أخر الاخبار

الصدمة للكاتب أندرو شريف

 الصدمة للكاتب أندرو شريف



لا تجعل الحزن جزء كبير في حياتك، بل دعه يرحل لتستطيع أن تتعايش مع ذلك الواقع المؤلم بحد ذاته.

ملحوظة القصة دي حقيقية من تجميعي الخاص ولك حق التصديق او التكذيب يا صديقي.. هناك بعض الاضافات الدرامية.



عبدالله الشريف,عبد الله الشريف,الاخ اندرو,عبدالله الشريف اخر حلقة,الكرمة,قناة الكرمة,برنامج الكرمة,أندرو محسن,شريف الملحد,ستوديو أندرو,عبدالله الشريف حلقة,يوسف الشريف,عبدالله الشريف ألش رخيص,عبدالله الشريف حلقة امس,قناة القرمة,تنمية بشرية,عبدالله الشريف إرحل عدو الله,قصي بيطار شريف جابر,اغرب لقطات كرة القدم,تعريف,كتب مسموعة تنمية بشرية,مواقف لا تنسى مع صحافيين كرة القدم,مواقف مضحكة في كرة القدم,غولكاسات بالعربي,شركات الجيش المصري,الجندر





انا رامي... اب لولد جميل زي الورد، كنت بشوفه كل يوم بيكبر قدامي وانا مبسوط كأي أب طبيعي في موقفي، لكن معوقات الزمن تخليني أقعد في بيتي شهر كامل من غير لا شغل... ولا كلمة، حتى النفس كنت باخده بصعوبة شديدة لمواجهة عالم أليم موجود يجرح فينا، كل ده بعد اللي شوفته في الليلة الملعونة دي وسط اللي كان متخفي بين الظلال بيتسحب زي الافعى المجنونة عشان تلدغني لدغة سميتها بالذكرى السودة في حياتي..



بعد وفاة مراة صديقي توفيق كانت حالة صديقي وقتها صعبة جدًا لدرجة إنه حبس نفسه في اوضتة لمدة يوم كامل، فاتصلت بي عشان أزوره اخرجه من الحالة الصعبة دي واللي كانت زادت اكتر بعد التالت بالتحديد.. يومها فضلت اخبط على بابه كتير لغاية ما فتحلي وعينه كانت مليانة دموع وعروقها كانت محمرة من ذكرى ماتت جواه وكونت ذكرى تانية سيئة في حياته، أول ما دخلت متكامناش ورا كلمة لدرجة إنه كان ساكت مش بينطق ولا كلمة غير حاجه واحده:



-الموت... الموت يا رامي.



واجبي كصديق اني كنت بطبطب عليه، لكن كنت كل ما بلمس جسمة واطبطب عليه احس بحزن مفاجيء أكن حالة الحزن اللي جواه دي زادت لدرجة انها عايزه تتكاثر ووتناثر زي اي فيروس لعين بيقتل السعادة عند البشر، لكني كنت برد على كل كلمة موت صديقي يقولها بكلام يكاد أن يكون تقليدي جدًا وده لعدم قدرتي بمواساته بكلام اكتر من كده، لكنه كلام نابع من قلبي الحقيقية:



-معلش يا توفيق، كلنا هنروح.. انت عارف ان (فرحة) كانت انسانة جميلة، يا أخي كفاية اسمها المبني على التفاؤل والفرح.



برد غير متوقع قالي:



-ومات.. مات الأسم وصاحب الأسم يا صاحبي.. ماتت وموتت الفرحة اللي جوايا معاها، مرض لعين بينهش فينا لغاية نهاية واحده الموت!!.. انت متخيل يا صاحبي يعني ايه كانثر في العضم يقتل وردة عندها 24 سنة.



بدأت الدموع تنزل من عينه بغزارة وهو بيقول:


-يا صاحبي ده انا عيشت معاها احلى قصة حب في حياتي.. 15 سنة حب على ايدك لغاية ما قدرنا نتجوز، وفي ليلة الفرح نكنشف مرضها.. قالتلي نبعد رفضت، قالتلي نستنى رفضت، تعرف ليه؟؟.. عشان حبيتها.. حبيت ريحتها، حبيتها في كل حالاتها، ده كفاية ضحكتها ليا وسط اهاتها.



قولتله وانا مبتسم وبمسح دموعي من اللي شوفته:

-بتقول شعر وانت زعلان كمان يا صاحبي.



-شعر ايه بقى يا صاحبي، هي خدت كل ده معاها ... سيبني لوحدي يا رامي، سيبني بالله عليك.

وقتها كنت حاسس بريحة حاجه مكمكمة.. فقولت لتوفيق:



-ريحة الشقة كمكمت انضفهالك؟



لقيته قام من مكانه وتوجه ناحية الاوضة بتاعة النوم، من بعدها قفل الباب وراه، فضلت انده عليه، لكن ماكنش بيرد عليا.. الظاهر زعل من كلامي، قعدت حوالي نص ساعة في الشقة لكنه بردو مطلعش، وقفت على باب الاوضة وقولتله:



-هجيلك تاني يا صاحبي، بس افتكر ان انا اللي ضهري هيتقطم لو مشيت.

كنت سامع صوت حد بيبكي جوه، صوت مقارب من صوت ست، فسيبت الشقة ونزلت وأنا قلبي واجعني على توفيق لكن كل اللي كنت أقدر اعمله انتهى، ودلوقتي الباقي في ايد ربنا.. سيبت الشقة ومشيت من الشقة متوجه للشركة.. شركة الاتصالات اللي كنت شغال فيها أنا وتوفيق كول سنتر وقتها.




اول ما وصلت الشغل قعدت على الكرسي بتاعي والتقط السماعة حطيتها على ودني، بعدها فتحت استقبال المكالمات اللي نصها بتكون معاكسات اصلا، اللي اشتغل كول سنتر شيفت بليل هيعرف يعني شيفت بليل وبلاويه، واه اقصد بلاويه، يعني معاكسات تلاقي.. قلة ادب تلاقي، يعني افتكر مره ديلر شارب حاجه كلم زميلي عشان يبيع له حتة من اللي ما يتسمى، والبوليس كان على باب البيت عنده على ناصية شارعة بعد عشر دقايق من بلاغ صديقي.. لكن الليلة دي يومها كانت هادية جدًا، حتى المكالمات كانت قليلة لدرجة إني غفلت خمس دقايق كده اريح عيني واريح دماغي من اليوم المُتعب، لكن من الواضح إن محاولتي بفصل دماغي عن صاحبي كانت فاشلة لما لقيت السماعة بتطلع صوت مش جديد معناه ان جاتلي مكالمةتعكر مزاجي.. فتحت المكالمة لقيت صوت ست بتعيط، خدت نفس عميق من القرف اللي هسمعه بعد ثواني من مقلب لطفلين عندهم عشرين سنة عايزين يعملوا مقلب ينزلوا على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن عشان احافظ على شغلي كان لازم ارد بكل ذوق وقولت:



-مع حضرتك رامي، أقدر اساعدك بحاجه؟



كان صوتها قريب جدًا من سماعة التليفون لما قالت وصوت انفاسها مغطي عل كلامها:



-محدش يقدر يساعدني غير ربنا.

-ونعم بالله يا فندم، كلنا مجرد وسيلة.

ضحكت وقالت:



-والحبل ساعات بيتقطع.



-ممكن توضيح أكتر يا فندم؟

-انا مش فندم.. انا ميته.



-بعد الشر على حضرتك يا فندم أكيد.


صوتها بدأ يتغير لصدى صوت:

-وأنت كمان هتموت، وهو مات.. كلنا هنموت.




من الواضح وقتها ان المقلب اللي كان معمول فيا تخطى حدودة لحد كبير جدًا، فاضطريت اتخطى حدود شغلي أنا كمان وقولت:



-مش لطيف انك تعمل مقلب في موظف أثناء أجراء عمله، ممكن نخلص المسرحية السخيفة دي؟

وقتها لقيت الست او صاحب المقلب ده ضحك بصوت عالي، وكان بيراودني احساس ان في حد جنبي، في اللحظة دي النور قطع في المكان كله.. كنت سامع صوت سليم جنبي بيقول:




-ده النور قطع ومعاه السكة فصلت.. اما شيء غريب جدًا.



بالفعل السكة عندي انا كمان قطعت، لكن صوت الست كان لسه في ودني... مش بس في ودني، ده كانت جنبي لما حسيت بصوت أنفاسها وهي بتقول:




-كل حاجه انتهت يا رامي!



اتبع الصوت ده ايد لمستني، وفي لحظة قومت من على الكرسي وانا بصرخ صرخة نتج عنها هدوء تام في المكان بسبب انشغال الناس في نظراتهم ليا، وقتها كنت واقف ساكت باصصلهم ومش بنطق، بصيت جنبي مالقتش حاجه.. سليم بداء يتكلم وقال:



-مالك يا رامي، انت كويس؟



بعدها سمعت صوت واحد سخيف مقدرتش احدد مين هو كان بيقول:

-تلاقيه بيخاف من الضلمة.



قطعت كل المحادثات السخيفة دي لما خدت بعضي وطلعت برا الاوضة خالص، تحديدا برا الشركة، روحت بيتي وخدت نوم عميق ينسيني كل اللي شوفته، لكن للأسف مسلمتش منها حتى في الحلم لما فضلت تحذرني عن جثة، وجنين.. حاجات انا مش فاهمها، لكن أول ما صحيت من النوم اتصلت بمديري وخدت اجازة يومين اريح اعصابي من كل اللي بيحصل، وفعلا خلال اليومين كانت كل حاجه تلاشت تمامًا، الأيام خادتني في الشغل وبعدتني عن توفيق رغم إني كنت بتصل بي كل يوم وكان بيرد عليا فعلا يطمني عليه يقول:



-ايه يا رامي يا حبيبي.. انا بخير يا صاحبي، نزلت شغل جديد وكله تمام.. انت بس طمني عليك.

-انا كويس يا حبيبي المهم انك بخير.



بعدها سمعت صوت ست بتتكلم:

-مش من أول كام يوم شغل هتسيب الدنيا كده يا أستاذ توفيق.

سمعته بيعتذرلها واضطر يقفل معايه السكة بسرعة لما اعتذرلي وقال:

-انا اسف بقى يا حبيبي، انت شايف.. الشغل بيناديني.




استمريت على الحال ده كل يوم، ونفس الست كل مره كانت بتقوله حجة عشان يقفل الموبايل لدرجة اني شكيت في بعد مرور الوقت لغاية ما جار من الجيران كلمني في ليلة ملعونة مش هقدر انساها وقال وهو صوته بيرتجف:



-استاذ رامي، ارجوك انقذنا من اللي بيحصل، استاذ توفيق كل ليلة بنسمع عنده صوت طفل صغير، وصوت ست بتعيط، وساعات بنسمع صوت ست بتتألم، لدرجة انا اسف يعني افتكرنا ان استاذ توفيق بيعذب حد جوه، لكن الغريب لما بنخبط مش بنلاقي صوت ولا ينلاقي حد اصلاا بيرد، فأرجوك تعالى ساعدنا وافتح معانا الشقة.




في لحظة مجنونة، مندفعة.. قررت اني هروح البيت فعلًا، من غير ولا كلمة مع مراتي وابني نزلت من الشقة ووصلت لعمارة رامي، أول ما طلعت الدور الاول وفضلنا نخبط محدش كان بيرد، لكني لاحظت شباك مفتوح عنده وانا في الشارع، فاقترحت ان حد ينط من الشباك ويطلع يشوفه، وبعد مشاورات قررت انا وجارة نطلع احنا الاتنين نخش الشقة تحت مراقبة سكان العمارة كلها في الشارع، ومع لحظة ما جبنا السلم حطينا وجار توفيق طلع كام سلمة النور قطع في الشارع كله، فجار توفيق قالي:



-انا اسف بس انا دوخت لما طلعت خطوتين عشان بخاف من المرتفعات.



مديتله ايدي نزلته، وخدت بعضي طلعت على السلم وانا بقول:

-بسم الله.




دخلت الشقة اللي كانت مظلمة تمامًا، لكن ساعات بيقولك الضلمة ليها عنين، وعنين الضلمة اللي كنت فيها ده كان قلبي اللي كان بيسوقني لأوضة خارج منها صوت واحده بتبكي.. فضلت انده واقول بصوت مهزوز:

-توفيق، رد عليا يا صاحبي.



رد عليا فعلا وقال:



-ايه يا رامي، انا استلمت شغل جديد، معلش بقى همشي عشان الشغل بيناديني.

مالحقتش انطق الا وكانت ست في العشرينات من عمرها صوتها مميز جدًا، صوت بيفكرني بصوت مراة توفيق:



-ايه اللي جابك يا رامي دلوقتي، مش قولتلك متجيش!!



بعدها حسيت بنفس، بس النفس ده كنت حاسس بي تحت.. واصل لرجلي بمعنى أصح.. بعدها لقيت حاجه بتعضني بسنان مدببة أدت إني وقعت على الارض والكشاف وقع من ايدي وقتها وكان متوجه على وش طفل معداش السنتين باصصلي بصة مرعبة، عينة كانت شبة عين التعابين، احشائة كلها كانت طالعة من جسمة، وقتها لقيت رجلين جنب الطفل، الرجلين دي مميزة عليا لان جزمة توفيق كانت بارزة قصادي لما قال:



-مش كده يا بودي نعض عمو... عمو هيعيش معانا هنا.

بعدها سمعت صوت مراته بتقول:




-محدش هيعيش معانا يا توفيق، هنفضل عايشين مع بعض.

نطقت وقولت:

-انتو عايزين مني ايه، انتو مين!!!




في لحظة لقيت وش مرعب كان لازق فيا بيني وبينه سنتيمترات قليلة جدًا، الوش ده كان لتوفيق لكنه شاحب جدًا، كانت ريحة نفسة كريهة جدًا قريبة من الموت لما ابتدى يتكلم وهو لازق فيا بالشكل ده وقال:



-وحشتني يا صاحبي.. وحشتني ووحشني موساتك ليا، لكني اخترت الصالح بيا.. اخترت اكون معاها لما ماتت والجنين في بطنها.



بعدها هبدني في الارض لدرجة اني حسيت بحاجه سخنة نازلة من راسي وبدأ يتكلم بشكل هستيري ويقول:

-جاتلي.. جاتلي في الحلم وقالتلي على كل حاجه، قالتلي ازاي هشوفها تاني.. مترددتش لحظة وعملت اللي قالت عليه بالضبط.



في اللحظة دي الباب بتاع الاوضة بدأ يفتح تدريجيًا، كنت شايف حاجه متعلقة في الحيطة وبصالي وهي مبتسمة، لكن مع لحظة رجوع النور الشقة شوفته، شوفت توفيق مشنوق من حبل نازل من الحيطة، بدأ جلدة يكرمش تدريجيًا لغاية ما لقيته هيكل عظمي واقف قصادي.. سمعت صوت الباب بيتكسر وناس داخلة بتصرخ من المنظر، وانا كنت قاعد ببكي على صاحبي، فوقت من الحلم البشع ده وانا في بيت جار توفيق بداوي جرحي بعد ما قالي ان انا اللي طلبت منه ميطلعش معاه الشقة وانا اللي طلبت من هم ميكسروش الباب وننط من الشباك، المرعب ان النور اصلا ماكنش قطع... لكن من ساعتها ونور حياتي قاطع.. لأول مره في حياتي أكون قاعد على سريري لمدة شهر باصص للسقف مرعوب من اللي شوفته.. حتى دفنة صاحبي محضرتهاش.. نسيته، نسيت كل اللي بنا، لكني مازلت فاكر حاجه واحده بس، وهي الليلة الملعونة دي....




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-