📁 آخر الأخبار

حكاية فتاة منتصف الليل بقلم الكاتب أحمد محمود شرقاوي

 حكاية فتاة منتصف الليل بقلم الكاتب أحمد محمود شرقاوي



على نص الليل تقريبا لقيت باب البيت بيخبط بإصرار غريب، قمت من نومي وانا متخدر شوية وفتحت الباب لقيت بنت شابة واقفة قدام باب البيت وبتترعش من البرد..




محمود الجمل,رواية مسموعة مقتل فاروق الشرقاوي,رواية مقتل فاروق الشرقاوي,محمود عبد المغنى,فيلم محمود ياسين ونجلاء فتحي,مشاهد محمود ياسين ونجلاء فتحي,محمود,محمود ياسين ونجلاء فتحي,محمود ياسين ونجلاء فتحي افلام,حكايات,رواية مسموعة ماذا فعل فاروق الفيشاوي,رواية ماذا فعل فاروق الفيشاوي,كتاب مقتل فاروق الشرقاوي,مقتل فاروق الشرقاوي مسموعة,مقتل فاروق الشرقاوي,قناة يلا حكايات,حكاية قبل النوم,رواية كاملة,يلا حكايات,حكايات توتا,حكايات عربية,حكايات قبل النوم
حكاية فتاة منتصف الليل بقلم الكاتب أحمد محمود شرقاوي



"انتي مين"


رددت الكلمة دي وانا اثر النوم لسة باين عليا, مين دي اللي بتخبط عليا في نص الليل, بصيت لها بتعجب وانا مش عارف اقول ايه:


- انتي مين

- انا طالبة مساعدتك أرجوك

- اؤمريني

- عايزة ابات عندك انهاردة

- بس, بس انا قاعد هنا لوحدي و و


بصيت برة لقيت المطرة نازلة زي السيول والجو برد, قولتلها:


- طيب اتفضلي


دخلت البيت وهي عمالة تحك ايديها في بعض عشان تحس ببعض الدفى, بصيت لها بشفقة وانا مش عارف انا ممكن اعمل ايه, كانت بنت في منتصف العشرينات تقريبا, جميلة بطريقة مبالغ فيها, لابسة فستان شبيه بالفساتين اللي كانت بتلبسه الستات في الستينات, فستان ابيض عليه ورد وواسع..


دخلت الصالة وقعدت وهي خجولة, دخلت المطبخ بسرعة طلعت الأكل اللي لقيته من التلاجة وسخنته, عملت كوباية ينسون وحطيتهم على صنية وطلعتهم ليها..


بصتلي بخجل شديد فابتسمت لها وقولتلها:


- انا اسف الأكل مش اوي بس اللي لقيته بقا واشربي الينسون ده هيدفيكي شوية

ابتسمت وبصت في الأرض, دخلت البيت جبت المفتاح وخرجت اقولها:


- انا هسيبك الليلة لوحدك في البيت واروح ابات عند أي حد من معارفي والصبح هبقا اجيلك, وهستأذنك اقفل عليكي بالمفتاح من برة وهجيلك بكرة على الساعة 11 الصبح عشان تكوني جاهزة


وبصوت هادئ رصين جاوبتني:


- انا مش جاية عشان انت تخرج من بيتك ولو خرجت انا كمان هخرج, انا ممكن ادخل أي اوضة واقفل على نفسي من جوة والصبح همشي على طول


ابتسمت وقولتلها :


- طيب اتفضلي كلي وانا موافق


بصت لاوضة والدتي الله يرحمها وقالتلي:

- هو انا ممكن انام في الاوضة دي


بصيت لها بتردد وانزعاج, حسيت بضيق اول ما جابت سيرة الاوضة دي بالذات, خلتني افتكر احداث معداش عليها اسبوعين بس, اهات وصرخات, بكاء ودم, غصب عني لقيت دموعي هتنزل, بصيت الناحية التانية وقولتلها:

- اتفضلي زي ما تحبي




شالت الاكل ودخلت بيه على الاوضة وقفلت الباب بالمفتاح بعد ما خدته مني, وقعدت انا في صالة البيت اتفرج على الاوضة المقفولة, الاوضة اللي نورت من تاني, الاوضة اللي نفسي مفتكرش أي حاجة حصلت فيها خالص..


وغصب عني دموعي نزلت من تاني, كتمت صوتي عشان متسمعش مني حاجة, وسبت دموعي تنزل في صمت, صمت تام, ااااااااااااه


حسيت بقلبي بيئن من تاني, بيوجعني, الدنيا بدأت تضيق بيا من تاني, تضيق, نفس الأحساس بيرجع من تاني, سامع صوت اهاتها, استغاثاتها من تاني..


لقيت نفسي بخرج من البيت كله واقف تحت المطر, قفلت باب البيت بالمفتاح, ومشيت في البلد, البلد اللي كانت عاملة زي قرية الأموات, مفيش غير صوت المطر, المطر اللي اختلط بدموعي اللي عمالة تنزل..


وغصب عني روحت من تاني للمقابر, ووقفت قدام قبر امي, حطيت ايدي على المقبرة وبكيت من تاني, وكأن جسمي كله عبارة عن دموع, دموع ألم وقهر ووجع..

"سامحيني يا أمي"


"سامحيني والله ما كنت قادر اساعدك"


وبدأ قلبي يوجعني من تاني, صدري يضيق وأنفاسي تتسارع, حاسس اني هموت من الوجع, قعدت قدام التربة وجسمي بدأ ينهار, مبتمناش اكتر من اني اموت دلوقتي وادفن جمبها, يمكن اعرف اقولها اني مقدرتش اساعدها..


وفي عز ضعفي والغيبوبة اللي بدأت اقع فيها سمعت صوت خطوات غريبة, بدأت افوء نوعا ما وبصيت ورايا, ووقع قلبي في رجليا..


كان فيه واحدة لابسة اسود واقفة في اخر الحارة بتاعت المقابر, وقفت وانا جسمي بيترعش, مكنتش شايف منها غير السواد, وقفت ابصلها بحذر واتكلمت بخوف:


- انتي مين


فضلت واقفة زي الصنم, رجعت بشويش وحاولت اخرج من المكان, بس مسافة ما تحركت سمعتها بتزوم زي الحيوان, واتنفض جسمي, اتنفض تلت مرات قبل ما اجري, ومن ورايا بدأت اسمع صوتها وهي بتزوم, وبدأ قلبي يئن من تاني, كأني فعلا بقيت مريض, مريض بنفس المرض اللي خلاني افقد أعز انسانة في الدنيا ليا..


الوجع زاد, زاد اوي وحسيت ان قلبي خلاص هيقف, صوت البنت كنت سامعه بوضوح, بصيت وانا الرؤية بتضيع من قدامي لقيت اسم امي على المقبرة, هو انا جريت ولا مقدرتش اجري, ولا جريت ورجعت لقبر أمي تاني, كفاية اني هموت قدام قبر أمي

"سامحيني ياما"


و


ووسط الظلام شوفتها, بس بس مكنتش اللي لابسة اسود, كانت اللي بايتة في بيتي..


فوقت على ايد بتهزني جامد, ايد قوية, فوقت وانا جسمي كله عرقان رغم البرد, لقيت البنت اللي كانت في بيتي بتشدني بقوة, كنا على اول المقابر, مشيت جمبها وانا فاقد النطق, حاسس بوجع في كل جسمي, وصلنا البيت انا وهي وبدأت اركز شوية..


هي ازاي خرجت من البيت وانا قافله بالمفتاح ؟؟

وازاي وصلت للمقابر اصلا ؟؟

مين دي؟؟




دخلنا البيت وقعدت في الصالة جسمي كله واجعني, قلبي عمال يئن من الألم, لقيتها عملتلي كوباية ينسون وقالتلي احكيلي, ليه كنت بتبكي قدام القبر ده, بصيتلها بذهول وقولتلها:


- انتي خرجتي ازاي من البيت وازاي عرفتي ان انا في المقابر

- هقولك كل حاجة بس احكيلي


أمي الله يرحمها من سنتين جالها مرض غريب, مرض كان بيخلي الوجع يمسك في جسمها كله, وبالأخص قلبها, وبدأنا رحلة البحث مع الدكاترة, القلب, الصدر, الباطنة, مفيش دكتور قدر يشخص المرض, سنة كاملة صرفنا كل اللي قدامنا واللي ورانا, وفي النهاية المرض مسك جسمها كله, ويأسنا وقعدنا في البيت, ونامت على سريرها, وبدأ العذاب. كانت يوميا بتستغيث من الوجع, تئن, تتألم, وانا افضل اخبط راسي في الحيط زي المجنون, كنت أتمنى تتعالج وانا امرض, بس مقدرتش, كانت بتبكي, بترجع دم, جسمها كله بدأ يزرق وصدرها ينشف وعضمها يبرز بطريقة مخيفة..


اسابيع وهي بتبكي وتناديني وتقولي "الحقني يابني, ارجوك انا بتألم"


وانا لا حول ليا ولا قوة, كنت بحضنها وابكي, ابكي بهيستريا, لحد ما جت ليلة وفضلت تتألم لساعات..


صوت اهاتها كان بيقطعني, بيدمرني, فضلت تردد "قلبي واجعني"


ترددها كتير وانا اخبط راسي في الحيط, اصرخ, اقطع في نفسي, مش قادر اساعدها, في النهاية وقعت ابكي على المصلية, اناجي ربنا يرحمها, وفعلا سمعتها بتتشاهد بودني, دخلت لقيتها ماتت, بصيت لها بذهول لقيت جسمها طبيعي ولا كأنها كانت مريضة..


وفضلت ابكي واصرخ, ماتت أمي, ودفنتها, دفنتها من اسبوعين بس, لكن الألم والوجع اتنقل ليا, وبدأت اعراض الوجع تظهر عليا من تاني, نفس اللي كانت بتشتكي منه بقيت اشتكي منه, غير احساسي الرهيب بالذنب اني عجزت اني اساعدها, روحت من تلت ايام بكيت عند قبرها, والليلة لما انتي دخلتي الاوضة بتاعتها افتكرت كل حاجة من تاني, ولقيت نفسي غصب عني بروح قبرها من تاني..


ووقعت في نوبة بكاء هيستيري, بصتلي بصة غريبة وسابتني ودخلت اوضة أمي وقفلت عليها الباب, سبتها براحتها لأن الوجع بدأ يزيد عليا اوي..


ونمت مكاني, نمت وانا ببكي وبتألم, صحيت على نور الشمس جسمي كله واجعني, ذاكرتي كانت مشوشة جدا, قمت من مكاني وافتكرت البنت, قربت من الاوضة وخبطت عليها بس مكنش فيه أي رد, فتحت الاوضة ملقتش حد, قلقت جدا لما لقيت الاوضة متبهدلة, بصيت لقيت صينية الأكل زي ما هي, بس اللي لفت نظري كان السرير..


السرير كان من النوع القديم جدا, اللي معمول شمعدان, واجهة السرير كانت معدن مجوف, بس انا لقيت المعدن ده مشقوق, والتجويف ظاهر, مبقتش فاهم هي كسرت عمدان السرير ليه أصلا..


بصيت فيها بقلق ولقيت, لقيت لفافة غريبة, مسكتها وانا مش فاهم ده ايه, فتحتها وشهقت, شهقت لما لقيت رسوم وطلاسم غريبة مكتوبة على صورة أمي, مديت ايدي لقيت لفافة تانية, فتحتها لقيت صورتي وعليها طلاسم وكلمات زي

موت, خراب, ألم..


خدت اللفافتين وجيت اخرج من البيت لقيت ورقة, جواب مكتوب بحروف متقطعة..


مسكته وفضلت نصف ساعة بربط الكلمات ببعض..



على المغرب كنت قاعد مع الشيخ في المسجد بحكي له كل حاجة, لحد ما جبت سيرة الجواب وقالي اقرأه عليا..


"من أكرمنا أكرمناه وكنا له عونا وسندا بأمر من المولى سبحانه وتعالى, رأيناك يوم بكيت أمام المقبرة, وكدت أن تهلك ولكننا وقفنا بجانبك, وكدنا نتركك لولا أن اختبرناك وجئت أنا اليك, فرأينا منك كرما لم يعد في البشر, فقررنا أن نقف بجانبك أكثر, ونخرج هذا السحر الذي قتل أمك وكاد أن يقتلك أنت أيضا, احرقها وسترى النار تشتعل في بيتك عدوك"


وبدأ الشيخ يفكر, يفكر, لحد ما قالي ان الأمر عجيب, عجيب جدا, بس ربنا بيسخر عباد للعباد, والجن في منهم المسلم اللي بيساعد لوجه الله, ودي كانت منهم يا ولدي, وساعدتك عشان توريك مكان السحر, السحر اللي تسبب بالمرض لأمك الله يرحمها, يالا بينا نحرقه يابني واحمد ربك وادعي لوالدتك بالرحمة..


وقفنا ورا المسجد وحرقنا الورق, ومسافة ما حرقناه سمعنا صوت صراخ رهيب, رهيب, وفجأة لقينا نار عظيمة مسكت في البيت اللي جمب بيتي, والست اللي فيه بتجري قدام البيت والنار ماسكة في جسمها, الناس كانت بتصرخ وتحاول تطفيها..

وغصب عني افتكرت حاجات كتير في الوقت ده

"احرقها وسترى النار تشتعل في بيت عدوك"

"الست اللي جمبنا دي يابني بتاعت أسحار ربنا ينجينا منها"

"بتحقد علينا منها لله, ربنا ينجينا منها"

بقلم: أحمد محمود شرقاوي







تعليقات