📁 آخر الأخبار

حكاية بازار القلعة بقلم الكاتب محمد شعبان العارف

 حكاية بازار القلعة بقلم الكاتب محمد شعبان العارف




في يوم من أيام شتا سنة ٢٠٠٥.. يومها كان الحاج (رأفت العزازي) بيحفر في ارضية مخزن البازار بتاعه، اصله خلاص.. قرر أخيرًا انه يجدده عشان يمشي مع الموضة، لكن قبل ما يبدأ في التجديد، كان لازم يحفر تحت أرضية المخزن ويطلع سر اندفن من حوالي ٣٠ سنة او اكتر.. او بالتحديد، هو مش سر، هي شنطة كبيرة من الشنط المربعة القديمة، شنطة ليها قفل.. لونها بيچ فاتح ومبقعة، انتيكة.. شكلها بيقول انها انتيكة.


وودي نقار الخشب الحلقة 1,وودي نقار الخشب الحلقة 2,وودي نقار الخشب الحلقة 27,وودي نقار الخشب الحلقة 10,وودي نقار الخشب الحلقة 14,امنية القوة,وودي نقار الخشب بالعربي,وودي نقار الخشب قديم,اللمبي ايام الجاهلية,مراجعة فيلم,تي في المصرية,دكتور العيلة,وودي نقار الخشب,أسرار لعبة avatar,كاريكاتير للأطفال,المبي,ملخص افلام خيال علمي,تحميل ماين كرافت مجانا برابط مباشر,الحراق,أسرار لعبة أفاتار ورلد الجزء الثاني,تحميل ماين كرافت مجانا,أسرار لعبة أفاتار ورلد
حكاية بازار القلعة بقلم الكاتب محمد شعبان العارف



خرجها رأفت وردم الحفرة كويس وشالها وهو جسمه مليان عرق، وبعد ما مسح العرق عن جبينه، مسكها وحطها في رف الانتيكات المتشالة بعيد عشان التجديد، وعشان ماحدش يقرب منها ولا يلمسها وتبان انها تحفة أثرية، حط عليها ورقة من الاوراق اللي كان بيحطها على التحف الغالية، وعشان قيمة الشنطة تزيد وماحدش يفكر بس انه يمد ايده عليها من العمال اللي هيشتغلوا في البازار، لزق عليها ورقة مكتوب فيها (تحفة أثرية نادرة من مُقتنيات الملك فؤاد).. وبعد ما لزق الورقة على الشنطة اللي اتحطت جنب التحف في الرف الاخير، خرج من المخزن وراح ناحية باب البازار المقفول وفتحه، خرج من البازار وقفل الباب على أمل انه هيرجع بكرة ويقف مع العمال اللي بيجددوا المكان، لكن عم رأفت اللي معدي الستين بحوالي اربع سنين وشهور، بعد ما مشي كام خطوة في طريقه لبيته، حس ان الدنيا بتزغلل، صدره بيوجعه، البراح بيضيق!.. وقف في مكانه ومسك صدره وكح كحتين بالعدد، وبعدهم، وقع على الأرض وبص للسما.. بصلها البصة الأخيرة.. ايوه.. عم رأفت مات وساب وراه سر كبير.. او بمعنى أوضح.. ساب وراه دايرة كبيرة من دواير الدم.. دايرة هتفضل مكملة طول ما جواها الرُفات.



ايه؟.. فضولك خلاك تكمل وعاوز تعرف ايه اللي جوة الشنطة!.. ماشي.. كمل معايا وانت هتعرف...



(المكان: القاهرة- جوة بيت من بيوت حي الدرب الاحمر.



الزمان: يوم ١ رمضان عام ١٩٧٣ ميلاديًا.. بالظبط بعد أذان المغرب بدقايق)



في الوقت ده كان قاعد على اول كرسي من كراسي السفرة، التاجر الكبير صلاح بجاتو.. وعلى يمينه كانت قاعدة مراته الوحيدة، سونيا المهدي، وقصاد سونيا بالظبط كان قاعد صديق العِيلة الأول، خالد كرامات، وعلى الكرسي اللي جنب خالد، كان قاعد صديق العِيلة التاني، رأفت العزازي.



بعد ما الحاج صلاح واللي بالمناسبة يعني عنده ٤٠ سنة، بس هم بيقولوا له ياحاج عشان تاجر قماش كبير أبًا عن جد.. بعد ما خلص أكل بص للي قاعدين وابتسم..



-الحمد لله.. ربنا يديمها نعمة ويحفظها من الزوال.



لما قال كده، ابتسم رأفت وهو بياخد بوق من كوباية العصير اللي كانت قدامه..

-اللهم أمين.. يدوم العز ياحاج صلاح.



بص له صلاح باستغراب وسأله..

-يدوم العز ياحاج صلاح!.. جرى ايه يارأفت، انت هتعملي فيها خواجة ولا ايه، ما تاكل ياجدع، ده انت كنت صايم..


-لا ما هو انا...

قاطعه خالد قبل يكمل..

-انت ايه ياعم رأفت، ما تاكل ياابني، هو انت لحقت؟!



بص له رأفت بصة ضيق، كانت بصة معناها كفاية بقى، الأصول بتقول ان طالما صاحب البيت هيقوم، يبقى كلنا لازم نقوم، لكن صلاح كان مركز مع رأفت، وبسبب بصة رأفت لخالد، بص صلاح لسونيا مراته وهو بيخبط على بطنه..

-ايه ده!.. الظاهر اني لسه جعان، بقولك ايه ونبي ياسونيا، قومي اغرفيلنا شوية رز وطبيخ.



بصت سونيا لصلاح بقرف وعملت اللي قالها عليه، وبعد ما الأكل اتحط والحاج صلاح عمل نفسه انه بياكل عشان مايحرجش رأفت، وبعد ما رأفت خلص أكل وخالد حرفيًا مسح الاطباق، مسح رأفت إيده في منديل قماش كان جنبه على الترابيزة وبص للحاج صلاح وابتسم..



-يدوم العز بقى ياحاج.. انا كده تمام و١٠٠ فل وعشرة.

-الف هنا يااخويا، وانت ياخالد.. شبعت؟!



بص له خالد وابتسم..

-مع أن أكل بيتك مايتشبعش منه ياحاج، بس انا مظبوط.. كده رضا.



-الف هنا يارجالة.. انا قايم بقى اغسل إيدي... اه، ماتنسيش الشاي ياسونيا، اعمليه وهاتيهولنا على أوضة الأنتريه.



قام الحاج صلاح ودخل الحمام، ومن بعده قام رأفت عشان يغسل ايده هو كمان، والمفروض ان خالد كان يقوم زيهم، لكن خالد لما قام، ماراحش ورا رأفت اللي وقف عند باب الحمام، ده كان بيساعد سونيا في لم الأطباق وكان بيبصلها وبيبتسم، وبعد ما ساعدها وهي دخلت المطبخ بالاطباق، راح خالد ووقف جنب رأفت واستنوا صلاح لحد ما خلص وخرج، وبعد خروجه، راح على الصالون ومن بعده رأفت وخالد، قعدوا يسمعوا الراديو ويتسامروا، وفي وسط كلامهم، دخلت سونيا وقدمت الشاي وبعد كده خرجت، ومع خروجها، كان خالد بيبصلها بنظرات من تحت لتحت، نظرات ماحدش خد باله منها غير رأفت، لكن لأ.. رأفت كان بيكدب نفسه، ما هو مش معقول خالد كرامات ابن الجزار الكبير، الحاج نعمة كرامات، يبص لمرات صاحبه.. إنما.. إنما ايه؟!.. مش مهم، ماتشغلش بالك يارأفت، وفعلًا رأفت ماشغلش باله وفضل يتسامر مع صلاح وخالد لحد ما اتكلم خالد وقالهم انه هيمشي عشان امه تعبانة ولازم يبقى جنبها، ومشي، بس بعد ما مشي، رأفت فضل قاعد عشان يتكلم مع الحاج صلاح في موضوع مهم..



-قولي بقى ياعم رأفت، موضوع ايه المهم اللي كنت عاوزني فيه.. مش انت يوم الرؤية فوتت عليا في دُكان الغورية وقولتلي انك هتكلمني في موضوع مهم بعد ما نفطر سوا اول يوم؟!.. وادينا اهو، فطرنا وحلينا وحبسنا بالشاي والدخان كمان، ايه بقى العبارة؟




فرك رأفت صوابعه في بعض، كان باين عليه انه محرج، بس قبل ما يبدأ ويتهته في الكلام كعادته لما بيكون متوتر، اتكلم الحاج صلاح بصنعة لطافة...



-ايه ياغالي ياابن الغالي، مالك، مكسوف مني يارأفت ولا ايه، يااخي ده اجنا جيران وابوك الله يرحمه يعتبر هو اللي مربيني؟.. ما تتكلم وتيجي دوغري، لو عاوز فلوس، اؤمرني، اخوك الكبير رقبته سدادة.



-بصراحة كده ياحاج صلاح، اه.. انت عارف ان بعد ما مراتي الأولانية ماتت وانا بقيت متلطم، مصاريف عيالي واخواتي البنات وامي، قطموا وسطي، وزي ما انت شايف، اللي جاي اقل من اللي رايح، والشغل عند الناس عامل زي الحصى، مابيبنيش بيوت، وعشان كده خلاص قررت، انا هفتح الدكانة بتاعت ابويا اللي يرحمه.



هرش الحاج صلاح في راسه وبعد كده بص لرأفت..



-دكانة القلعة؟!.. بس دي عليها إيجار متأخر بالكوم، ده غير انها عاوزة تصليحات كمان!



-اه يامعلم ما انا عارف، بس ماتشغلش بالك بالموضوع ده، انا امي الله يباركلها كانت داخلة جمعية وقبضتها، وبفلوس الجمعية هدفع الإيجار المتأخر لصاحب المكان وهصلحه وانضف حواليه، بس الأهم من كل ده بقى واللي انا محتاج فلوس عشانه، هي البضاعة.. انا محتاج اجيب بضاعة للمحل، بس بما اني هحط كل اللي حيلتي في الإيجار والتصليحات، فانا مش هيبقى معايا الا ملاليم.



-معلوم برضك، بس السؤال المهم هنا، انت هتفتح المحل ايه؟!

-هفتحه الصنعة اللي بفهم فيها، ما انت عارف، انا بقالي سنين شغال مع عم كتاكت.



-يعني انت هتفتح الدكانة بتاعت ابوك الله يرحمه، زي ما فاتح عمك كتاكت بتاع الانتيكات؟!.. غريبة!.. وليه ماتفتحهاش ترزي زي الحاج ما كان فاتحها؟!



-ياحاج صلاح دي لا صنعتي ولا كاري ولا بفهم فيها من اساسه، انا من صغري وانا بشتغل بياع انتيكات.

-خلاص.. عالبركة، هتعوز كام؟!



-يعني.. سكة ١٥٠٠ جنيه.

-ياسلام.. بس كده.. انت تؤمر ياغالي ياابن الغالي، بس اعمل حسابك، الوصولات تتسدد في معادها.. وماتقلقش، المعاد انت اللي هتحدده.



-وصولات!.. وصولات ايه ياحاج؟!

-وصولات الأمانة ياغالي، ولا انت مش عاوز اخوك الكبير يضمن حقه وراس ماله؟!

-لا ازاي.. على رأيك، معلوم برضه.



-استبينا.. هقوم اجيبلك الفلوس ووصلات الأمانة.

وفعلًا، قام الحاج صلاح ودخل أوضة نومه، فتح دولابه وطلع منه ١٥٠٠ جنيه ودفتر الوصولات، وبعد ما رجع لأوضة الانتريه، ادى الفلوس لرأفت وخلاه يمضي على الوصولات اللي حدد فيها المعاد بعد ست شهور.. وبعد ما ده حصل، قام رأفت وخد الفلوس وروح على بيته، اما صلاح، فبعد ما قعد شوية وسمع التواشيح في الراديو، قام من مكانه وقال لمراته انه هيدخل يريح شوية وطلب منها تصحيه عالسحور، لكن مراته كانت كعادتها في الفترة الأخيرة، بصت له من فوق لتحت بقرف وقالتله ماشي، كانت من جواها بتدعي انه ينام مايقومش، وده بسبب معاملته القاسية ليها في الفترة الأخيرة، وكمان بسبب انهم لحد النهاردة وبعد تسع سنين جواز، لسه ماخلفوش.. بس صلاح ماهتمش بنظراتها ولا بأسلوبها ودخل ينام.. اصله خلاص، كان اتعود منها على المعاملة دي بقاله فترة.



 

(المكان: القاهرة - جوة شقة فخمة من شقق المعادي.

الزمان: يوم ٢٠ نوفمبر سنة ٢٠٠٥)



جوة شقة الشاب احمد طاهر، وبالتحديد في الفراندا، كان قاعد احمد وقصاده اللاب توب بتاعه على ترابيزة صغيرة، وعلى يمينه، كانت قاعدة صاحبته وحبيبته أمنية ابو النجا، وعلى شماله كان قاعد صاحبه الاقرب أمجد الدكروى.. كلهم كانوا مركزين في الصور اللي بيقلب فيها أحمد، كانت صور لأنتيكات، وبعد ما فرجهم على كام صورة، وقف تقليب وبص لهم..

-ها.. ايه رأيكوا؟!

بصتله أمنية بانبهار وسعادة...

-تحف ياحبيبي.. بجد تحف.



-لا ولسه.. احنا محتاجين تحف اكتر... ها ياأمجد، وقعتلنا على أي مزاد لبيع الأنتيكات زي ما اتفقنا؟!

رد أمجد عليه..


-اه طبعًا، وقعت على مزاد انما ايه، لُقطة.. شوف ياسيدي، في محل في منطقة القلعة كان صاحبه فاتحه بازار، المحل ده كان مفتوح من زمن الزمن، مليان أنتيكات وتحف هتنفعنا اوي في البازار اللي عاوزين نفتحه.



-طب وده صاحبه هيبيع التحف اللي عنده ليه؟!



-هقولك، صاحب المحل كان راجل كبير اسمه الحاج رأفت العزازي، الراجل ده من فترة كده كان بيجدد المكان، لكن في يوم وهو مروح بيته، تعب، وفي لحظة جت له سكتة قلبية وربك استرد أمانته، وبما أن الراجل ماعندوش غير بنت متجوزة وعايشة برة مصر، وولد عايش هنا بس بيشتغل مهندس تعدين، فاخت المهندس فوضت اخوها عشان يبيع المحل والانتيكات اللي جواه لأنهم مش فاضين للشغلانة دي من أساسه، ومن هنا الفكرة جت.. المهندس مصطفى رأفت العزازي، هيعمل مزاد كمان اسبوع عشان يبيع كل التحف اللي في المحل.



لما أمجد خلص كلامه، بصت له أمنية وهي فرحانة..

-الله.. طب وانت وقعت على المزاد ده ازاي؟



-عيل من العيال اللي كانوا بيشتغلوا في المحل مع الحاج رأفت كان معانا في كلية تجارة وهو اللي قالي عليه، ما انت عارفه يااحمد.. الواد سعيد ابو نضارة، الواد مدهول الدفعة ده.

-ايوه ايوه افتكرته، ده كان مسخرة.. عمومًا فكك منه وخلينا في المزاد، احنا دلوقتي لما نروح هناك عاوزين حاجات أثرية، وخد بالك، 


كل ما الحاجة تبقى أقدم وليها قيمة، كل ما وجودها في محلنا هيكون مهم.

-ان شاء الله خير، وبعدين كده كده انت هتكون معانا، يعني كل حاجة هتبقى قصادك.



-اشطة اوي، توكلنا على الله.

-ربنا يوفقك ياحبيبي.

لما أمنية قالت كده لاحمد، بصلها وبص لأمجد..




-اسمها ربنا يوفقنا، المشروع ده حلمنا احنا التلاتة، هو اه انا مشارك بأكبر نسبة فيكوا، لكن ده مايمنعش ان انتوا.. او بالتحديد يعني أمجد، هيسد فرق النسبة بوقوفه في المكان باستمرار، على الأقل في أول كام شهر.

-ياسلام؟!.. واشمعنى انا يعني اللي اقف في المكان لوحدي؟!

لما أمجد قال كده، رد عليه أحمد بتلقائية..

-لأني ببساطة بعد افتتاح البازار، هتجوز..

برقتله أمنية اول ما قال كده..



-هتتجوز!



-ايوه.. هتجوزك انتي وهنروح نقضي شهر العسل في المكان اللي تختاريه... ماتستغربيش.. انا مع بداية المشروع ده ناوي افتح صفحة جديدة مع الدنيا كلها، والصفحة دي مش هينفع يتكتب بدايتها الا بوجودك وبوجود أمجد.. اقرب اتنين ليا في الدنيا بعد موت امي ومن بعدها ابويا.



أمنية كانت عينيها بتلمع من الفرحة، قامت من مكانها وفضلت تتنط لحد ما وقفت ورا الكرسي اللي احمد قاعد عليه وحضنته من ورا، بس على الناحية التانية، كان أمجد بيبص لهم ابتسامة بهتانة، صفرا، ومع ابتسامته جز على سنانه وقالهم..

-الف مبروك.. الف مبروك ياصاحبي.



(المكان: القاهرة - جوة محل بجاتو لتجارة الأقمشة في حي الغورية.

الزمان: نهار يوم ٨ رمضان سنة ١٩٧٣)




في اليوم ده كان قاعد الحاج صلاح جوة دكانته، وقبل أذان العصر بشوية، دخل عليه رأفت.. قام وقف ورحب بيه، وبعد السلامات قعد صلاح على كرسي ورا المكتب، ومن بعده قعد رأفت على كرسي من الكرسيين اللي قصاده..

-اهلًا وسهلًا يارأفت يااخويا، خطوة عزيزة، كان بودي والله اقولك تشرب ايه، بس زي ما انت عارف بقى، الدنيا صيام.

-يدوم العز ياحاج صلاح، ربنا يتقبل.



-منا ومنكم ياغالي.. اؤمرني.

-الأمر لله.. انا بس كنت جاي وقاصدك في خدمة.

-عنيا.



-الألف و٥٠٠ جنيه اللي خدتهم منك ماكفوش، فكنت بستسمحك يعني لو تشوفلي معاك ٥٠٠ كمان.. وماتقلقش، انا هكتبلك بيهم وصل أمانة.

-معلوم، وصل الأمانة ده شرط أساسي، بس المُشكل هنا في حاجة، انا ال ٥٠٠ جنيه دول مش معايا دلوقتي، ممكن تفوت عليا بعد بكرة في البيت بعد الفطار، هكون جهزتهملك.




-يافرج الله.. روح ياحاج، الله يغنيك كمان وكمان.. ربنا يوسع رزقك ياابو المعلوم كله.

-ويباركلك ياغالي ياابن الغالي... بس انا مش عاوزك تدعيلي بالغنى وانت صايم كده، انا عاوزك تدعيلي ان ربنا يروق بالي ويهدي سري انا والولية.




-يهدي سرك انت والحاجة؟!.. ليه ياحاج، في ايه؟!.. خير كفى الله الشر!

-مافيش ياسيدي، انت عارف ان احنا عندنا أزمة في مسئلة الخلفة ديهيا.

-مظبوط.



-بس المُشكل هنا بقى ان انا اللي فيا الأزمة، مش هي، بس انا تملي بقولها ان انا زي الفل وصاغ وسليم، اما الحقيقة، ف انا مش كده، انا اتجوزت عليها ومن وراها بدل الحرمة تلاتة، والتلاتة ماجيبتش منهم ضفر عيل.

-لا حول ولا قوة الا بالله.. طب وبعدين ياحاج؟!

-ولا قبلين، انا لما عرفت ان جانب الخلفة عندي مضروب، عدم اللامؤاخذة يعني، روحت لعطارين ودكاترة ياما، ماخلتش، بس كلهم قالوا لي نفس الكلام، انت مافيش منك رجا.



-طب وانت ليه ماقولتش للحاجة سونيا على اللي عندك؟

-عشان هتسيبني وتمشي لو عرفت يارأفت، اه.. ما هو الأصل غلاب، انت ناسي هي بنت مين واهلها أصلهم ايه؟



-لا اله الا الله... هو مش الموضوع ده اتردم عليه ياحاج واهلها من زمن الزمن وهم غيروا دينهم وبقوا عايشين معانا وزيهم زينا؟!

-برضك لأ، دول غدارين ومالهمش أمان، وبيني وبينك كده انا مش قادر اصدق انهم صافين من نواحينا الا لما أرضنا ترجع واشوف الفرحة في عينيهم... وحتى لو حصل، برضه مش هديهم الأمان.



-طب بقولك ايه ياحاج، ما طالما انت مش طايق اهلها بالشكل ده وشايف انها ممكن تكون غدارة زيهم، ما تطلقها.. طلقها واتجوز واحدة تانية، انت ألف مين تتمناك.



-وانا مابتمناش غيرها يارأفت.. بنت الأبالسة معششة جوة قلبي، لكن اهلها، لأ.. مابقبلهمش، حتى لو شوفتهم وهم قايمين قصادي من عالسجادة، ماصدقش انهم بقوا زينا.

-طب والعمل ياحاج؟!



-مش عارف.. انا بقالي فترة كده ملاحظ انها متغيرة معايا، ماعرفش هي زهقت مني ولا حد قالها حاجة من النسوان اللي كنت بتجوزهم... بجد مش عارف.

-طب ما تسألها.



-انت غشيم يارأفت، بقولك خايف يكون حد قالها حاجة، انما مش متأكد، يعني ممكن تكون ماتعرفش وقلبتها دي بسبب خنقتها من قعدة البيت، او ممكن تكون بسبب اني محرج عليها تروح لأهلها في حارة اليهود.. تقوم انت تيجي وتقولي اقولها عشان افضح نفسي!

-طيب.. انا عندي فكرة حلوة.

-قول ياابو الأفكار.

-انت تاخدها وتطلعوا تغيروا جو في أي حتة.

-طب والله فكرة.. اول ما ناخد أجازة العيد هعمل كده طوالي، تسلم أفكارك ياابن العزازي يامعلمة.



-الله يعز مقدارك ياعم صلاح، بس قولي بقى، اجيلك امتى بعد الفطار بالظبط؟!

-اااه.. تقصد بعد بكرة يعني؟.. هقولك، انت ماتجيش عالفطار، انت تيجي عالسحور، اصل انا احتمال اروح مشوار لجماعة حبايبي في الجيزة واجي في الوخري، فانت الأضمنلك يعني انك تيجيلي على وقت السحور كده، قبل الفجر بيجي ساعة ساعة ونص، واهو منها نتسحر سوا وانت تاخد فلوسك وتمضيلي الوصل، وبعد ما نخلص، نبقى ننزل نصلي الفجر حاضر.

-حاضر ياحاج.. اتفقنا.. سلامو عليكوا.

-وعليكم السلام ياغالي.




(المكان: القاهرة - بازار العزازي بحي القلعة.

الزمان: نهار ٢٧ نوفمبر سنة ٢٠٠٥)



في نُص المزاد، ووقت ما كانوا الناس اللي بيشتروا قاعدين، كانوا قاعدين وسطهم التلاتة، أمجد واحمد وأمنية، والحقيقة ان التلاتة كانوا اشتروا شوية انتيكات وكانوا ناوين يمشوا، لكنهم قعدوا وركزوا لما اللي واقف قصادهم طلع شنطة متغلفة بكيس شفاف، كانت نفس الشنطة اللي طلعها رأفت ليلة موته من تحت المخزن.. الغلاف بتاع الشنطة كان مكتوب عليه بالبنط العريض نفس الكلام، تلك الشنطة هي من مقتنيات الملك فؤاد.. وبعد خروج الشنطة، ابتدا المزاد عليها بخمس تلاف جنيه... لكن من وسط اللي قاعدين، ظهر شاب وبدأ يزود في السعر..

-انا بقول ٥٥٠٠ جنيه.




-الاستاذ بيقول ٥٥٠٠.. ها.. مين يزود.

احمد اتعصب لما سمع السعر ده وحس ان حد هياخد منه الشنطة اللي خطفت عينه اول ما شافها، ولانها دخلت دماغه ولانه شخص عِندي، قام وقف وقال للراجل اللي بيدير المزاد..

-انا هزود.. ١٠ تلاف.




بصوا كل اللي قاعدين لاحمد، بما فيهم أمجد وأمنية، اما الشاب اللي زود ٥٠٠ جنيه، فبصته لاحمد كانت مختلفة، بص له بتحدي، وقبل ما اللي بيدير المزاد يتكلم، الشاب قام وقف وقال بعلو صوته..

-١١ الف جنيه.



-١١ الف جنيه عند الاستاذ.. ها مين يزود.

احمد وقتها اتعصب اكتر وبص للشاب وابتسم..

-١٥ ألف..

-١٥ الف جنيه.. مين يزود.




وقتها الشاب سكت وخد بعضه وقام مشي، وبمجرد ما مشي كل اللي قاعدين سكتوا، وفي النهاية، مزاد الشنطة رسي على احمد.. احمد اللي خدها هي وبقية الانتيكات بعد ما دفع فلوسهم عن طريق شيكات مستحقة الدفع، وراح هو وأمنية وأمجد للمحل اللي خدوه في منطقة قريبة من الاهرامات عشان يفتحوه بازار... وبعد ما ساق احمد، وكانوا الاتنين اللي معاه ساكتين طول الطريق، وصلوا للمحل... وبمجرد ما وصلوا ودخلوا الحاجة، أنفجر أمجد فيه..




-جرى ايه ياعم.. انت اي حاجة تدفع فيها ألوفات.. ما جايز تكون مش أصلية، انت مش شايف شكلها عامل ازاي؟!

بص له احمد وضحك بخباثة..

-انا عارف انها ممكن تكون مش أصلية، بس انا مابحبش حد يعاندني، أمجد.. انا اللي ياخد مني حاجة انا عايزها، اشتريه هو واللي جابوه، ولو ماعرفتش، امحيه من على وش الأرض.. يوووه.. نستني ياعم اللي كنت ناوي اعمله لما اجي، الحمد لله اني افتكرت.. يلا.. هات شاكوش من جوة.

-شاكوش!.. شاكوش لأيه؟!




-هنكسر القفل اللي عالشنطة.

-لا ياراجل.. وانت متوقع انك تلاقي فيها حاجة من أصله!

-اهو.. هنشوف، اصل تقلها ده مش طبيعي، انا عارف ان الشنط القديمة دي بتبقى تقيلة، لكن الشنطة دي بالذات انا حاسس ان جواها حاجة.. ياعم انت هتبرقلي، يلا انجز، روح هات الشاكوش.



مشي أمجد ودخل جاب شاكوش من عدة العمال اللي كانوا شغالين في توضيب المكان قبل افتتاحه، وعقبال ما رجع بالشاكوش، كان احمد هو وامنية طلعوا الشنطة من الكيس الشفاف، وبمجرد ما ما احمد مسك الشاكوش من أمجد، خبط عالقفل كذا خبطة عشان يتكسر، لكن.. لكن اول ما القفل اتكسر وفتح احمد الشنطة، التلاتة برقوا للحظات، اتصدموا، اللي جوة الشنطة كانت كارثة..

-يانهار اسود ومنيل يااحمد.. دددد... ددده عضم بني أدم!



بعد ما أمنية قالت كده بص لها احمد وهو لسه مذهول، اما أمجد، فبص للعضم المتكسر والرُفات اللي جنبه في الشنطة، وبعد كده بص لاحمد..

-مش قولتلك.. انا قلبي ماكنش مرتاح من الأول... ادينا لبسنا مصيبة.

في اللحظة دي ومن غير ولا كلمة، طلع احمد موبايله واتصل بالبوليس..



-الو.. ايو يافندم.. انا عايز ابلغ عن مصيبة كبيرة وقعت تحت إيدي بالصدفة.. حاضر.. هملي لحضرتك العنوان.



الجزء التاني 






-يانهار اسود ومنيل يااحمد.. دددد... ددده عضم بني أدم!
بعد ما أمنية قالت كده  بص لها احمد وهو لسه مذهول، اما أمجد، فبص للعضم المتكسر والرُفات اللي جنبه في الشنطة، وبعد كده بص لاحمد..
-مش قولتلك.. انا قلبي ماكنش مرتاح من الأول... ادينا لبسنا مصيبة.
في اللحظة دي ومن غير ولا كلمة، طلع احمد موبايله واتصل بالبوليس..
-الو.. ايو يافندم.. انا عايز ابلغ عن مصيبة كبيرة وقعت تحت إيدي بالصدفة.. حاضر.. هملي لحضرتك العنوان.


(المكان- القاهرة - بيت الحاج صلاح بجاتو بالدرب الاحمر.
الزمان: يوم ١٠ رمضان ١٩٧٣.. بالتحديد الساعة ١١ ونص بالليل) 
في الوقت ده كل شوارع مصر كانت مليانة، الناس كانوا فرحانين ومشغلين اغاني وطنية وبيغنوا للسادات، اه.. ما هو عمل اللي المصريين بقالهم سنين بيحلموا بيه، خد القرار المُناسب في الوقت المُناسب وعبر القناة، لكن وسط دوشة الشوارع والمارشات العسكرية والاغاني الوطنية اللي خارجة من الراديوهات، ظهر الحاج صلاح بجاتو وطلع بيته وهو متعصب، اصل المشوار اللي كان رايحه ماكملش بسبب ان الاوتومبيل اللي كان رايح بيه اتعطل، بس بمجرد ما طلع وفتح باب الشقة بالمفتاح، جسمه قشعر.. صلاح سمع من جوة أوضة نومه صوت ضحك مراته، ومع صوتها، سمع صوت راجل غريب!



الدم ضرب في عروقه وبسرعة رهيبة جري ناحية باب أوضة النوم وفتحه..
-اه يازبالة ياولاد كوم الزبالة.. بقى انا تخونيني ياحفيدة شمعون!.. وامتى؟!.. في رمضان!، وفين؟!.. على سريري!
دارت سونيا جسمها بملاية السرير، اما اللي جنبها، فاتنفض من مكانه وجري ناحية صلاح، كان عايز يزقه ويجري بس ماعرفش، صلاح مسك فيه، ولأنه كان جتة وصلاح بالنسبة له جسمه اقل منه، ماجريش، ده وقف ومسكه من رقبته، ضربه بكل قوة باللكمات في وشه، ضربة، في التانية، في التالتة، لحد ما صلاح وقع على الأرض.. ومع وقعته، جري الشخص ده وجاب حصان حديد من الاحصنة اللي كان صلاح جايبها من بيت ابوه قبل ما يموت، كأنتيكة يعني، وبعزم ما فيه نزل على راسه، كسرها، جسمه كان فاير وماحسش انه بقى أهدى إلا لما صلاح قطع النفس خالص!



-ياليلة مش فايتة.. الراجل مات ياخالد.
رد عليها خالد كرامات الجزار اللي كانت بتخون جوزها معاه..
-ما في داهية.. انتي مش كنتي عاوزة تخلصي منه؟
-ايوه يااخويا كنت عاوزة اخلص منه، بس في نفس الوقت برضه ماكنتش عايزة اتعدم، احنا كده هنروح في داهية.
-ولا داهية ولا حاجة، اجري اقفلي الباب وخلينا نقعد نفكرله في تصريفة، احنا دلوقتي لازم نخلص من الجتة دي من غير ما حد يشوف ولا يسمع اي حاجة.



قفلت سونيا الباب وراحت قعدت جنب خالد، هم الاتنين فضلوا يحرقوا في سجاير وهم باصين للجثة، كانوا زي الشياطين اللي بيفكروا ازاي هيخلصوا من جثة الحاج صلاح، لكن وقت تفكيرهم وسرحانهم، فجأة باب البيت خبط!
بص لها خالد باستغراب وسألها بصوت واطي..




-مين اللي بيخبط دلوقتي، دي الساعة عدت نُص الليل!
-مش عارفة يااخويا، داهية لا يكون حد سامع حاجة!
-حد مين وهيسمع ايه، الناس برة في ملكوت تاني، جمدي قلبك كده وقومي شوفي مين، ومابقولش تفتحي، انتي اسألي من عالباب مين اللي برة... وايًا يكن هو مين، خليه يغور.
هزت راسها وقامت ناحية الباب، حطت راسها عليه وسألت بصوت عالي..
-مين؟!
رد اللي واقف الناحية التانية..
-انا ياحاجة سونيا.. انا رأفت العزازي.
-عايز ايه يارأفت؟!



-انا الحاج كان قايلي اعدي عليه عشان موضوع كده، وبصراحة انا المفروض كنت هجيله عالسحور، بس انا قولت اشوفه لو جه ولا لأ عشان كنت عاوز انام بدري وانزل للعمال الصبح.. اصلهم فاتوا عليا وقالوا لي انهم جاين المحل بكرة عشان يكملوا توضيبات، فبستسمحك يعني لو الحاج موجود ونايم، صحيه، انا هاخد مصلحتي وهمشي على طول، ولو لسه ماجاش، فانا ممكن افوت عليه بعد شوية.
بعد ما رأفت خلص كلامه، راحت سونيا ناحية خالد وقالتله بصوت واطي..
-البغل ده هو اللي هحلها ويساعدنا.
برق لها خالد وقام وقف ورد عليها بصوت واطي..
-هيساعدنا ازاي وفي ايه؟!
-هقولك.. انا هفتحله وهدخله، بس أول ما يدخل انت تخبطه على نفوخه وتكتفه، وعقبال ما يفوق، هتنزل انت تشتري حاجات عشان نكمل بقية خطتنا.



-خطة ايه ياولية يامهبوشة؟!
-هقولك.. انت هتروح لعم حَكم اللي بيرش البيوت بالجير، ولما تروحله، هتشتري منه كمية جير حلوة وتقوله انك عايزها عشان هترش اي حاجة من اللي عندكوا، وجهة الدكان، طرابزين بيتكوا، اي حاجة، المهم انك تاخد منه كمية وتجيبها على هنا، بس تجيبها مجمدة، حجارة يعني، ولما تيجي بيها هنحطها في الفنطاس الازرق الكبير اللي في الحمام، ما هو الفنطاس ده المرحوم كان جايبه عشان نملاه لو المايه اتقطعت.
-وبعدين؟!
-وبعدين هتقطعه وهتحطه في الجير.
-طب والبغل اللي برة ده، هيساعدني ازاي؟!
-هيخلص من البواقي معاك، وغير كده كمان احنا ماسكينه من ايده اللي بتوجعه.. و..
-ياحاجة.. الحاج موجود ولا امشي؟!
-موجود يااخويا.. موجود.. انا بس بصحيهولك..




بعد ما ردت سونيا على رأفت، كملت كلامها مع خالد بصوت أوطى..
-افهم.. هو كده كده هيرجع تاني، ده مش هيهمد، اصله كان عايز من الزفت ٥٠٠ جنيه، ده غير انه كان مستلف منه قدهم تلات مرات وكاتب على نفسه وصولات أمانة، وعشان نشتري سكاته ونخليه يساعدنا كمان، هندخله وهتعمل زي ما قولتلك، ولما يفوق هنساومه، يانقطع الوصولات القديمة ونديله قد تمنهم وزيادة، وقصاد كده يسكت ويساعدنا، يايحصل المرحوم، وبدل ما الفنطاس يبوش جواه واحد، يبقوا اتنين.
بص لها خالد وابتسم..
-يابنت القردة، ده انتي مافيش منك.



-لم لسانك ياخالد ويلا.. هات حبل الغسيل اللي جوة جنب الشباك واجهز عشان تخبطه على دماغه وتكتفه، وبقولك ايه، ماتتغاشمش، مش عاوزينه يموت، وفي نفس الوقت عاوزين نخلص القصة دي قبل ما النهار يشقشق.
وفعلًا، نفذ خالد كلام سونيا بعد ما فتحت الباب، لكن الضربة اللي اتضربها رأفت على راسه ماخلتوش يفقد الوعي، ده فضل فايق بس مش مجمع، كان مش قادر يتكلم ولا ينطق بسبب الدم اللي نازل من دماغه، وكمان بسبب شدة الضربة اللي خدها، ولأنه ماكنش قادر يقاوم، فخالد استغل ضعفه وكتفه وبعد كده حط على بوقه حتة قماش عشان مياطلعلوش صوت، وبعد ما عمل كده، دخلت سونيا وجابت شفشق ماية من المطبخ ودلقته على دماغ رأفت.. رأفت اللي بمجرد ما الدم انزاح من على عينيه وهو واقع على الأرض، شاف قصاده جثة صلاح، برق.. حاول يفك نفسه، لكن وقتها سونيا وقفت قصاده وزقته، سندت ضهره على كنبة اسطنبولي موجودة في الصالة، وبكل جبروت وشر رفعت حاجبها وهي واقفة ووراها خالد، ومع وقفتها، بكل بجاحة، وجهت كلامها رأفت..





-ايوه كنت بخونه مع خالد وقفشنا، ولما عمل فيها سبع البرمبة خالد جاب أجله، ولأننا عارفين انك زنان وابن زنانة، فاحنا كنا متأكدين ان كلها شوية وهتنط لنا تاني، وعشان نخلص من زنك، قررت انا.. انك تدخل وتعرف، لا وكمان تساعدنا في اننا نخلص من جتته، بس ماتخافش، مش هتعمل كده من غير مُقابل، انت لما تساعد خالد انا هكبسلك راسك ببن وهقطع الوصولات اللي كان صلاح ماسكها عليك، وفي نفس الوقت هديك فوقهم وهم متقطعين الفين جنيه.. أظن كده هبقى كارماك اخر كرم، لكن كرمي ده مش هيطولك لو ماوافقتش، انت لو رفضت او حاولت بس تعمل اي حاجة كده ولا كده، هخلي الجتة جتتين، ويلا بقى، عليا وعاللي يعاديني.. ها.. موافق ونشوف اللي ورانا عشان نخلص من الداهية دي قبل طلعة النهار، ولا اسيبك تشلب دم لحد ما تتصفى؟!
بعد سكوت دام لفترة من رأفت، ومعاه نزلت دموع عينيه، قرب منه خالد وزقه برجله..




-هااا.. انطق، انت هتعملي فيها بتفكر، انت خلاص، ياتموت دلوقتي حالًا، ياتعيش الباقي من عمرك متهني.
في اللحظة دي انهار رأفت وهز دماغه بالموافقة، ومع موافقته فكه خالد وكبسله راسه بن وربطهاله كمان، وبعد ما قعد عالكنبة شرحتله سونيا الخطة اللي ابتدا خالد في تنفيذها، ووقت ما كان خالد بيجيب الجير، ربط رأفت لحد ما رجع، وبعد رجوعه، فكه وخلاه يساعده في اللي بيعمله.. هم الاتنين حطوا الجير في الجردل الازرق الكبير، وبعد ما خلوه سايل، قطعوا جثة صلاح وابتدوا يدوبوها حتة حتة جواه، وبعد ما الجلد واللحم اتاكل من الجير، والجير نفسه اترمى في الصرف الصحي، اتبقى العضم، وهنا جه السؤال من رأفت..
-طب.. طب العضم ده، هننزله من هنا ازاي؟!



جريت سونيا على أوضة النوم وجابت شنطة مربعة كبيرة، فتحتها وحطتها قصاد رأفت وقالتله بكل جبروت..
-انت هتحط العضم ده بإيدك هنا وهتنزل تتاويه في أي مكان، ومش عايزة اعرف هتوديه فين، المهم انك تخلص منه وخلاص.
وبعد ما رمتله الشنطة، جابت له وصولات الأمانة وقطعتها ورمتله جنبها ألفين جنيه، أول ما رأفت شاف منظر الفلوس، لَم العضم وحطه في الشنطة وخد بقايا الوصولات والفلوس وحطهم في جيبه، بس بعد ما قفل الشنطة، بص لسونيا وخالد وسألهم..
-ما كده الشنطة دي ممكن تتفتح!




وقتها دخلت سونيا أوضة النوم وجابت قفل كبير من جوة، وعن طريق القفل، قفلت الشنطة واديتله المفتاح بتاعها..
-ده كان قفل قديم بيقفل بيه المنيل دكانته، جابه هنا بعد ما غيره بواحد جديد.. يلا، انزل وشوف حالك، كده خلاص، كل حاجة خلصت، فلوسك ووصولاتك معاه، والشنطة دي لو فكرت بس تفتح بوقك عنها، هتوديك انت نفسك في ستين داهية قبل ما اسمنا بس يتجاب.. يلا يااخويا ماتبرقليش، اجري شوف حالك، وياريت مانشوفش خلقتك هنا تاني.


حط رأفت راسه في الأرض وخد الشنطة ونزل، وفي نفس الوقت كانت سونيا ومعاها خالد بينضفوا البيت كويس من أثار الجريمة، وبعد ما خالد خلص، رجع بيته وقال لاهله انه كان سهران مع جماعة اصحابه، اما رأفت، فبعد ما لف بالشنطة وماعرفش يوديها فين لانه خاف لا حد يشوفه بيها، خدها وراح بيها على دكانة ابوه اللي في القلعة.. وبعد ما دخل الدكانة قعد على المكتب وكتب ورقة، وبعد ما كتبها حطها جوة كيس وحط الكيس في جيب سحري جوة الشنطة، وبعد ما عمل كده، قفل الشنطة بالقفل من تاني ودفنها تحت أرض المخزن.. حفر لعمق كبير ودفن الشنطة عشان تتنسي خالص، واول ما اتأكد ان مش هيبان لها أي أثر، ردم الحفرة كويس اوي ورجع البيت، ومع نهار تاني يوم، راح الدكانة والعمال حطوا بلاط في المخزن عشان تدفن الشنطة ويندفن معاها السر.. سر التلاتة اللي فضل مستخبي لسنين.. وبالنسبة لرأفت، فهو طول السنين دي ماشافش سونيا ولا خالد ولا حتى حاول يعرف عنهم أي حاجة، ده ساب الدرب الاحمر خالص وسكن في القلعة، جنب البازار بتاعه اللي فتحه وشغله، وفي الأخر.. الحياة استمرت والموضوع اندفن وأصبح رُفات.



(المكان: مكتب وكيل النيابة..
الزمان: يوم ٢٥ نوفمبر ٢٠٠٥)
في مقر النيابة كان قاعد وكيل النيابة على مكتبه وقصاده المهندس مصطفى ابن رأفت العزازي.. بص وكيل النيابة لمصطفى واداله ورقة قديمة طلعها من جوة كيس..




-ايوه.. والدك قاتل، ولو عالأقل ماشاركش في القتل، فهو شارك في اخفاء الأدلة وخلى موضوع اختفاء صلاح من اكتر من تلاتين سنة، يتقفل من غير أي مبررات، وبسبب كده الجهات المختصة اعتبرته ميت.
مسك مصطفى الورقة وابتدا يقرا بصوت عالي..
-صديقي الغالي، الحاج صلاح بجاتو.. سامحني، انا كنت هموت لو ماكنتش سمعت كلام سونيا وخالد وساعدت في تدويب لحمك جوة الجير.. لا، لا.. انا مش بس خوفت من الموت، انا كمان طمعت والفلوس وتقطيع وصولات الأمانة خلوني اسمع كلامهم، ودلوقتي، انا هحتفظ بعضمك هنا، جنبي، تحت مخزن دكانتي، اتمنى تكون روحك مرتاحة.. اخيك الأصغر.. رأفت العزازي... يانهار اسود ومنيل.. يعني انا ابويا عمل كل كده؟!



-ايوه للأسف، ولولا الورقة دي ماكناش هنعرف أي حاجة، لا كنا هنعرف العضم اللي بلغ عنه اللي اشترى الشنطة من المزاد ده بتاع مين، ولا كنا هنعرف ان سونيا وجوزها خالد قتلوا صلاح ودوبوه جوة الجير الحي.
-طب وانتوا دلوقتي قبضتوا عليهم يافندم؟!
-قصدك عليها، ما هو خالد مات من حوالي ١٥ سنة في حادثة سير، كان بيعدي الطريق وعربية داسته ومات، اما ابوك، فمات من فترة زي ما انت عارف، وبالنسبة لسونيا بقى فهي دي اللي لسه عايشة، هي اه بالتأكيد كبرت في السن، بس انا طلبت القبض عليها عشان لازم..




قطع كلام وكيل النيابة صوت رنة تليفون مكتبه، ومع رنة التليفون، رفع السماعة ورد..
-ايوه.. ايه؟!.. ازاي ده؟!.. لا حول ولا قوة الا بالله.. طيب طيب، سلام.
قفل وكيل النيابة وبص لمصطفى وهو بيبتسم بسخرية..
-شوف القدر يااخي، بعد ما رجالة البوليس طلعوا لها البيت عشان يقبضوا عليها، لقوا عيالها هي وخالد بيصوتوا عشان ماتت.. يلا.. اهي راحت، بس لو فلتت من حساب الدنيا، فهي راحت لحساب الأخرة، وهناك بقى لا في هروب ولا مماطلة، هناك الحساب بميزان العدل.
-ونعم بالله يافندم.. ربنا يرحمك ياوالدي ويسامحك.



 
(المكان: القاهرة- شارع من شوارع حي زهراء المعادي
الزمان: الساعة ١٢ بالليل يوم ٢٠ ديسمبر سنة ٢٠٠٥) 
وقف احمد بعربيته قصاد عمارة من عمارات منطقة حدايق المعادي، كانت أمنية راكبة جنبه ومركزة في تليفونها، وبعد ما وقف، بص لها احمد وفوقها من سرحانها مع الموبايل..
-اييه.. وصلنا.. مش هتطلعي؟!
-اه ياحبيبي.. هطلع، معلش، كنت ببعت رسالة لواحدة صاحبتي عشان فستان الفرح وكده.
-واحدة صاحبتك!.. تمام.. بس هو انا ممكن اعرف اسم صاحبتك دي؟!
-جرى ايه يااحمد.. انت بتشك فيا ولا ايه؟!.. لااا.. دي مابقتش عيشة، انا نازلة.




-استني ياأمنية، انا آسف، اعذريني، انا بس متوتر شوية بسبب ان فرحنا قرب.. وبعدين بقولك ايه، انا مخنوق اوي، ما تيجي نعدي على امجد في البازار، زمانه بيقفل وهنقعد سوا قعدة رايقة من قعدات زمان.
-ماشي.. يلا بينا.
ابتسم احمد وطلع بالعربية على البازار، وبعد ما وصلوا وركن، دخل احمد ومعاه أمنية، سلموا الاتنين على امجد اللي كان بيقفل المكان، لكن وقتها وبحركة سريعة، راح احمد ناحية الباب البازار ونزله، وبعد ما نزل الباب بص لأمنية وأمجد اللي كانوا بيبصوا له وهم مستغربين.



-ايه يااحمد.. في ايه؟!.. قفلت الباب ليه؟!.. انا لسه ماخلصتش تقفيل الحساب.
-لا تقفيل حساب ايه بقى، سيبلي انا الحسابات وتقفيلها.. قولي ياأمجد، انت وهي متصاحبين من امتى، وياترى الخط التاني اللي بتكلمها وبتبعتلها رسايل من عليه، جايبة بفلوسك، ولا سارق فلوسه من إيراد المحل؟!
-جرى ايه يااحمد.. انت ازاي تتهمني انا وأمجد أننا..
-اتهمكوا ايه.. انا مش بتهمكوا، هو اه انا كنت شاكك ان في بينكوا حاجة، بس كنت بكدب نفسي، كنت بقول لأ، دول اصحاب عمري، اهلي اللي ربنا رزقني بيهم بعد موت امي وابويا، عزوتي اللي هيحافظوا على راس مالي وعيالي، لكن وانتي راكبة جنبي ووقت ما كنتي مركزة في التليفون، شوفت في ازاز العربية الرسايل اللي فتحتيها وقريت انك بتقوليله ياحبيبي، وياعمري، لا ومسجلة رقمه بأسم أمجد ٢ وجنبه قلب.. ياننوس عين ماما.. حاطة جنب أسمك قلب!
-احمد انا...



-استني ياأمنية.. اه يااحمد، انا وهي، كنا بنخونك، ولو عاوز تعرف الأسباب، هقولهالك، هي كانت بتحبني، بس كانت هتتجوزك عشان فلوسك، وبعد ما كنتوا تتجوزوا كانت ناوية تسمك عشان تورثك وبعدها تتجوزني، اما انا، فخونتك لاني بحبها، وكمان عشان اخد منك حاجة.. اي حاجة.. اخد منك حاجة ولو لمرة واحدة في حياتي، ما هي اللعبة ماينفعش تمشي كده، ماينفعش ان بعد موت امك وسرمحتك هنا وهناك، وغضب ابوك عليك، ماينفعش انك تقتله وتشغل عليه الغاز وهو نايم والموضوع يبان قضاء وقدر وتورثه وتعدي عادي كده.. صدقني ماينفعش.. ماينفعش الحدوتة تقفل كده، ده حتى يبقى عيب وظلم ياأخي.
برق احمد وبص لأمنية..



-انتي قولتيله؟!
-اه قالتلي في يومها، قالتلي يوم ما حطيتله المنوم وشغلت عليه الغاز ونزلت وفضلت تلف بالعربية لحد ما كلمتها وخليتها تقابلك عشان تعيط في حضنها وتعترفلها انك قتلت ابوك.. احمد.. الكلام خلص ياصاحبي، والحساب، تقفيله عندي انا.
مسك أمجد حتة حديدة كانت جنبه وجري بيها ناحية احمد، حاول احمد يقاومه، لكن لأن جسمه رفيع بسبب المخدرات اللي بيشربها، ماقدرش.. ماقدرش يقاوم ووقع على الأرض، ومع وقوعه خبطه أمجد اكتر من خبطة على دماغه لحد ما حرفيًا دماغه اتكسرت.. وبعد ما احمد قطع النفس، بص أمجد لأمنية وهو بيعيط ووشه وهدومه مليانين دم.. ومع نظراته ليها قالها بصوت مبحوح..
-اخيرًا خلصت منه ومن قرفه.. بس خلاص، كده خلاص، انا روحت في داهية.
قربت منه أمنية وحطت ايدها على خده وهمست في ودنه زي إبليس، او بمعنى أوضح، زي سونيا ما همست في ودن خالد زمان..



-ولا داهية ولا حاجة، لا مين شاف ولا مين دري.. هي مش الشنطة اللي دفع فيها كتير عشان يرجعها تاني من النيابة، لسه جوة!.. سهلة، احنا هنعمل زي ما حصل لصاحب الرُفات اللي كان في الشنطة.. فاكر الحكاية ياأمجد.. تقطيع، جير، تنضيف كويس للمكان، وعضم يتحط جوة الشنطة وتتقفل بقفل، بس المرة دي مش هندفنها، احنا هنرميها في النيل، وماتقلقش، البيه من حظه الاسود انه مالوش حد يسأل عليه وكمان كتب كتابه عليا، يعني بعد فترة من اختفاءه هبقى حرة وهتجوزك رسمي، لا وايه، هيبقى معانا كل فلوسه اللي قتل ابوه عشانها.



ابتسم أمجد ورمى الحديدة ومسك تليفونه واتصل بحد..
-الو.. ايوه ياعم طارق، انت في محل البويات بتاعك؟!.. طب تمام، انا بس ليا واحد صاحبي عايز شوية جير عشان هيعمل بيهم مرمة كده، اه ماتقفلش، استناني، انل هاجي اخدهم منك على طول، سلام.
وبعد ما قفل بص لأمنية وهو لسه مبتسم..
-انا عندي طقم جوة، هخش اجيبه واجيب الشنطة وهغير وهخرج من الباب الوراني، ولما ارجع هنكمل.. واوعدك، سرنا هيترمي في النيل زي ما هنرمي عضمه بعد ما ندوبه في الحمام اللي جوة المخزن.. واوعدك كمان ان سيرة احمد واسمه هيتحولوا لرُفات.. مُجرد رُفات.


على قهوة من قهاوي منطقة الدرب الاحمر، وفي شهر ديسمبر سنة ٢٠١١.. كان قاعد صلاح ابن خالد وسونيا وماسك في ايده الجورنال وبيقرا صفحة الحوادث، وبالصدفة، كان مكتوب خبر بالبنط العريض.. القبض على قتلة رجل الأعمال أمجد الدكروري وزوجته أمنية ابو النجا.. وقد اعترفا المتهمين بقتلهم لأمجد وزوجته، والقتل تم أثناء مقاومتهم وقت سرقة سيارتهم بالأكراه في شهر فبراير الماضي على الطريق الدائري.

تعليقات