📁 آخر الأخبار

قصة دم القمر للكاتب محمد شعبان العارف

قصة دم القمر للكاتب محمد شعبان العارف


في اليوم ده كنت داخلة انا وجوزي الصيدلية عشان نشتري اي حاجة للصداع، بس وقتها واول ما دخلنا، شوفتها.. الست غزل، كانت البنت اللي بتشتغل في الصيدلية، بتغيرلها عالجرح اللي في رجلها.. بس وقت ما كان ده بيحصل، صوت صرخاتها كان جايب للشارع حرفيًا، كانت بتصرخ وبتتألم بشكل مرعب ومؤلم، لكن بعد ما البنت خلصت، خرجت الست غزل وهي بتتسند على بنتها، شكلها كان يصعب عاللي ماعندوش قلب.. وقتها بصت لي انا وجوزي، وبعد كده بصت في الأرض وخرجت وهي بتتألم.. ومن بعد خروجها، بصت لنا البنت الصيدلانية ووشها عليه تعبيرات غريبة، اقدر اقول انها تعبيرات قرف، على شفقة، على ضيق.. وقبل ما البنت تسألنا عن طلباتنا، قربت منها وسألتها..


قصة دم القمر للكاتب محمد شعبان العارف




-هي غزل لسه بتغير على الجرح اللي في رجلها من ساعة الوقعة؟!


بصت البنت في الأرض وبعد كده بصت لي من تاني..


-ايوه.. وياريتها بتتحسن، دي بقالها ست شهور على ده الحال، كل ما الجرح يبدأ يستقر ونقول انه خلاص هيلم، يرجع ويسوء تاني اكتر من الأول.


في الوقت ده اتدخل جوزي وقطع كلامي مع البنت..


-ما خلاص بقى، الواحد فيه اللي مكفيه ومش ناقص تلبيش جتة.. خلينا في حالنا، وبعد أذنك ياأنسة، ناولينا برشامتين للصداع خلينا نمشي.


اتحرجت البنت وناولتنا برشامتين الصداع وطلعنا البيت، لكن بعد طلوعنا، وبعد ما الموقف ده عدى وانا وجوزي ماتكلمناش فيه، قعدت مع نفسي وسرحت، ومع سرحاني، افتكرت حكاية غزل من البداية، او بالتحديد، من أول ما رجلي خطت المنطقة دي وشوفتها فيها.. طب انا مين؟!.. مش مهم، مش مهم اسمي ولا سني ولا أي معلومات مهمة عني، يكفي بس اقولكوا اني حاليًا ست متجوزة وأم لبنتين.. لكن الحكاية مابتبدأش من عندي؛ الحكاية بتبتدي من أول ما اتجوزت وجيت سكنت هنا، في المنطقة الشعبية دي، او عشان اكون دقيقة يعني، من أول ما سكنت انا وجوزي في الحارة دي... وقتها كنت في حالي، ماليش علاقات قوية بالجيران اللي كانوا متداخلين في بيوت بعض بشكل مش طبيعي، او انا كنت شايفاه مش طبيعي لحد ما عرفت ان ده العادي في الحارة هنا وفي معظم الحارات الشعبية، لكن ولإن ده العادي، فانا مع الوقت ومع خروج جوزي لشغله، ابتديت اتعرف على كام جارة من سكان الحارة، كانوا ستات طيبين وفي حالهم، لكن هي، لا، ماكانتش زيهم ولا شبههم ولا حتى شبهي، دي كانت ست شلق، لسانها متبري منها، كل يوم والتاني تتخانق مع دي، ترمي بلاها على ده، وحرفيًا ماكنش بيفوت اسبوع الا وهي عاملة مشكلة وواقفة تردح في وسط الحارة، ومن هنا ابتديت اخد بالي منها واسأل الجيران اللي عرفتهم عليها، ومن ضمن الجيران اللي عرفتهم كانت ست طيبة اوي، الست دي لما سألتها عليها، حكت لي حكايتها، الحكاية اللي هنقلها زي ما الست قالتهالي بالظبط، يعني من الاخر كده هنقلها على لسانها..



-غزل!.. بتسألي عن غزل!.. طب دي اقولك عليها ايه ولا ايه، دي عاملة زي الشياطين، بيجي أذاهم عالسيرة، بس لأنك حبيبتي وطيبة ومالكيش في نقل الكلام، فانا هحكيلك حكايتها.. غزل يابنتي كانت وحيدة ابوها وامها، اتجوزت وهي صغيرة اوي، وبعد جوازها من واحد من برة المنطقة، امها ماتت، واللي اتبقى في البيت هو ابوها، كان راجل طيب وفي حاله، فضل عايش وكافي غيره شره لحد ما مات، بس من بعد موته ومن بعد ما بيته اتقفل لمدة خمس سنين، فجأة كده وبين يوم وليلة، جت غزل وقعدت في البيت، بس الغريب هنا انها ماجتش مع جوزها زي ما كنا فاكرين، دي جت مع ولادها التلاتة، البنت الكبيرة، واللي كان عندها ١٠ سنين، والولدين الصغيرين، ودول التؤام، كان عندهم وقتها ٥ سنين.. ولما جت هي وهم واهل الحارة ابتدوا يسألوا عن جوزها، غزل قالت انها اتطلقت منه لانه راجل عينيه زايغة، بعد عِشرة سنين، سابها واتجوز بت حلوة وصغيرة، بس تعرفي.. غزل لما رجعت للحارة من تاني وهي متطلقة ومعاها تلات عيال، ماكانتش هي غزل اللي اهل الحارة يعرفوها، دي بقت واحدة تانية، واحدة لسانها متبري منها، صوتها عالي، بتجر في شكل الصغير قبل الكبير، ده غير انها كانت بتخرج بالساعات هي وبنتها الكبيرة وتسيب، ولادها الصغيرين لوحدهم لحد ما ترجع، ولما الناس ابتدت تسأل هي بتروح فين، كانت بتقولهم انها بتخرج تلقط رزقها هي وبنتها، وماكتفتش بكده.. دي وقفت في نص الحارة وقالت للي رايح واللي جاي انها حرة، تخرج وقت ما هي عايزة وترجع وقت ما مزاجها يجيبها.. وبس، من هنا ابتدت غزل تفرد جناحتها وابتدوا أهل الحارة يخافوا منها.. وعليها، من وقتها ولحد النهاردة، يعني بقالها اربع سنين اهي.. كل ما حد بس يبصلها، تبرقله وتشتمته، واللي يبصلها بعين، تخزقله الاتنين، وبقت زي ما انتي شايفة كده، الست غزل اللي طوب الأرض بيتحاشى انه يحك في جزمتها.



ومن بعد كلام الست جارتي عن غزل، ابتديت اخاف منها، او بمعنى اصح يعني، انا ماكنتش بخاف، انا كعادتي محترمة وفي حالي، وعشان كده خدت جنب من ناحية غزل وقررت اني لا أسال عنها تاني، ولا حتى اهتم بأي حاجة تخصها، وفضلت على الوضع ده لسنين، سنين وانا سيرة غزل دي لو اتفتحت قدامي بالخير او بالشر، كنت بقفلها من قبل حتى ما تكمل.. ولو في يوم عديت من الحارة ومريت بس من جنبها، كنت بحط وشي في الأرض واعمل اني ماشوفتهاش، والحقيقة ان انا كنت هفضل كده لحد ما حصل اللي خلاني ارجع واهتم بسيرتها من تاني.



غزل فجأة اختفت هي وولادها؛ لا بقى يطلعلها حس ولا بقت تظهر في بيتها ولا حتى في الحارة، فص ملح وداب، ومع الأيام، استمر غيابها لمدة شهر، لكن الشهر جر وراه شهر لحد ما فاتت سنة وبعدها كام شهر، يعني ممكن اقول انها سنة ونص كده، ومن بعد السنة ونص دول، رجعت غزل تاني للحارة، بس المرة دي، غزل مارجعتش هي وبنتها الكبيرة والولدين التؤام، دي رجعت هي وهم ومعاها بنت صغيرة على كتفها، بنت أسمها قمر... طب مين قمر دي؟!


قمر دي، او البنت الصغير اللي كان عندها تقريبًا ٦ شهور، وكانت زي القمر فعلًا.. الناس استغربوا من وجودها مع غزل، ولما الناس سألوا غزل وبنتها الكبيرة عنها، قالت انها بنتها، ما هي لما مشيت من الحارة رجعت لجوزها وبقت حامل منه وخلفت كمان، بس للأسف، بعد ما رجعتله وحملت منه وخلفت قمر، حصلت بينهم مشكلة كبيرة واطلقت تاني، واهو.. بعد طلقتها التانية من جوزها رجعت للحارة وعاشت في بيت ابوها، وبس.. دي كل المعلومات اللي الناس، او اهل الحارة يعني وانا من ضمنهم، كانوا يعرفوها عن قمر، لكن صدقوني، اللي زي غزل دي مش سهلة أبدًا، واللي اكتشفناه بعد كده، كان صادم وغريب، وكان كمان أكبر دليل على إن غزل دي كارثة بالمعنى الحرفي.. بس قبل ما اقولكوا على اللي عرفناه وعلى اللي وصل غزل للحالة اللي هي فيها دي، هحكيلكوا شوية عن قمر.



قمر مع مرور الأيام، كبرت، البنت اللي دخلت الحارة وهي عندها ٦ شهور، كبرت وبقت محبوبة من كل أهل الحارة بسبب جمالها وخفة دمها.. الناس في المنطقة كانوا بيعتبروها بنتهم، وده مش بس لأنها كانت جميلة وزي القمر، ده كمان لأنهم كانوا بيعتبروها يتيمة، ما هي من يوم ما اتولدت وابوها ماسألش عنها ولا حتى زارها، ده غير كمان إن غزل ماكانتش بتهتم بيها، ومش هي وبس على فكرة، دي كمان ماكانتش بتهتم بولادها الصبيان الصغيرين، طب ازاي؟!.. هقولكوا.. غزل بعد ما رجعت بكام شهر، وبعد ما قمر بنتها كبرت، رجعت لعادتها القديمة، بقت كل يوم تاخد بنتها الكبيرة وتخرج، كانوا بيخرجوا من يجي بعد المغرب كده، ومابيرجعوش إلا وش الفجر، ولما الناس برضه وكعادتهم يعني، كانوا بيسألوا غزل هي بتروح فين هي وبنتها، كانت بترد وتقولهم مالكوش فيه، انا وبنتي شغالين في مستشفى وورديتنا وردية ليل، وحتى لو مش شغالين في مستشفى وشغالين في كباريه، انتوا مالكوا.. ما كل واحد يخليه في حاله بدل ما انسل شبشبي ده على دماغه.



وبس.. من هنا الناس سكتوا وتعاطفوا مع العيال الصغيرين اللي امهم واختهم الكبيرة مش مهتمين بيهم، وبالخصوص قمر.. قمر اللي بسبب إهمال امها واختها الكبيرة، حصلت لها كارثة.


في اليوم ده، كانت الساعة تقريبًا ٣ الفجر، يومها الحارة كلها صحيت على صوت صرخات من غزل، ولما الناس اتلموا ومنهم جوزي، عرفوا إن البت قمر ماتت، طب ماتت ازاي واخواتها الصبيان كانوا معاها؟!


البنت بعد ما امها واختها خرجوا، كانت جعانة، ولأن اخواتها صغيرين، او مش بالوعي الكافي اللي يخليهم ياخدوا بالهم منها، فماهتموش بيها، وياريت على كده وبس، دول سابوها في أوضتها بتعيط وقعدوا يلعبوا وهم مشغلين التلفزيون في الصالة، بس وقتها ولأن قمر كانت جعانة، فبعقلها اللي يادوب عقل طفلة عندها ٣ سنين.. وقفت في شباك اوضتها اللي بيطل على منور البيت وفضلت تعيط وتنادي على امها، والحقيقة ان ماحدش عارف بالظبط ايه اللي حصل، هل هي نطت وكانت فاكرة انها بكده هتروح لامها، ولا وهي واقفة في الشباك اتزحلقت ووقعت!.. في الحقيقة ماحدش عارف، لكن اللي كل الناس عرفوه كويس، هو أن قمر وقعت من شباك اوضتها للمنور، وبسبب وقعتها رقبتها اتكسرت وماتت، اما غزل، فلما رجعت من شغلها هي وبنتها، دورت كتير على البنت ومالقتهاش، ولما سألت اخواتها عليها، قالوا لها انها ماخرجتش من اوضتها، وبسبب كلام العيال، غزل دخلت تدور عليها كويس في الأوضة، وطبعًا مالقتهاش، دي لقت شباك الأوضة مفتوح وفي كرسي تحته.. وعشان كده جريت وبصت من الشباك عالمنور، ومع نظراتها، شافت جثة بنتها قدامها.



كانت ليلة كئيبة وحزينة على الحارة كلها، قمر البنت الجميلة الشقية اللي الكل بيحبوها، ماتت بسبب إهمال امها، إنما تعرفوا.. الموضوع ماوقفش عند الليلة دي وبس، بل بالعكس بقى، من بعد الليلة دي واحنا اكتشفنا كوارث.


في عزا قمر اتفاجأنا براجل كبير من المنطقة واقف في العزا هو وابنه، الراجل ده كان جواهرجي معروف وكان له أبن وحيد، الأبن ده كان راجل في الاربعينات ومتجوز بنت عمه، لكن ايه ده؟.. ازاي وليه اصلًا يجي العزا بتاع قمر ويقعد يعيط زي العيال الصغيرين هو وابنه، ومش كده وبس، لا ده كمان وقف مع غزل هي وعيالها وكان بياوسيهم وكأنهم من عيلته!


حاجة غريبة وعجيبة خلت الناس يسألوا، ومع كتر الأسئلة، البت بنت غزل، واللي كان عندها يجي ١٨ سنة كده، قالت للناس إن قمر ماتبقاش بنت ابوها ولا شقيقتها، دي قمر بنت ابن الراجل ابن الجواهرجي، طب ازاي؟!.. انا هحكيلكوا ازاي، واللي هحكيه ده اتعرف بعد كده من كلام أهل الحارة ومن كلام غزل ذات نفسها.



غزل قبل ما تختفي بفترة، كانت ظروفها المادية منيلة بستين نيلة، ما هو طلقيها الله يسامحه بقى، لا كان بيسأل عليها ولا على ولاده، ولا حتى كان بيصرف عليهم، وعشان كده وبسبب إهمال طليقها، كانت غزل بتضطر انها تنزل تشتغل هي وبنتها، والحقيقة ان اللي عرفناه بعد كده إنها ماكانتش بتشتغل شغلانة مش شريفة لا سمح الله، دي اوقات كانت بتشتغل في البيوت، واوقات كانت بتشتغل في شركات نضافة، واوقات كانت بتشتغل هي وبنتها في مستشفيات، المهم يعني انها كانت بتشتغل شغلانات شريفة وكلها كانت بتبقى بالليل، وده بحسب كلامها هي وبنتها يعني، بس مش ده موضوعنا، احنا موضوعنا دلوقتي عن زنقة غزل وعن ظروفها المادية الصعبة في الفترة دي، ظروفها اللي في يوم من الأيام خلتها خدت جزء من دهبها ونزلت عشان تبيعه عند الجواهرجي الكبير اللي في المنطقة، لكن غزل يوم ما دخلت المحل، الراجل ماكنش موجود، ده اللي كان موجود وواقف لوحده هو وابنه، وابنه ده غزل كانت عارفاه لأنهم كانوا بيلعبوا مع بعض وهم صغيرين، وبسبب معرفتهم القديمة ببعض، حصل بينهم كلام، يعني ازيك، عامل ايه، انا تمام وزي الفل، انتي اللي ازيك ياغزل وايه اخر اخبارك.. وبس، من هنا الكلام بدأ ما بينهم وافتكروا أيام زمان، وكلمة من هنا على كلمة من هناك، غزل عرفت ان الراجل ابن الجواهرجي، متجوز من بنت عمه وجايب منها عيلين، لكنه مش مبسوط معاها بسبب ظروفها الصحية، ما هي اصل مراته من بعد ما خلفتله العيلين اللي عنده، جالها مرض في الرئة وخلاها طول الوقت عيانة وراقدة في السرير، ومرضها ده طبعًا منعها من إنها تدي لجوزها حقوقه الشرعية.. ومن عند حقوقه الشرعية ووجود غزل في حياته، الحكاية بتتقلب..





 ابن الجواهرجي مع الوقت، بقى في بينه وبين غزل كلام في التليفونات، ومش بس كلام، دول كمان بقوا بيتقابلوا وبيخرجوا مع بعض برة المنطقة، وفي مرة من المرات، ابن الجواهرجي قال لغزل انه بيحبها وعاوز يتجوزها، بس على شرط، يتجوزها في السر، هو مش جواز عرفي ولا حاجة، هو كان جواز على سُنة الله ورسوله، بس من غير ما حد يعرف، طب ليه؟.. لكذا السبب الحقيقة، أولهم ان مراته لو عرفت انه اتجوز عليها، ممكن تعبها يزيد او تطلب الطلاق، وساعتها لو جرالها حاجة هيبقى ذنبها في رقبته، وتاني سبب كان ابوه اللي كان شديد معاه اوي، او بمعنى أصح انه لو كان عرف بس ان ابنه عاوز ناوي يجوز غزل اللي مش من عيلته ولا من مستواه، كان ممكن يطرده من الشغل ويطين عيشته.. ده غير انه كمان كان عايش في نفس البيت اللي ابوه عايش فيه، يعني لو عصاه او قال له لأ، حياته هتدمر... وعشان الأسباب دي كلها غزل وافقت، بس كان شرطها عليه إنه يصرف على ولادها ويقعدها في شقة نضيفة برة المنطقة، حتى لو إيجار، وهو ده اللي حصل، لكن في نفس الوقت كمان، ابن الجواهرجي كان عنده شرط تاني، وهو ان غزل ما تخلفش منه، ما هي لو خلفت هيبقى مضطر انه يعلن والكل هيعرف انهم متجوزين.. وزي ما هو وافق على شروطها، فغزل كمان وافقت على شروطه واتجوزوا، بس جوازهم مادامش كتير، وده لأن بعد كام شهر من الجوازة، ابن الجواهرجي اتفاجئ بغزل وهي بتقوله انها حامل!





يومها اتضايق واتعصب عليها وطلب منها انها تنزل اللي في بطنها، لكن اللي زي الغزل دي عندية ومابيتلويش دراعها، دي وقفت قصاده وقالتله انها لا هتنزل اللي في بطنها ولا هتتنازل عن حقوقها.. ومع عندها وخوف ابن الجواهرجي من مراته وابوه، قعد مع نفسه وفكر لحد ما لقى حل، والحل كان سهل، يطلقها ويديها قرشين وترجع تعيش في الحارة من تاني، وكده كده المولود هيتسجل بأسمه بس في السر برضه، ومن حظه ان اللي قال عليه عجب غزل، لكنها بعد ما اطلقت منه وخدت قرشين كويسين، فضلت قاعدة في الشقة اللي كانت قاعدة فيها هي وعيالها، وبعد ما خلفت قمر واتسجلت بأسم ابوها، قعدت لمدة شهور في نفس الشقة وبعد كده رجعت، ومع رجعتها وبسبب ان الناس ممكن يسألوها عن ابو البنت، رتبت غزل الحكاية اللي قالتها للناس، والحكاية كانت انها رجعت لجوزها وبعدها اطلقت منه، وان البت قمر دي، تبقى بنت طليقها، لكن اهو.. بعد موت قمر كل شئ انكشف، واللي كشفه كان ابن جواهرجي، ماهي قمر لما ماتت، كانت مراته دخلت في غيبوبة بسبب تعبها وماكانتش دريانة بالدنيا، فحكى لابوه على كل حاجة وهو مُنهار بسبب موت بنته، وعلى عكس ما توقع، ابوه هو كمان حزن على قمر لانه كان بيحبها زي كل اهل المنطقة، وبس كده..






 اتقفلت الحكاية بموت قمر، اما غزل وولادها ففضلوا عايشين في بيتهم، بس للأسف، غزل رجعت لعوايدها من تاني بعد ما فضلت حزينة على بنتها لشهور ومابتخرجش من بيتها، إنما هقول ايه، دوام الحال من المحال.. غزل بعد ما خدت قرشين حلوين من الجواهرجي ومن قبله ابنه، وبعد ما فاتت فترة على موت بنتها، رجعت من تاني تخرج بالليل هي وبنتها الكبيرة، والمرة دي بقى ماحدش كان بيعرف هي بتروح فين.. لكن في ناس قالت انها كانت بتروح تسهر في كباريهات، وناس تانية قالت لأ، دي الست رغم الفلوس اللي عندها، لسه بتشتغل، طب لما هي عاوزة تشتغل ومعاها فلوس، ليه ماتفتحش محل او اي مشروع!.. في الحقيقة ماحدش عارف، بس اللي اتعرف بعد كده وكل الناس شافوه بعينيهم، هو شبح قمر... شبح قمر اللي بقى بيظهر بالليل في حوش البيت، ومش بس شبحها، ده في ناس كمان كانوا بيسمعوا صوتها وهي بتصرخ من المنور اللي ماتت جواه، وزي ما كان في ناس بتشوف وتسمع، فولاد غزل كمان كانوا بيشوفوا ويسمعوا.




ولاد غزل التلاتة حلفوا انهم كانوا كل ليلة بيسمعوا صوت صرخات اختهم قمر من المنور، ده غير انهم اوقات بالليل، لما كان حد منهم بيخرج يعني، كان بيحلف انه شافها على السلم، اما غزل نفسها بقى، فكانت لا بتشوف ولا بتسمع لأنها ماكانتش بتقعد في بيتها طول الليل اساسًا، بس في يوم وهي راجعة من المكان اللي كانت فيه، ايًا كان هو ايه بقى، وعلى الساعة ٢ بالليل كده، الناس سمعوا صرخاتها، ولما اتلموا عليها وعيالها نزلوا من الشقة بتاعتهم، اكتشفوا انها وقعت من على السلم ورجليها اتقطمت، ولما بقول اتقطمت فانا مش ببالغ، هي فعلًا رجليها اتكسرت كسر بشع اوي لدرجة إن العضم خرج من الرجل نفسها، ولما الناس اتلموا وشالوها وودوها المستشفى، كانت بتصرخ بعلو صوتها وبتقولهم إن عفريتة قمر بنتها هي السبب، ايوه، العفريتة هي اللي طلعتلها على السلم وزقتها لأنها كانت السبب في موتها، والحقيقة ان الكلام ده ماكنش غريب على ودن اهل المنطقة، ما هم كده كده بيشوفوا وبيسمعوا وعارفين اللي بيحصل في البيت من بعد موت قمر، إنما تعرفوا، اللي كان غريب على اهل المنطقة بجد هو اللي حصل لغزل بعد كده.





غزل بعد ما راحت المستشفى وعملت عمليات في رجلها، ابتدت تخف شوية، لكن بعد ما خفت والناس قالوا انها ابتدت تروق، رجليها رجعت تألمها من تاني وضربت فيها غرغرينا، ومع مرور الأيام والسنين، رجل الست غزل بقت حالتها بتسوء، ده غير ان غزل نفسها حالتها بقت غريبة، بقت اوقات كتير تكلم نفسها وتقول انها شايفة بنتها قمر، اما بنتها الكبيرة بقى، فدي كانت بتنزل تشتغل عشان تصرف على امها اللي صرفت كل الفلوس اللي خدتها من الجواهرجي وابنه على علاج رجلها، وياريتها خفت.. دي بعد موقف الصيدلية ده، واللي حكيت لكوا عليه في أول الحكاية.. من لعده بكام شهر، رجليها اتبترت، ودلوقتي، غزل قاعدة في بيتها على كرسي متحرك وعيالها التلاتة هم اللي بيشتغلوا وبيصرفوا عليها، ايوه، غزل اللي كانت بترج الحارة بصوتها وبشخصيتها القوية، بقت قعيدة، غزل اللي كانت كل ليلة بتلبس وتتشيك وتحط مكياج وتخرج وماترجعش الا الفجر، الكَبر بان عليها وبقت ست مكسورة، واه ماتستغربوش، هي الدنيا كده، مهما مشيت فيها ودبيت برجليك على أرضها، ففي الأخر ليك حد وهتقف عنده، وكمان خليكوا فاكرين حاجة مهمة اوي، ربنا عزوجل يمهل ولا يهمل، وزي ما غزل كانت بتسيب ولادها وتهملهم والله أعلم بتروح فين، وزي ما برضه اتسببت بشكل او بأخر في موت بنتها قمر، ففي الأخر خدت نصيبها وجزاءها بسبب اللي عملته.. وده يرجعنا لنقطة مهمة اوي، المرعب في الحكاية دي مش شبح قمر او عفريتتها او قرينها، ده المرعب بجد، هي الحدوتة اللي ورا موت قمر.. حدوتة امها غزل اللي لحد النهاردة بعتبرها حدوتة مليانة حكم ودروس، دروس لما بفتكرها وبركز فيها، برجع وبحمد ربنا على نعمة العقل وهدوء النفس، بس برضه وفي نفس الوقت برجع وبسأل نفسي، ياترى مين اللي غلطان من البداية، هل غزل اللي أهملت بنتها لحد ما ماتت، ولا ابن الجواهرجي اللي شاف بنته بتكبر قدام عينه وهو مش معترف بيها قدام الناس، ولا.. ولا الغلط كان من الأول عند طليقها اللي رماها هي وعيالها؟!.. الحقيقة مش عارفة، بس انتوا شايفين الغلط ايه؟!.. دم قمر في رقبة مين؟.. اكتبوا رأيكوا وقولوه، هستناه وهقرا كل الكومنتات.



(دي كانت تجربة حقيقية على لسان احدى المتابعات والعهدة على الراوي.. وفي النهاية عزيزي او عزيزتي.. من حقكوا انكوا تصدقوا او تكذبوا كل او جزء من الحكاية..)





تعليقات