قيامة الجن الاحمر بقلم محمد شعبان
الدنيا من حواليا كانت متغيرة، القرية كلها مقلوبة، الجن الاحمر في كل مكان وحالهم مقلوب.. مشيت انا ومراتي بهدوء، بنبص على اللي رايح واللي جاي، كنا مش متشافين لأننا من الجن الأبيض، استغربت وضربت كف بكف وانا ببص حواليا..
-لا حول ولا قوة الا بالله.. معشر الجن الاحمر دول ايه!، مش هيتغيروا ابدًا؟!
ردت مراتي وهي مستغربة زي حالاتي..
-مش عارفة ياطيب.. بص اللي هناك ده..
بصينا ناحية جن احمر (شاب) واقف وبيزعق..
-يامعشر الجن.. الملك بيقولكوا كل واحد يعمل اللي نفسه فيه.. القيامة هتقوم بكرة، العرافة البشرية قالت كلمتها خلاص.. اما انا، فهروح اسرق خزاين الخمارة بتاعت عم سواعز... هشرب كل اللي فيها لحد ما اغيب خالص واصحى على لحظة النهاية.
بعد ما قال كده، بصيت على جن احمر تاني واقف في دكانته وبيزعق بعلو حسه..
-يامعشر قريتنا الحمرا.. ماتسمعوش كلامه، تعالوا اشتروا البضاعة المحلية وقاطعوا البضاعة المستوردة بتاعت الجن الازرق..
ومن بعده سمعت جن احمر تالت بيزعق...
-ماتسمعوش الكلام يامعشر القرية، مافيش قيامة، مافيش اله من اساسه عشان يقوم القيامة، كل دي اشاعات، اسمعوا كلامي انا.. الجن الازرق هم اللي صح، هم اللي عندهم علم وتكنولوچيا وحقوق للجن، هم اللي صح.. اسمعوا كلامي وكلامهم.
ومن بعده سمعت واحد رابع بيزعق..
-ماتسمعوش كلامهم وتعالوا عندي.. الملهى عندي مليان سهر وفرفشة، تعالوا هيصوا وارقصوا لحد الصبح، اعملوا كل اللي الملك كانوا حارمكم منه لحد ما الحياة تنتهي.. قربوا واستمتعوا بأخر ليلة من ليالي موسم فرفشة الجن الاحمر.
رَفعت حاجبي اليمين وبصيت لمراتي (طيبة)...
-هو التالت ده بيقول ايه، ده مغفل!، جن ازرق ايه اللي صح، ان ماكنش الجن الازرق اللي بيفكر يدخل القرية بقاله سنين، هو اللي مطلع الاشاعة دي عن طريق العرافة البشرية اللي مجندها، لا وكل ده عشان ينشر الفوضى في القرية ويدخلها هو وجنوده بكل سهولة!
-طب بقولك ايه ياطيب، ما تيجي نظهرلهم ونحذرهم.
-نظهر لمين.. دول مُغيبين، بقالهم سنين مُغيبين، اخواتهم وقرايبهم بيموتوا بقالهم سنين في المخيم اللي برة القرية، وهم عايشين في وادي تاني!
-طب نجرب.. نجرب ونحذرهم.
-ماشي ياطيبة.. بس خليكي فاكرة، الخلق دول مش هيتغيروا ولا هيغيروا وجهة نظرهم، دول مش بعيد لو أعلنوا اسلامهم في الظروف دي، يعملوا عروض على السبح وسجاجيد الصلاة!
-لا ياحبيبي مش للدرجة دي، انت بتبالغ اوي، وبعدين احنا اكيد لما نظهرلهم ونحسسهم بالخطر اللي هم فيه، أكيد هيصدقونا ويستعدوا للحرب.
-ماشي ياطيبة.. انا هعملك اللي انتي عاوزاه، هسمع كلامك، بس خدي بالك، انا هعمل كده بس عشان تصدقي ان معايا حق.
وبحركة سحرية اتعودت عليها، ظهرت انا ومراتي لكل سكان القرية، ومع ظهورنا، اتجمعوا حوالينا، واول ما اتجمعوا، ابتدت مراتي تزعق فيهم..
-يامعشر الجن الاحمر، ياسكان القرية، القيامة مش هتقوم بكرة، كل الكلام ده اشاعات طلعها الجن الازرق عن طريق الست العرافة اللي انتوا بتاخدوا اخباركوا منها، وكل ده ليه.. عشان يخلي قريتكوا في حالة فوضى ويعرف هو وجنوده يحتلوها من غير حرب.
بعد كلام مراتي، اتضايقوا اوي كل اللي واقفين، وواحد منهم زعق فيها..
-انتي بتقولي ايه ياست انتي، العرافة لا يمكن تكدب ابدًا، دي مصدر موثوق منه، ثم ان الجن الازرق كده كده احنا مش في دماغهم، هم اكيد مشغولين بحربهم مع سكان المخيم الخارجي، واكيد.. اكيد مش فاضين لينا ولا فاضين عشان يطلعوا اشاعات.. انتي كدابة، عاوزة اهل القرية يتلهوا وينسوا ان كلها يوم وحياتهم هتنتهي، سيبيهم يتهنوا ويعملوا كل اللي نفسهم فيه.
ومن بعده اتكلم واحد تاني..
-انتي بتاعت فتنة انتي واللي جنبك ده، عاوزين الناس يرجعوا لحالتهم البائسة ويبطلوا يعملوا اللي يسعدهم في اخر يوم ليهم في الحياة.
ومن بعده اتكلم جن تالت..
-ايوه صح، انتي بتعملي فتنة بينْا وبين الجن الازرق، دول متطورين ويقدروا يعملوا اي حاجة في الدنيا، فأكيد يعني مش هيسيبوا علمهم وحربهم مع سكان المخيم، وهيعملوا ده كله عشان يدخلوا قريتنا.. هو اه انا مش مصدق ان القيامة هتقوم بكرة لاني مش بصدق في القيامة من اصله، بس انا مش متفق معاكي وشايف انك بتكدبي، ومش كده وبس، ده انتي تلاقيكي انتي واللي جنبك ده، تلاقيكوا انتوا اصلًا اللي مطلعين اشاعة القيامة دي عشان تعملوا في القرية حالة فوضى وتسرقوها.
بعد ما خلص كلامه، اتكلم واحد رابع..
-لأ ياعاذر لأ.. القيامة هتقوم بكرة، العرافة لا يمكن تكدب ابدًا، بس تعرف.. انت معاك حق في الجزء الأخير من كلامك، الاتنين دول شكلهم نصابين وحرامية فعلًا.. ياأهل القرية.. اقتلوهم حالًا واحتفلوا ومثلوا بجثثهم.
بعد ما خلص، بصيت لمراتي وابتسمت بتريقة..
-مش قولتلك ياطيبة.. يلا نختفي من قدام ولاد المجانين دول... دول عاوزين يقتلونا عشان بنقولهم الحق.
وفعلًا.. اول ما اهل القرية ابتدوا يتلموا علينا عشان يقتلونا، اختفينا من قدامهم، ومش بس اختفينا، احنا بعدها طلعنا نجري واحنا مش متشافين لحد نهاية القرية، بس قبل باب الخروج من القرية كلها، لقينا جن شاب واقف وقصاده فرشة وبينادي بعلو صوته..
-يااهل القرية، يامعشر الجن الاحمر ياللي بتفكروا او دخلتوا الاسلام عشان القيامة بكرة، تعالوا اشتروا سبح ومصليات عليهم عرض، الستة بخمس قطع دهب وبس..
وقتها خدت مراتي وخرجنا من الباب الخلفي للقرية وانا بقولها..
-مش قولتلك، هم كده وهيفضلوا كده لحد ما الجن الازرق يخلص عليهم.. اهو.. سامعة صوت الجن الازرق وهو بيقرب من ناحية باب القرية الرئيسي؟
-ايوه ياطيب، سامعاه، بس احنا كنا المفروض نساعدهم انهم يغيروا مصيرهم.
-لا ياطيبة، مصيرهم مش هيتغير، القدر مابيتغيرش، سيبيهم يواجهوا نتيجة لا مبالاتهم على مدار سنين، سيبيهم يتفاجأوا ان الجن الازرق غدار بطبعه وان كل همه انه ياخد أرضهم.. وخليكي فاكرة كويس اوي، اللي بيعيش طول عمره بيفكر في نفسه، نهايته بتكون برضه مع نفسه، وبعدين هم مش سابوا قرايبهم يموتوا في المخيم اللي على حدود القرية وقالوا وانا مالي.. دلوقتي انا بقى اللي بقول اهو.. وانا مالي، خليهم ماشين ورا العرافة ام علامة زارقة، اصل كلامها متوثق عندهم اكتر من دم قرايبهم.. يلا ياطيبة.. يلا خلينا نمشي، دول عمرهم ما هيفوقوا.
-لا ياطيب.. انا بتمنى يفوقوا حتى لو في اخر لحظة.. صدقني.. انا بتمنى مايموتوش بالطريقة دي، دول فيهم ناس صالحين.
-وانا كمان بتمنى، بس تفتكري كل حاجة بنتمناها بتتحقق؟!.. تفتكري انهم اصلًا هيفوقوا؟!.. تفتكري؟!!!
تمت