابويا وحكتله هو كمان.. حياتك هتتخرب وهتتقلب لجهنم.

-طب طب.. طب انت عايز ايه يعني؟



-فيها.. فيها لا اجيب عاليها واطيها.

-فيها!.. فيها ازاي يعني؟



-اقصد انك زي ما دوقت العسل بورقتين عرفي، فانا كمان عاوز ادوقه، بس من غير ورق.

-انت اتجنيت ولا جرى لنفوخك حاجة!، ولا.. ولا تكونش البوظة اللي انت مأربعها الليلة دي كانت مغشوشة!.. تدوق ايه ياابن رحيم، دي في حُكم مراتي.



-ايووه.. اديك قولت، في حُكم مراتك، يعني مش مراتك.. وبصراحة كده بقى، انا الليلة دي مش هتعتع من مطرحي، الا لما اخد اللي انا عايزه..

-تاخد ايه خدت في سنانك، ده انا اجيب رقبتك واخفيك من على وش دنيا.



-طب جرب.. جرب وانا اخليك زي الغازية اللي انت نايم جنبها دي.



وبعد كلام الدغيدي النار قادت في الصدور والعركة بينهم بدأت، ده يلطش في ده، وده يقطع في جلابية ده.. وفي وسط كل اللي بيحصل، اتمكن الواد دغيدي من دكروري وفضل يخنق فيه لحد ما السر الإلهي طلع، وبعد موته، جري على بدور وخد منها اللي هو عاوزه بالعافية، وبعد ما خلص وهي صوتها اتنبح من كتر الصويت وماحدش نجدها منه لإن البيت كان في حتة متطرفة ومقطوعة، سابها وقام، لكن قبل ما يخرج، شيطان نفسه وقفه، وسوس له وقاله انه لو خرج بعد اللي عمله، البت بدور هتروح وتبلغ انه قتل الدكروري، ولو ده حصل، فحبل المشنقة هيتلف حوالين رقبته، وعشان يخفي كل حاجة، رجع ناحية بدور وفضل يضرب فيها لغاية ماتت.. او هو كان فاكر انها ماتت، بس لما اكمل لك هتعرف انها ماماتتش...



 لكن ماتت او ماماتتش، مش ده اللي لازم احكيهولك دلوقتي، اللي المفروض احكيهولك ان الدغيدي ولع في البيت باللي فيه.. مسك لمبة الجاز وفضى الجاز اللي جواها على الارض، ومن غير ما يفكر ولا يحسبها، قام مولع، واول ما النار ابتدت تمسك في كل حاجة، خد بعضه ونط من الشباك، هرب، رجع بيته.. بس الواد بعد ما رجع، ماحكاش لحد على اللي حصل، ده دخل نام زي القتيل، ولما صحي تاني يوم، اتصرف عادي، وفضل على الوضع ده لحد ما في يوم طلب حاجة من ابوه.. بس لحد هنا، خليني اوقفلك حكاية الدغيدي شوية واخدك ونرجع هناك، للبيت المحروق.. ليلتها بدور بعد ما الدغيدي ضربها ومابقتش دريانة بالدنيا، ماماتتش، دي طلعت عايشة، وكمان الدخان اللي كان في البيت خنقها وخلاها تفوق وتخرج كمان، لكنها لما خرجت ماكانتش هي بدور اللي الناس تعرفها، دي كانت واحدة تانية.. بقت ساكتة، لا بتتكلم ولا بتنطق، وكمان النار كانت طالت نص وشها وحتت كتير من جسمها، وبعد ما الناس اتلموا على حريق البيت وخدوا بدور وودوها الاسبتالية، وبعد كمان ما فاقت والحكومة سألتها عن جثة دكروري اللي كانت جوة وعن حريق البيت، ماردتش.. البت فقدت النطق خالص، ولما النيابة سألت الدكاترة عن حالتها، قالوا ان جالها خلل في دماغها بسبب قلة الاكسجين والدخان اللي شمته، ده طبعًا غير الحروق والصدمة والاغتصاب ..




 اللي اتعرضتلهم قبل ما يحصل اللي حصل.. وبس ياسيدي، من يومها وبدور مابقتش بدور، دي بقت واحدة تانية.. ست متشوهة، مش فاكرة اي حاجة ولا اي حد، حتى الكلام اتقطع من على لسانها ومابقتش بتتكلم.. وبعد ما الدنيا ضاقت بيها وبقت تسرح في البلد زي المجازيب، رجليها خدتها ووديتها للترب وقعدت هناك، جنب قبر الدكروري.. إنما وسط كل العك اللي كانت بدور فيه، التربي وزوار المقابر لاحظوا ان بطنها اتنفخت وبقت حامل، ولما خلفت، خلفت ولد، ابنها الزنان اللي اتولد في الترب على إيدين الداية، وبعد ولادته، امه خدته ونزلت بيه نواحي البيوت عشان تلقط رزقها ورزقه، ولحد هنا هنوقف حكاية بدور ونرجع للدغيدي.. الدغيدي من بعد اللي حصل ومع الوقت، حاله اتعدل، لا بقى بينزل موالد ولا بقى بيجري ورا رقصات ولا اي حاجة من الكلام الفارغ ده، تقريبًا كده اللي اتعرضله سببله وجع ضمير، واخيرًا بقى بيحاول يمشي جنب الحيطة، وعشان يعف نفسه ويستقر، راح لابوه وطلب منه انه يتجوز.. وطبعًا لإن ابوه كان بيحبه، قاله اختار اللي انت عاوزها وانا اجوزهالك، لكن دغيدي ماكنش في دماغه واحدة معينة ولا كان حاطط عينه على حد، ده ساب الاختيار لابوه ولامه، وهم فعلًا اختاروله بت زي القمر؛ نحمده بنت الحاج فرج.



لما عم جاد وصل لحد هنا برقتله وسألته..

-نحمده بنت فرج!.. مش فرج ده يبقى ابو...



-ايوه.. هو، فرج ابو الدكروري، وفعلًا.. اتجوز الدغيدي اخت جوز اخته الله يرحمه، وده ليه بقى، عشان موت الدكروري كان مأثر على فرج وعلى اخت الدغيدي كمان، ده غير الفضيحة وسيرتهم اللي بقت على كل لسان، ما هو الناس بعد الحريق وبعد ما بدور اتجننت، قالوا إن اللي ولع في البيت كان حرامي، حرامي دخل على بدور وحاول يسرقها لما افتكرها لوحدها، بس لما دخل عليها ولقى الدكروري، ضربه وموته وضرب بدور هي كمان، وبعد ما ضربهم وخد اللي هو عايزه من بدور وسرق البيت، ولع فيه عشان مايسيبش وراه اي دليل، وكان من حظه الوحش ان بدور عرفت تخرج قبل ما تموت، وفي نفس الوقت كان حظه الحلو، انها خرجت جتة من غير روح.. واهو، كلام الناس فضل داير ومابيخلصش، كان بالظبط زي الساقية اللي بتمر على جسم كل اللي كانوا في حياة دكروري، سواء اهله او اهل مراتاته او عياله او مراتاته ذات نفسهم.. وبسبب كلام الناس وموتة دكروري، الحاج فرج ياولداه كان خلاص، قرب يتكسر وضهره ينحني وسط الناس، لكن اللي جه وقَلب الحزن لفرح، كان الواد الدغيدي لما اتجوز نحمده.. ومن بعد جوازهم، حياة دغيدي اتعدلت اكتر واكتر لانه حَب البت، وكمان بقى بيساعد ابوها وابوه في شغله، إنما.. إنما ياابني مش كل الحكايات السودة بتخلص كده..



 الجزء التاني


حياة دغيدي اتعدلت اكتر واكتر لانه حَب البت، وكمان بقى بيساعد ابوها وابوه في شغله، إنما.. إنما ياابني مش كل الحكايات السودة بتخلص كده، ده بعد جواز دغيدي بفترة، مراته ماحبلتش، وده في الصعيد زمان كان مش عادي، المَرة اللي ماتحبلش بعد شهور من الجواز، تبقى معيوبة، يأما بقى جوزها هو اللي معيوب.. طب والدغيدي، عمل ايه؟.. ولا حاجة، ماسمعش لكلام الناس ولا سأل على خلفة، لا وكمان فضل مكمل مع نحمده وهو مبسوط وراضي، لا وايه، كان بيدعي كمان ان ربنا يرزقه منها بحتة عيل، وده لانه كان خلاص، حبها واتعلق بيها زي ما بيتعلق الجسم بالروح، وكان مستحيل يطلقها او يتجوز عليها.. لكن فجأة كده ومن غير اي قصد، ووقت ما كان دغيدي راجع من شغله بالليل، لمحها!.. واحدة ست غلبانة، لابسة جلابية سودة متبهدلة وشعرها منكوش، أما على حجرها، فكان الواد ابنها، ابن بدور.



-يااه.. هو ماكنش شافها قبل كده؟



-لا كان شافها وعارف اللي حصل لها، واهو.. كان عايش وحاطط ايده على قلبه لا تفتكر وتقول عن اللي حصل في البيت، إنما ده ماحصلش، ده اللي حصل إن الدغيدي في الليلة دي، جت في دماغه حاجة غريبة اوي.. دلوقتي هو مابيخلفش من مراته اللي بيحبها، وفي نفس الوقت، هو اعتدا على بدور قبل ما يجرالها اللي جرالها.. يعني وارد اوي يكون الواد ده ابنه.. لكن ابنه ازاي، مش جايز يطلع مابيخلفش والواد ده ابن الدكروري!.. وارد طبعًا، لكن اللي مش وارد ولا كان بيفكر فيه، انه يسيب الواد للولية المجنونة دي، وبعدين هي كده كده مش في الدنيا، يعني لا هتعرف تربيه ولا هتعرف ترعاه، وحتى ياسيدي لو ربته وكبر، فمش هتطلعه حاجة عدلة يعني.. وعشان كده، وبعد ما خد وادا مع نفسه كتير، وهو واقف بعيد عن بدور اللي كانت في ملكوت تاني، وكانت بتحاول تهدي ابنها اللي مابيبطلش زن، جت له فكرة وشاف انها صح من وجهة نظره... هو هياخد الواد وهيربيه كإنه ابنه، واهو لو طلع شبهه، يبقى ابنه فعلًا، ولو ماكتش، يبقى ابن دكروري، وبعدين كده او كده احنا ماروحناش بعيد، لو ابنه يبقى الصح انه يكبر في بيته، ولو ابن الدكروري، يبقى الصح برضه انه يكبر في بيته برضه لإن نحمده مراته تبقى عمته.. 




وبس، في اللحظة دي سحب ابليس كرسي وقعد يتابع الدغيدي وهو بيرسم الخطة، والخطة كانت سهلة.. هيبستنى بدور لحد ما تنام، ولما تروح في النوم وتحط ابنها جنبها، يخبي وشه ويروح بسرعة يخطف الواد ويطلع يجري، وعمل كده، دغيدي خطف الواد من امه بعد ما نامت، وبعد ما خده وطلع يجري بيه، هداه وسكته، ودخل بيته بكل برود وهدوء وحكالها عن اللي حصل، بس ماقلهاش طبعًا عن الليلة اياها ولا عن اللي حصل فيها، هو بس قال لمراته انه لما شاف الواد في عز البرد مع الولية المجنونة دي، صِعب عليه وخطفه منها وقرر يربيه، ولما نحمده اعترضت وقالتله لا، ماينفعش ناخده من امه حتى لو كانت مجنونة، قالها انه لأ، ينفع، ما هو الواد لو فضل معاها احتمال يموت.. ومع كلمة يموت دي ونظرة نحمده للواد وتدقيقها في ملامحه البريئة، قررت تاخده وتربيه، ولو حد سألها الواد ده جبتيه منين، هتقول انها لقته عند محطة القَطر وماتعرفلوش اهل، وكده كده الناس ماحفظوش ملامح الواد وهو مع بدور، لإنه اصلًا كان لسه مولود، فمين هيدقق ولا هيتابع ولا هيحلل، مين اصلًا فاضي انه يربط بين خطف ابن بدور المجنونة، وبين الواد اللي مرات الدغيدي لقته.. وفعلًا ماحدش لاحظ والحياة مشيت، مشيت مع كل الناس، إلا مع بدور.. بدور بعد ما كانوا مسمينها ام قويق لإن ابنها كان بيقوق او بيعيط يعني عمال على بطال، بسبب انها مش عارفة تراعيه، بقت هي نفسها اللي بتقوق.. ليل ونهار عياط وصراخ، ماكانتش بتتكلم ولا بتقول حاجة.. دي بقت بتلف وتصرخ وبس، وكإن صراخها ده ممكن يرجعلها ابنها، لكن ابنها مارجعش ولا هيرجع، ده ابنها خلاص، الدغيدي ضربله شهادة ميلاد باسمه واعتبره ابنه بحق وحقيق، وفوق ده كله كمان، خده عند فوزي الحلاق وعمل فيه زي ما بيعملوا في اي عيل صغير.



-وهم بيعملوا ايه في العيال الصغيرين عند الحلاق، تقصد يعني انه حلقله؟

-لا يانبيه، عمله عملية الطهور.

-عند الحلاق؟



-اومال يعني عند الدكتور؟



-ايوه صح، معاك حق، الحلاق هو اللي بيعمل العمليات اللي زي دي، والدكاترة هم اللي بيحلقوا... معلش، اعذرني، غبي انا وفهمت غلط.


-انت ياض انت بتتريق على كلامي؟


-استغفر الله العظيم يارب، ياعم جاد ما بتريقش، كل الحكاية ان انا بس مستغرب، ازاي حلاق وازاي بيطا...


-هو كده، الصعيد زمان كان كله كده، الدكاترة ماكانوش موجودين كتير في البلاد الريفية المتطرفة، فكان الحلاق ربنا يباركله، هو اللي بيعمل دور الحلاق والدكتور في نفس الوقت.. إنما تعرف، سيبك من الواد بقى ومن دغيدي ومن بدور وخلينا في الحلاق اللي الواد راحله.. عبد العاطي المزين اللي اخوه يبقى الشيخ ختم.


-مين الشيخ ختم ده؟.. وايه علاقته بالحكاية؟


-هقولك.. الشيخ ختم ده ماكنش شيخ بجد، كان شيخ تايواني، يعني عامل نفسه فيها شيخ وسايب دقنه وبيلبس جلاليب بيضا والسبحة مابتفارقش ايده، بس هو في الحقيقة، مش كده، ختم كان راجل دجال، ساحر من الدجالين والسحرة اللي الصعيد كله كان بيحلف بيهم.. ومش كده وبس، ده ياما فتح مقابر مليانة كنوز وخد نسبته، ده غير الناس اللي كانوا بيروحوله وكان بيقضيلهم اللي هم عاوزينه، وده طبعًا كان بيبقى عن طريق السحر ولعياذب الله.



-ماشي.. كل ده كويس، عرفنا ان الشيخ ختم ده جامد وبيعرف يعمل كل حاجة، بس السؤال المهم بقى واللي انا سألتهولك وانت ماجاوبتنيش عليه، الراجل ده، ماله ومال بدور وابنها ودغيدي؟


-ما انا جايلك في الكلام اهو، اسكت بقى وبطل اسئلة وانت هتعرف كل حاجة لما اخلص.

-ماشي، اتكتمنا، كمل ياعم جاد.. كمل.



-وبس ياسيدي، الراجل ده فضل يكبر وسيرته تكبر معاه، لحد ما في مرة جاله حد وقاله ان مراته بتحصلها حاجات غريبة، بتتشنج وبتتكلم بصوت غير صوتها، واوقات كانت عاوزة تموت عيالها او تموت نفسها، يعني من الاخر كده الولية كانت ملبوسة، وعن طريق السحر والمندل، قدر ختم انه يعرف مكان العمل اللي معمول للولية مرات الراجل، وجابه، بس بعد ما جابه قال للراجل إن عشان العمل ده يتفك، لازمن ولابد، واحدة ست تاكله، ومن هنا جت الفكرة، مين الست اللي هتاكل العمل من غير ما تدرى؟!.. ايوووه.. هي، بدور المجنونة، او ام قويق.. وبسبب الفكرة دي، وبعد ما قالها ختم للراجل، خد الراجل العمل، واللي كان عبارة عن عيش ناشف ومكتوب عليه طلاسم، واداه لبدور المجذوبة مع كام حتة لحمة، وهي ياولداه لانها مش في وعيها ولا دريانة بالدنيا، فأي أكل كان بيتحط قدامها كانت بتاكله، وعشان كده اول ما الراجل رمى لها الاكل، كلته..



 كلت العمل وماعرفتش انه هيكون سبب في انتقامها وخلاصها.. ما هو اصل بدور بعد ما كلت العيش، حالها اتبدل، بقت بتصرخ وبتصوت اكتر واكتر، ده غير ان في ناس حلفوا بالله انها كل ما كانت تقعد قصاد بيت وتصوت جامد وتشاور عليه، كان لازم اي حد من اهل البيت ده يموت، والحقيقة ياابني ان الموضوع ده ماتعرفلوش سبب، هل بدور اتلبست بجن وبقت تعرف وقت موت الناس في اليوم اللي هيموتوا فيه، ولا هي بعد ما كلت العمل اتكشف عنها الحجاب وبقت تشوف وتعرف اللي ماحدش غيرها بيشوفه ولا يعرفه، ولا.. ولا كل ده كدب في كدب وبدور ست بركة وعقلها راح ومارجعش، وبسبب بركتها، بتحس بالمصيبة قبل ما تحصل، الله اعلم!.. ماحدش يعرف الحقيقة ايه... بس اسمع الحكاية للأخر وانت جايز تعرف.


-طب انت ياعم جاد، شايف ياايه؟



-انا شايف ياابني انه عادي، جايز الست فعلًا كانت بتقعد وبتصوت جنب البيوت وتشاور بإيدها كده وخلاص لإنها مجنونة، ولاجل الحظ، البيت اللي بتبقى قاعدة جنبه او بتشاور عليه، حد يموت من اهله، ووارد كمان يكون اللي اتقال عنها في الموضوع ده كله كدب، او.. او مُجرد كلام زيادة من الناس، بس اللي مش كدب بقى وحصل بجد، هو إن في يوم على بعد العشا كده، ووقت ما كان دغيدي راجع من شغله، فجأة ظهرت قدامه بدور، كان شكلها متغير، عينيها كان لونها أبيض بشكل يخض، وشعرها المنكوش، بقى منكوش اكتر واكتر، اما ملامحها بقى واللي كانت جميلة واتشوهت من ليلة الحريق، بقت ملامح مرعبة.. ملامح خلت الدغيدي اتصنم في مكانه، بقى زي الحجر، لا بقى عارف يجري منها ولا يهرب من نظراتها، ولا حتى كان عارف يتكلم او يقولها حاجة.. اه ياابني، ما هو الدغيدي وقتها حس ان بدور فاقت، او الوعي رجعلها تاني، او حتى لو مارجعلهاش، فهي ظهرت دلوقتي عشان تنتقم منه على كل اللي عمله فيها.. واللي حس بيه قلب دغيدي، حصل، بدور مرة واحدة نطت عليه زي الاسد ما بينط على فريسته، وبكل قوتها وجبروتها اللي الناس بيقولوا ان السبب فيهم هو العمل اللي كلته، عضته من رقبته، بس مش اي عضة، دي عضته عضة طلعت بيها لحم رقبته، ومع طلوع الجلد واللحم، دم دغيدي خرج زي النافورة، وفي لحظات، كان مِسلم روحه للي خلقها، اما بدور بقى، فالناس لما شافوا منظرها وهي متغرقة دم وقاعدة على صدر الدغيدي اللي بقى جثة، خافوا منها، اترعبوا، قالوا انها اتحولت ولا اتلبست ولا سكنها شيطان، وبسبب خوف الناس ورعبهم، سواء على نفسهم او على عيالهم، اتلموا عليها وكانوا عاوزين يودوها للحكومة، لكنها ماديتلهمش فرصة، دي بقت تهاجمهم زي الكلب المسعور ما بيهاجم الناس في الشوارع.. عضة من هنا على عضة من هناك، حتة لحمة من دراع ده، على خرابيش في ده، وفضلت كده وماحدش قادر عليها، لحد ما جه واحد وراح ضاربها على دماغها بجذع شجرة، ودي كانت الضربة الاخيرة.. بعدها بدور اترمت عالأرض وماتت هي كمان جنب الدغيدي.




-حلو اوي.. واظن بموت الدغيدي وبدور، الحكاية خلصت، مش كده؟!

-اه خلصت.. والدغيدي وبدور، اتغسلوا واندفنوا وزمانهم دلوقتي بقوا تراب.

-طب ولما هم الاتنين اندفنوا، الناس عرفت منين حقيقة اللي حصل في البيت؟



-هقولك ياسيدي.. الدغيدي قبل ما يموت بفترة، حكى اللي عمله في الليلة اياها لمراته، وبصراحة ياابني انا مش عارف حكالها ليه، هل عشان كان حاسس انه هيموت وحَب يعترف بذنوبه لمراته عشان تدعيله بزيادة شوية بعد ما يتكل، ولا هو حكالها عشان يعرفها ان الواد اللي بيربوه احتمال يكون ابنه او ابن الدكروري.. العلم عند الله.



-طب والواد، طلع ابن مين؟



-العلم عند الله برضه، ماحدش يعرف، بس هو فضل متسجل في ورق الحكومة على انه ابن الدغيدي، وهو فعلًا كان فاكر كده طول عمره، لا وفضل فاكر ان الدغيدي هو ابوه لحد ما كبر، بس في يوم، وقبل امه ما تموت، حكيتله على كل حاجة عملها ابوه.. من اول جريه ورا بدور ايام ما كانت غازية، لحد ما خطفه من حضنها وراح سجله باسمه واسمها.


-طب والشيخ ختم؟


-الشيخ ختم ده بقى حكايته حكاية، فضل شغال وفضل رايح جاي في الدنيا لحد ما اتصاب بالمرض الوحش واتكل.

-المرض الوحش؟؟.. وهو في مرض وحش ومرض حلو ياعم جاد؟

-ياض افهم بقى وفتح مخك الزنخ ده شوية، المرض الوحش يعني السرطان.



-ربنا يعافينا يارب، بس تعرف ياعم جاد، الحكاية اللي انت حكتها دي كل اللي فيها كانوا ظلمة في اوقات ومظلومين في اوقات تانية، ماعدا الدغيدي طبعًا.



-ايوه ياابني، صح.. الدغيدي هو اكتر حد ظَالم في الحدوتة دي كلها، بس اهو.. خد الجزاء اللي يستحقه ومات، بالظبط زي ما مات الواد كريم.


-كريم مين ياعم جاد؟!

-ااه.. كريم ده حكايته حكاية.




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-