📁 آخر الأخبار

مغنية الشياطين بقلم الكاتب أحمد محمود شرقاوي

 مغنية الشياطين بقلم الكاتب أحمد محمود شرقاوي




امبارح جتلي مكالمة شغل من واحدة ست بتطلبني عشان أحيي فرح ابنها في بلد بعيدة شوية, اتفقت معاها على مبلغ 15 الف في الليلة ووافقت بدون أي نقاش, بل واتفقت معايا إن لو الليلة عدت والناس اتبسطوا هتدفع أكتر كمان, كلمت أعضاء الفرقة, بتاع الطبلة والمزيكا والبنت اللي بترقص في الفرقة, وعرفت الكل بالميعاد اللي هنتحرك فيه بالعربية, بعد تلت أيام الساعة 10 الصبح..


مغنية الشياطين بقلم الكاتب أحمد محمود شرقاوي
مغنية الشياطين بقلم الكاتب أحمد محمود شرقاوي




أيوة انا مُطربة بس على أدي ومش مشهورة زي غيري من المشاهير, بحيي الأفراح بالفرقة بتاعتي على المسارح وأوقات في النوادي والمقابل بيكون كبير شوية وحقيقي عايشة ومبسوطة جدا جدا, ومبسوطة كمان بكرم ربنا عليا إن أغلب الفِرق اللي طلعت معايا وقت طلوعي انتهوا وانا لسة مكملة وكمان اتشهرت شُهرة كبيرة تخليني أطمن إن كل اسبوع فيه فرح ويمكن اتنين..


وفي الميعاد المتحدد كنت محددة الأغاني اللي هتتغنى, وكانت الرقاصة جهزت نفسها وباقي البنات بتوع الفرقة وبتاع الطبلة والمزيكا, والفرقة بقت مُستعدة للتحرك فورا على بيت صاحبة الفرح, طلعنا على البلد المنشودة وطبعا معايا القطة لوسي بتاعتي اللي مبتحبش تسبني ولو لحظة واحدة حتى في أفراحي, ودايما كنت باخدها وأوقات أسيبها في العربية, وأوقات تبقا على المسرح مبسوطة وبترقص معانا كمان..


وصلنا على بعد الضهر على بيت الست حمدية اللي استقبلتنا استقبال كبير وكانت الفراشة والمسرح منصوب وجهزولنا أوضتين نستريح فيهم لحد بالليل, وشوية ونزل أكل كتير أوي للفرقة عشان نتغدى ونشرب الشاي والقهوة, كانت ست غنية وشكلهم مبسوطين أوي, عشان كدا نبهت عليهم يركزوا أوي ويهتموا بكل تفاصيل الليلة عشان الست تزود ايديها في الفلوس بعد ما الليلة ما تخلص..



بس وانا بتكلم لمحت نظرة خوف في عين بنت من البنات, ولما سألتها عن سبب خوفها قالت ان المسرح منصوب جمب المقابر, وده معناه إن المغنى والعزف هيبقى كله واصل للأموات, كلنا بلا استثناء ضحكنا عليها وانا بكل سخرية قولتلها:


"لو الأموات يحبوا يصحوا ويرقصوا معانا يبقا أهلا وسهلا"


وعدى اليوم وعلى بالليل بدأ المعازيم يحضروا للحفل, وطلعت أنا على المسرح بعد ما الرقاصة ولعت الجو كعادتها, وبدأت أغني وأسلطن العقول بصوتي, شوية شجن, وشوية غُنى شعبي, وشوية أغاني تولع المكان, وفضلت كدا يمكن ساعتين كاملين, لحد ما في وسط المجهود والعرق اللي بينزل مني شوفت القطة لوسي واقفة على أول خشبة المسرح وفي عنيها نظرة فزع غريبة وواقفة منتصبة وبتبص ناحية المقابر اللي كانت على مرمى البصر ومواجهة للمسرح, عكس المعازيم اللي كانوا باصين ناحيتي, يعني احنا بس اللي كنا شايفين المقابر..


صوتي اتهز شوية وانا مركزة مع لوسي اللي كانت بتتهز ولسة مبرقة ناحية المقابر, وكأنها شايفة حاجة, أو بتشاور لحاجة بخوف, ولما خدنا خمس دقايق استراحة سمعت بنت بتكلم البت اللي بترقص وهي مريحة شوية وبتقولها القطة شايفة جن المقابر اللي واقفين يتفرجوا علينا..



الكلمة خلت جسمي كله يترعش وريقي ينشف, شرب مية كتير وبدأت لوسي تهدى وتلاعبني ولا كأن فيه حاجة, بس مسافة ما بدأت أغني من تاني بدأت تقف نفس الوقفة وتركز نظراتها على المقابر, المقابر وبس, ولما حاولت أركز أنا كمان بدأت من وسط الظلام أشوف أجسام لونها ضبابي واقفة زي التماثيل, عيونها كانت بتلمع زي عيون القطط وكلها بتبص علينا, وبدون أي تفكير وقعت مكاني على الخشبة, ومن حُسن الحظ ان الليلة كانت تعتبر خلصت عشان كدا لمينا العِدة واتقال ان الفنانة مُجهدة شوية, وخدنا لوسي وطلعنا بالعربية بعد ما خدنا 10 الاف بس لأن الست اتهمتنا اننا بوظنا نهاية الليلة ولو اتكلمنا مش هنطول مليم, منطقتش لأني كنت عاوزة اهرب من المكان بأي طريقة وفعلا مشينا..



بس المُرعب إني وانا في العربية كنت شايفة أجسام ضبابية, نفس الأجسام كانت بتتحرك ناحية العربية وكأنها بتجري ورانا, بدأت أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم كتير لحد ما وصلنا للشقة بتاعتي, خدت لوسي وطلعنا وهديت كتير, كانت الساعة 4 قبل الفجر, وبدون تفكير نمت زي القتيلة..



يمكن نمت لحد تاني يوم العصر, صحيت بعدها عملت أكل واتغديت وخدت دش ووقفت أشرب قهوتي في البلكونة, شوية وبعتتلي بنت من البنات شريط الفرح على الواتس, دخلت على بعد العشا وشغلت الشريط وبدأت أتفرج على نفسي والفرقة والفرح, وبدأ صوت الأغاني يطلع من الكمبيوتر, وبدأت أنسجم واحدة واحدة مع شكلي وصوتي اللي كنت بحبه أوي..




بس مسافة ما جريت بالشريط شويتين وجت اللحظة اللي بدأت تظهر لوسي وهي بتبص بخوف ناحية المقابر بدأت أشوف ناس غريبة وسط المعازيم, ناس لابسة اسود وعندهم قرون زي الحيوانات, كنت شايفاهم في شريط الفيديو بوضوح شديد, بدأ قلبي يدق بعنف وجسمي يترعش مرة واتنين, ووسط كل ده سمعت صوت لوسي برة في الصالة بتموء بصوت بشع, مُخيف, وكأنها بتموت برة, سبت الجهاز وطلعت أجري لقتها واقفة منتصبة في نص الصالة وبتبص بنفس نظرة الرعب ناحية الحمام اللي كان مُظلم تماما, معرفش ليه وقتها رجلي خانتني وكنت هقع, خاصةً إن عيون لوسي كانت بتتموج زي موج البحر وبيتغير لونها بطريقة غريبة..



قربت من باب الحمام وبدأت تموء من تاني وكأنها بتحظرني, ومسافة ما وقفت قدام باب الحمام سمعت صوتي من جوة, وكأني كنت بغني جوة الحمام وفيه معازف وموسيقى كتير أوي, سندت على الحيطة لأني كنت هقع من تاني, مديت إيدي ناحية باب الحمام لقيت لوسي بتموء أكتر, وبكل رعب الدنيا فتحت الباب, وشوفت مقبرة جوة الحمام, وانا واقفة فوق المقبرة عريانة بغني ومن حوليا العشرات من الظلال السودة بيطوفوا من حوليا..



ومسافة ما اتفتح الباب للآخر كلهم بصوا ناحيتي, وشوفت العيون المُلتهبة, وصرخت, ومسافة ما صرخت كل الأطياف دي هجموا عليا, وحسيت وكأن فيه ألسنة لهب بتحرق في جسمي كله, وكأني بتحرق في نار الجحيم, اتشنجت مرة واتنين وعشرة في الأرض زي اللي عنده صرع شديد..



ومن يومها بس بدأ الجحيم, كل الظلال دي سكنت شقتي وبقيت بشوفهم ليل نهار, تحت السرير وجوة الدولايب, في الحمام وفي أوضة النوم بالليل, وكل أحلامي بقت عبارة عن نفس الكابوس, بغني فوق المقبرة وكل الأطياف دي بتطوف من حوليا, بقيت بصحا بلاقي علامات كتير أوي على جسمي, وبقيت كل ما باكل برجع وجالي تعب في معدتي وصداع شديد في راسي بقا ملازمني ليل نهار..



سبت الشغل خالص وبعد شهر واحد بقيت شبه الهيكل العظمي من قلة الأكل والتعب اللي انا فيه, كل أفراد الفرقة راحوا اشتغلوا مع غيري وفلوسي خلصت على الأدوية والدكاترة, كنت بتمنى الموت, بتمنى ربنا ينجدني من اللي انا فيه بس مكنتش بموت, كنت بس بشوف الجحيم على الأرض, احساس بشع عايشة فيه ومش عارفة أتخلص منه أبدا..




لحد ما جت الليلة اللي جتلي فيها حالة صرع رهيبة من الرعب والتعب ورميت نفسي من الدور التالت, ونزلت على الأرض جسمي كله متكسر, جريوا بيا على المستشى وانا حاسة بألم فظيع, ألم خلاني مش قادرة أقول كلمة "آآآه" اتجبس نص جسمي ومفيش غير بنت وحيدة من الفرقة اللي جت تزورني, ولما فضفضت معاها من تعبي وقهري راحت جابتلي شيخ, مُعالج بالقرآن..



قرأ عليا كتير وبدأت أشوف التعجب والرُعب في عنيه, لقيته بيقول 



"أنا أول مرة أشوف جسم فيه العدد ده كله"


وطلب مني أحكيله كل حاجة, وحكيت, حكيت وبدأ يهدى لأنه فهم, فهم كل حاجة, وبدأ يتكلم ويقول:


"الغناء والموسيقى يا بنتي من مزامير الشيطان, بيموتوا القلب ويلهوا صاحبه عن طاعة الله, عشان كدا ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس فسر الآية اللي بتقول "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم" وقال ان ده الغناء, بيضلك عن طريق ربنا وبيخليك لعبة في إيد الشيطان, اللي بيغني واللي بيسمع الغناء..



الاتنين مُعرضين للشيطان وأفعاله, وقبل كل ده مُعرضين لسخط وعذاب ربنا, وفوق كل ده رايحة تغني وتعصي ربنا جمب جن المقابر في أرض الأموات, الجن الشرس, اللي صعب جدا حد يتعالج منه, ولما لقوكي فريسة سهلة بسبب الغُنا اللي سهل لهم الطريق حصلك مس من العشرات, واللي زيك بتكون نهايته الموت أو الجنون, أنا مش هقدر أعالجك لوحدي, هحتاج أكتر من شيخ وربنا يقوينا على العشيرة اللي معاكي, يمكن أرجعلك تاني لو لقيت حد يساعد ويمكن لا, بس كل اللي لازم تفهميه ان الأغاني حرام, خاصة اللي معاها مزيكا, بتموت القلب, وتجلب الذنوب, وتصدك عن طاعة الله, وفوق كل ده بتجلب شياطين الجن وبتسهل لهم الوصول ليكي, عشان كدا ربنا حرمها, وعشان كدا لازم تتوب منها وفورا زي أي معصية, وتتركها لوجه الله..



بقلم: أحمد محمود شرقاوي





تعليقات