📁 آخر الأخبار

حكاية شبح الدور الثاني للكاتب محمد شعبان العارف

 حكاية شبح الدور الثاني للكاتب محمد شعبان العارف



عمري ما هنسى الليلة دي، كانت ليلة من أسوء ليالي حياتي، وده لأن لأول مرة في حياتي كنت اشوف شبح بجد!
الحكاية ابتدت لما من فترة اتعرضت لحادثة؛ كنت راكب الموتوسيكل ورا واحد صاحبي زي كل الشباب اللي في سني وخبطنا في عربية، هو الحمد لله ماحصلوش حاجة، وانا الحمد لله برضه.. دراعي اتكسر كسر مضاعف اضطريت اتحجز بسببه في مستشفى حكومي من مستشفيات القاهرة لمدة شهر تقريبًا، وده ببساطة كده لأني عملت عملية في دراعي، والعملية دي المفروض إني كنت هقعد بسببها ٣٠ يوم عشان يباشروا حالتي، وبعد ما الشهر يخلص كانوا هيعملوا لي عملية تانية هخرج بعدها.. فات اول أسبوع في المستشفى على خير ما بين زيارات من صحابي وأهلي، وما بين كلام مع العيانين والعمال اللي في القسم اللي انا اتحجزت فيه، ومن بعد ما خلص الاسبوع الاول، كنت ابتديت اخد على المكان واعرف كل اللي فيه، وبحكم إن انا شاب عندي ٢٥ سنة اه.. بس عشري ورغاي وكمان محبوب من كل اللي بيعرفوني كأني راجل كبير؛ فانا اتصاحبت على العمال والممرضين وكمان على العيانين اللي كانوا معايا في نفس القسم، ومع بداية الأسبوع التاني وفي ليلة كنت قاعد فيها في القسم، فجأة حسيت ليلتها إني جعان اوي ومحتاج اجيب أكل غير أكل المستشفيات، فبحركة لطافة كده روحت للعامل اللي قاعد على باب القسم وبصيتله وضحكت اوي..


-ليلتك فل يا عم كامل، ايه بقى؟!


حكاية شبح الدور الثاني للكاتب محمد شعبان العارف




بص لي باستغراب وسألني..

-ليلتك فل يا مصطفى يا ابني، خير في ايه؟!

قعدت جنبه وقولتله وانا بطلع من جيبي عشرة جنيه..

-انا جعان اوي، وبصراحة كده انا زهقت من أكل العيانين اللي باخده هنا في المستشفى، والصبح لما امي جابت لي اكل أكلته كله وخلص، فانا دلوقتي عاوز انزل لحد المحلات اللي قصاد المستشفى الناحية التانية، واقسملك بالله ما هتأخر ولا هروح في أي حتة غير للمحلات بس وهرجع على طول.

خد عم كامل العشرة جنيه وحطها في جيبه وقال لي بكل جدية..

-ماشي.. انا هسمحلك تروح، ولو حد من التمريض او الدكاترة سأل عليك هقوله إنك بتاخد أكل من حد قريبك جالك على الباب وطالع تاني، وده لأن الوقت اتأخر وماحدش عارف يدخلك أكل، بس اقسملك بالله يا مصطفى.. لو روحت البيت او اتأخرت، لا هكون مبلغ الدكاترة إنك هربت من ورايا وانا ماعرفش انت فين.

هزيتله راسي وانا بضحك له...

-عيب يا عم كيمو.. ثقة والله، انا حلفتلك بالله إني مش هتأخر، وماتخافش، هاخد بالي من نفسي.. عن أذنك.


خلصت معاه كلام وخرجت من باب القسم وانا ببص شمال ويمين، خلصت الطرقة اللي كانت فاضية تقريبًا لأن الساعة وقتها كانت واحدة بعد نص الليل والدنيا كانت برد اوي لأننا كنا في الشتا.. خلصت الطرقة وروحت ناحية السلم ونزلت من الدور الرابع اللي قسم بتاعي فيه، ونزلت على السلم بكل هدوء وانا مركز مع دراعي لا يتخبط خبطة كده ولا كده وهو معمول فيه عملية، لكن وانا نازل وبعد ما خلصت الدور التالت ووصلت للدور التاني، فجأة اكتشفت إن السلم اللي بينزل من الدور التاني للدور الأول عليه باب حديد ومقفول، والمفروض إن انا اعدي من الطرقة بتاعت الدور التاني واخدها كلها لأخرها عشان في نهايتها السلم التاني اللي بالتأكيد هيكون بابه مفتوح وهيوصلني للدور الأول اللي منه هوصل للأرضي، فوقتها اضطريت إن انا ادخل الدور التاني اللي كان تقريبًا مضلم، هو بس كان منور في الطرقة بتاعته بلمبتين نورهم ابيض وضعيف اوي، اتمشيت في الطرقة بالراحة وانا باصص على الأرض لا اتكعبل في حاجة واقع، لكن وانا ماشي كنت ملاحظ حاجتين، اولهم إن الدور ده فاضي خالص وكل الأوض اللي فيه مقفولة، وتانيهم إن المكان ريحته وحشة اوي على عكس بقية الأدوار اللي في المستشفى، بس في الحقيقة كل ده ماهمنيش، انا كملت مشي في الطرقة لحد ما وصلت لنصها تقريبًا، بس في الوقت ده اتسمرت في مكاني لما سمعت من ورايا صوت خطوات بطيئة اوي!!



اتسمرت في مكاني ولفيت عشان اشوف مين، بس لما التفتت مالقتش حد!


اتاخدت وقلقت، حسيت إن الدور ده فيه حاجة مش طبيعية، وعشان كده عملت نفسي مش واخد بالي وكملت مشي ناحية السلم اللي هنزل منه، بس وانا ماشي سمعت من ورايا تاني نفس صوت الخطوات، لكن المرة دي بقى كنت سامع معاها صوت حد بيتنفس ونفسه قريب مني اوي لدرجة إن انا كنت سامعه كويس وبوضح.. وقفت في مكاني تاني وبحركة سريعة لفيت، وحقيقي يارتني ما لفيت، لأني اول ما بصيت شوفت ورايا شخص... او انا كنت فاكره شخص في الأول لأني ماكنتش شايفه بوضوح بسبب قلة الأضاءة، ولما ركزت معاه وابتديت ابص لهيئته كويس، اكتشفت إنه دكتور لأنه كان لابس بالطو أبيض، وقتها حسيت إن جسمي اتخشب في مكانه، ولو هتقولي جسمك اتخشب ليه.. ماهو دكتور زي بقية الدكاترة اللي في المستشفى يعني، فانا هقولك لا.. ده ماكنش زي اي دكتور، الراجل ده كان شكله غريب، وشه كان شاحب وعروق رقبته ووشه كانوا بارزين وواضحين اوي، ده غير الدم اللي كان مغرق البالطو اللي هو لابسه!
كل الحاجات دي خلتني وقفت في مكاني وانا مش عارف اعمل ايه، هل اخدها جري واروح ناحية السلم وانزل بسرعة، ولا ارجع بخطوات بطيئة عشان ماقعش!


ثواني وقفتهم في مكاني وهو بيبصلي بنظرة فاضية، ثواني عدوا عليا سنين، بعدهم ابتسمتله عشان اطمن نفسي وقولتله وانا حرفيًا صوتي بيترعش من الخوف..


-هو هو.. هو حضرتك مالك، انت كويس يا دكتور؟!

اول ما قولتله كده لف ضهره وسابني ومشي، فتح باب من أبواب الأوض المقفولة ودخل منه ولا كأني اتكلمت معاه!

خدت نفسي بالراحة وانا بحمد ربنا من جوايا على إنه مشي وإن اللي شوفته ده شخص عادي، او انا وهمت نفسي بإنه شخص او دكتور عادي وجايز يكون خارج من العمليات ولا حاجة، لكني في لحظة ووقت ما كنت بلف عشان اروح ناحية السلم وانزل واخلص بقى من الموقف المنيل اللي اتحطيت فيه ده، قولت لنفسي في لحظة باستغراب، أوضة عمليات ايه اللي خارج منها، الدور شكله فاضي ومقفول و..

لكن قطع كلامي مع نفسي صوت الخطوات والنفس تاني، وقتها جمدت قلبي وبصيت ورايا وانا بقول بصوت عالي..

-جرى ايه بقى يا دكتور.. هو حضرتك فاضي وبتلاعبني ولا..

سكتت تاني فجأة لما بصيت ومالقتش حد!.. بصيت شمال ويمين وساعتها قولت بصوت عالي..

-انا مش عارف والله الدكاترة دول فاضيين ولا مجانين ولا ايه؟

كنت بكلم نفسي وانا بلف وشي وببص ناحية السلم، لكني برضه سكتت فجأة، والمرة دي بقى سكتت مش لأني مالقتش حد او لقيت حاجة متغيرة في المكان، انا سكتت لأني اول ما لفيت لقيت الدكتور ده في وشي، واللي خلاني سكتت مش مجرد خضتي منه لأني شوفته بسرعة وعلى غفلة، انا اللي خلاني اتخضيت هو شكله اللي شوفته بوضوح اكتر المرة دي لأنه حرفيًا كان وشه في وشي اول ما لفيت، الدكتور ده كان مضروب بمشرط في صدره والبالطو بتاعه كان غرقان دم!

وقفت وانا جسمي كله بيترعش، ثواني بعدهم لفيت وشي وروحت جري ناحية السلم اللي نزلت منه، وبدون أي تفكير طلعت جري على القسم اللي خرجت منه، فضلت اجري بسرعة وانا ماببصش ورايا لحد ما وصلت لباب القسم ووقفت، وقفت وانا باخد نفسي بالعافية وبنهج، ساعتها عم كامل كان خد باله من وجودي وقام من مكانه جنب البوابة وجه ناحيتي..

-مالك يا ابني.. فيك ايه، مالك بتنهج كده ليه؟!

ماقدرتش ارد عليه، فضلت واقف وانا بحاول اخد نفسي بالعافية لحد ماهو لاحظ اني مش قادر اتكلم، فبسرعة سحب الكرسي اللي كان قاعد عليه وجابهولي، قعدني وراح جري جاب لي ازازة مايه واداهالي، شربت شوية مايه وخدت نفسي بالعافية، وبعد ما هديت وبقيت قادر اتكلم قولت لعم كامل بتعب..

-انا نزلت من السلم اللي هناك ده، فضلت نازل لحد ما وصلت للدور التاني، وفي الدور التاني لقيت السلم اللي بينزل لتحت محطوط عليه باب حديد، فقولت بدل ما اطلع والف وانزل من السلم اللي في الناحية التانية، قولت اني ادخل الدور التاني وامشي في الطرقة لحد ما اوصل للسلم اللي في الناحية التانية بس في نفس الدور اللي وقفت عنده بدل ما اطلع وانزل، وهنا بقى كانت المصيبة يا عم كامل.. انا.. انا لما دخلت للدور التاني شوفت دكتور مضروب بمشرط في صدره.. والله العظيم كان مضروب بمشرط في صدره وكان بينزف ووشه كان شاحب اوي وكأنه..

قاطعني عم كامل..

-وكأنه ايه.. وكأنه ايه بس يا ابني، انت ازاي اساسًا وصلت لطرقة الدور التاني والدور ده مقفول، وبعدين باب ايه.. السلالم مافيش عليها أي أبواب حديد!

أول ما قال لي كده حسيت إني اتدلق عليا جردل مايه ساقعة، مابقتش عارف ولا لاقي تفسير لكلامه، فبلعت ريقي بالعافية وقولتله..
-ازاي يعني مقفول والسلالم مافيش عليها أبواب، اومال انا دخلت ازاي ومين اللي انا شوفته ده!

هداني عم كامل وقال لي..

-والله يا ابني دخلت ازاي، دي حاجة انا مش عارفها، اما بقى بالنسبة للي انت شوفته، فتعالى ندخل القسم وانا هقولك ده يبقى مين.
سمعت كلامه ودخلت معاه للقسم، قعد هو على الكرسي بتاعه ورا باب القسم اللي قفله، وجاب لي كرسي تاني وقعدني جنبه وبعد كده سألني..

-انت بتقول إن اللي شوفته ده كان دكتور مضروب في صدره بمشرط، صح كده؟!

هزيتله دماغي..

-ايوة.. صح، مين ده بقى وانا دخلت ازاي اصلًا وانت بتقول إن الدور مقفول؟!

فجاوبني..

-ما انا قولتلك بقى، انا ماعرفش انت دخلت ازاي او جايز تكون ما دخلتش وبيتهيألك، او هو.. او هو مثلًا بيلعب بيك.

-مين ده اللي بيلعب بيا؟!


 


 الجزء الثاني والأخير









-انا نزلت من السلم اللي هناك ده، فضلت نازل لحد ما وصلت للدور التاني، وفي الدور التاني لقيت السلم اللي بينزل لتحت محطوط عليه باب حديد، فقولت بدل ما اطلع والف وانزل من السلم اللي في الناحية التانية، قولت اني ادخل الدور التاني وامشي في الطرقة لحد ما اوصل للسلم اللي في الناحية التانية بس في نفس الدور اللي وقفت عنده بدل ما اطلع وانزل، وهنا بقى كانت المصيبة يا عم كامل.. 

انا.. انا لما دخلت للدور التاني شوفت دكتور مضروب بمشرط في صدره.. والله العظيم كان مضروب بمشرط في صدره وكان بينزف 
ووشه كان شاحب اوي وكأنه..

قاطعني عم كامل..

-وكأنه ايه.. وكأنه ايه بس يا ابني، انت ازاي اساسًا وصلت لطرقة الدور التاني والدور ده مقفول، وبعدين باب ايه.. السلالم مافيش عليها أي أبواب حديد!

أول ما قال لي كده حسيت إني اتدلق عليا جردل مايه ساقعة، مابقتش عارف ولا لاقي تفسير لكلامه، فبلعت ريقي بالعافية وقولتله..

-ازاي يعني مقفول والسلالم مافيش عليها أبواب، اومال انا دخلت ازاي ومين اللي انا شوفته ده!

هداني عم كامل وقال لي..

-والله يا ابني دخلت ازاي، دي حاجة انا مش عارفها، اما بقى بالنسبة للي انت شوفته، فتعالى ندخل القسم وانا هقولك ده يبقى مين.
سمعت كلامه ودخلت معاه للقسم، قعد هو على الكرسي بتاعه ورا باب القسم اللي قفله، وجاب لي كرسي تاني وقعدني جنبه وبعد كده سألني..

-انت بتقول إن اللي شوفته ده كان دكتور مضروب في صدره بمشرط، صح كده؟!

هزيتله دماغي..

-ايوة.. صح، مين ده بقى وانا دخلت ازاي اصلًا وانت بتقول إن الدور مقفول؟!

فجاوبني..

-ما انا قولتلك بقى، انا ماعرفش انت دخلت ازاي او جايز تكون ما دخلتش وبيتهيألك، او هو.. او هو مثلًا بيلعب بيك.

-مين ده اللي بيلعب بيا؟!

-الدكتور شفيق.. ماهو الدكتور اللي انت بتقول إنك شوفته ده هو اللي اتقفل بسببه الدور، اصل الدكتور شفيق ده بيقولوا إنه كان دكتور مجنون ومفتري اوي، كل الدكاترة زمايله ماكنوش بيحبوه، وفي مرة اتخانق مع أهل عيان اول ما جه المستشفى هنا، ولما العيان ده راحله القسم اللي هو بيشتغل فيه، قتله بسبب خناقته مع أهله.. وساعتها أهله لما عرفوا إن قريبهم مات وإن الدكتور اللي اتخانقوا معاه كان هو السبب في موته، اتلموا عليه واتخانقوا معاه وقتلوه، ومن بعد موته بقى كل العيانين والدكاترة وحتى العمال والممرضين اللي في الدور، بقوا بيشوفوا الدكتور ده بالليل كتير اوي، وفي منهم اللي جاله سكتة قلبية لما شافه بعد موته زي ما انت شوفته كده، وفي اللي اتجنن، وفي اللي ماستحملش وطلب نقله، ده غير العيانين اللي كانوا بيموتوا في الدور ده من غير أي مبرر.. 



ماهو الناس بيقولوا إن العيان من دول كان بيبقى كويس والمفروض إنه هيخرج من المستشفى بعد كام يوم، لكنه فجأة بيموت وبيكون ظاهر على وشه علامات الرعب والفزع، وفضل الدور ده على حاله ومدير المستشفى رافض يقفله لأنه مش بيصدق في موضوع ظهور شبح الدكتور ده، أصل المدير عاند وكابر رغم إن ناس كتير من اللي شاغلين أكدوا على إن الدكتور او شبحه يعني بيظهرلهم، وفضل المدير مصمم على رأيه لحد ما اتغير وجه مدير تاني، وقتها المدير التاني لما لاحظ إن حالات الوفيات بتزيد.. قرر إنه يقفل الدور خالص وينقل الأقسام اللي فيه للمبنى الجديد اللي برة، وقال إنه هيبدء في أجراءات تصليح الدور وتجديده لأنه كان قديم ومتهالك، ومن ساعتها يا ابني... من ساعتها والدور ده مقفول وماحدش بيقرب منه وخصوصًا بالليل، واحنا كعمال وممرضين ودكاترة، عارفين إنه بالليل ماحدش بيعدي من عليه، وحتى اللي بيعدي من عليه وهو مجبر يعني.. بيطلع جري ومابيقفش قدامه، لأنهم بيقولوا إن اللي بيقف عنده بيشوف عفريت الدكتور اللي انت شوفته، ده يا ابني كل اللي اعرفه عن الدور ده.. ونصيحة لوجه الله بقى، لو جيت نازل بالليل، ابقى انزل في الأسانسير او لو نزلت على السلم يعني ماتبقاش تقف عنده.



عم كامل كان بيحكيلي وانا كنت قاعد بسمعه وانا مبرق، انا كأني بسمع أحداث فيلم رعب مش حكاية حقيقية، بس بعد ما خلص قومت وقفت وقولتله بيأس..


-يا عم ولا انزل ولا اطلع، انا لو عوزت اشتري حاجة هبقى اشتريها الصبح او هخلي حد يجيبهالي، انا اصلًا ماوقفتش قدام الدور، انا مالحقتش اقف لأني لقيت السلم مقفول، وعمومًا متشكرين يا عم كامل.. عني ما جيبت عشا في الليلة البيضا دي.


سيبت عم كامل بعد ما خلصت معاه ودخلت على سريري، وقتها المريض اللي جنبي لاحظ إني رجعت من غير أكل، فسألني بتلقائية..
-ايه يا درش.. فين العشا اللي قولت انك نازل تجيبه.

بصيتله بيأس وجاوبته..

-ياعم هشام لا عشا ولا بتاع بقى، انا اتحشرت في الدور التاني وكنت هموت.

لما قولتله كده ضحك، استغربت بصراحة من ضحكه على كلامي وسألته..

-انت بتضحك على ايه، بقولك كنت هموت، تقوم تضحك؟!

بطل ضحك وقال لي وهو بيشاور على سريره..

-طيب طيب.. ماتزعلش، تعالى اقعد جنبي هنا واحكيلي اللي حصل معاك بالظبط.

روحت قعدت جنبه وحكيتله على كل حاجة حصلت معايا، من أول ما اتزنقت في الدور التاني لحد كلام عم كامل عن الدكتور اللي قتل العيان وبعد كده اتقتل، بس بعد ما خلصت بص لي وهو مبرق وقال لي..

-احمد ربنا إنك جريت وإن ماحصلكش حاجة، الدور ده ملعون من سنين.. كامل مايعرفش حاجة لأنه مابيشتغلش هنا بقاله كتير، ده شغال من يجي تلات سنين بس، اما انا بقى.. فانا هنا من حوالي ٩ سنين.

بصيتله باستغراب وسألته..

-هنا من ٩ سنين ازاي؟!

جاوبني وهو بيسرح وكأنه بيفتكر اللي حصل له من سنين..

-اه.. انا من ٩ سنين حصلتلي حادثة، كنت سايق على الطريق الصحراوي وعربية نقل كبيرة خبطت في عربيتي، فالعربية بتاعتي اتعجنت وانا جواها، ومن حسن الحظ ومن رحمة ربنا إنه نجاني، الأسعاف جابتني على المستشفى هنا وبقيت بتابع فيها من وقتها، انا بقالي ٩ سنين بتنقل من القسم ده للقسم ده، ومن العمليات دي للعمليات دي، واديني اهو عايش قعيد والدكاترة لسه بيحاولوا معايا، لكن مش ده موضوعنا، احنا موضوعنا هو دكتور شفيق.. الدكتور ده كان دكتور في قسم من الأقسام، كل الدكاترة والممرضين والعمال كانوا بيقولوا عنه إنه كِشري ومعاملته مع الناس كلها زي الزفت، لكن الناس كانوا مستحملينه لأنه يبقى ابن دكتور كبير والدكتور ده كان خيره على الكبير قبل الصغير، فلما مات الدكتور وابنه شفيق جه المستشفى هنا والناس لقوه بالمنظر ده.



 استحملوه عشان سيرة ابوه الطيبة وفضلوا شغالين معاه لحد ما في يوم، او في ليلة تحديدًا يعني، كان شفيق موجود في الطواريء، ليلتها جه عيان للطواريء مضروب في خناقة، الواد كان متكسر ومضروب علقة موت، أهله كانوا متعصبين وكانوا متضايقين اوي عشان اللي حصل في ابنهم، وطبعًا انت عارف لما الأهل بيبقى ابنهم جاي في حادثة او خناقة وبيبقى بين الحياة والموت، أكيد بتبقى عارف هم بيبقوا عاملين ازاي.. زعيق وخناق وشتيمة في ده وشتيمة في ده، لحد ما واحد منهم وقع مع الدكتور شفيق اللي كان موجود في الطواريء وقتها، ومن سوء الحظ إن الواحد ده كان اخو المصاب، ومن سوء الحظ برضه إنه زي ما قولتلك وقع مع شفيق.. شفيق اللي خرج من الأوضة بتاعة الطواريء وزعق فيه وقال له يطلع برة عشان يعرف يسعف اخوه لحد ما يتنقل للقسم او للرعاية، فاخو الواد زعق في شفيق وماخرجش والموضوع اتقلب لخناقة كبيرة انتهت بإن اخو الواد.. بتوع الأمن خرجوه بالعافية وشفيق اشتغل في الحالة لحد ما طلعت القسم اللي هو بيشتغل فيه.. ولحد هنا اقدر اقولك إن الحكاية عادية ومافيهاش حاجة، عادي يعني..




 خناقة في طواريء مستشفى حكومي ممكن تحصل كل يوم، بس اللي مش عادي بقى إنها حصلت مع شخص رخم وغتت زي شفيق ده.. اه، ماهو خد موضوع الخناقة ده على صدره اوي وشاله جواه وقت ما استلم العيان، وعشان شتيمته من اخوه أهمله، بقى مابيسألش عليه، او مثلًا مابيطلعهوش العمليات في الوقت اللي المفروض يطلع فيه.. وفضل العيان على الوضع ده تلات أيام، تلات أيام وهو حالته بتسوء وبيتعب كل يوم اكتر من اللي قبله، لحد ما في الأخر ماستحملش ومات، وبعد وفاته طبعًا جم أهل العيان اللي عرفوا من الممرضين إن ابنهم مات بسبب أهمال دكتور شفيق له، فأخو الواد اول ما سمع كده طلع واتخانق مع شفيق، وفي وسط الخناقة وقبل ما أي حد يتدخل او يحوشه، كان الواد ده سحب مشرط من اللي بيبقوا موجودين جوة الاقسام وضربه بقوة في قلب الدكتور شفيق اللي مات في ساعتها، بعد كده بقى جت الشرطة وقبضت على الواد اللي اتحبس بعدها وخد حكم شديد بالسجن.



 وشفيق نزلت جثته المشرحة وبعد كده اهله خدوه وغسلوه ودفنوه.. لكن الحكاية ماخلصتش برضه لحد هنا، ده من بعد موت دكتور شفيق والدور التاني ده كله بقى بيحصل فيه حاجات غريبة، بقوا العيانين يموتوا فيه من غير سبب، عيانين بتبقى حالتهم مستقرة اوي والمفروض إنهم هيخرجوا من المستشفى قريب.. كانوا الممرضين الصبح بيلاقوهم ميتين وهم مبرقين وباصين للباب اللي بيطل على الطرقة، ده غير بقى الدكاترة والممرضين والعمال اللي كانوا بيشوفوا عفريت الدكتور ده بالليل في الدور.. او بالظبط يعني في الطرقة اللي اتقتل فيها، واللي خلى الموضوع ينتشر اكتر بقى هي ممرضة كبيرة، الممرضة دي كانت صحتها على قدها وكانت شغالة وردية ليل، وليلتها لما طلعلها عفريت دكتور شفيق ماستحملتش وطبت ساكتة، فالموضوع بقى من ساعتها انتشر، انتشر بسبب حالة الوفاة دي وحالات وفاة العيانين اللي اتربطت مع ظهور شبح دكتور شفيق، بعدها اتصعد الموضوع لمدير المستشفى.. ومدير المستشفى زي ما قال لك كامل كان راجل صارم وعملي، فقال إن كل دي مُبالاغات ومارضيش يقفل الدور ولا ينقل الاقسام اللي فيه لمكان تاني.




 بس المدير ده مافضلش كتير.. ده جه مدير جديد بعد الواقعة دي بكام شهر، ومع مجي المدير الجديد حصلت واقعة تانية.. والواقعة المرة دي كانت مع دكتور كبير لكنه ماماتش، الدكتور ده لما طلعله شبح شفيق اتسرع وجاتله حالة نفسية، فالمدير وقتها صدق كلام الناس وبسبب كمان نسبة الوفيات العالية والغير مبررة في الدور ده، قرر إنه يقفله خالص ونقل الأقسام اللي فيه للمبنى الجديد اللي اتبنى واتجهز قبل ماهو يجي.. بس خليني اقولك بقى إن برضه الحكاية ماخلصتش لحد كده، الدور ده ماكنش مقفول.. كانوا سابينيه فاضي كده وابوابه مفتوحة، ولما الناس عدوا من عليه بالليل وشافوا برضه شبح شفيق، قرر مدير المبنى إنه يقفل الأبواب باقفال ويخليه مهجور تمامًا، بس برضه.. برضه الموضوع فضل مكمل، اي حد كان بيعدي من على الدور ده من بعد الساعة ١٢ بالليل.. او بالظبط يعني من أول ما المستشفى بتبتدي الرِجل فيها تخف وتبقى فاضية، كان بيحصل معاه حاجات غريبة زي اللي حصلت معاك، طب ده مرة في ممرض بيقول إنه اتحبس في الدور التاني ده وماكنش عارف يخرج لولا إنه شغل قرأن على الموبايل، وغيره وغيره حكايات كتير.. حكايات بسببها ماحدش بقى بيقرب من الدور ده من بعد الساعة ١٢ ولا حتى حد بقى بينزل من على السلم بالليل، هو اللي بييطلع او بينزل بالليل، بيركب الاسانسير او بيستنى لحد الفجر وبعده يبقى ينزل.. وبس يا سيدي، فالحمد لله بقى إنك بخير وشبح شفيق ده ما اتسببلكش في أذية.


بعد ما خلص كلامه سألته وانا مندهش بصراحة من كلامه..

-طب ولما هو الدور مقفول، ازاي الناس بتدخله؟!

جاوبني هشام..

-ماهو ده بقى اللي بيسموه شغل العفاريت، ماتنساش إن الدور ده ماماتش فيه شفيق بس، ده في حالات كتير من العيانين ماتوا بسببه، فأكيد يعني موضوع الباب اللي انت شوفته على السلم ده كان لعبة من ألعايبهم.. بالظبط زي دخولك لطرقة الدور وهو مقفول، انت وارد جدًا تكون مادخلتش من أساسه وكل ده كان مجرد لعب منهم بعقلك.


لما وصل هشام لحد هنا سيبته وقومت قعدت على سريري، وفضلت طول الليل مشغل الراديو اللي جنبي على اذاعة القرأن الكريم، ومن يومها وانا مابقتش انزل بالليل، انا لما كنت بعوز حاجة كنت بخلي حد يجيبهالي، او انا يعني لو نزلت يعني كنت بنزل بالنهار وفي الأسانسير مش على السلم، ده غير إن انا من يوم كلام هشام وانا مابقتش بعرف انام بالليل، انا كنت بنام بالنهار وكنت بفضل سهران طول الليل وانا مشغل جنبي القرأن بسبب الكوابيس اللي كنت بشوفها لو بس فكرت اغمض عيني، اه ما انا لما كنت بنام بالليل كنت بشوف نفسي في الطرقة بتاعت الدور التاني وكنت بشوف نفس الدكتور وهو بيجري ورايا، وخليني اقولك قبل ما اخلص حكايتي إن انا خفيت وخرجت من المستشفى ولسه لحد النهاردة بشوف كوابيس بطلها الدكتور اللي ماعندوش ضمير اللي اسمه شفيق ده، وخليني اقولك كمان إن في اليوم ماخرجت فيه من المستشفى، نزلت على السلم بس بالنهار واتأكدت من إن الدور التاني فعلًا مقفول ومافيش أي باب حديد موجود على السلم.. يعني كل اللي شوفته ده كان بسبب الشبح اللي ساكن الدور المقفول اللي في المستشفى اياها اللي مش هذكر اسمها.. وعلى فكرة مش المستشفى دي بس اللي فيها أدوار مقفولة ومسكونة، ده في مستشفيات كتير في مصر بنفس النظام، وده بس اللي عرفته وشوفته.. لكن أكيد ما خفي كان أعظم..


تمت



(كل ما قرأته عزيزي القاريء هي تجربة حقيقية أرسلها قاريء محترم من القراء، ولك كل الحق عزيزي في التصديق من عدمه.. ولكن يبقى السؤال، هل تصدق رواية أستاذ مصطفى صاحب القصة أم لا؟)








تعليقات