حكاية المختارة للكاتب محمد أحمد عباس
في وقتٍ متأخر من الليل صمت يَعم المكان، عقارب الساعة تشير إلى الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، أنفاس متلاحقة كأنها تُصارع الموت وفجأة تدوي صرخة في المكانٍ تجري على أثرها امرأة في أوائل العقد الرابع من عمرها إنها تعرف جيدًا ماذا يحدث فقد اعتادت على هذا الأمر منذ انتقالها إلى هذا البيت لكن كل مرةً ينخلع قلبها خوفًا على ابنتها الوحيدة، تخطو بسرعة إلى غرفتها لتجدها فاقدة الوعي، سكبت الماء على وجهها فانتفضت مذعورة.
الأم(رانيا): شششش اهدي مفيش حاجة.
الابنة(ليليان): شوفته يا أمي كان هنا قالي أنه مش هسيبني كان في أيده سكينة عايز يقتلني..
وبدأت في البكاءِ والصُراخ، بدأت والدتها تتلي بعضًا من آياتِ الله حتى سكنت وغاطت في سباتٍ عميق.
توالت الأيام وكل ليلة يحدث الأمر المعتاد لـ ليليان إلى أن أتى يوم واضطرت رانيا السفر إلى والدتها في الشرقية من أجل مرضها تاركة ليليان بمفردها في المنزل.
رانيا: ليليان أنا لازم اسافر يا حبيبتي تيتة تعبانة جدًا ومحتاجاني جنبها هرجع بعد أسبوع خلي بالك من نفسك وخلي القرآن شغال في البيت دايمًا وكلميني على طول.
ليليان: ماما أنا خايفة أقعد في البيت لوحدي، أنا هاجي معاكِ.
رانيا: والله يا حبيبتي أنا مش عايزه اسيبك ونِفسي اخدك معايا بس دروسك وأنتِ دلوقتي تالتة ثانوي لازم تروحي الدروس وتذاكري وأنا كل شوية هكلمك هكون معاكِ على طول، متخافيش مش هتحسي بغيابي.
ثم احتضنتها مودعة إياها، وصدعت ليليان إلى الطابق العلوي وظلت حبيسة غرفتها مع كُتبها إلى الساعة العاشرة مساءًا شعرت بالجوع فقررت الذهاب إلى المطبخ لتُحضر أي شيء تأكله وأثناء إحضارها الطعام شعرت بأنفاس ساخنة جدًا على وجنتيها وفجأة وجدت شيء ما ركض بسرعة البرق من خلفها فانتفضت مذعورة وسقطت الأطباق على الأرض متهشمة، جلست القرفصاء كي تنظف الأرض إذا فجأةً وجدت قطرات دماء تتساقط عليها من اللاشيء والمنزل يهتز بشدة وكأنه زلزال بقوة مائة ريختر، وكل شيء يسقط على الأرض؛ تنفجر منه عيون الدماء فـ صرخت وركضت إلى باب المنزل لكي تخرج .
وتستنجد بأي أحد من الجيران لكن هناك يد قوية خفية ممسكة بمقبض الباب، ولا أحد يسمع صراخها فماذا ستفعل؟ بسرعة أخرجت هاتفها من كنزتها وقامت بتشغيل آيات الله بأعلى صوت فبدأ كل شيء يعود طبيعيًا وهدأ اهتزاز المنزل لكن مازالت الأرض غارقة بالدماء، ظلت ليليان تبكي وهاتفت والدتها وأخبرتها عما حدث فطلبت منها أن تلتقط بعض الصور وترسلهم إليها فنفذت ليليان طلب والدتها لكن تفاجأت بأن الصور يبدو بها كل شيء طبيعي، كل شيء في مكانه لم يُزاح إنش واحدًا حتى؛ لكنها تراها أمام عيناها فبدأت تغمض عينيها وتفتحها من جديد وتلقي نظراتها بين الصور والحقيقة فتجد أنه لم يتغير شيء الأرض غارقة بالدماء والصور يوجد بها كل شيء طبيعي فقامت وسارت ببطئ وفتحت كاميرا هاتفها وبدأت تتحسس الجدران والأرضية وتشعر بالدماء على يدها لكن عندما تراها بالكاميرا لا ترى أي شيء من هذا مما جعل عقلها يبدأ بالتشتت فصرخت: أنا مش مجنونة، كل شيء بيحصل أنا متأكدة أنه حقيقي، كل ده بيحصل ليه لييييه.
ظلت تصرخ وتبكي إلى أن هدأت متخذة قرار أنها ستواجه وستظل تبحث عن الحقيقة وراء كل ما يحدث وتُثبتها وتُنهي كل هذا الهراء، وقفت بشموخ وثقة: أنا مش خايفة، خلاص اتعودت ومبقيتش اتفاجأ ولا أخاف من أي شيء بيحصل وهيحصل ومش هسكت وهثبت للكل إني مش مجنونة، هثبت لصحابي أن كل شيء حقيقي هخليهم يبطلوا يقولولي أني مكاني مع المجانين، أنا أقوى من أي شيء وكل شيء..
أخذت نفس عميق وأخرجته ببطئ وبدأت في تنطيف المنزل وبعد ساعات انتهت وجلست بتعب: اوووف أخيرًا خلصت، الساعة بقت اتناشر ونص ولسه مأكلتش دي ماما لو عرفت هتقتلني.
ثم ضحكت بسخرية: هه أقوم أعمل أكل قبل ما المهزلة الجديدة تحصل.
وأحضرت الطعام واكتشفت أنها كانت جائعة للغاية: ايه ده أنا كنت في مجاعة ولا ايه؟
ثم تذكرت شيء: يا خبر دي ماما قالتلي اطمنها عليا والفون فصل أما اقوم بسرعة أكلمها قبل ما الساعة تيجي واحدة ويجي زوار الليل يعطلوني، ثم ضحكت ووضعت هاتفها بالشاحن وهاتفت والداتها.
رانيا بقلق بالغ: ليليان أنتِ فين من ساعتها وقافلة موبايلك ليه؟.
ليليان: اهدي يا ماما أنا كويسة الحمدلله بس الفون فصل ونسيت احطه في الشاحن.
رانيا: نسيتي تشحنيه وتسيبيني أموت من القلق عليكِ يعني يا ليليان، ربنا يسامحك.
ليليان: بعد الشر عنك يا رونا عايزه تسيبيني لوحدي.
رانيا: لا يا حبيبتي مقدرش اسيبك، المهم قوليلي حصل حاجة تاني؟
ليليان: لا محصلش حاجة أنا نضفت البيت وأكلت، ماما أنا مبقيتش خايفة منهم أنا هواجه كل شيء مش هسيب كائن خفي زي ده يتحكم فيا ولا يخوفني، أنا أقوى منهم بكتير وربنا معايا أقوى مني ومنهم ومن أي شيء.
رانيا بفخر: هي دي ليلو بنتي أنا واثقة أنك قوية وهتقدري تواجهي أي شيء بس أنا مش هطمن وأنتِ قاعدة لوحدك، نيرة بنت خالتك هتجيلك بكره تقعد معاكِ لحد ما ارجع.
ليليان: بجد!! دي وحشاني جدًا، أحسن حاجة عملتيها.
رانيا بتحذير: ليليان مش عايزة مشاكل هاا، لمتك أنتِ ونيرة على بعض مبيجيش من وراها غير المصايب، فـ مش عايزة أسمع شكوى واحدة من الجيران سمعاني.
ليليان: حاضر يا ماما، قوليلي تيتة عاملة ايه؟
رانيا: كويسة يا حبيبتي الحمدلله أحسن.
ليليان: سلميلي عليها كتير.
رانيا: الله يسلمك من كل سوء ويحفظك ليا يا حبيبتي، يلا قومي نامي عشان دروسك وأول ما تصحي افطري وكلميني.
ليليان: حاضر يا حبيبتي، تصبحي على خير.
رانيا: وأنتِ من أهل الجنة يا جميلتي.
أنهت المكالمة مع والدتها وعزمت على أن تُصلي قيام الليل عسى أن يهدأ الحال الليلة ولا تحدث كارثة جديدة، فـ دخلت إلى المرحاض وفتحت الصنبور كي تتوضأ وما إن نزلت الماء تحولت إلى اللون الأحمر لا تعرف إذا كانت دماءًا أم أنه مجرد لون لوهلة دبَّ الرعب بقلبها لكن عليها أن تنهي هذا الكابوس: طب ايه ده بقى، اتيمم أنا دلوقتي ولا اعمل ايه؟
ثم خطرت ببالها فكرة: جاتلي فكرة أنا هتوضى من أي ازازه وخلاص.
ونزلت مسرعة إلى المطبخ ثم صعدت حاملة زجاجة الماء ودخلت المرحاض مجددًا وبدأت في الوضوء ولكن أثناء ما كانت تتوضأ شعرت بيد قوية جدًا تُمسك بيداها وقدماها تمنعها أن تُكمل وضوئها لكنها كانت تقاوم ومن ثَم انتهت وخرجت شعرت بألم قدماها ويداها فنظرت إليهما وجدت بهم العديد من الكدمات فتحاملت على نفسها وأدت فرضها ومن ثَم عادت إليها نفس الأيدي لتشل حركتها لكنها لم تستسلم أبدًا مما جعلها تتأذى أذى بالغ وما إن انتهت حتى صرخت من ألم قدماها ويداها ووجدتهما ينزفان بشدة: ياربي بقى أنا هفضل في العذاب ده لامتى، يارب كل شيء ينتهي بقى، أنا تعبت.
وإذ فجأةً سمعت أحد يقول بصوتٍ غليظ: لن ينتهي بسهولة هكذا، أتظنين أن النهاية تأتي عندما نريدها أن تأتي؟ سيهوى.
بكِ المطاف إلى الجحيم يا ليليان، إلى الجحيم... وضحك ضحكة شريرة انخلع لها قلب ليليان من الخوف وبدأت الإضاءة تُغلق وتُفتح، ومن ثَم دوَت صرخة عالية جدًا على أثرها؛ كتمت ليليان أُذنيها بيداها من شدتها وانكمشت على نفسها وبعد دقيقة هدأ كل شيء؛ لكن ليليان صدمتها كانت أكبر من كل شيء وكثرت التساؤلات داخل عقلها، مَن الذي حدثها؟ وماذا يقصد بالجحيم؟ ظلت جالسة شاردة تفكر فيما حدث منذ دقائق لمدة لا تعرف مداها أفاقت على صوت أذان الفجر وقامت عالجت جروحها ودخلت المرحاض مرة ثانية وتوضأت وأدت فرضها وبعدما انتهت دخلت إلى فراشها وتدثرت جيدًا وغطت في سبات عميق.
في اليوم التالي استيقظت ليليان الساعة التاسعة صباحًا على صوت الجرس المزعج؛ فنزلت إلى الطابق السفلي وهي تسب وتلعن هذا الطارق المزعج وما إن فتحت الباب حتى قفزت فرحًا: نيرو وحشتيني اوي.
نيرة: وأنتِ كمان وحشتيني اوي.
ليليان: ادخلي ادخلي
دخلوا وأغلقت ليليان الباب وجلسوا بغرفة المعيشة
ليليان: قوليلي الاول تشربي ايه؟
نيرة: لا أنا داخلة على طمع هفطر الأول.
ليليان: لا طالما فيها فطار يبقى قومي اعملي ليا وليكِ
ثم ضحكا وظلوا يتبادلون الأحاديث والضحكات.
ليليان: يعني لولا تعب تيتة وقعدتي في البيت لوحدي مكنتش هشوفك؟
نيرة: والله يا ليلو الجامعة واخده كل وقتي.
ليليان: ولما الجامعة واخده كل وقتك جيتي ازاي دلوقتي هاا؟
نيرة: يا بنتي بطلي فضولك اللي جايبلك المصايب وموديكي في داهيه ده.
ليليان: لا يمكن ابطله أبدًا، قوليلي بردو جيتي ازاي؟
نيرة: عارفه إني مش هخلص منك، عندي يومين بس الأسبوع ده المفروض احضر فيهم فـ اتففت مع واحده زميلتي يا ستي اخد منها المحاضرات وخلاص.
ليليان: طب قومي نعمل فطار واحكيلك على اللي بيحصل معايا.
قصت عليها كل ما حدث وكمّ المعاناة التي تُعانيها.
نيرة: أنتِ مش هينفع تسكتي أبدًا يا ليليان، أنتِ كده بتأذي نفسك، أنتِ مش عارفة أن ممكن يحصل أسوأ من كده، ممكن ايه؟ ده اكيد، لازم حد يدخل وينهي المهزلة اللي بتحصل دي مش هسيبك لحد ما تحطي نفسك في الوحل اكتر من كده.
ليليان: مين اللي هيدخل يا نيرة؟ ومين اللي هيصدق؟ كل اللي حكيتلهم قالوا عني بهلوس ومجنونة حتى مفيش دليل على اللي بيحصل يبقى مين اللي هيصدق؟.
نيرة: الكدمات اللي في إيدك ورجلك دي أبسط دليل.
ليليان: دي مش دليل محدش هيصدق أقل حاجه هيقولوا وقعت والكدمات دي أثر الواقعة وخلاص، احنا لازم يكون معانا دليل قوي يا نيرة يثبت صحة كلامنا.
نيرة: طب والعمل؟
ليليان: نسيبها لله هو أكبر مني ومنك ومن كل شيء وقادر ينهي كل ده في لحظة أنا واثقة فيه، يلا بقى خلينا نفطر أحسن واقعة من الجوع.
تناولن إفطارهم وبقيا يتحدثن في شتى الأحاديث إلى أن أتى الليل وذهبوا إلى الفراش.
ليليان: اليوم عدى بسرعة اوي، ماما لو عرفت إني مروحتش الدروس النهارده هتقتلني.
نيرة: مش هفتن عليكِ متقلقيش بس همسكها ذلة عشان تعمليلي اللي عايزاه.
ليليان: بقت كده يعني؟
نيرة: ومفيش غير كده
وضحكت فقذفتها ليليان بالوسادة ويمتلئها الغيظ.
ليليان: أنا غلطانة إني بتكلم مع عيلة زيك.
نيرة: ليه بس يا ليلو أنتِ عمرك ما هتلاقي زيي.
ليليان: أيوا فعلًا عمري ما هلاقي حد استغلالي زيك.
ثم ضحكت وضحكت معها نيرة.
ليليان: يلا ننام لأني فصلت خالص
نيرة: وأنا كمان، تصبحي على خير.
ليليان: وأنتِ من أهل الجنة
واحتضنت دُميتها المفضلة وكادت تخلد إلى النوم إلى أن سمعت صوتًا خافتًا يناديها فقفزت خائفة واحتضنت دُميتها بقوة ولكن المفاجأة أن الصوت كان آتيًا منها فقذفتها بعيدًا عنها وصرخت صرخة دوت في البيت كله استيقظت على أثرها نيرة فزعة
نيرة: ليليان في ايه؟
ليليان بوجه مصفر: الباندا كان بينادي عليا قال اسمي يا نيرة قال ليليان.
فاحتضنتها نيرة: أهدي تلاقيكي بيتهيألك بس مفيش حاجه أهدي.
فصرخت ليليان مجددًا: نيرة نيرة شوفي بسرعة.
فنظرت نيرة إلى ما تشير إليه ليليان وفُتح فاهها تلقائيًا أثر الصدمة
نيرة بصدمة: ليليان الباندا بتمشي لوحدها ازاي.
لم تجيب ليليان وظلت صامتة حتى اقتربت منها الدُمية وقالت جملة مجهولة بالنسبة لهما وكانت الجملة( وكأنها دُمية مُزقت إلى أشلاء، تحتويها بِركة من الدماء... ثم صمتت قليلًا وقالت: سينتهي بكِ المطاف إلى الجحيم يا ليليان في حال تتركين المنزل) وسقطت على الأرض وكأنها لم تكن تتحرك منذ ثوانٍ فأسرعت إليها ليليان وفتحت نافذة غرفتها وقذفتها بعيدًا عن المنزل بمسافة كبيرة وجلست على الفراش لا تدرك ما الذي يدور حولها لا تشعر بأي شيء صدمتها كانت أكبر من كل ما حدث في السابق وشُغل عقلها بما قالته دمُيتها لا تستطيع تفسير الجملة وظلت تفكر طوال الليل وبجانبها نيرة تحتضها إلى أن غفت دون إرادة منها لكن لم يغمض لليليان جفن طوال الليل وعند التاسعة صباحًا غلبها النعاس وغطت في سبات عميق، استيقظت نيرة لكن لم توقظ ليليان فهي تعلم ليليان جيدًا تظل تفكر في الأمور إلى أن يُهلك عقلها من كثرة التفكير وتغفو دون إرادة منها. استيقظت ليليان عند الساعة الخامسة عصرًا لكنها كانت تبدو طبيعية وتتصرف بأريحية تامة مما أدى إلى تعجب نيرة منها هذه ليست ليليان ابنة خالتها ليست من عادتها أن تتخطى الأمور بسهولة ودون أن تصل لتحليل يرضيها ويرضي عقلها.
نيرة: ليليان أنتِ كويسه؟
ليليان: اه الحمدلله كويسه، ليه في ايه؟
نيرة: لا مفيش حاجه بس مستغربة أنك عديتي اللي حصل امبارح كده من غير ما توصلي لتحليل يرضي عقلك أو أنك تتعاملي عادي وكأن مفيش حاجه حصلت.
ليليان: لو فضلنا نفكر في اللي بيحصل في حياتنا؛ هنعيش طول حياتنا نفكر ومش هنوصل لحل واحد بل بالعكس هتلاقي نتايج وحلول كتيرة جدًا وكل نتيجة هنفضل نحللها وندور على أساسها؛ فأخدت قرار إني أبطل تفكيري الزيادة وزي ما تيجي بقى تيجي.
نيرة: بس في حاجات كتير بتتطلب تفكير وحلول كتيرة.
ليليان: أكيد بس مش هنعيش طول حياتنا نفكر فيها وندور على حلولها، احنا ندي لكل حاجه حقها مش أكتر ولا أقل، وأنا اديت للي حصل امبارح حقه من التفكير مش هفضل طول اليوم أفكر، في حاجات كتير أهم.
نيرة: عندك حق، قومي بقى اعملي أكل عشان أنا مذنبة نفسي من ساعة ما صحيت ومستنياكي ناكل سوا.
ليليان: أنتِ عايزه تفهميني إن نيرة بنت خالتي لسه مأكلتش لحد دلوقتي؟
نيرة: يعني، نأنأت حاجات بسيطة كده أسِد بيها جوع عصافير بطني.
ضحكت ليليان وضحكت معها نيرة ثم أعدوا الطعام وتناولوه في جو ملئ بالحب.
ليليان: أنا همشي بقى يادوب ألحق الدروس كفايه فوت دروس امبارح.
نيرة: ماشي يا حبيبتي خلي بالك من نفسك.
ليليان: حاضر.
ثم خرجت وذهبت إلى المجمع التعليمي إلى الساعة العاشرة مساءًا عادت إلى المنزل منهمكة
نيرة: حمدالله على السلامة يا ليلو.
ليليان: الله يسلمك.
نيرة: خالتو رنت عليكِ كتير اوي لقت موبايلك مقفول فـ كلمتني وقولتلها أنك في الدروس.
ليليان: الموبايل فصل ونسيت أخد الباور معايا، هاتي موبايلك اكلمها من عندك لحد ما اشحن موبايلي.
فأعطتها إياه وما إن فتحت رانيا الخط نزلت على ليليان بالتوبيخ
ليليان: يا ماما والله الموبايل فصل مني أعمل ايه طيب؟
رانيا: وأنا ذنبي ايه أفضل قلقانه كده وافكر أقول يا ترى حصلها ايه، ربنا يسامحك يا ليليان ربنا يسامحك.
ليليان: حقك عليا يا رونا متزعليش.
رانيا: حرام عليكِ اللي أنتِ عملتيه فيا ده، أنتِ يعني مش عارفه أنا بقلق عليكِ ازاي يا ليليان؟
ليليان: عارفه يا حبيبتي والله بس غصب عني الفون فصل ونسيت أخد الباور معايا.
رانيا: خلاص حصل خير بس بعد كده تمشي موبايلك مشحون ومعاكِ الباور كمان وإلا هوريكي الوش التاني.
ليليان: الله ليه كده بس يا ماما؟ ما احنا كنا كويسين كله إلا الوش التاني، هو أنا ليا غيرك.
رانيا: أنا قولت اللي عندي وعرفتك أنتِ حره بقى.
ليليان: حاضر يا أمي، تيتة أخبارها ايه دلوقتي؟
رانيا: الحمدلله أحسن عن الأول.
ليليان: طيب الحمدلله، عن اذنك هروح اتعشى بقى عشان واقعة من الجوع واكلمك تاني.
رانيا: ماشي يا حبيبتي، خلوا بالكوا من نفسكوا.
ليليان: حاضر يا ماما.
رانيا: يلا في رعاية الله.
ليليان: في رعاية الله.
وأغلقت الهاتف ومن ثَم تناولت الطعام مع نيرة ولم يحدث أي شيء غريب طوال اليوم، مضت الأيام ولم يحدث شيء، حتى جاءت ليلة رجوع والدتها إلى المنزل، دخلت ليليان ونيرة إلى الغرفة ليناموا ولكن وجدت ليليان دُميتها بجانب فراشها ما الذي أتى بها إلى هنا بعد أن قذفتها من نافذة غرفتها في تلك الليلة المشؤومة؟
ليليان: نيرة تعالي بسرعة بصي
نيرة: ايه ده؟ اللي جاب الباندا ده هنا؟ أنتِ مش كنتي رمتيه بعيد؟
ليليان: أيوا، جه هنا ازاي بقى؟
فتحدثت الدُمية: لقد اقتربت النهاية، حتمًا لن تُنجي منها استعدي لسقوطك بالجحيم.
ثم ضحكت ضحكة شريرة وسارت تجاه النافذة ونظرت لليليان ثم قفزت من النافذة، فركضت ليليان إلى النافذة ونظرت إلى الشارع لم تجد أي أثر لها فعادت وجلست على فراشها واضعة رأسها بين يديها.
ليليان: أعمل اي يا نيرة، الموضوع زاد عن حده وأنا تعبت
نيرة: أنا مش فاهمه أي حاجه، كل ده بيحصلك ليه أنا فكرت أنه خلاص الموضوع ده انتهى.
ليليان: وأنا كمان زيك مش عارفه اي اللي رجعه تاني، يارب بقى أنا تعبت.
ثم وقعت عيناها على الحائط بالصدفة وجدت كلمة "قربان" مكتوبة بالدماء فازدادت دهشتها ونظرت إلى نيرة فأشارت بأنها لا تفهم معنى ذلك، لم تريد ليليان أن تهلك عقلها وقررت أن تذهب للنوم.
نيرة: أنتِ هتنامي كده عادي؟
ليليان: عايزاني أعمل ايه يعني يا نيرة، أقعد أفكر زي كل يوم وبردو مبوصلش لحل؟ ولا أروح لدجال واحكيله اللي حصل ونشتغل بقى في شغل الشعوذة والسحر؟ قوليلي أعمل ايه؟