📁 آخر الأخبار

قصة سبع ارواح الكاتبه لمياء الكاتب

 قصة سبع ارواح الكاتبه لمياء الكاتب


في حي من احياء مصر القديمة، وبالتحديد جوه حارة بسيطة من حواريه، كان بيعيش عدد من الناس اللي بيختلفوا في اصولهم ومحافظات الاقاليم اللي جم منها، بمعنى اننا هنلاقي جواها القاهري والبحراوي وحتى من بلاد الجنوب، بس برغم الاختلافات دي، الا انهم عاشوا مع بعض عيشة العيلة الواحده، زي الاهل.. واتفقوا على ان اختلاف الاسماء مايفرقهمش في تقارب الروح.. لكن وبعد نص الليل، وبالتحديد الساعة تلاتة، صحيوا اهل الحارة على صوت صرخة مكتومة، في حد صرخ صرخة واحدة كانت كفيلة انها تفوق النايم وتصحصح الغفلان.. بس ياويل النايم من فوقته لما يتفاجئ بمصيبه مستنياه، ما هو من بعد الصرخة اللي فوقتهم من نومهم، خرجت صرخات من جوه البيوت نفسها، كأن كان في سباق بين الاصوات، مين اللي هيبدأ الاول.. وبين الصرخات دي كان في كلمة واحدة بتتقال..


" الحقونا".



قصة سبع ارواح الكاتبه لمياء الكاتب



ـ الو.. معاك الخط الساخن للنجدة، جالنا بلاغ فوري وعاجل من الحي "الفلاني"، واحد قدم بلاغ بحدوث جرايم قتل جوه حارة تابعة للحي المذكور بالبلاغ.

ده كان البلاغ اللي اتقدم لقسم الشرطة التابع للحي، واللي قدمه من واحد من اهالي الحارة.. كتب امين الشرطة نمرة تليفون المتصل وعنوانه، وده طبعا للتأكد من صحة البلاغ من كذبه، وقبل ما يضغط امين الشرطة ويتمم اتصاله، اتكلم واحد من زمايله اللي كانوا معاه وردية الليل وقاله:


ـ ايه اللي حصل يا "سيد"؟.. بصراحة انا بقلق من اتصال اخر الليل ده.


رد عليه وهو بيضحك بتريقة:


ـ اديك قولتها بلسانك اهو، اتصال اخر الليل.. شكل كده في واحد شاربله حجرين ومالقاش حاجة تسليه، فكلم خط النجدة وقال ان في جرايم قتل حصلت في الحارة اللي هو ساكن فيها، وساب العنوان ونمرة تليفونه في البلاغ اللي قدمه، وعشان كده اول حاجة هعملها اني هتصل بالنمرة عشان اتأكد.


استغرب امين الشرطة التاني من كلام زميله، وفي نفس الوقت كان ماشي مع هوا جملته وقاله:


ـ يعني مش جريمة واحدة!!.. الله يقطع الكيف واللي بدعه.


ما هو بالعقل كده.. ايه المقصود بحوار جرايم؟!.. واحدة مثلا ولا اتنين، ده كده تبقى مدبحة بقى.


مسك "سيد" التليفون وضغط اتصال بالنمرة اللي مكتوبه قصاده في البلاغ، عدا اكتر من خمس دقايق انتظار، ان حد يرد، مافيش.. وقتها بصوا لبعض واللي كان بيدور في عقلهم حاجة واحده، تخمينهم صح.. والاتصال مش اكتر من بلاغ كاذب من واحد مسطول، وعشان كده وقتها اتكلم "سيد" وقال:



ـ مش قولتلك، ده اكيد بلاغ من واحد مسطول، وعزة وجلالة الله ياراجل.. لولا ان مش عاوز اقلب راسي على اخر الليل، لا اقوم حالا واروح للعنوان اللي متبلغ عنه واجيب صاحبه من قفاه، وبعد ما اجيبه، ارميه في الحجز عشان احرمه يدوق الصنف.


وبنهاية جملته.. جاله الرد من الطرف التاني في الاتصال، ارتبك امين الشرطة ورد:

ـ انت قدمت بلاغ للنجدة؟


رد عليه الطرف التاني وهو في حالة ذعر:

ـ ايوه انا.


برغم ان الراجل رد وأكد انه قدم البلاغ، بس كان لسه "سيد" مش مقتنع بأي كلمه اتقالت، وفي لحظتها جاله الرد قاطع عشان يلجم عقله ويخرس لسانه:


ـ الحقونا.. بيوت الحارة اتملت بالجثث، عاوزين اسعاف بسرعة يمكن تلحق اي حد لسه فيه النفس.

بص سيد لزميله بعيون زايغة ومليانه توتر بعد ما سمع كلام الراجل، ده غير الطريقة اللي كان بيتكلم، ودول كفاية عشان ينفوا توقعاته ويعكسوها، ما هو مستحيل يكون ده صوت واحد بيهذي او عقله مغيب، ده واحد فايق وواعي للي بيقوله، ده طبعًا غير نبرة الرعب اللي كان بيتكلم بيها، والاهم من ده كله.. صوت الصرخات اللي كان سامعها، صحيح كانت جايه من بُعد ومش قريبه منه، بس كانت دليل قوي ان في كارثة حاصلة جوه الحارة اللي ساكن فيها.



فبدون ما يقدم اي تفسير لزميله، اتنفض "سيد" من على الكرسي اللي كان قاعد عليه، لدرجة ان الكرسي اتهز ووقع بضهره على الارض، وقتها اتكلم زميله وقاله بقلق:



ـ في ايه يا ابني؟.. ماتفهمني، اللي كلمك قال ايه؟

رد عليه وهو بيجري ناحية مكتب الظابط، بالتحديد مكتب الرائد "شريف الزيني":



ـ استنى دلوقتي الله لا يسيئك، مافيش وقت لا افهمك ولا اشرحلك.

خبط "سيد"على باب المكتب، ومن بعدها دخل بسرعة البرق ناحية الظابط واتكلم بلهفة:

ـ في بلاغ عاجل متقدم يا باشا .



رد الظابط وهو في حالة ثبات:

ـ اتأكدت من صحة البلاغ؟



هز امين الشرطة راسه، من بعدها بدأ يحكي عن البلاغ بأختصار، وبعد ما حكى قاله "الزيني" بتوتر وهو بيقوم من مكانه:

ـ جهز قوة بسرعة عشان نتحرك للمنطقة اللي متبلغ عنها.

ووصلت القوة وفي مقدمتها "الزيني"، وبعد دخولهم للحارة، اتفاجئوا بعدد كبير متجمع في دايرة، رفع "الزيني" عينه لفوق وقال:



ـ ناس بتزعق فوق، وناس واقفين تحت.. هي ايه الحكاية بالظبط؟

شاور الظابط للعساكر اللي كانوا معاه عشان يفرقوا تجمع اللي واقفين، وفي اللحظة دي طلع صوت واحد من العساكر:

ـ ماحدش يجف هنا، كل واحد يشوف بيته فين ويدخله.

كان بيتكلم وايده مع ايد زمايله وبيفرقوا في الناس، لكن واحد من اللي كانوا واقفين قال بصوت عالي:

ـ مصيبة وحلت على بيوت الحارة.

قرب الظابط من الشئ اللي كانوا متجمعين عليه، كان جسم شاب مرمي على الارض وخارج منه دخان، وده نتيجة حرق في معظم اجزاء جسمه، وقتها اتكلم راجل تاني وقال:

ـ "اسلام" لسه فيه الروح، حد يلحقنا بالاسعاف.

قرب الظابط من الشاب اللي كان شبه متفحم، كان بياخد نفسه بصعوبه وبيصارع الموت، ومع قربه، قاله بصعوبة شديدة وبكلام متقطع:

ـ ماكنتش اتوقع ان اكون منهم، احنا السبب.. وهو "فايز".

بصله الظابط بتركيز وقاله:

ـ مين هو اللي "فايز"؟

وفي نهاية سؤاله.. ضربت في الحارة صوت سرينة الاسعاف ووراها عربية "البحث الجنائي".. قام "الزيني" من جنب الشاب المحروق، ووقتها قرب منه واحد وقاله:

ـ يا باشا، انا "شوقي" اللي اتصلت بحضراتكم بعد اللي حصل في الحارة.

رد عليه الرائد "شريف":

ـ تمام، لحد دلوقتي انا مش فاهم ايه اللي بيحصل، حتى بلاغك كان مبهم ومش واضح، بيوت وجثث ومش عارف ايه...

قطع كلامه "شوقي":

ـ حضرتك في اكتر من بيت حصل فيهم جريمة قتل.

رفع "الزيني" حاجبه بأستغراب:

ـ اكتر من جريمة في منطقة واحدة!!

ـ وفي وقت واحد يا باشا.

ـ كمان في وقت واحد!!.. ده مين المجرم الخارق للحدود الفيزيائية ده؟!

ـ ها، مش فاهم حاجة يا باشا.

هز "الزيني" راسه وقاله:

ـ مش مهم تفهم دلوقتي، المهم...

لكن قاطعه "شوقي":

ـ المهم اللي اتقال على لسانهم اخر ثواني ليهم في الدنيا، هم قالوا انه "فايز".

وقبل ما يرد على كلامه، جه عسكري ناحية الظابط وطلب منه يتوجه لمكان البحث الجنائي، وده فعلا اللي كان هيعمله لولا الثواني اللي اتكلم فيها مع "شوقي".. مشي "الزيني" في اتجاه البيوت والشقق اللي اتحدد فيها مكان الجثث، واللي عرف انهم خمس جثث بالاضافة طبعا للشاب المحروق "اسلام".. اول بيت دخله كان حجمه مش كبير، طلع الدور التاني ودخل الشقة اللي كان فيها مجموعة من البحث الجنائي، ومع دخوله اتكلم واحد منهم وقال للزيني:

ـ الجثة جوه الحمام.

مشي معاه لحد ما دخل الحمام واتفاجئ بالمنظر، صحيح مهنته كظابط شرطة بتخليه يتعرض لحوادث كتير من النوع ده، بس بتفضل فطرة الانسان وخوفه من مشاهد الموت بتغلب مهنته، وللسبب ده حس بشوية توتر، إنما وقتها اتكلم فرد من افراد البحث وقاله:

ـ دي جثة راجل في اواخر الاربعينات، زي ما سيادتك شايف، سلك كهربا متوصل بالكهربا مباشرة ومرمي جوه البانيو.

رد الزيني وهو مركز في شكل الجثة:

ـ حد يستحمى بهدومه؟

جتله الاجابة من صوت سمعه وراه، التفت "الزيني" على مصدرالصوت، كان زميله الملازم "احمد" اللي اتبلغ انه ييجي لمكان الحادث.

ـوده دليل قاطع ان في يد ورا الحادث.

رد "الزيني":

ـ او انتحار.

ـ ممكن، بس اللي مكتوب على الحيط وانت داخل الشقة، يثبت غير كده.

استغرب "الزيني" وقاله:

ـ انا ماشوفتش حاجة.

قال جملته وهو بيخرج بره الحمام لبره الشقة، بص على المكان اللي شاورله عليه زميله، كان مكتوب عليه "ماريا"!!.. في اللحظة دي بص لزميله وقاله:

ـ مين ماريا؟

بص زميله حواليه ورد بثبات غريب:

ـ مش هتصدق.

سكت لثواني وبعدها كمل كلامه:

ـ من وقت ما وصلت الحارة وانا اتكلمت مع كام واحد من السكان، والمفاجئة بقى اللي عرفتها ان "ماريا" دي تبقى مرات القتيل.

ـ تقصد انها ممكن تكون هي اللي قتلته؟

ابتسم بسخرية من السؤال:

ـ وهو في اموات بتقتل!!.."ماريا" ميتة اصلا بقالها فترة.

الجملة كانت كفاية انها تقلب موازين "الزيني"، عقله ارتبك بالرفض وعدم الاستيعاب، وقبل ما يستفسر.. شاورله زميله انه ييجي معاه لحد ما البحث الجنائي يخلص مهمته، خرجوا من البيت واتجهوا ناحية عمارة مقابله للبيت، دخلوا شقة في الدور الارضي، ومنها لأوضة عليها حراسة، ومع دخخولهم كان قصادهم قاعدة على الارض ست في اواخر الستينات بتعيط بحرقة، وجوه الاوضة.. كان في جثة "شاب" بوقه متكمم ونايم على السرير غرقان في دمه، بص حواليه واتكلم الزيني:

ـ ده عنده قطع في وريد الرقبه.

رد زميله:

ـ بالظبط، قطع متحدد ومعمول بحرفية، نهى حياته في لحظات.

سكت لثواني وهو بيلف وشه ناحية حيطة في الأوضة:

ـ بص كده وراك.

لف الزيني وشه ناحية ماكان بيشاور، وكان مكتوب بالدم "مراد".

ورجع لف وشه وسأله:

ـ القتيل اسمه مراد؟

ـ لا اسمه "كريم" او "كيمو" زي ما بيندهوله اهل الحارة، اما "مراد" ده، فواحد صاحبه مات من 3 سنين او اكتر شوية.

ـ يعني المرحوم هو اللي قتله، وايه الصلة بين الجريمة دي والاولى؟

هز الظابط راسه وعلى وشه علامة استفهام ومن بعدها قاله:

ـ هنوفر الاسئلة لحد ما نخلص، عشان هتبقى كتير جدا لدرجة ان عقلك مش هيستوعبها.

وخرج "الزيني" ومعاه زميله "احمد" من العمارة، راحوا لمكان الجريمة التالتة، كان في بيت مكون من دور واحد، ونفس الحال.. ست كبيرة قاعده على كرسي في حالة توهان، كانت في حالة جمود غريب ومافيش دمعة نازلة من عنيها، واضح وبدون تفكير انها ام القتيل، او بمعنى ادق، القتيلة.. دي الجثة اللي كانت ممده على السرير وبنفس المنظر تقريبا، بوقها متكمم ومحقونة في وريد الرقبه بحقنة فاضية، لكن الملاحظة دي خلت الحوار بين "الزيني" وزميله "احمد" يكون كالتالي، واللي بدأه الزيني.

ـ وشها واطراف ايدها لونهم ازرق، وده معناه..

قاطعه احمد في الكلام:

ـ معناه ان الحقنة اللي اتحقنت بيها في رقبتها حقنة هوا، وواضح انها بكميات كبيرة، كميات خلت لون جسمها يكون بالمنظر اللي انت شايفه ده.

سكت عن الكلام وهو بيشاور على حيطة ورا باب الاوضة، وكان مكتوب عليها "توفيق"!!

هنا سأل الزيني السؤال اللي بقى اعتيادي:

ـ مين بقى "توفيق"؟.. جوزها؟

هز الملازم "احمد" راسه بالنفي:

ـ لا،جوزها سابها من فترة طويله، طفش وماتعرفلوش مكان، اما توفيق، او الحج توفيق.. ده راجل كبير في السن من اهل الحارة، مات من كام شهر فاتوا.

ـ يعني ايه مات مش فاهم؟.. وايه الصلة ما بينهم؟

وكالعادة، هز راسه بعدم فهم للي بيحصل وكل اللي قاله:

ـ مش عارف ايه الصلة، او ايه صلة الاموات بالاحياء بعد موتهم؟... بس الفحص الجنائي منتشر في اماكن الجرايم، ولحد ما يخلصوا هكلم سيادتك في شوية حاجات شوفتها.

وقفوا على جنب، بعد كده ولع سيجارة وكمل كلامه:

ـ في بيت على ناصية الحارة، بيسكنه راجل اصله من الصعيد، عايش مع مراته وعياله الصغيرين، وتقريبا كده هو اللي هيوصلنا للي عمل كده، بس لما يفوق من صدمة موت مراته، ما هو الجريمة الرابعة هي مرات الراجل ده، واللي حالة جثتها ما تقلش عن الباقيين.

قاطعه الزيني:

ـ تقصد مقتولة بنفس الطريقة؟

ـ لا لا، اقصد ان وشها متشلفط، واخدة علقة موت، زي اللي هجم عليها كلب مسعور وماخلاش في جسمها حتة غير لما شوهها.

سأله "الزيني" في اندهاش:

ـ طب وجوزها كان فين؟

ـ كان موجود، وده اللي مخليني مستغرب برضه، بس زي ما قولتلك، الراجل في حالة غريبه مافهمتهاش.. كان قاعد في ركن في الصالة وبيبص قصاده وشارد؟

ـ ما يمكن هو اللي ضربها؟

ـ كان ظهر على ايده اي علامة، دي هدومه مافيش عليها نقطة دم من الجثة، والاهم بقى.. ان الاوضة اللي فيها الجثة كانت مقفولة من جوه، وافراد الامن هم اللي كسروها، ودخولنا للبيت ده بسبب خبط الراجل على الابواب، ومن بعدها جسمه سكن في الركن اللي قاعد فيه.

سكت الملازم للحظات وبعدها قال:

ـ كالعادة كان في اسم مكتوب على حيط البيت من بره، اتكتب بدم الضحية "صبريه".. ولما سألت عن الاسم عرفت ان ده اسم اخت جوز القتيلة، واللي كانت اكبر منه في السن، وقبل ما مخك يشرق ويغرب بأستنتاجات ان هي اللي عملت كده.. ف احب اقولك ان ده مستحيل، لان "صبرية" هي كمان ماتت من فترة.

سَهِم "الزيني" وملامحه اتبدلت، سكت للحظات وبعدها قال:

ـ عاوز تفهمني ان اللي بيقوم بجرايم القتل دي ارواح، ولو عقلي هيسحبني للاستنتاج ده، ولو انه في منتهى الغباء، ايه اللي يخليهم ييجوا من عالم موتهم عشان يقتلوا، ايه الصلة انا مش فاهم.

رد عليه "احمد":

ـ مش عارف والله يا فندم، تفكيري مقارب جدا لتفكير حضرتك، بس في حاجة مهمة عاوز اقولهالك.

اتحفز "الزيني" لسماع اللي هيقوله "احمد"، فكمل كلامه:

ـ الراجل الصعيدي جوز القتيلة، قال وهو بيهذي جملة غريبة وتقريبا سمعتها مرة او مرتين، كان بيقول "هو فايز".

قاطعه "الزيني" بنرفزة وضيق:

ـ ايوه يعني "فايز" ده صفة بني أدم ولا اسمه ولا ايه؟

رفع "احمد" كتافه بمعنى ان مافيش عنده اجابه، وبعدها قاله:

ـ مش عارف والله يا باشا، دلوقتي وقبل ما تروح بيت الصعيدي، اتفضل معايا للعمارة اللي فيها اخر جريمة قتل، دي اغربهم.

خرجوا هم الاتنين لعمارة تعتبر اطول العمارات في الحارة، وده لانها مكونة من سبع ادوار، بعد ما وصلوا لمدخلها واللي كان فيه تجمع افراد الامن والبحث الجنائي، لقوا ان في جثة كانت موجوده في منور العمارة، بمعنى انها اترمت من فوق، جثة واحدة ست اترمت من اخر دور، قاعدة لوحدها وده بسبب سفر جوزها اللي بيشتغل سواق على عربية نقل.

اتكلم "الزيني" وهو بيتفحص الجثة وحيطان المنور وقال:

ـ غريبة يعني.. مافيش اي اثر او حاجة مكتوبة؟

رد عليه "احمد":

ـ لا في يا فندم، بس مكتوبة فوق، في مدخل الشقة.

فتح الملازم"احمد" موبايله على صورة، حطها قصاد "الزيني" وقاله:

ـ شوف كده حضرتك.

الصورة كان مكتوب فيها "ادم".. وده اللي خلى "الزيني" يسأل:

ـ مين أدم ده كمان؟.. اتمنى ماتكونش نفس الاجابة.. ايه!.. هو كمان ميت!


الجزء التاني 



اتكلم "الزيني" وهو بيتفحص الجثة وحيطان المنور وقال:

ـ غريبة يعني.. مافيش اي اثر او حاجة مكتوبة؟

رد عليه "احمد":

ـ لا في يا فندم، بس مكتوبة فوق، في مدخل الشقة.

فتح الملازم"احمد" موبايله على صورة، حطها قصاد "الزيني" وقاله:

ـ شوف كده حضرتك.

الصورة كان مكتوب فيها "ادم".. وده اللي خلى "الزيني" يسأل:

ـ مين أدم ده كمان؟.. اتمنى ماتكونش نفس الاجابة.. ايه!.. هو كمان ميت!

هز راسه بالايجاب:

ـ ده حقيقي، والاغرب بقى انه كان طفل عمره تسع سنين.

لحظة ما كانوا بيتكلموا في تفاصيل الحادث، قرب منهم واحد عسكري، كانت على ملامحه علامات توتر وقلق، اتكلم وهو بياخد نفسه بالعافية بسبب الجري وقال:

ـ عاوزين حضرتك حالا يا باشا.

بصله الزيني:

ـ ايه في جريمة قتل جديده؟

ـ لا يا باشا، اتفضل معايا عشان تشوف بنفسك.

لف العسكري بجسمه ناحية بوابة العماره، لحقوه في مشيته " الزيني واحمد".. وصلوا عند ركن ضلمة في نص الحارة، كان في كام راجل متجمعين عند الركن، واقفين بيضربوا كف بكف وهم مثبتين نظرهم على حاجة معينه وبيقولوا بالتبادل..

"لاحول ولا قوة الا بالله".

لحد ما قطع حالة الذهول والثبات اللي كانوا فيها، صوت العسكري اللي قال بصوت عالي:

ـ وسع يا چدع انت وهو.

ومع جملته بدأوا يتفرقوا ويفتحوا الطريق للظباط اللي بمجرد ما وقفوا قصاد اللي كانوا متجمعين عليه الناس، هم كمان صابهم الذهول والحيرة، وقتها اتكلم الزيني وهو مركز قصاده:

ـ وده مين ده كمان؟!

رد راجل من سكان الحارة بأسم حرك عقل "الزيني"، عشان يرجع للحظات اللي فاتت، بالتحديد في اماكن الجرائم.

ـ ده فايز.

المنظر اللي كان عليه الشاب مرعب، ما اقصدش انه يخوف بالشكل المتعارف عليه، لا لا خالص.. ده كان قاعد في الركن وهو نفسه مرعوب، ضامم رجله عليه وعمال يبص حواليه وهو بيوزع نظراته بخوف على اللى واقفين، هدومه غرقانه دم وحتى ايده ووشه، جسمه بيتنفض كل ثانية والتانية، واضيف على كل ده جمل متقطعة لواحد محموم او بيهذي:

" ابعدوا عني، ابعدوا، خلصت، انا السبب، لا هم السبب، انا انا ماقتلتش حد".

اتكلم الملازم "احمد" وهو بيبص "للزيني":

ـ لو ربطنا الامور ببعضها، الربط ده هنخرج منه بنتيجة واحدة، ان الاسم اللي سمعناه في اماكن الحوادث، ده اسم "شاب" مش صفة زي ما كنا بنخمن.

رد عليه الزيني وهو لسه باصص ناحية "فايز":

ـ كلامك صح، وتقريبا اصابع الاتهام بتشير للشخص اللي قاعد ده، بس ازاي؟.. وليه؟

سكت وهو بيلف بوشه ناحية اللي كان واقفين وكمل كلامه وسأل:

ـ الشاب ده من اهل الحارة؟

اتكلم واحد منهم ورد عليه:

ـ ايوه يا باشا.

وكمل كلامه راجل تاني:

ـ ده زينة الشباب والله.

وبص وراه وشاور على عمارة صغيرة من 3 ادوار وكمل كلامه:

ـ زينة الشباب ووحيد امه وساكنين في العمارة دي، بس هي قاعدة في سريرها وما بتقومش بسبب جلطة جتلها بعد موت جوزها، ساكنين في شقة في الدور التاني سابهاله ابوه قبل ما يموت، هو طالب في اخر سنة بالجامعة، وله واحد صاحبه ساكن في الحارة في نفس جامعته وتقريبا في نفس الكلية.

قطع كلامه الزيني:

ـ ومين صاحبه ده؟.. تقدر تجبهولي؟

ـ ياريت يا باشا، ما هو صاحبه وشقيقه يبقى هو بعينه الشاب المحروق اللي في اول الحارة، حضرتك شوفته لما وصلت.. اللي اسمه "اسلام" يا باشا.

هز راسه بتعجب من كم الالغاز اللي نازله على عقله، في اللحظة دي وصل خبر للزيني بوصول "وكيل النيابة" الحارة، وبوصوله.. الجريمة او الجرائم هتاخد منحنى جديد، منحنى التحقيق مع اهل الحارة واخد اقوال اهالي المتوفيين.. وقبل كل دول اقوال المشتبه فيه الاول "فايز"، ده اذا ماكنش المتهم الوحيد لحد ما يثبت العكس.

بس تحقيقات النيابة ما وصلتش مع "فايز" لأي اجابة واضحة تفيد سير التحقيق، دي الحكاية اتعقدت اكتر، ومش كده وبس.. ده كان بيتكلم بطريقة غريبة، اسلوب واحد فقد عقله ومش مدرك للي بيقوله.

وبناءا على حالته الغير مستقرة، بالخصوص حالته النفسية من قلق وارتباك وذعر مش مفهوم سببه، أمر وكيل النيابة بتحويله للمصحة النفسية للكشف على مدى صحة قواه العقلية، ومواصلة التحقيق مع اهالي القتلى.. وجوه المصحة ظهرت مفاجأت.

...........................................................................................................................

اتقلب حادث الحارة لقضية كبيرة، قضية مثار حواليها الجدل، دارت بين الناس تساؤلات مالهاش نهاية او اجابة، وطبعا مع الاسئلة لازم يخرج الوحش الكاسر اللي دايما مستخبي ومابيظهرش غير في وقت اللزوم عشان ينهش اي حاجة تقف قصاده، "الشائعات"، ومافيش اكتر منها في الحوادث اللي من النوع ده، والنتيجة النهائية لكل ده، ان مافيش اكتر من هري ع الفاضي، واستمر الهري لحد ما ظهر ع الساحة وجوه جديدة قلبت موازين القضية " خيري وبشير".. دول بقى اقرب اصحاب "لفايز" مع "اسلام" اللي كان بينازع الموت جوه العناية المركزة، ولما استمرت التحريات، اتعرف انهم من شلة "فايز"، وفورا طلبت النيابة احضارهم للتحقيق، واللي قالوه مافيش عقل بني أدم يصدقه، وده لما حكوا اللحظات الاخيرة وقت وجودهم مع بعض، بالتحديد قبل وقوع الجرائم ب نص ساعة.

وفي وقت ما كانت النيابة بتاخد اقوالهم، كان في احداث تانية بتدور بمكان تاني "جوه المصحة النفسية".. هناك، كان في شاب في اول التلاتينات بينده على راجل واقف على بُعد خطوات:

ـ نجيب، يا نجيب.

جه ناحيته الراجل وهو بيمد في خطوته:

ـ نعم يا دكتور، اؤمرني.

رد عليه الدكتور النفسي المكلف بمتابعة حالة "فايز":

ـ خلال اليومين اللي فاتوا مافيش اي جديد في حالة "فايز"؟

رد الراجل او الممرض:

ـ لا يا داكتور، على نفس حالته من وقت ما دخل، طول الليل جسمه يتنفض ويقوم يصرخ، ولولا المهدئ ماكنش هيبطل صراخ.

هز الدكتور راسه:

ـ تمام، خليه تحت متابعتكم لحظة بلحظة، وفي حالة هتدخل المستشفى كمان نص ساعة، استلمها وسجل بياناتها، هتكون برضه تحت اشرافي ومتابعتي.

رد "نجيب" وهو بيسأل الدكتور:

ـ وده برضه نفس حالة "فايز"؟

ـ لا لا، حالة "فايز" ايه بس!!.. ده مريض اكتئاب بسبب ظروف حصلتله، هتابعه لحد ما حالته تتحسن ويخرج.

هز الممرض راسه، ومن بعدها سابه الدكتور ودخل مكتبه، وبعد نص ساعة استلم "نجيب" المريض اللي قاله عليه الدكتور، سجل بيانات دخوله في دفتر المستشفى وعرف ان اسمه "عمر".. ووقتها عمل اتصال مع "الدكتور" وقاله:

ـ مريض الاكتئاب اللي حضرتك قولتلي عليه وصل المستشفى، وخدت بياناته بالكامل، بأمارة...

قطع كلامه الدكتور:

ـ مش عاوز امارات ولا غيره، دخله العنبر زي ما قولتلك لحد ما اعدي عليه.

ـ مافيش اي علاج او ادوية هياخدها؟

رد عليه الدكتور بحزم:

ـ نفذ اللي قولتلك عليه وبس.

وفعلا، خد "نجيب" المريض ووداه العنبر، قعده على سرير خاص بيه وسابه وخرج.. وبعد ما خرج "نجيب"، فضل مريض الاكتئاب يبص حواليه في قلق، كان بيتفحص وشوش الكام مريض اللي موجودين معاه جوه العنبر، كان عددهم اربعة، فضل يبصلهم بتركيز لحد ما وقعت عينه على شاب ما يقلش عنه قلق او توتر، ده يمكن يزيد، وده بسبب علامات القلق اللي باينه على ملامحه وعيونه الزايغة اللي بتبص حواليه بذعر، خمن انه هو كمان يشبهه في مرضه، فقام من على سريره وراح ناحيته، وصل قصاده على طرف السرير وقعد بحذر شديد وبدأ الكلام بصوت يادوب "فايز" سامعه، ما هو الشاب اللي قعد قصاده ده كان "فايز".

ـ انا عمر.

استنى منه رد، بس مافيش غير نفس النظرات اللي اتقلبت من الخوف للرعب، وكرر كلامه وزود عليه سؤال:

ـ انا عمر، انت اسمك ايه؟

الخوف لما بيتفتحله طاقة امان، بيبدأ يتحرك ناحيتها لو بينها وبينه اميال، ما بالك بقى بواحد زي "فايز" لما يشوف الطاقة دي على بعد خطوات منه، اكيد الوضع هيختلف، وده اللي حصل، بدأ "فايز" يهدى ويرد على "عمر":

ـ انا "فايز".. اسمي "فايز".

ـ انت جاي هنا تتعالج من الاكتئاب؟

رد عليه وهو بيهز راسه بالنفي:

ـ لا، انا مش عارف انا هنا ليه؟.. هم اللي قتلوهم، انا ذنبي ايه.

لحظة ما قال "فايز" جملته، ارتبك عمر واتوتر، ده غير الحيرة اللي وقع فيها ما بين انه يكمل معاه الكلام، او ينسحب من الحوار كله، بس في ثانية قرر انه يكمل، وده طبعا بسبب العفريت المستخبي جوه عقل اي بني ادم، اللي اسمه "الفضول"، فرجع يرسم على ملامحه الهدوء عشان "فايز" يكمل كلامه، وفعلا كمل:

ـ كانت الساعة عدت نص الليل بربع ساعة تقريبا، الدنيا كانت سكون، سكون بسبب برودة الجو بقى ولا بسبب شقا الناس طول الليل، ايا كانت الاسباب، المهم ده كان حافز مهم عشان تظهر وتتكلم.

رد عليه عمر بأستغراب وسأله:

ـ هي مين؟

ـ احلام.

استغرب "عمر"، بس لحقه "فايز" وقال:

ـ استنت لما وصلنا في مكان ضلمة، وقفت وبصت حواليها، وكانت مجهزة نفسها للانتقام منه.

ـ انتقام!!.. ليه؟

ـ عشان هو اللي قتلها، انا واصحابنا كنا عارفين بعلاقة الحب اللي كانت بين "اسلام واحلام"، بس فجأة وبدون مقدمات، جالنا خبر ان "احلام" ماتت، ولعت في نفسها جوه اوضتها، وبعد ما عرفنا الخبر، قعدت مع اسلام وسألته:

"انت ليك يد في انتحارها؟"... لكنه رد عليا وقالي:

"وانا مالي يا "فايز"، انت هتجبلي مصيبة!.. دي بت مجنونة، انا بس قولتلها مش هننفع نكمل، فاتجننت في عقلها وعملت اللي عملته"... لكني وبعد كلامه، رجعت كررت سؤالي عليه، وده بعد ما لمحت في عيونه الكدب، ما هو برضه صاحبي وحافظه، بس كرر نفس اجابته، لكن هو ما قالش الحقيقة كاملة، الحقيقة كاملة حكتها "احلام" يوم ما ولعت فيه جوه الحارة، واحلام يومها قالت:

"قولتلك مش هسيبك تتهنى يا "اسلام"، انت عملت عملتك وسبتني اواجه مصيري قصاد اهلي، مصيري اللي هيبقى يا اما العار، او الموت".

رد عليها "اسلام" وهو بيترعش من الخوف:

"بس انا ماغصبتكيش على حاجة، كل حاجة حصلت بينا كانت برضاكي".

قاطعت كلامه:

"كانت برضايا عشان حبيتك، وانت ماطلعتش راجل عشان ماوافتش بعدك معايا، فكان لازم اواجه مصيري لوحدي واموت نفسي، وانت دلوقتي لازم تدوق نفس المصير اللي دوقته".

وبعد اللي قالته ماسابتلوش فرصة ينطق بحرف، دي قربت منه وكممته وحرقته، اه.. اه.. ماهو السبب في موتها.

رد "عمر" على كلام فايز:

ـ يعني احلام دي ميته؟

ـ ايوه اومال انا بقول ايه.

الحوار كان غريب ومريب وحواليه علامات استفهام كتير، بس "عمر" قرر انه يسمعه للاخر، واصلا "فايز" مادهوش فرصة وكمل:

ـ النار كانت بتاكل في جسم "اسلام" اللي كان واقع ع الارض، وعلى مسافة قريبة منه، رفعت عينها على بيت ومشيت ناحيته.

قاطعه عمر:

ـ احلام برضه؟

ـ لا لا، احلام مين؟.. احلام خلاص كانت مشيت، اقصد "ماريا".

يتبع



الجزء التالت


ـ يعني احلام دي ميته؟

ـ ايوه اومال انا بقول ايه.


الحوار كان غريب ومريب وحواليه علامات استفهام كتير، بس "عمر" قرر انه يسمعه للاخر، واصلا "فايز" مادهوش فرصة وكمل:

ـ النار كانت بتاكل في جسم "اسلام" اللي كان واقع ع الارض، وعلى مسافة قريبة منه، رفعت عينها على بيت ومشيت ناحيته.


قاطعه عمر:


ـ احلام برضه؟


ـ لا لا، احلام مين؟.. احلام خلاص كانت مشيت، اقصد "ماريا".


هز عمر راسه وبدأت الحيرة جواه تزيد، لكن كمل فايز كلامه:


ـ مشيت "ماريا" لحد البيت ودخلته، بعدها بصت على السلم وبدأت تطلع الدور التاني، لحد ما وصلت قصاد شقة وخبطت عليها، شوية والباب اتفتح، واللي فتحه كان "عاطف" جوزها.. ومع فتحة الباب اتكلمت وقالت:


"انا جيتلك يا "عاطف"، كنت مفكر انك هتهرب من عملتك؟


بص عاطف برعب ورجع لورا خطوات، لدرجة انه مانتبهش للكرسي اللي وراه ووقع على ضهره، هو كان عارفها بس بيحاول يكدب احساسه، وعشان كده حب يتأكد وقالها بتوتر:


"انتي مين؟"... قفلت "ماريا" الباب، بعدها ميلت ناحية سلك طويل ممدود ع الارض وشدته، قربت من "عاطف" اللي كان لسه ع الارض وميلت ناحيته:


ـ هو ده السلك اللي قتلتني بيه؟


عينه وسعت على اخرها، اترعب، دمه نشف من قبل ما هي تنشفه، بلع ريقه بالعافية وقالها وهو بيتهته:

ـ انا ما قتلتكيش.


ردت عليه بعصبية وهي بتجز على اسنانها:


"كداب، ما هو ده الكلام اللي قولته للناس بعد موتي، وهمت بيه الكل وخليتهم يصدقوه، فاكر قولت ايه ولا افكرك، اقولك.. افكرك انا احسن ومن البداية"


وقفت ماريا وكملت كلامها:


"كنت بتتمنى موتي عشان تخلص مني و تاخد فلوسي وتتجوز بيها، وكان الحل الوحيد اللي وزك عليه شيطان نفسك، هو سلك كهربا عريان ينشف الدم ويحرقه، وده اللي عملته.. وصلت السلك وسيبتني اعدي عليه بعد ما غرقت الارض مايه، ومن بعدها مش فاكره حاجة تاني، بس انت طبعا بعد موتي طلعت وقولت كتير، نزلت دمعتين وسبكت بيهم الدور..


"مراتي وحبيبتي كانت بتنضف الشقة وماخدتش بالها من سلك الكهربا"... اه يا كداب.. ده انت هتتحرق في نار جهنم، بس قبلها بقى انا ليا حق وهاخده"... رجع "عاطف" بضهره لورا وهو مرعوب من اللي سامعه، واللي ختمته بتهديد ووعيد صريح انها هتخلص عليه، وده اللي عملته.. فضلت توجهه لورا لحد ما وصلته للحمام، وبقوة غريبه شدته ودخلته البانيو وفتحت عليه المايه، وده بعد ما طبعا كممت بوقه.. كان في استسلام عجيب لمصير محتوم، ولما وصلت "ماريا" سلك كهربا ورمته جوه المايه في البانيو، فضل للحظات جسمه يتلوى ويتنفض.. وبعدها سكن خالص وبرق عنيه... وبعد موت "عاطف" مشيت "ماريا" وخرج "مراد".. مشي ناحية بيت الواد "كيمو"، الشاب التلفان بتاع المخدرات، خبط كام خبطة وفتحله " كيمو"، وقبل ما يتكلم، قاله "مراد" وهو بيقفل الباب:



ـ طعنتني غدر وانت عامل فيها صاحبي!.. لا وايه خرجت منها بحجة انك كنت بتدافع عن نفسك، وماخدتش غير سنة سجن، عمري وشبابي اللي راحوا تمنهم سنة سجن!!. يرضيك الكلام ده ياض!


رجع "كيمو" لورا وهو خايف لحد ما وصل لباب اوضته، وقبل ما يقفله عليه.. زقه "مراد" برجله ودخل، وبعد ما زقه كمل كلامه:


ـ كانت خناقة بينا، خناقة كلام عادي بين اي اتنين صحاب، بس انت غدار وخاين من يومك يا جدع، وعشان تلهف كل حاجة طعنتني في ضهري وجريت، جريت ولميت عليك الحارة واتهمتني اني كنت هقتلك، وده طبعا بعد ما رميت جنبي السكينة وسيبتني اطلع في الروح، وعلى ما اتلموا الناس كنت خلاص خلصت، وقتها ماكنتش اقدر ادافع عن نفسي بالاتهام الزور اللي اتهمتني بيه، وخرجت من الليلة كسبان من كله، بس وحياة امك الغالية اللي بره دي، ما هسيبك تتهنى... وفي لحظة هجم عليها وطعنه في رقبته وجاب اجله، بعدها خرج بره وكانت ام "كيمو" صحيت، شافت منظر ابنها وهو غرقان في دمه وفضلت تلطم وتقول:


"ليه يا "فايز".. هو عملك ايه؟"


قطع عمر كلامه بلهفة:


ـ يعني انت اللي كنت بتقتل اهو مش حد تاني، والست شافتك؟


رد عليه وقاله بعصبية:


ـ شششششش ماتقاطعنيش وتبقى اهبل زيهم، ما تبقاش حافظ ومش فاهم، انا كنت اداة مش اكتر، لكن انا ماقتلتش حد.


رجع لحالة هدوء نسبي وكمل كلامه:


ـ ساب "مراد" ام "كيمو" تندب على ابنها ومشي، في اللحظة دي ظهر "توفيق" اللي كان عارف وجهته ومحددها كويس، بيت "عفاف"، او الممرضة "عفاف" اللي من حظها السئ انها كانت لسه راجعه من شغلها، فبمجرد ماخبط توفيق على باب بيتها فتحته، وقبل ما تسأل وتستفسر قالها "توفيق":


"ضميرك كان ميت ولا كان عقلك فين؟"


ومادهاش فرصة تفهم، ده بص جنبه على شنطتها، قرب منها وفتحها وخد منها حقنة، بعدها قفل الباب وجريت"عفاف" ناحية اوضتها عشان تتحامى جواها، كانت خايفه من عار مخبياه وبيطاردها، واهو ظهر.. وعشان كده وقف قصادها وقالها:


"فاكرة اللي عملتيه ولا افكرك، بس لالا، عيونك مليانه رعب وبتقول انك فاكرة كل حاجة، من سنة جيتلك المستشفى وانا بنازع بصداع الضغط العالي، قولت بنتي مربيها على ايدي وهتلحقني، بس كان تخميني غلط، الايد اللي كانت المفروض تنقذني هي اللي قتلتني... ردت عليه وهي بتهته في الكلام.. "والله العظيم ما كنت اقصد، انا ما اعرفش ازاي غلطت الغلطة دي".. برقلها ورد عليها... "وبسبب غياب ضميرك، خلطتي مشاكلك الشخصية وتفكيرك في جوزك الطفشان بشغلك، نسيتي انك ممرضة، ملاك الرحمة زي ما بيقولوا مش ملاك الموت، وبدل ما تديني حقنة توطي ضغطي، حقنتيني بحقنة علته بزيادة.. والنتيجة كانت جلطة في المخ، ضغط الدم العالي فرتك نافوخي وموته في لحظات.. حصل ولا لا؟"


هزت راسها بخوف وهي بتأكد كلامه، فرد وقالها:


"وعرفتي تخرجي منها برضه بغياب ضمير شوية موظفين، اللي زيك ما ينفعش تعالج عيانين، اللي زيك اخرها القبر".


وقرب منها، وفجأة حقنها في رقبتها بحقنة هوا اكتر من مرة، وفي لحظات اتفردت على سريرها قاطعة النفس.. وبعد ما خلص "توفيق" مهمته، جه دور "صبريه"، راحت ناحية بيت اخوها وخبطت على الباب، فتحلها وهو بيطوح من تأثير الهباب اللي بيشربه، وهي ماسكتتش وفتحت فيه.. "هتعيش وتموت سُكري، غور من وشي وانت مالكش فايدة"... حاول يفوق نفسه وهو في حالة صدمه، كان سامع صوت اخته اللي دفنها بأيده، وقبل ما يتكلم قالتله.. "فين اللي تنشل مراتك؟..انطق فين "زينب؟"... وقتها خرجت مراته على الصوت، بصتلها صبرية وقالت.. "انا تقتليني يا بنت الكلب!!".. اترعبت وردت عليها بصوت مهزوز.. "انا.. انا.. انا ماقتلتش حد".. "كدابة في اصل وشك، وبرشامة الغلة اللي رشتيها بالعمد عشان ايدي تتملي سم، لا وايه، سبتيني اقلب في الغلة لحد ما ايدي اتملت بالمبيد، وقتها عملتي فيها الطيبة اللي عامله على تعبي، وطلبتي مني ارتاح واكل الساندوتش اللي كنتي عملهولي، وانا خدته منك بأيدي اللي كانت غرقانه سم وكلته"... لكن زينب قطعت كلامها.. 


"بسبب عمايلك وبهدلتك فيا يا عمتي"... "عما الديابة والتعابين، ما تقوليش عمتي دي على لسانك، لسانك اللي هقطعولك دلوقتي"... وبكل قوتها زقت اخوها السكران وحدفته بعيد وشدت "زينب" من شعرها ودخلتها اوضتها وعدمتها العافيه، ماخلتش في جسمها حته سليمه، بعدها خرجت من شباك الاوضة اللي مفتوح ع الحارة.


ومن بعدها خروجها اختفت.. وظهر "ادم" اللي مشي بخطوات ضعيفة ناحية العمارة اللي كان بيسكنها، طلع على السلم لحد ما وصل قصاد شقة ابوه، كان مستني ابوه يفتحله عشان يشوفه، بس اللي فتحتله "دلال" مرات ابوه، وهنا اتكلم بصوت ضعيف وقالها.. "ليه قتلتيني، انا كنت عملتلك ايه؟".. رجعت لورا، وبرجوعها دخل "ادم" الشقة وكمل كلامه.. "بدل ما تحني عليا في يتمي بهدلتيني وقت غياب ابويا، وفي الاخر رمتيني في منور العمارة عشان تخلصي مني، وخرجتي منها.. خرجتي منها بعد ما قولتي لابويا وللناس اني كنت شقي وبلعب كورة قصاد الشقة، بس مش دي الحقيقة، انتي اللي حدفتيني من على السور".. وقرب منها وشدها من ايدها، كمم بوقها وراح بيها ناحية سور المنور وحدفها من فوق... وبس، من بعدها كلهم مشيوا وسابوني قاعد لوحدي.


سكت "فايز" وفضل يتهز بجسمه، لكن وقتها قاله عمر:

ـ يعني انت ما قتلتش الناس دي؟


ـ قولتلك لا، ما قتلتهمش، هم اللي قتلوهم.

سأله عمر باندهاش:


ـ طيب ازاي؟.. ازاي ده حصل؟


وكانت الاجابة على سؤاله عند اصحاب "فايز" اللي كان بيستجوبهم وكيل النيابة، في اللحظة دي.. كان "بشير وخيري" عمالين يتبادلوا ما بينهم الاتهامات، لكن اتكلم بشير وهو بيبص لخيري وبيقول:

ـ انتوا السبب.. منكم لله.


رد عليه "خيري":

ـ احنا اه، وانت بقى عم الملاك البرئ، ما كلنا في الهوا سوا ياحبيبي، وكلنا اشتركنا فيه.


ـ بس انا اعترضت وموافقتش على اللي عملتوه.

ـ بس في النهاية طاوعتنا ونفذت اللي عملناه خطوة بخطوة.


خبط وكيل النيابة بكف ايده على المكتب وقالهم بعصبية:

ـ اخرس انت وهو وفهموني اللي بتقولوه، والا وديني، هرميكوا انتوا الاتنين في الحجز بتهمة اشتراككم في جرايم القتل مع صاحبكم اللي اسمه فايز.


جسمهم اتنفض من جملة وكيل النيابة، لفوا وشهم ناحيته وقالوا في نفس واحد:

ـ لا يا باشا هنتكلم، والله العظيم ما عملنا حاجة.

وكمل "خيري" وقال بتوتر:


ـ هي كانت ليلة سوده من اولها، بدأها "اسلام" بسجاير ملفوفة عشان نظبط السهرة.

استغرب وكيل النيابة وقاله:

ـ سجاير وملفوفة!!.. ده كلام يقوله طالب جامعة؟


رد عليه خيري بأحراج:


ـ غلطة واول مرة، بس كانت المرة القاضية، يومها كنا متجمعين في بيت "بشير" عشان اهله ماكنوش في البيت، شغلنا فيلم رعب، حاكم احنا كنا بنحب الحاجات دي اوي، يعني، بنحب افلام رعب، كتب سحر وطلاسم، اي حاجة تزغزغ الفضول بنجري وراها بالمشوار، وقتها اقترح "فايز" اننا نعمل مغامرة نكمل بيها السهرة، ولما سألناه هنروح فين، رد وقال.. ايه رأيكم في المقابر؟.. بصينا لبعض بشوية توتر، ولما لاحظ علينا ده قالنا.. عاملين فيها شباب منتصف الليل وانتوا قطط؟!.. وبسبب استفزازه وافقنا على اقتراحه، بس ماكناش متوقعين انه بيستدرجنا لحاجة جوه راسه.


قطع وكيل النيابه كلامه وسأل :


ـ حاجة ايه؟


جاوب "بشير":

ـ كان عاوز يروح المقابر وبالتحديد مقابر عيلته، عشان يعمل جلسة تحضير ارواح.


اندهش وكيل النيابه من كلامه لدرجة انه ماكنش مصدقه، بس كمل "بشير" وقال:

ـ والله زي ما بقولك يا باشا، بعد ما روحنا المقابر، الدنيا كانت ضلمة، ماكناش سامعين غير صوت نفسنا، واصوات كلاب بنتبح جايه من كل حته حوالينا، كنا مرعوبين وبنلزق في بعض من الخوف، ومع ضلمة المكان، بدل ما فايز يروح مقابر عيلته، غلط في الطريق وراح المقابر اللي جنبها، قعدنا في دايرة زي ما طلب مننا "فايز"، خرج من جيبه ورقة مقطوعة من كتاب، نور كشاف موبايله ووجهه ناحية الكلام اللي كان مكتوب، وبعدها بدأ يقول كلام غريب ماحدش مننا فاهمه، وفي اللحظة دي هبت نسمة هوا حركت شجر المقابر، ومعاها سمعنا حوالينا اصوات خطوات بتقرب مننا، مسكت في ايد "اسلام" وهزيتها عشان نقوم، وقبل ما نعمل كده.. لمحنا بكشاف الموبايل خيالات بتظهر ورا "فايز"، من بعدها بدأ يتكلم بأكتر من صوت، اصوات كتير مختلفة عن بعضها، مرة صوت ست كبيرة، ومرة شابة صغيرة، وراجل كبير وشاب، ده حتى خرج منه صوت عيل صغير.


قطع كلامه "خيري":


ـ ده فعلا اللي حصل، ساعتها اتأكدنا ان احنا عملنا كارثة وفي حاجة غلط بتحصل، خاصة لما عرفنا اننا في مقابر لسكان الحارة اللي هو ساكن فيها، قومنا بسرعة من ع الارض مذعورين، بس فجأة اتكلم "فايز" بصوته وقال:


"مالك ياض انت وهو؟.. قومتوا من مكانكم ليه؟"


فهمنا من كلامه انه مش عارف اللي حصل في اللحظات اللي فاتت، واحنا ماحدش فينا اتكلم ولا حكى اللي حصل، انا كل اللي قولته وانا بحاول اتمالك اعصابي:


ـ ياعم دي مش مقابر اهلك، انت حضرت في مكان غلط، يلا نروح وبكرة نبقى نرجع واعمل اللي انت عاوز تعمله.


بص حواليه على المقابر وابتسم ابتسامة رعبتنا، بس قام معانا وخرجنا بره المقابر، بس ساعتها هو كان.. كان طبيعي جدا وماكنش واضح عليه اي حاجة، احنا ما توقعناش ان اللي عمله اثر عليه، وبجد انا ماعرفش، ماعرفش هو اتلبس بقى ولا عفاريت الميتين لبسوه، احنا مش فاهمين حاجة، والله يا باشا ده اللي حصل بالظبط في اليوم ده، وتاني يوم صحينا على خبر الحوادث وعلى اللي عمله "فايز".


طبعا وكيل النيابة ماكنش مصدق حرف من اللي قالوه والحقيقة تاهت وماحدش عرف يوصل لاسباب اللي حصل لحد دلوقتي، وفي النهاية اتحكم على "فايز" بالسجن ورا ابواب المصحة النفسية.


امضاء.. "عمر شاهين".


بعد ما خلصت كتابة القصة واللي عرفت تفاصيلها بالكامل من المريض "فايز"، وده بعد اتفاق ما بيني وبين صاحبي الدكتور اللي كان مسئول عن حالته، على انه يدخلني المصحة على اساس مريض نفسي، وجواها احاول اعرف قصة "فايز" اللي كانت عامله ضجة رهيبة لغرابتها في الوقت ده، كتبت.. اه كتبت.. ما هو انا "عمر شاهين"، بشتغل "كاتب وسيناريست" لمسلسلات من نوعية الجرايم الغامضة والبوليسية، واكيد ما فيش اغرب من "فايز" اللي لبست روحه ست ارواح، وبقي بسبع ارواح.

تمت








تعليقات