قصة جثة المشرحة كاملة للكاتب محمد مهني

من بعد ما خلصت امتحانات الثانوية بدات أدور على شغل.. لاني بقيت مسؤول عن امي واختي من بعد ما بابا مات من سنه.. دلوقتي هما بقوا يتسندو عليا.. وانا لازم اكون راجل وقد المسؤوليه..

نزلت ودورت لكن للأسف ملقتش شغل.. لحد ما في يوم قريت إعلان عن وظيفة امن في إحدى المستشفيات في القاهرة.. رحت وقدمت وعرفت انها وظيفة امن في مشرحة المستشفى! حرفيا قلبي كان هينط من صدي! لكن لما فكرت شوية قلت لنفسي وايه يعني اما اشتغل امن في مشرحة.. اهو حاجة تجيب فلوس وخلاص.. فقبلت الشغل وسلمت ورقي وعرفت ان ورديتي هتكون بليل.. رحت بليل واستلمت الشغل.. وفي الورية معايا عم حسن راجل في الخمسينات.. ارتحت له جدا.. كان بيحب اوي الضحك والنكت.. أهو مر أسبوع على الشغل من غير مشاكل.. لحد ما جه اليوم اللي مش هقدر أنساه أبدا.. 

يومها لما استلمت الشفت بتاعي من فرد امن الصباحي.. بلغني ان في جثة جديدة لسه مستلمنها.. هو عادة لما جثه تدخل المشرحة جديد بنكتب بياناتها.. يعني أسم الحاله لو معروف.. ورقم التلاجة.. فهو قالي عليها عشان اسجلها عندي في الدفتر.. ولما سجلتها.. والساعه جت واحد بعد نص الليل.. عم حسن قالي هيدخل يريح شوية.. هو عشان راجل كبير وعنده السكر فكان بيدخل ينام ساعه ويرجع.. وطبعا محدش كان بيعرف.. المهم راح ينام في اوضه كده خاصه بالتخزين.. وانا قعدت بره عند باب المشرحة.. فضلت قاعد لحد ما سمعت صوت حركة غريبه جايه من جوه المشرحة.. فدخلت اطمن.. ولما فتحت الباب ملقتش حاجة.. كل حاجة طبيعيه.. بس لاحظت ان في باب تلاجة مفتوح.. قلت لنفسي وقتها أكيد عم حسن نسي يقفلها.. فدخلت اقفلها.. ولما وصلت لباب التلاجة لقيت ان السوسته بتااعت غطا الجثة مفتوحة.. وشكل الجثة كان مرعب بجد! اول مره كنت شوف حد ميت.. وعشان كده جسمي اتنفض من الخوف.. مديت ايدي اقفل السوسته.. واول ما عملت كده لقيت عين الجثة فتحت! وايده اتحركت ومسكتني جامد! صرخت بعلو صوتي! والجثة لقتيها بتقوم وبتتكلم وتقولي :

- ماتخفش مش هأذيك.. انا عايز حقي؟

= حححقك من مين

قلتها وانا بتلجلج من الخوف! والجثة لقتيها ردت عليا:

- رحاب هي اللي موتتني! خدلي حقي منها!

قال الجملة دي ورجع نام تاني! وعينه قفلت وكل شيء رجع لطبيعته لكن انا اللي بقيت زي الملبوس ومقدرش أكمل اليوم.. صحيت عم حسين وحكيت له وهو ضحك وقال:

- لا اتعود واجمد كده..

عدي اليوم ورجعت بيتنا والمشهد مش قادر انساه لحد ما رجعت للمشرحة. وفي نفس التوقيت نفس صوت الحركة سمعتها.. بس المرة دي لما فتحت الباب لقيت الجثة واقفه وفي ملايه مربوطه على رقبته.. والجثة رافعه أيديها الاتنين وبتحاول تشيل الملاية دي.. وقفت باصص وكنت مش قادر أتحرك.. الجثة اتحركت ناحيتي وقالت جملة واحدة:

- رحاب خدلي حقي منها

وبعدها الجثة مابقتش موجوده!..

مش فاهم حاجة.. مين الشاب ده؟ ومين رحاب دي اللي عايزني اخد له حقه منها!..

كملت يومي برضه بنفس الحال خوف وقلق ولما حكيت لعم حسن قالي برضه لازم اتعود على ده.. وأوقات الجثث بتعمل كده وده شيء طبيعي.. فسكت.. وتاني يوم كان إجازة ليا.. فروحت بعد ما خلصت شغلي ونمت للعصر.. وطبعا كله نوم كوابيس بنفس الجثة.. لكن كابوس بليل اللي كان مختلف.. صحيت على صوت حد بيهزني جامد.. واول ما فتحت عيني لقيتها قدامي.. جثة الشاب وقفه فوق راسي! صرخت.. والجثة بقى قالت لي نفس الجملة ( ماتخفش مني.. انا عايزه حقي) انا بجد اتعصبت وقلت ( حقك من ايه) فلقيت الشاب ده قالي ( هقولك كل حاجة.. وانا مش جاي ااذيك.. انا كنت خاطب رحاب.. بس هي طلعت اكتر شيء سيئ.. مكنتش متصور تعمل فيا كده.. تخيل اني دخلت عليها شقتي اللي بجهزها لقيتها هي وشاب في السرير.. انصدمت.. وهي اول ما شافتني.. الشاب ده جه عليا وكتفني.. وهي مسكت الملاية دي اللي على رقبتي وختقتني.. عايز منك تعرفهم اني مامتش زي ما هي قالت.. هي اللي قتلتني!)...

الجثة مبقتش موجوده.. وانا مبقتش عارف أعمل ايه؟ طب مين الشاب ده.. وهوصل لاهله أزاي وهقولهم إيه.. وازاي هثبت الكلام ده؟! نمت من كتر التفكير.. وصحيت مش عارف بعد قد ايه.. صحيت لقيت نفسي في شقة غير شقتي.. شقه جديده.. وعفشها جديد.. وكنت وافق ف الصاله وسامع صوت جاي من اوضه.. قربت وفتحت وجوه لقيت بنت وشاب ع السرير.. الجثة اتحركت وراحت عند الدولاب فتحته.. وطلعت ملايه.. نفسها اللي كان مخنوق بيها.. كانت محطوطه في كيس اسود!..

فوقت لقيت نفسي ف اوضتي.. كده عرفت البنت.. وعرفت مكان الملاية.. مش ناقص غير اني اوصل لاهل الشاب.. وده سهل هعرف من البيانات المتسجلة في الدفتر.. رحت بليل لعم حسن ولما شافني قالي:

- ايه اللي جايبك انت مش أجازه

= عم حسن عايز اوصل لعنوان الشاب اللي حت جثته من كام يوم

وقلت له ع رقم الحاله.. وعرفت آنه ساكن قريب من المستشفى.. رحت لبيته.. وخبط وفتحتلي نفس البنت اللي شوفتها ف الحلم.. فقلت لها:

- شقة ام حازم صح؟

= ايوة انت مين

- انا صديق حازم وجاي اعزيها

قالت لي اتفضل.. ودخلت لاوضه.. وبعد شوية خرجت وقالت لي الحاجة مستنياني جوه عشان مش بتقدر تتحرك.. دخلت عليها وكانت ست كبيره.. حزينه جدا.. سلمت عليها وقلت لها:

- البقاء لله في حازم.. انا يا حجة عايز أكلم معاكي في موضوع.. بس ممكن ماتفكريش اني مجنون! حازم مات مقتول واللي قتله رحاب

الست حرفيا انصدمت ولقيتها بتقولي:

- ايه اللي بتقوله ده لا رحاب ماتعملش كده

= اسمي مني للاخر.. هي كانت مع شاب في يوم الحادث.. واللي يثيت كلامي ده ملايه!

أول ما قلت الجملة دي لقيتها دخلت.. كأنها كانت بتتصنت علينا.. ووشها كان مقلوب! بس لحسن الحظ مش هتقدر تدخل الشقة عشان هي مسرح جريمة لان الشاب لسه ميت وفي تحقيقات.. وتشريح.. وعرفت ان الشرطة ااصلا عندها شك بان اللي حصل جريمة قتل.. وده عرفته لما رحت القسم وبدأت احكي على اللي شوفته.. هما طبعا ماصدقوش لان اللي حكالي شبح.. بس بعد يوم من اللي حكيته لقيت استدعاء من النيابه.. ورحت مع حد لحد الشقة.. وهناك وصلتهم بالملايه اللي كانت في نفس المكان وبنفس الشنطة السوده.. ومن الملايه قدروا يحددوا مين اللي عمل كده.. واتقبض على رحاب.. وبدورها اعترفت بكل حاجة.. وجابوا كمان الشاب اللي معاها! هي قالت في التحقيقات إنها كانت بتحب حازم فعلا بس كان الشباب ده يعرفها من قبل ما تتخطب وبيبتزها بصور.. ف قبل ما يحصل اللس يحصل اتصل بيها وقال لها لازم يتقابلو احسن هيفضحها.. فقبلته ف شقة خطيبها.. ولحظ خطيبها السيء.. قرر يروح الشقة عشان هناك يشوفهم في وضع مش لطيف فيموت هناك! وهي تدعي انه وقع فجأة وهو واقفين!.. واتصلت فعلا بوالدته وقالت لها ان حسن وقع وودته المستشفى!..

لكن الحقيقة انها قتلته هي واللي كانت معاه!..

تمت