📁 آخر الأخبار

حكاية المختارة للكاتب محمد أحمد عباس

 حكاية المختارة للكاتب محمد أحمد عباس



في وقتٍ متأخر من الليل صمت يَعم المكان، عقارب الساعة تشير إلى الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، أنفاس متلاحقة كأنها تُصارع الموت وفجأة تدوي صرخة في المكانٍ تجري على أثرها امرأة في أوائل العقد الرابع من عمرها إنها تعرف جيدًا ماذا يحدث فقد اعتادت على هذا الأمر منذ انتقالها إلى هذا البيت لكن كل مرةً ينخلع قلبها خوفًا على ابنتها الوحيدة، تخطو بسرعة إلى غرفتها لتجدها فاقدة الوعي، سكبت الماء على وجهها فانتفضت مذعورة.



حكاية المختارة للكاتب محمد أحمد عباس




الأم(رانيا): شششش اهدي مفيش حاجة.


الابنة(ليليان): شوفته يا أمي كان هنا قالي أنه مش هسيبني كان في أيده سكينة عايز يقتلني..


وبدأت في البكاءِ والصُراخ، بدأت والدتها تتلي بعضًا من آياتِ الله حتى سكنت وغاطت في سباتٍ عميق.


توالت الأيام وكل ليلة يحدث الأمر المعتاد لـ ليليان إلى أن أتى يوم واضطرت رانيا السفر إلى والدتها في الشرقية من أجل مرضها تاركة ليليان بمفردها في المنزل.


رانيا: ليليان أنا لازم اسافر يا حبيبتي تيتة تعبانة جدًا ومحتاجاني جنبها هرجع بعد أسبوع خلي بالك من نفسك وخلي القرآن شغال في البيت دايمًا وكلميني على طول.


ليليان: ماما أنا خايفة أقعد في البيت لوحدي، أنا هاجي معاكِ.


رانيا: والله يا حبيبتي أنا مش عايزه اسيبك ونِفسي اخدك معايا بس دروسك وأنتِ دلوقتي تالتة ثانوي لازم تروحي الدروس وتذاكري وأنا كل شوية هكلمك هكون معاكِ على طول، متخافيش مش هتحسي بغيابي.


ثم احتضنتها مودعة إياها، وصدعت ليليان إلى الطابق العلوي وظلت حبيسة غرفتها مع كُتبها إلى الساعة العاشرة مساءًا شعرت بالجوع فقررت الذهاب إلى المطبخ لتُحضر أي شيء تأكله وأثناء إحضارها الطعام شعرت بأنفاس ساخنة جدًا على وجنتيها وفجأة وجدت شيء ما ركض بسرعة البرق من خلفها فانتفضت مذعورة وسقطت الأطباق على الأرض متهشمة، جلست القرفصاء كي تنظف الأرض إذا فجأةً وجدت قطرات دماء تتساقط عليها من اللاشيء والمنزل يهتز بشدة وكأنه زلزال بقوة مائة ريختر، وكل شيء يسقط على الأرض؛ تنفجر منه عيون الدماء فـ صرخت وركضت إلى باب المنزل لكي تخرج .


وتستنجد بأي أحد من الجيران لكن هناك يد قوية خفية ممسكة بمقبض الباب، ولا أحد يسمع صراخها فماذا ستفعل؟ بسرعة أخرجت هاتفها من كنزتها وقامت بتشغيل آيات الله بأعلى صوت فبدأ كل شيء يعود طبيعيًا وهدأ اهتزاز المنزل لكن مازالت الأرض غارقة بالدماء، ظلت ليليان تبكي وهاتفت والدتها وأخبرتها عما حدث فطلبت منها أن تلتقط بعض الصور وترسلهم إليها فنفذت ليليان طلب والدتها لكن تفاجأت بأن الصور يبدو بها كل شيء طبيعي، كل شيء في مكانه لم يُزاح إنش واحدًا حتى؛ لكنها تراها أمام عيناها فبدأت تغمض عينيها وتفتحها من جديد وتلقي نظراتها بين الصور والحقيقة فتجد أنه لم يتغير شيء الأرض غارقة بالدماء والصور يوجد بها كل شيء طبيعي فقامت وسارت ببطئ وفتحت كاميرا هاتفها وبدأت تتحسس الجدران والأرضية وتشعر بالدماء على يدها لكن عندما تراها بالكاميرا لا ترى أي شيء من هذا مما جعل عقلها يبدأ بالتشتت فصرخت: أنا مش مجنونة، كل شيء بيحصل أنا متأكدة أنه حقيقي، كل ده بيحصل ليه لييييه.


ظلت تصرخ وتبكي إلى أن هدأت متخذة قرار أنها ستواجه وستظل تبحث عن الحقيقة وراء كل ما يحدث وتُثبتها وتُنهي كل هذا الهراء، وقفت بشموخ وثقة: أنا مش خايفة، خلاص اتعودت ومبقيتش اتفاجأ ولا أخاف من أي شيء بيحصل وهيحصل ومش هسكت وهثبت للكل إني مش مجنونة، هثبت لصحابي أن كل شيء حقيقي هخليهم يبطلوا يقولولي أني مكاني مع المجانين، أنا أقوى من أي شيء وكل شيء..


أخذت نفس عميق وأخرجته ببطئ وبدأت في تنطيف المنزل وبعد ساعات انتهت وجلست بتعب: اوووف أخيرًا خلصت، الساعة بقت اتناشر ونص ولسه مأكلتش دي ماما لو عرفت هتقتلني.


ثم ضحكت بسخرية: هه أقوم أعمل أكل قبل ما المهزلة الجديدة تحصل.


وأحضرت الطعام واكتشفت أنها كانت جائعة للغاية: ايه ده أنا كنت في مجاعة ولا ايه؟


ثم تذكرت شيء: يا خبر دي ماما قالتلي اطمنها عليا والفون فصل أما اقوم بسرعة أكلمها قبل ما الساعة تيجي واحدة ويجي زوار الليل يعطلوني، ثم ضحكت ووضعت هاتفها بالشاحن وهاتفت والداتها.


رانيا بقلق بالغ: ليليان أنتِ فين من ساعتها وقافلة موبايلك ليه؟.


ليليان: اهدي يا ماما أنا كويسة الحمدلله بس الفون فصل ونسيت احطه في الشاحن.


رانيا: نسيتي تشحنيه وتسيبيني أموت من القلق عليكِ يعني يا ليليان، ربنا يسامحك.


ليليان: بعد الشر عنك يا رونا عايزه تسيبيني لوحدي.


رانيا: لا يا حبيبتي مقدرش اسيبك، المهم قوليلي حصل حاجة تاني؟


ليليان: لا محصلش حاجة أنا نضفت البيت وأكلت، ماما أنا مبقيتش خايفة منهم أنا هواجه كل شيء مش هسيب كائن خفي زي ده يتحكم فيا ولا يخوفني، أنا أقوى منهم بكتير وربنا معايا أقوى مني ومنهم ومن أي شيء.


رانيا بفخر: هي دي ليلو بنتي أنا واثقة أنك قوية وهتقدري تواجهي أي شيء بس أنا مش هطمن وأنتِ قاعدة لوحدك، نيرة بنت خالتك هتجيلك بكره تقعد معاكِ لحد ما ارجع.


ليليان: بجد!! دي وحشاني جدًا، أحسن حاجة عملتيها.


رانيا بتحذير: ليليان مش عايزة مشاكل هاا، لمتك أنتِ ونيرة على بعض مبيجيش من وراها غير المصايب، فـ مش عايزة أسمع شكوى واحدة من الجيران سمعاني.


ليليان: حاضر يا ماما، قوليلي تيتة عاملة ايه؟


رانيا: كويسة يا حبيبتي الحمدلله أحسن.


ليليان: سلميلي عليها كتير.


رانيا: الله يسلمك من كل سوء ويحفظك ليا يا حبيبتي، يلا قومي نامي عشان دروسك وأول ما تصحي افطري وكلميني.


ليليان: حاضر يا حبيبتي، تصبحي على خير.


رانيا: وأنتِ من أهل الجنة يا جميلتي.


أنهت المكالمة مع والدتها وعزمت على أن تُصلي قيام الليل عسى أن يهدأ الحال الليلة ولا تحدث كارثة جديدة، فـ دخلت إلى المرحاض وفتحت الصنبور كي تتوضأ وما إن نزلت الماء تحولت إلى اللون الأحمر لا تعرف إذا كانت دماءًا أم أنه مجرد لون لوهلة دبَّ الرعب بقلبها لكن عليها أن تنهي هذا الكابوس: طب ايه ده بقى، اتيمم أنا دلوقتي ولا اعمل ايه؟


ثم خطرت ببالها فكرة: جاتلي فكرة أنا هتوضى من أي ازازه وخلاص.


ونزلت مسرعة إلى المطبخ ثم صعدت حاملة زجاجة الماء ودخلت المرحاض مجددًا وبدأت في الوضوء ولكن أثناء ما كانت تتوضأ شعرت بيد قوية جدًا تُمسك بيداها وقدماها تمنعها أن تُكمل وضوئها لكنها كانت تقاوم ومن ثَم انتهت وخرجت شعرت بألم قدماها ويداها فنظرت إليهما وجدت بهم العديد من الكدمات فتحاملت على نفسها وأدت فرضها ومن ثَم عادت إليها نفس الأيدي لتشل حركتها لكنها لم تستسلم أبدًا مما جعلها تتأذى أذى بالغ وما إن انتهت حتى صرخت من ألم قدماها ويداها ووجدتهما ينزفان بشدة: ياربي بقى أنا هفضل في العذاب ده لامتى، يارب كل شيء ينتهي بقى، أنا تعبت.



وإذ فجأةً سمعت أحد يقول بصوتٍ غليظ: لن ينتهي بسهولة هكذا، أتظنين أن النهاية تأتي عندما نريدها أن تأتي؟ سيهوى.



بكِ المطاف إلى الجحيم يا ليليان، إلى الجحيم... وضحك ضحكة شريرة انخلع لها قلب ليليان من الخوف وبدأت الإضاءة تُغلق وتُفتح، ومن ثَم دوَت صرخة عالية جدًا على أثرها؛ كتمت ليليان أُذنيها بيداها من شدتها وانكمشت على نفسها وبعد دقيقة هدأ كل شيء؛ لكن ليليان صدمتها كانت أكبر من كل شيء وكثرت التساؤلات داخل عقلها، مَن الذي حدثها؟ وماذا يقصد بالجحيم؟ ظلت جالسة شاردة تفكر فيما حدث منذ دقائق لمدة لا تعرف مداها أفاقت على صوت أذان الفجر وقامت عالجت جروحها ودخلت المرحاض مرة ثانية وتوضأت وأدت فرضها وبعدما انتهت دخلت إلى فراشها وتدثرت جيدًا وغطت في سبات عميق.


في اليوم التالي استيقظت ليليان الساعة التاسعة صباحًا على صوت الجرس المزعج؛ فنزلت إلى الطابق السفلي وهي تسب وتلعن هذا الطارق المزعج وما إن فتحت الباب حتى قفزت فرحًا: نيرو وحشتيني اوي.


نيرة: وأنتِ كمان وحشتيني اوي.


ليليان: ادخلي ادخلي


دخلوا وأغلقت ليليان الباب وجلسوا بغرفة المعيشة


ليليان: قوليلي الاول تشربي ايه؟


نيرة: لا أنا داخلة على طمع هفطر الأول.


ليليان: لا طالما فيها فطار يبقى قومي اعملي ليا وليكِ


ثم ضحكا وظلوا يتبادلون الأحاديث والضحكات.


ليليان: يعني لولا تعب تيتة وقعدتي في البيت لوحدي مكنتش هشوفك؟


نيرة: والله يا ليلو الجامعة واخده كل وقتي.


ليليان: ولما الجامعة واخده كل وقتك جيتي ازاي دلوقتي هاا؟


نيرة: يا بنتي بطلي فضولك اللي جايبلك المصايب وموديكي في داهيه ده.


ليليان: لا يمكن ابطله أبدًا، قوليلي بردو جيتي ازاي؟


نيرة: عارفه إني مش هخلص منك، عندي يومين بس الأسبوع ده المفروض احضر فيهم فـ اتففت مع واحده زميلتي يا ستي اخد منها المحاضرات وخلاص.


ليليان: طب قومي نعمل فطار واحكيلك على اللي بيحصل معايا.


قصت عليها كل ما حدث وكمّ المعاناة التي تُعانيها.


نيرة: أنتِ مش هينفع تسكتي أبدًا يا ليليان، أنتِ كده بتأذي نفسك، أنتِ مش عارفة أن ممكن يحصل أسوأ من كده، ممكن ايه؟ ده اكيد، لازم حد يدخل وينهي المهزلة اللي بتحصل دي مش هسيبك لحد ما تحطي نفسك في الوحل اكتر من كده.


ليليان: مين اللي هيدخل يا نيرة؟ ومين اللي هيصدق؟ كل اللي حكيتلهم قالوا عني بهلوس ومجنونة حتى مفيش دليل على اللي بيحصل يبقى مين اللي هيصدق؟.


نيرة: الكدمات اللي في إيدك ورجلك دي أبسط دليل.


ليليان: دي مش دليل محدش هيصدق أقل حاجه هيقولوا وقعت والكدمات دي أثر الواقعة وخلاص، احنا لازم يكون معانا دليل قوي يا نيرة يثبت صحة كلامنا.


نيرة: طب والعمل؟


ليليان: نسيبها لله هو أكبر مني ومنك ومن كل شيء وقادر ينهي كل ده في لحظة أنا واثقة فيه، يلا بقى خلينا نفطر أحسن واقعة من الجوع.


تناولن إفطارهم وبقيا يتحدثن في شتى الأحاديث إلى أن أتى الليل وذهبوا إلى الفراش.



ليليان: اليوم عدى بسرعة اوي، ماما لو عرفت إني مروحتش الدروس النهارده هتقتلني.


نيرة: مش هفتن عليكِ متقلقيش بس همسكها ذلة عشان تعمليلي اللي عايزاه.


ليليان: بقت كده يعني؟

نيرة: ومفيش غير كده

وضحكت فقذفتها ليليان بالوسادة ويمتلئها الغيظ.


ليليان: أنا غلطانة إني بتكلم مع عيلة زيك.

نيرة: ليه بس يا ليلو أنتِ عمرك ما هتلاقي زيي.

ليليان: أيوا فعلًا عمري ما هلاقي حد استغلالي زيك.

ثم ضحكت وضحكت معها نيرة.


ليليان: يلا ننام لأني فصلت خالص


نيرة: وأنا كمان، تصبحي على خير.


ليليان: وأنتِ من أهل الجنة


واحتضنت دُميتها المفضلة وكادت تخلد إلى النوم إلى أن سمعت صوتًا خافتًا يناديها فقفزت خائفة واحتضنت دُميتها بقوة ولكن المفاجأة أن الصوت كان آتيًا منها فقذفتها بعيدًا عنها وصرخت صرخة دوت في البيت كله استيقظت على أثرها نيرة فزعة


نيرة: ليليان في ايه؟


ليليان بوجه مصفر: الباندا كان بينادي عليا قال اسمي يا نيرة قال ليليان.

فاحتضنتها نيرة: أهدي تلاقيكي بيتهيألك بس مفيش حاجه أهدي.


فصرخت ليليان مجددًا: نيرة نيرة شوفي بسرعة.

فنظرت نيرة إلى ما تشير إليه ليليان وفُتح فاهها تلقائيًا أثر الصدمة


نيرة بصدمة: ليليان الباندا بتمشي لوحدها ازاي.


لم تجيب ليليان وظلت صامتة حتى اقتربت منها الدُمية وقالت جملة مجهولة بالنسبة لهما وكانت الجملة( وكأنها دُمية مُزقت إلى أشلاء، تحتويها بِركة من الدماء... ثم صمتت قليلًا وقالت: سينتهي بكِ المطاف إلى الجحيم يا ليليان في حال تتركين المنزل) وسقطت على الأرض وكأنها لم تكن تتحرك منذ ثوانٍ فأسرعت إليها ليليان وفتحت نافذة غرفتها وقذفتها بعيدًا عن المنزل بمسافة كبيرة وجلست على الفراش لا تدرك ما الذي يدور حولها لا تشعر بأي شيء صدمتها كانت أكبر من كل ما حدث في السابق وشُغل عقلها بما قالته دمُيتها لا تستطيع تفسير الجملة وظلت تفكر طوال الليل وبجانبها نيرة تحتضها إلى أن غفت دون إرادة منها لكن لم يغمض لليليان جفن طوال الليل وعند التاسعة صباحًا غلبها النعاس وغطت في سبات عميق، استيقظت نيرة لكن لم توقظ ليليان فهي تعلم ليليان جيدًا تظل تفكر في الأمور إلى أن يُهلك عقلها من كثرة التفكير وتغفو دون إرادة منها. استيقظت ليليان عند الساعة الخامسة عصرًا لكنها كانت تبدو طبيعية وتتصرف بأريحية تامة مما أدى إلى تعجب نيرة منها هذه ليست ليليان ابنة خالتها ليست من عادتها أن تتخطى الأمور بسهولة ودون أن تصل لتحليل يرضيها ويرضي عقلها.


نيرة: ليليان أنتِ كويسه؟


ليليان: اه الحمدلله كويسه، ليه في ايه؟


نيرة: لا مفيش حاجه بس مستغربة أنك عديتي اللي حصل امبارح كده من غير ما توصلي لتحليل يرضي عقلك أو أنك تتعاملي عادي وكأن مفيش حاجه حصلت.


ليليان: لو فضلنا نفكر في اللي بيحصل في حياتنا؛ هنعيش طول حياتنا نفكر ومش هنوصل لحل واحد بل بالعكس هتلاقي نتايج وحلول كتيرة جدًا وكل نتيجة هنفضل نحللها وندور على أساسها؛ فأخدت قرار إني أبطل تفكيري الزيادة وزي ما تيجي بقى تيجي.


نيرة: بس في حاجات كتير بتتطلب تفكير وحلول كتيرة.


ليليان: أكيد بس مش هنعيش طول حياتنا نفكر فيها وندور على حلولها، احنا ندي لكل حاجه حقها مش أكتر ولا أقل، وأنا اديت للي حصل امبارح حقه من التفكير مش هفضل طول اليوم أفكر، في حاجات كتير أهم.


نيرة: عندك حق، قومي بقى اعملي أكل عشان أنا مذنبة نفسي من ساعة ما صحيت ومستنياكي ناكل سوا.

ليليان: أنتِ عايزه تفهميني إن نيرة بنت خالتي لسه مأكلتش لحد دلوقتي؟


نيرة: يعني، نأنأت حاجات بسيطة كده أسِد بيها جوع عصافير بطني.

ضحكت ليليان وضحكت معها نيرة ثم أعدوا الطعام وتناولوه في جو ملئ بالحب.


ليليان: أنا همشي بقى يادوب ألحق الدروس كفايه فوت دروس امبارح.

نيرة: ماشي يا حبيبتي خلي بالك من نفسك.


ليليان: حاضر.

ثم خرجت وذهبت إلى المجمع التعليمي إلى الساعة العاشرة مساءًا عادت إلى المنزل منهمكة


نيرة: حمدالله على السلامة يا ليلو.

ليليان: الله يسلمك.


نيرة: خالتو رنت عليكِ كتير اوي لقت موبايلك مقفول فـ كلمتني وقولتلها أنك في الدروس.

ليليان: الموبايل فصل ونسيت أخد الباور معايا، هاتي موبايلك اكلمها من عندك لحد ما اشحن موبايلي.


فأعطتها إياه وما إن فتحت رانيا الخط نزلت على ليليان بالتوبيخ

ليليان: يا ماما والله الموبايل فصل مني أعمل ايه طيب؟


رانيا: وأنا ذنبي ايه أفضل قلقانه كده وافكر أقول يا ترى حصلها ايه، ربنا يسامحك يا ليليان ربنا يسامحك.

ليليان: حقك عليا يا رونا متزعليش.


رانيا: حرام عليكِ اللي أنتِ عملتيه فيا ده، أنتِ يعني مش عارفه أنا بقلق عليكِ ازاي يا ليليان؟

ليليان: عارفه يا حبيبتي والله بس غصب عني الفون فصل ونسيت أخد الباور معايا.


رانيا: خلاص حصل خير بس بعد كده تمشي موبايلك مشحون ومعاكِ الباور كمان وإلا هوريكي الوش التاني.

ليليان: الله ليه كده بس يا ماما؟ ما احنا كنا كويسين كله إلا الوش التاني، هو أنا ليا غيرك.


رانيا: أنا قولت اللي عندي وعرفتك أنتِ حره بقى.

ليليان: حاضر يا أمي، تيتة أخبارها ايه دلوقتي؟


رانيا: الحمدلله أحسن عن الأول.

ليليان: طيب الحمدلله، عن اذنك هروح اتعشى بقى عشان واقعة من الجوع واكلمك تاني.


رانيا: ماشي يا حبيبتي، خلوا بالكوا من نفسكوا.

ليليان: حاضر يا ماما.


رانيا: يلا في رعاية الله.


ليليان: في رعاية الله.


وأغلقت الهاتف ومن ثَم تناولت الطعام مع نيرة ولم يحدث أي شيء غريب طوال اليوم، مضت الأيام ولم يحدث شيء، حتى جاءت ليلة رجوع والدتها إلى المنزل، دخلت ليليان ونيرة إلى الغرفة ليناموا ولكن وجدت ليليان دُميتها بجانب فراشها ما الذي أتى بها إلى هنا بعد أن قذفتها من نافذة غرفتها في تلك الليلة المشؤومة؟


ليليان: نيرة تعالي بسرعة بصي

نيرة: ايه ده؟ اللي جاب الباندا ده هنا؟ أنتِ مش كنتي رمتيه بعيد؟


ليليان: أيوا، جه هنا ازاي بقى؟

فتحدثت الدُمية: لقد اقتربت النهاية، حتمًا لن تُنجي منها استعدي لسقوطك بالجحيم.


ثم ضحكت ضحكة شريرة وسارت تجاه النافذة ونظرت لليليان ثم قفزت من النافذة، فركضت ليليان إلى النافذة ونظرت إلى الشارع لم تجد أي أثر لها فعادت وجلست على فراشها واضعة رأسها بين يديها.


ليليان: أعمل اي يا نيرة، الموضوع زاد عن حده وأنا تعبت

نيرة: أنا مش فاهمه أي حاجه، كل ده بيحصلك ليه أنا فكرت أنه خلاص الموضوع ده انتهى.


ليليان: وأنا كمان زيك مش عارفه اي اللي رجعه تاني، يارب بقى أنا تعبت.

ثم وقعت عيناها على الحائط بالصدفة وجدت كلمة "قربان" مكتوبة بالدماء فازدادت دهشتها ونظرت إلى نيرة فأشارت بأنها لا تفهم معنى ذلك، لم تريد ليليان أن تهلك عقلها وقررت أن تذهب للنوم.


نيرة: أنتِ هتنامي كده عادي؟


ليليان: عايزاني أعمل ايه يعني يا نيرة، أقعد أفكر زي كل يوم وبردو مبوصلش لحل؟ ولا أروح لدجال واحكيله اللي حصل ونشتغل بقى في شغل الشعوذة والسحر؟ قوليلي أعمل ايه؟







ليليان: عايزاني أعمل ايه يعني يا نيرة، أقعد أفكر زي كل يوم وبردو مبوصلش لحل؟ ولا أروح لدجال واحكيله اللي حصل ونشتغل بقى في شغل الشعوذة والسحر؟ قوليلي أعمل ايه؟


نيرة: لازم نعمل حاجه يا ليليان سكوتنا ده خطر علينا وممكن يأذي اللي حوالينا كمان.
ليليان: تصبحي على خير يا نيرة.


نيرة: ماشي يا ليليان وأنتِ من أهل الخير.
ادعت ليليان النوم لكن الخوف كان يسيطر على قلبها منذ أن رأت الكلمة المكتوبة على الحائط، حاولت أن تقنع نفسها أن كل ما يحدث 
فقط من محض الخيال لكنها لم تقتنع فلو كان من محض الخيال؛ كيف تراه نيرة معها؟ ظلت تفكر وتفكر ولم تصل إلى حل فقررت أن 
تنام وتنتظر عودة والدتها في الصباح؛ لتقص عليها ما حدث.


استيقظت ليليان ونزلت للطابق السفلي ودخلت المرحاض وأثناء ما كانت تغتسل نظرت إلى المرآة فوجدت والدتها مذبوحة وتبتسم لها ابتسامة شيطانية فألتفت إلى الوراء لم تجد شيء أعادت النظر للمرآة مرة أخرى وجدت والدتها تقترب منها ثم صرخت في أذنها فركضت ليليان خارج المرحاض ووجدت باب المنزل يُفتح وتدخل منه والدتها فسارت بسرعة وارتمت بين أحضانها
ليليان: وحشتيني اوي يا ماما.


رانيا: وأنتِ كمان وحشتيني اوي، ايه ده أنتِ وشك ماله كده؟
ليليان: ها، لا مفيش حاجه بس منمتش كويس.

رانيا: ليليان... في ايه؟
ليليان: أنا كويسه يا ماما صدقيني بس كنت سهرانة مع نيرة وصحيت بدري.
رانيا بعدم اقتناع: ماشي يا حبيبتي، أنا هطلع أنام ساعتين عشان تعبت من الطريق.


ليليان: ماشي، وأنا بقى هحضرلك غدوة إنما ايه هتاكلي صوابعك وراها.
رانيا: استر يارب.

ثم ضحكا سويًا وصعدت رانيا إلى غرفتها بينما دخلت ليليان المطبخ كي تُعد الغداء وبعد ربع ساعة وجدت ليليان نيرة وراءها فقفزت فزعة ووضعت يدها على صدرها تتنفس الصعداء
ليليان: حرام عليكِ يا شيخة أبقي اديني إنذار حتى.


نيرة: ايه يا ليلو قلبك بقى خفيف كده ليه.
ليليان: من اللي بشوفه ياختي.
نيرة: لا ده المفروض قلبك يجمد كده.


ليليان: نيرة... وأنا بغسل وشي النهارده شوفت حاجه رعبتني.
نيرة: شوفتي ايه؟ احكيلي.
قصت عليها ما حدث ووصفت لها ما رأته في المرآة.
نيرة: طب اشمعنا خالتو؟ وليه حصل ده بعد ما الباندا جه تاني؟


ليليان: مش عارفه يا نيرة مش عارفه أنا دماغي هيتفرتك من كتر التفكير، حتى ماما لاحظت أن فيا حاجه بس قولتلها أننا كنا سهرانين وصحيت بدري.


نيرة: كويس أنك مش قولتيلها حاجة دلوقتي، لما تصحى نحكيلها اللي حصل.
ليليان: مش عارفة يا نيرة وخايفة اوي من بعد اللي شوفته الصبح وأنا قلبي مقبوض.
نيرة: متقلقيش خير إن شاء الله.


ليليان: إن شاء الله، تعالي بقى افطري أنتِ لحد ما اخلص الغدا ونصحي ماما.
نيرة: ماشي يلا.


وبعد ساعتين ونصف انتهت ليليان من طهو الطعام وصعدت للطابق العلوي لتوقظ والدتها وكانت نيرة بالطابق السفلي فسمعت صراخ ليليان فصعدت مسرعة إليها وتسمرت مكانها من هول الصدمة
نيرة بصدمة: ايه الدم ده يا ليليان؟


لم تجيب ليليان واتبعت آثار الدماء الخارجة من غرفة والدتها إلى أن انتهت عند غرفتها وخلفها نيرة، ففتحت الباب ووقعت مغشيًا عليها من بشاعة المنظر بينما نيرة لم تستطع النطق أو التحرك فكانت الغرفة ملطخة كليًا بالدماء والحوائط الاربعة مكتوب عليها كلمة قربان بالدماء، والصدمة المفجعة وجدت جثة خالتها كانت مذبوحة ومقطعة إلى أشلاء متناثرة في أرضية الغرفة لم تتحمل بشاعة المنظر وأغلقت باب الغرفة ودخلت غرفة ليليان بسرعة وأحضرت زجاجة عطر كي تفيق ليليان وبعد عدة محاولات أفاقت ليليان ولكن كانت صامتة لا تلبي نداء نيرة مطلقًا وفتحت الباب ونظرت إلى جثة والدتها ففاضت عيناها بالدموع وفجأة وجدت أشلاء الجثة ترتفع في الهواء وتجمعت ثانيةً لكنها مازالت مذبوحة وتتساقط الدماء من رقبتها و اقتربت من ليليان ونيرة وصرخت صرخة عالية جدًا وفي لحظة سقطت على الأرض متحولة إلى أشلاء مرة أخرى وابتلعتها الأرض وكأنها لم تتواجد لكن مازالت الدماء موجودة.
نيرة: ليليان احنا لازم نمشي من هنا.


صرخت بها ليليان: نمشي ازاي هاا نمشي ازاي أنتِ مش شايفه اللي حصل وبيحصل، فهمتي دلوقتي جملة الباندا فهمتي.
خانتها قدماها وسقطت على الأرض ودخلت في نوبة بكاء هستيرية وفجأة وجدت الدُمية أمامها.

الدُمية بصوت ينخلع له القلب من شدة رعبه: لمَ تبكين يا ليليان؟ فأنا أخبرتك ليلة أمس بما سيحدث فلماذا البكاء الآن؟ تذكري أنني أخبرتك بعدم تركك للمنزل وإلا سيكون مصيرك الجحيم... يا ليلو.
ثم اختفت وزاد الخوف في قلب ليليان وقررت ترك المنزل وتناست ما قالته دمُيتها
ليليان: قومي يا نيرة يلا نمشي من هنا قومي.



نيرة: أنتِ مسمعتيش اللي قالته اللعبة يا ليليان؟ عايزة تخاطري بحياتك؟
ليليان بصراخ: أنا همشي من هنا يعني همشي يا نيرة أنا مش هستحمل أقعد ثانية واحدة في البيت ده، ثم هدأت نبرتها : ماما يا نيرة ماما... وبكت بشدة


احتضنتها نيرة: ششش أهدي يا ليليان أهدي، هنمشي وهعملك كل اللي أنتِ عايزاه بس أهدي.
ليليان: يلا نمشي دلوقتي حالًا.


وأمسكت بيد نيرة واتجهت إلى الباب ولكن عندما فتحته انقطع التيار عن المنزل وأُغلق الباب وظهر شيء أشبه بالمسخ وضحك ضحكة انخلع لها قلب ليليان ونيرة وأمسكا ببعضها البعض خائفتين
المسخ: إلى أين أنتِ ذاهبة يا ليليان؟ ألم تخبركِ دميتك أن الجحيم مصيرك في حال تتركين البيت؟ أم أنكِ لا تخافين؟


ليليان بصراخ: انتوا مين وبتعملوا فيا كده ليه؟
المسخ: من حُسن حظك اختارك الشيطان لتكوني له ابنة وخادمة، تنفذين له كل ما يطلبه وتطعين أوامره دون أدنى اعتراض.
ليليان: لا يمكن ده يحصل أبدًا لا يمكن.


المسخ: إذًا أنتِ مَن أختار نهايته بيده، ستندمين على اعتراضك هذا.
ثم نظر لنيرة نظرة لم تفهم ما وراءها، واشعل النيران حولهما وضحك ضحكة شريرة وفجأة اختفى وعاد التيار من جديد واختفت النيران معه.


جثت ليليان على ركبتيها وبكت: ياربي أعمل ايه، فوضت أمري إليك يارب، خلصني من الكابوس ده بقى.
نيرة: قومي يا ليليان أنا عندي حل.
ليليان: حل ايه يا نيرة معتش فارق معايا حلول، أنا عايزة أمي ترجع.


نيرة: قومي بس خلينا نمشي بسرعة لازم نرجع الشرقية دلوقتي.
جذبت يد ليليان وخرجت بسرعة من المنزل تاركين خلفهم كل شيء ومن حُسن حظهما كان معهم ما يكفي من المال للوصول إلى الشرقية، وصلا إلى منزل جدتهم وكانت تحسنت حالتها كثيرًا فدخلوا بسرعة وألقوا التحية على أهل المنزل ودخلوا غرفة جدتهما.
نيرة: ازيك يا تيتة


الجدة باستغراب من هيئتهما ووجود ليليان بالأخص: الحمدلله يا حبيبتي، في ايه مالك أنتِ وليليان خاسين كده ليه ووشكوا خايف؟ وايه اللي جاب ليليان دلوقتي ورانيا لسه ماشيه
ما إن جاء اسم والدة ليليان حتى دخلت في نوبة بكاء هستيرية فاحتضنتها جدتها بقلق: مالك يا حبيبتي في ايه؟


نيرة بتردد: هحكيلك يا تيتة
ثم قصت عليها كل ما حدث من البداية إلى اللحظة التي خرجن فيها من المنزل، كانت الجدة تستمع إلى نيرة وعندما أخبرتها بما حدث لابنتها شُلّت حركتها تمامًا
نيرة: تيته أنتِ كويسه؟ أنتِ سمعاني؟


الجدة: بنتي، رانيا
نيرة: أرجوكِ يا تيته شوفيلنا حل دلوقتي، أنا عارفه أنك تعرفي حد بيفهم في الجان والكلام ده كله.
الجدة: رانيا بنتي ماتت يا نيرة، مش هشوفها تاني؟ دي كانت معايا من كام ساعه يا نيرة، كده خلاص راحت.
ليليان: أرجوكِ يا تيته فوقي أنا محتاجالك اوي دلوقتي، أرجوكِ قوليلي ايه الحل أنا مبقيتش قادره استحمل مش حِمل حاجه تانيه.
كانت الجدة ذي قلب طيب لكنها كانت امرأة قوية جدًا فمن بعد وفاة زوجها أصبح قلبها معتادًا على هذه الأخبار لكنها لم تتوقع أن يأتي يوم وتسمع خبر وفاة أحدًا من أبناءها ولكن يجب عليها أن تنتشل حفيدتها من المستنقع التي وقعت به، فتحاملت على نفسها رغم اعتصار فؤادها على فراق ابنتها



الجدة ببكاء: أنا أعرف شيخ يقدر يطرد كل ده من البيت ويبعدهم عنك
ليليان بلهفة: طب كلميه يا تيتة مستنيه ايه؟
الجدة ومازالت مستمرة بالبكاء: خدي الموبايل اهو هتلاقيه متسجل باسم الشيخ إبراهيم، رني عليه.
أخذت ليليان الهاتف بسرعة ونفذت ما قالته جدتها وبعد محاولات عدة لم تجد أي إجابة من الشيخ إبراهيم


ليليان: مش بيرد، ايه الحل دلوقتي؟
الجدة: خلاص هو هيرن لوحده لما يشوف الإتصالات.
ليليان: أنا تعبانه اوي يا تيتة، مش قادره أصدق اللي حصل لماما، مش قادره أصدق إنها راحت مني خلاص وراحت بالطريقة دي هي 
متستاهلش اللي حصلها ده، أنا السبب أنا السبب.


وارتمت بين أحضان جدتها وظلت تبكي بحرقة
الجدة: أنتِ ملكيش ذنب يا ليليان، كل واحد ربنا كاتبله هيموت أمتى وازاي وفين يا حبيبتي ودي حاجه مش بأيدينا، لازم نرضى بقضاء ربنا وحكمته.


ليليان: طب ليه يا تيتة أنا اللي بيحصلي كده، اشمعنا أنا؟ هو ربنا مش بيحبني؟
الجدة: لا طبعًا ربنا بيحبك واللي ربنا بيحبه بيبتليه.
واهتز هاتف الجدة معلنًا عن اتصال من الشيخ إبراهيم فجففت دموعها وأخذت الهاتف وأجابت سريعًا
الجدة: سلام عليكم ازيك يا شيخنا.


الشيخ إبراهيم: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، الحمدلله يا أم محمد أخبارك وأخبار صحتك ايه؟
الجدة: نحمد الله ونشكر فضله.
الشيخ إبراهيم: خير يا أمي اتصلتي عليا بس كنت في المسجد والموبايل في البيت، في حاجه ولا ايه؟


الجدة: خير إن شاء الله، لو فاضي دلوقتي عدي عليا.
الشيخ إبراهيم: خلاص مسافة السكة وأكون عندك.
الجدة: تسلم يا شيخنا، أنا في إنتظارك.


الشيخ إبراهيم: وأنا مش هتأخر بإذن الله، يلا في رعاية الله.
الجدة: إن شاء الله، في أمان الله.
وأغلقت الهاتف.


الجدة: الشيخ إبراهيم جاي في الطريق يا ليليان عايزاكي تحكيله كل اللي حصل بالتفصيل من أول يوم لحد النهارده.
ليليان: حاضر يا تيتة بس أنتِ واثقه فيه يعني أنه هيقدر ينهي اللي بيحصل؟
الجدة: أيوا طبعًا دي البلد كلها عارفه مين الشيخ إبراهيم وقادر يعمل ايه، ده راجل اسم الله عليه مفيش عليه غبار أبدًا وكل الناس بتلجأله وراجل بتاع ربنا.


ليليان: وطالما من طرفك أنا واثقة فيه ده أنتِ الخير والبركة يا تيتة، أنتِ اللي بقيالي.
وبعد عشرون دقيقة أتى الشيخ إبراهيم
الشيخ إبراهيم وهو يغض بصره: احم احم السلام عليكم


الجدة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، اتفضل يا شيخ إبراهيم اتفضل ده البيت نور
الشيخ إبراهيم: الله يكرمك يا أمي منور بأصحابه.
الجدة: تشرب ايه؟


الشيخ إبراهيم: الله يكرمك مش عايز حاجه.
الجدة: لا والله ما ينفع أبدًا يعني تيجي لحد هنا وتمشي كده من غير ما تشرب أي حاجه لا ميصحش.
الشيخ إبراهيم: خلاص كوباية مايه بس.


الجدة: قومي يا نيرة هاتي مايه واعملي شاي بسرعة.
الشيخ إبراهيم: لا ملوش لزوم يا أم محمد كتر خيرك، المهم قوليلي في ايه.
الجدة: الحقيقة مش أنا اللي هقول؛ ليليان حفيدتي هي اللي هتقول.


الشيخ إبراهيم: خير يا بنتي في ايه؟
قصت عليه ليليان كل ما حدث لها منذ أن سكنت البيت هي ووالدتها إلى لحظة خروجها منه مع نيرة
الشيخ إبراهيم: أنا لازم اروح هناك عشان لو اللي في دماغي صح هيكون في خطر كبير جدًا عليكِ.
ليليان: اللي هو ايه ده؟


تجاهل الشيخ إبراهيم سؤالها: احنا لازم نروح هناك في أقرب وقت.
ليليان: خلاص نروح بكره الصبح.
الشيخ إبراهيم: الساعة تمانية هكون موجود هنا بإذن الله، هقوم امشي أنا بقى عن اذنكوا.


الجدة: اتفضل يا شيخنا نورتنا.
الشيخ إبراهيم: منور بأهله، يلا السلام عليكم.
الجدة: عليكم السلام ورحمة الله وبركاتة.


غادر الشيخ إبراهيم البيت واستأذنت ليليان أن تخلد للنوم لكن لم يغمض لها جفن طوال الليل، صورة جثة والدتها لم تفارق رؤياها ولم تتوقف عيناها عن ذرف الدموع إلى أن شق النهار ظلمة الليل وأتى الشيخ إبراهيم فقامت ليليان ومعها نيرة وغادروا منزل الجدة متجهين إلى منزل ليليان، ما إن وصلوا ودخلوا البيت حتى اقشعر جسد الشيخ إبراهيم وظل يردد بعضًا من آياتِ الله
الشيخ إبراهيم: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق.


ظل يرددها كثيرًا، وفجأة انقطع التيار وظهرت الدُمية ولكن هذه المرة كانت مشوهة تمامًا وتتساقط منها الدماء
الدُمية: ليليان هل أنتِ متعجلة على هلاككِ؟ أم تتحدين الشيطان؟... ثم صرخت: مَن هذا الذي تجرأتِ وادخلتيه منزلنا؟
الشيخ إبراهيم: أنا اللي هقضي عليكوا.


الدُمية: يا لكَ من واثق، لم ولن يستطيع أحد أن يفعل ما تقوله، وأنتِ يا ليليان اقتربت نهايتكِ جدًا حتمًا ستنالين عقابكِ لمخالفة أوامر الشيطان.
ثم اختفت الدُمية ولكن لم تختفي آثار الدماء التي كانت تتساقط منها.


سلط الشيخ إبراهيم نظره على أحد الحوائط وجلس مقابلًا
الشيخ إبراهيم: اقعدي يا ليليان أنتِ ونيرة بسرعه اقعدوا


فجلسوا جميعًا على الأرض وأخرج الشيخ إبراهيم شمعة من حقيبة يده وظل يتمتم بكلمات مجهولة لليليان ونيرة ومن ثَم فجأة ظهر شيء 
أقل ما يُقال عنه من بشاعة منظره أنه مسخ من الجن
الشيخ إبراهيم: انتوا مين؟ وعايزين ايه؟


المسخ: نحن سكان المنزل، كل مَن يسكن هذا البيت عليه أن يصبح عبدًا للشيطان وإلا سيُهلك ولن يلاقي مصيره غير الجحيم.
فتوقعات الشيخ إبراهيم كانت في محلها تمامًا عندما أخبرته ليليان عما حدث أثارت الشكوك عقله بأن هذا المنزل كأن لأحد من عبدة الشياطين.


الشيخ إبراهيم: لا يمكن ده يحصل كله إلا الشرك بالله.
المسخ: لم تعد لديكِ أي فرصة يا ليليان أنتِ مَن أختار الجحيم مصيره.
واقترب المسخ منها ثم قام بإمساك رقبتها فأمسك الشيخ إبراهيم ليليان وظل يتلو القرآن الكريم فصرخ المسخ وترك ليليان تلقائيًا فسقطت على الأرض تسعل بشدة، آثار الشيخ إبراهيم غضب المسخ فهجم عليه لكنه لم يستطع أن يأذيه
المسخ: نهايتك ستكون مأساوية للغاية أيها الرجل الملعون.



الشيخ إبراهيم: عايزين ايه وتخرجوا من هنا وتبعدوا عن ليليان؟
كان الشيخ إبراهيم له عشيرة من الجن المسلم يساعدونه في عمله الخير فأخبروه أنه يوجد عدد هائل من الجان في هذا المنزل وجميعهم موجودين الآن.


المسخ: لا نريد شيء سوى أن تكون هذه الفتاة ابنة الشيطان وخادمته.
فقال الشيخ إبراهيم شيء آثار غضب المسخ فهجم على نيرة ومزقها إلى أشلاء وابتلعها واختفى داخل الحائط كل هذا تحت أنظار ليليان والشيخ إبراهيم وفجأة وجدوا الجدران تشتعل بالنيران وتُلطخ بالدماء فجذب الشيخ إبراهيم ليليان قائلًا: يلا بسرعة لازم نخرج من هنا
ركضت ليليان دون أن تنطق بكلمة واحدة فصدمتها بمَ حدث منذ دقائق كانت أكبر من أي شيء، خرجوا من المنزل وقفوا بعيدًا عنه عدة أمتار وبعد مرور عشرة دقائق وجدوا البيت ينفجر محدثًا صوتًا عاليًا وتعالت الصرخات به فجذب الشيخ إبراهيم ليليان مجددًا وعادوا إلى الشرقية وكل هذا ومازالت ليليان ملتزمة الصمت حتى دخلوا البيت فارتمت في أحضان جدتها وظلت تبكي بهسترية
الجدة: شششش أهدي يا حبيبتي أنا معاكِ اهو أهدي.



ليليان: نيرة كمان راحت يا تيته اخدوها مني.
لم تفهم الجدة ما قالته ليليان فسألت الشيخ إبراهيم


الشيخ إبراهيم: زي ما توقعت البيت كان لأحد الكهنة الكبار لعبدة الشيطان وكل اللي بيسكن فيه لازم يكون زيهم وإلا هيعيش في عذاب طول عمره حتى لو ساب البيت بس الحمدلله قدرت أتخلص منهم والبيت كان لازم يتحرق معاهم، لكن للأسف أخد نيرة.
جدتها: يعني ايه أخد نيرة مش فاهمه.

الشيخ إبراهيم: البقاء لله يا أم محمد نيرة كانت ضحية ليهم.
فصرخت الجدة فقد كانت نيرة ابنتها وليست حفيدتها بعدما توفى والديها في حادث سير وهي مَن تعتني بها فها هي خسرت بناتها الإثنين في يومين.


مضت الأيام ودخلت ليليان مصحة نفسية فمن بعد فقدانها لوالدتها ونيرة وبدأت حالتها النفسية تدهور تمامًا فكانت بحاجة إلى العلاج النفسي، ظلت داخل المصحة وخرجت بعد ثمانية أشهر، كان هذا اليوم عيدًا بالنسبة لها ولجدتها
الجدة: حمدالله على السلامة يا نن عيوني.
ليليان: الله يسلمك يا تيتة.


الجدة: أيوا كده البيت بقاله نور وحِس كده.
ليليان: ربنا يباركلي فيكِ يا تيتة ويطول في عمرك يارب.
الجدة: ويفرحني بيكِ يا ضنايا.


ظلت ليليان مقيمة مع جدتها ومضت الأيام ودخلت الجامعة وأصبحت صحافية مشهورة، وكان لها إسمًا كبيرًا في عمود الخوارق وما وراء الطبيعة، وفي ليلة من الليالي كانت نائمة واستيقظت منتصف الليل فنظرت إلى زاوية الغرفة وجدت دُميتها تبتسم لها ابتسامتها المعتادة فابتسمت لها ليليان ونامت مجددًا.


تمت. 





تعليقات