قصة قرية العقارب للكاتب محمد شعبان العارف
البداية منذ قرون في قرية من قرى مصر يقولوا أن الذنوب ممكن تقلب حياة الأشخاص لجحيم، و يقولوا كمان أن بداية خطوات الفجور و اللعنات بتبتدي بخطوة واحدة بيتعود الأنسان عليها لحد ما بعد كده تبقى عادة بالنسبة له؛ ف من الطبيعي أن التعود على الذنوب يجيب الهلاك.....
منير الشافعي
ده أنا
عندي ٢٥ سنة
عايش في قرية من قرى الأرياف، و كعادة قريتنا الناس كانوا طيبين و ف حالهم لكن كمان كانوا جهلة و الجهل بيولد المفاهيم الغلط عند الناس و المفاهيم الغلط دي بتبقى عادات و كلمات متداولة اتعودوا عليها الناس و اعتبروها حاجات عادية بالنسبة لهم بالرغم من أنها غلط و كلها جهل ف جهل، و أهم مصطلح غلط كان بيستخدم في قريتنا هو مصطلح (العارفة) أو (العارف)....
اللقب ده اشتهر بيه كل اللي بيشتغلوا في السحر و السحر بالنسبة لقريتنا كان من الحاجات المُسلم بيها زيها زي الأكل و الشُرب، يعني مثلًا لو حد من القرية عنده أي مرض أو أي مشكلة كان مابيروحش لدكتور أو للشرطة لأ... أي حد كان بيبقى عند أزمة كان بيروح لحد من اللي بيشتغلوا في السحر، لكن أنا ماكنتش مؤمن بالموضوع ده و كنت بشوف أن اللي بيروح لعارف أو لعارفة بيبقى شخص غبي و جاهل، كانت حياتنا ماشية لحد ما ف يوم رجعت من شغلي في أرض ابويا الله يرحمه لقيت امي قاعدة بتعيط، دخلت من باب البيت و روحت قعدت جنبها و سألتها...
- مالك يا ام منير بتعيطي ليه؟!
بصت لي أمي و قالت بحزن...
- البنات كلهم بيتجوزا و اختك مابيجلهاش عرسان.
رديت عليها و انا بحاول اخفف عنها...
- يا أمي الجواز ده قسمة و نصيب و بعدين ما يمكن تأخير جوازها ده لحكمة يعلمها ربنا.
ردت عليا أمي بتهكم...
- لا يا ابني أختك أكيد معمول لها عمل من واحدة صاحبتها او جارتها... انا بكرة الصبح هروح للعارفة ام حسن و هي تشوف مالها.
ضربت كف بكف و قولتلها بعصبية...
- يا اما عارفة مين يا اما... احنا هنحتكم للسحرة و المجاذيب على أخر الزمن.
ردت عليا أمي بغضب...
- مجاذيب أيه و سحرة أيه... أي عارف أو عارفة بيبقى عندهم موهبة من ربنا و بيقدروا يشوفوا الطالع و المستخبي و المحجوب عن عيوننا.
رديت عليها و انا بقوم و بطلع لأوضتي...
- اعملي اللي تعمليه يا اما بس انا مش راضي و مش موافق على كلامك ده... عارفة أيه دي اللي ربنا خلاها تشوف الطالع !!!
سيبت امي و طلعت أوضتي غيرت جلابيتي و أكلت و نمت لأن كلامي ماعجبهاش ولا هي كلامها عجبني، عدى يوم و التاني و امي و اختي مابيكلمونيش لأنهم تقريبًا زعلوا مني لحد ما فات ٣ أيام... يومها رجعت البيت كالعادة بعد يوم شقى و زراعة في الأرض، دخلت أوضتي لقيت امي محضرة لي الأكل و بعد ما كلت غيرت هدومي و نمت عالسرير لكني فجأة صحيت على صوت خبط على باب أوضتي، قومت من النوم و روحت ناحية الباب اللي لما فتحته مالقتش حد وراه ف خرجت برة الأوضة و انا بقول...
- مين؟؟.... مين خبط على الباب!
ماحدش رد عليا ف قولت أن انا ممكن اكون سمعت غلط أو ممكن اكون مثلًا بيتهيألي، دخلت أوضتي تاني و قفلت الباب عليا و دخلت انام عالسرير لكن أول ما فردت جسمي سمعت صوت خطوات تحت السرير، خطوات تحت السرير.. أزاي ده!!!
قومت نورت لمبة الجاز و نزلت بصيت تحت السرير بس مالقتش حد ولا لقيت حاجة غريبة ف طلعت قعدت عالسرير تاني بس أول ما قعدت سمعت صوت واحدة ست من ورايا بتقول...
(السم هيصبح زي الدم و هيسري زي النار وسطكوا)
لفيت عشان اشوف مين اللي بتتكلم لقيت ورايا عالسرير واحدة ست قاعدة و مدياني ضهرها، ماكنش باين منها حاجة ف قومت من مكاني و روحت ناحيتها و انا بقولها...
- انتي مين يا ست انتي و دخلتي هنا ازاي؟!
ماردتش عليا لحد ما قربت منها و أول ما وقفت قصادها لقيتها طارت من عالسرير و خبطت فيا، خبطتها فيا وقعتني عالأرض و بقت قاعدة على صدري، ملامحها كانت مش واضحة بسبب أن وشها كان لونه أسود، حاولت ازقها من عليا لكني ماكنتش قادر اتحرك و كأني كنت متكتف، فضلت اخبط برجلي في الأرض و بأيدي كنت بحاول ابعدها عني لكنها كانت قوية جدًا و ماكنتش قادر عليها، فجأة قربت وشها من وشي و صرخت بكل قوة و مع صرختها دي بدأت عقارب كتير تخرج منها و تطلع على جسمي... كنت حاسس برجليهم الصغيرة و بقرصهم في جسمي... الألم كان لا يحتمل و صوت صرخاتي كانت تقريبًا جايب لأخر البلد، بس برضه اللي كان لا يحتمل هو الدخان الكثيف اللي كان مالي الأوضة بسبب الحريقة اللي اتسببت فيها لمبة الجاز اللي كنت ماسكها لما وقعت مني عالأرض، فضلت اصرخ و انا باخد نفسي بالعافية لحد ما ألم قرصات العقارب و كثافة الدخان خلوني سكتت و بقيت باخد نفسي بالعافية لحد ما بدأت اغيب عن الوعي و انا شايف النار حواليا في كل مكان و شايف كمان الست اللي كانت قاعدة على صدري و وراها واقف اتنين ستات تانيين شبهها بالظبط... الدنيا بدأت تضلم و أحساسي بالحياة بدأ ينعدم و جسمي بدأ يستسلم للأغماء أو للموت.........
"عام ٢٠١٥ في مكان ما قبل مدخل محافظة المنيا بمصر"
أثناء العمل في تطوير الطريق الصحراوي؛ الشركة اللي بتحفر لقوا عمالها قبل مدخل محافظة المنيا في مكان صحراوي مقابر مدفونة تحت الأرض، ف استدعت الحكومة لجنة من وزارة الأثار لاكتشاف و معرفة ماهية المقابر دي و انا كنت عضو من أعضاء اللجنة دي....
وليد الدكروري
ده أنا
بشتغل في وزارة الأثار
كنت عضو من ضمن أعضاء اللجنة اللي هتزور مكان المقابر اللي اكتشفوها العمال بالصدفة و هم بيحفروا خلال عملهم في تطوير الطريق الصحراوي قبل المنيا زي ما قولت، روحت انا و اللجنة لمكان المقابر اللي كنا فاكرين انها مقابر فرعونية لكن الغريب أننا لما شوفناها اكتشفنا أنها مقابر لناس عادية ولا تمت للمقابر الأثرية بأي صلة؛ ده اللي كان واضح من شواهد القبور... بس السؤال هنا، المقابر دي بقت تحت الأرض كده ازاي، ما هو شيء غريب برضه أن مقابر لناس عاديين من الواضح أن مافاتش عليها ألاف السنين ولا حاجة تبقى تحت الأرض بالشكل ده!
*منذ قرون في قرية من قرى مصر*
الدجل و السحر نهايتهم سواد ع الكل... و السواد هيطول عاطل في باطل و البريء قبل المجرم؛ السواد هيطول البريء لأنه كان شايف الغلط و ساكت و هيطول المجرم لأنه كان السبب في أن السواد يحل عالكل......
أنا جمال حمدان
عندي ١٨ سنة
عايش في قرية ريفية من قرى مصر؛ الحياة في قريتنا كان زيها زي بقية القرى اللي حوالينا من أراضي زراعية و مواشي و بيوت لكن المختلف في قريتنا وجود السحرة بكترة... الناس في بلدنا بتؤمن بالسحر لدرجة انهم بيسموا الساحرة بالعارفة و بيسموا الساحر بالعارف، مش عارف هم عارفين أيه بس الناس سموهم كده لأنهم بيقولوا أنهم بيعرفوا و بيشوفوا حاجات احنا ك ناس عاديين مابنقدرش نعرفها أو نشوفها...!
ابتدت الحكاية من يوم ما لمحت بالليل و انا قاعد في أوضتي من الشباك حاجة غريبة قصاد بيتنا اللي زيه زي كل بيوت القرية مكون من دور واحد، يومها شوفت بالليل الست أم منير جارتنا و هي بترش ماية قصاد باب البيت عندنا، وقتها استغربت بس ماجاش في بالي أن اللي بتعمله ده شر لحد ما تاني يوم لاحظت على أختي أعراض غريبة، اختي بدأت تتشنج و تتكلم بصوت مش صوتها؛ وقتها اتدخلت و قولت لامي و ابويا...
- أحنا لازم نوديها لحكيم.
ردت عليا أمي...
- لأ احنا هنوديها للعارف ابو عماد.
رديت على أمي بغضب و قولتلها...
- عارف أيه يا أمي... و انت يا بابا مقتنع بكلامها ده؟!
رد عليا ابويا بكل حزم...
- أمك معاها حق... اختك مسحورة هي و البنتين اصحابها، من ساعة ما كانوا عندنا امبارح و مشيوا و هم التلاتة على نفس الحالة، تشنجات غريبة و بيتكلموا بأصوات مش أصواتهم، احنا لازم ناخد اختك و نوديها لعارف يشوف أيه اللي صابها.
اتخانقت معاهم لكن الخناقة كانت من غير فايدة لأنهم سمعوا كلام دماغهم و خدوها في نفس اليوم لواحد من الدجالين؛ بس زيارتهم كانت من غير فايدة لأن اختي فضلت برضه تعبانة زي ما هي، الزيادة بس انهم اقتنعوا بكلام العارف اللي قال لهم أن أختي معمول لها عمل و عشان العمل ده يتفك لازم تشرب من الماية الغريبة اللي اداهالهم في أزازة شكلها غريب..
كل ده ماكنش يهمني، انا اللي كان يهمني أم منير اللي قررت اروح لها بيتها و اسألها عن الماية اللي رشتها قصاد بيتنا، و لو هتقولي ليه ماقولتش لامي و ابويا على اللي شوفته هقولك أن انا متأكد من أني لو قولتلهم هتحصل مشكلة كبيرة و مش بعيد امي تموتها و ابويا يموت ابنها منير اللي حاله بصراحة بقى يصعب عالكافر... منير كان بيخرج يزرع ارض ابوه و هو ساكت على غير طبيعته، ماكنش بيتكلم مع حد و طول الوقت كان شكله متضايق و كأنه متخانق مع حد أو حد مزعله، خدت بعضي بالليل و روحت على بيت منير و أول ما خبطت سمعت أصوات صرخات من جوة و بعد كده شوفت دخان كثيف خارج من تحت الباب، الظاهر أن بيت منير حصل فيه حريق و أكبر دليل على كده صرخاته هو و أهله من جوة... بس الغريب أن انا لاحظت عقارب كتير بدأت تخرج من البيت، لسه هتصرف أو انادي لحد لكني فجأة بعدت عن الباب و جريت ناحية بيتنا لأني سمعت صوت صويت أمي، جريت ناحية البيت اللي لما دخلته لقيت امي و ابويا واقفين جنب سرير اختي اللي بقت جثة، أه أختي ماتت و ابويا و امي واقفين بيعيطوا عليها لكن وسط ده كله سمعت أصوات صويت و أصوات هرج و مرج جاية من برة البيت، لسه هخرج عشان اشوف في أيه فجأة لقيت بيتنا بيولع...!
دخلت جري و حاولت اخرج أمي و ابويا لكن النار بدأت تنتشر بسرعة رهيبة حوالينا و معاها كانت بتنتشر العقارب اللي بدأت تخرج من تحت سرير اختي، حاولت اهرب من البيت انا و أهلي لكن الدخان الكثيف خلانا مش قادرين نتنفس و بدأنا نغيب عن الوعي واحد ورا التاني، قعدت على الأرض قصاد باب البيت اللي ماكنش بيفتح و فضلت اصرخ بكل قوة، لكن صراخي زاد لما حسيت بالعقارب و هي بتمشي على جسمي و بتقرصني، وقعت على الأرض و فضلت اخد نفسي بالعافية و انا بجاهد العقارب اللي بدأت تقضي عليا؛ لكن للأسف ماقدرتش اقاوم و بدأت اغمض عيني و أخر حاجة شوفتها قصادي هي أختي و معاها البنتين اصحابها بس كانت أشكالهم متغيرة، أجسامهم كانت سودة و شعرهم كان مخيف و كأنهم أصبحوا عفاريت... حاولت اقاوم لكن مقاومتي كانت أضعف من كل العوامل اللي حواليا ف بدأت استسلم و اغمض عيني بس قبل ما اغمض سمعت جملة خرجت من أختي...
(السم هيصبح زي الدم و هيسري زي النار وسطكوا)
و مع الجملة دي كانت نهايتي لما غمضت عيني و ماحستش بعد كده بأي حاجة.....
"عام ٢٠١٥"
دخلنا للمقابر كلجنة فحص و معانا مجموعة من العمال لكننا ما اكتشفناش حاجة غريبة لأننا اكتشفنا أن المقابر دي مقابر عادية مش أثرية... المقابر كان واضح أنها لناس عادية كانوا عايشين في المكان ده بس المكان كان كله صحرا و مافيهوش حاجة تدل على أن كان في ناس عايشين فيه أصلًا قبل كده!
خرج تصريح بنقل رفات الجثث اللي كانت مدفونة في المقابر دي لمقابر تانية و الحكومة قالت أن الشركة هتستكمل أعمال الحفر و التطوير في طريق، لكن انا كنت عاوز اعرف المقابر دي بتاعت مين و اتدفنت تحت التراب كده ليه و ازاي، أستمر فضولي و بحثي عن الموضوع لحد ما ف يوم لقيت ظرف على مكتبي... الظرف كان مكتوب عليه أن اللي باعته واحد اسمه (عم محمد خضر)، الرجل ده كان عامل من العمال اللي نقلوا الجثث من المقابر الغريبة دي لمقابر الصدقة، مسكت الظرف البني الكبير و فتحته عشان الاقي جواه.....
*منذ قرون في قرية من قرى مصر*
لما القيامة هتقوم مش هتفرق بين غني و فقير، و لما غضب ربنا هيحل على الناس بسبب جهلهم و قلة أيمانهم بالله و أيمانهم بمعتقدات و عادات غلط مش هيفرق بقى الغضب و العقاب بين ابن فلاح او ابن موظف أو حتى أبن عمدة.....
أنا رجب الخيال
عمري ١٦ سنة
أنا ابن عويس الخيال عمدة قرية العقارب، و لو هتسألني قريتنا اتسمت بالأسم ده ليه هقولك أن انا الحقيقة ماعرفش حاجة مؤكدة اقدر بيها اقولك أن قريتنا اتسمت بالأسم ده عشان كذا، بس الكبار في البلد بيقولوا أن زمان قبل ما القرية دي تتعمر و يسكنها ناس كانت مرتع للحشرات و خصوصًا العقارب بس مع وجود الناس و تجمعهم في المكان... البلد بقت نضيفة و العقارب مابقتش تظهر، و في ناس تانية بيقولوا أن البلد اتسمت بالأسم ده لأنها مليانة سحرة و دجالين أو زي ما الناس بيسموهم عارفين....
و نبي انا ما عارف هم عارفين أيه بس انا وعيت عالدنيا لقيت أهلي و كل الناس اللي حواليا بيقولوا على أي حد بتاع سحر و أعمال عارف، حياتي كانت حياة جميلة و كلها جري و لعب و تنطيط و دلع... اه حقي اتدلع ما انا ابن العمدة؛ بس للأسف الحياة بدأت تتغير مع رجوع اختي من عند صاحبتها بنت عم حمدان، أختي من ساعة ما رجعت من عندها و هي حالها مقلوب، بقت تصوت و تتشنج و كأنها ملبوسة من جن، اتدخلت لما اختي تعبت و قولت لابويا...
- أيه رائيك يا ابا لما ناخدها لعم الشيخ محمود الباجوري، أهو رجل صالح و أمام مسجد و عمره ما هيعمل حاجة تغضب ربنا و أكيد...
قاطعني ابويا و هو بيبرق لي....
- ده أيه ده... والله كبرت و بقى ليك رأي يا رجب يا ابن زينب، شيخ محمود مين اللي اوديله اختك في الجامع، و بعدين من أمتى يعني بنعالج الملبوسين في الجوامع!
أختك معمول لها سحر و ماحدش بيعرف يفك السحر إلا إذا كان واحد من العارفين، أنا هاخد اختك و اروح بيها عند أجدعها عارف أو عارفة في البلد و انت خليك يا اخويا مع الشيخ محمود الباجوري بتاعك يا خايب.
قال لي ابويا كده و خد اختي و راحوا عند حد من السحرة في البلد أو زي ما بيقولوا (وداها لعارف)... قعدت استنيته في البيت لحد ما رجع هو و اختي بس اختي لما رجعت معاه كان شكلها تعبان اوي و كان واضح أن تعبها زاد ماقلش، شكل اختي خلاني اسأل ابويا هو عمل أيه عند العارف... ف رد عليا و قال لي إنه وداها لعارف كبير قال له أنها خطت على سحر مرشوش و السحر ده هيتفك لما تشرب من أزازة شكلها غريب كده هو اداهاله، بصراحة انا ماقتنعتش و سيبتله البيت و مشيت و روحت عالمسجد، دخلت صليت و بعد ما خلصت فريضة ربنا قعدت مع الشيخ محمود الباجوري أمام المسجد و حكيتله اللي بيحصل لاختي و بعد ما خلصت كلامي رد عليا و قال...
- تفتكر يا رجب يا ابني غضب ربنا عامل ازاي؟!
بصيت للشيخ باستغراب و قولتله...
- و أيه علاقة غضب ربنا باللي بيحصل لاختي يا عم الشيخ؟!
رد عليا....
- ما هو اللي عند اختك ده ابتلاء و الابتلاء يا ابني ربنا بيبعته للعبد عشان سببين، السبب الأول أنه يكون ضال و ربنا بيبتليه عشان يرجعه لطريق الحق، و السبب التاني أنه يكون عبد صالح و ربنا بيبتليه عشان يختبر قوة أيمانه و يشوفه هيضعف لوسوسات الشيطان ولا هيفضل على ثباته.
رديت على الشيخ بسؤال...
- طب و اختي ذنبها أيه، أختي طيبة و ف حالها و...
قاطعني الشيخ...
- أختك زيها زي معظم بنات البلد و أهلك زيهم زي معظم أهل البلد، أي مشكلة تحصل لهم بيروحوا على السحرة و الدجالين و بيستعينوا بيهم، السحر يا ابني بيبقى حل للمشاكل أه بس حل وقتي مش دايم، الدايم هو الأيمان بالله عز وجل... و ربنا يا ابني بيغضب على اللي بيرتكبوا المعاصي و هم قاصدين و مستمرين في معاصيهم.
رديت على الشيخ...
- يعني اللي عند اختي ده غضب من ربنا؟!
رد عليا الشيخ...
- الله أعلم يا ابني... بس ربنا يعافينا و يحمينا من عقاب المولى عز وجل، الجهل يا ابني انتشر بطريقة غريبة في البلد و انا صوتي اتنبح مع الناس اللي بيجوا المسجد عشان يصلوا و اللي بالمناسبة ابوك واحد منهم، كتير بقولهم أن العارفين دول سحرة و دجالين و زيارتهم ليهم مابتمنعش شر ولا بتجيب خير، بس معظم اللي بييجوا يصلوا بيعملوا كده عشان الناس تشوفهم و تقول عليهم حجاج و ملتزمين في صلاة الجماعة و هم من جواهم مش بيؤمنوا بالله حق الإيمان، لأنهم لو كانوا بيؤمنوا بيه بجد ماكنوش راحوا للسحرة وال....
قطع كلام الشيخ أصوات صويت و هرج و مرج برة المسجد، قومت جري انا و هو علشان نشوف في أيه، الناس كانت بتجري و بيوت البلد كانت بتولع، بس لفت نظري واحد من اللي بيجروا كان بيجري بسرعة و هو بيقول..
(يا سنة سوخة يا ولاد... بيوت البلد بتولع، ده حتى بيت العمدة ماسلمش من الحرايق)
بيت العمدة!!!
يا نهار اسود و منيل، بيتنا بيولع...!
ده كان كلامي اللي قولته للشيخ و بعد كده روحت جري ناحية بيتنا، بس قبل ما اوصل للبيت لمحت العارفة (ام حسن) و هي واقفة قصاد بيتها بتزعق و تقول كلام مش مفهوم عن جن و عن سم و عن عاصفة و ٤٠ يوم!!
مافهمتش من كلامها حاجة لأني مالحقتش اركز معاها بسبب أن انا كنت بجري بسرعة و بسبب كمان أن ابنها حسن خدها و دخلها لبيتهم اللي بدأ يولع هو كمان بعد ما دخلوه، الناس كانت بتجري و البيوت كانت بتتحرق و العقارب كانوا ماليين كل شبر من شوارع البلد، وصلت قصاد بيتنا اللي لقيته بيولع بس لما سمعت صوت صراخ ابويا و اختي جواه حسيت أن في أمل أن انا اخرجهم، حاولت ادخل من الباب لكن النار منعتني ف كسرت شباك و دخلت منه، كان شباك أوضة اختي اللي لما دخلتها لقيت فيها اختي و معاها بنتين كمان، أشكالهم كانت غريبة و هدومهم كانت مليانة دم و تراب و العقارب كانت بتمشي على كل حتة ف جسمهم، و قصادهم كان مرمي على الأرض ابويا و هو بيبص لهم برعب و بيقول...
- انتي ازي موتتي يا بنتي و صحيتي تاني، و بعدين مين دول و النار دي جت منين هي و العقارب!!!
ردت عليه أختي و قالت...
(السم هيصبح زي الدم و هيسري زي النار وسطكوا)
أول ما قالت كده العقارب بدأت تكتر في الأوضة، روحت انا ناحية ابويا و حاولت اقومه لكن للأسف العقارب كترت من حوالينا لدرجة انهم كانوا ماليين أرضية و حوائط الأوضة، دوست انا و ابويا عليهم و حاولنا نروح ناحية الشباك لكن للأسف العقارب لحقتنا و قرصهم و دخان النار اللي انتشرت في كل البيت خلانا قعدنا على الأرض، بدأت اتنفض من كتر الألم و ابويا في لحظات بقى جثة جنبي بسبب الدخان اللي ماستحملوش هو و قرص العقارب اللي اتلمت علينا، الألم بيشتد عليا و انا مابقتش قادر اقاوم و خلاص بستسلم للموت، بس قبل ما عيني تغمض شوفت اختي هي و البنتين اللي معاها و شكلهم كان وحش اوي و مش واضح لأن شعرهم كان نازل على وشهم، انا عرفت اختي من وسطهم بسبب لبسها... بس ماعرفش أيه اللي حصل لها و مين دول و اختي بقت عاملة كده ليه و ازاي... انا في الأخر استسلمت و غمضت عيني و بدأت اتشاهد و انا من جوايا مقتنع أن ده غضب ربنا اللي الشيخ الباجوري قال لي عليه...
"عام ٢٠١٥"
الظرف كان مكتوب عليه أن اللي باعته واحد اسمه (عم محمد خضر)، الرجل ده كان عامل من العمال اللي نقلوا رفات الجثث من المقابر الغريبة دي لمقابر الصدقة، مسكت الظرف البني الكبير و فتحته عشان الاقي جواه كتاب شكله غريب؛ الكتاب غلافه كان مصنوع من جلد بس لما فتحته لقيت جواه ورق لونه أصفر، الغريب بقى ماكنش غلاف الكتاب ولا الورق اللي جواه... الغريب كان الكلام اللي مكتوب عالورق، بدأت أقرأ الكلام اللي في أوله ماكنتش فاهم حاجة ف طلبت فنجان قهوة من عامل المكتب و بدأت اقراه بتركيز و احاول افسر كل جملة فيه، و إليكم الكلام اللي كان مكتوب بخط الأيد....
الجزء الثاني
(مع دقة الساعة ١٢ كل يوم بالليل القرية بتبقى ساكتة و مافيهاش صريخ ابن يومين، الكل بيلتزم بيته و بيخاف يخرج لا يموت بسبب العاصفة... العاصفة الترابية اللي بتزيد من بعد الساعة ١٢ و بتفضل مستمرة لحد طلوع شمس نهار اليوم الجديد، العاصفة اللي بدأت من حوالي شهر و بيقولوا إنها هتفضل مستمرة لمدة ١٠ أيام كمان؛ من بعدهم أهالي القرية كلهم هيموتوا، طب نهرب من القرية!!
حاولنا كتير نهرب لكننا مابنلاقيش مخرج و كل الطرق اللي بتخرج أو بتدخل للقرية تقريبًا اختفت؛ يعني كل ما حد يحاول يخرج من الطريق الرئيسي بيفضل ماشي فيه لحد ما بيلاقي نفسه رجع تاني لبوابة القرية و كأننا في دايرة مفرغة أو كأن القرية بتاعتنا بقت هي العالم كله بالنسبة لنا، كل البلاوي دي بدأت تحصل مع بداية ظهورهم... كل المصايب ابتدت مع بداية ظهور العقارب.
العقارب و النار اللي ظهروا من شهر و كانوا سبب في خراب بيوت كتير و موت ناس أكتر لدرجة أن اللي اتبقى من أهل البلد ناس قليلين جدًا انا واحد منهم، فاكر انا أن يوم ما ظهرت النار و معاها العقارب قالت واحدة دجالة أسمها ام حسن أن البلد اتلعنت من عشيرة من الجن و أن اللعنة دي هتفضل مستمرة لمدة ٤٠ يوم و في الأخر هتيجي عاصفة ترابية قوية تاخد كل اللي متبقي من القرية، البيوت معظمها اتحرقت و العقارب بقوا موجودين في كل مكان بالليل.. و بالنهار بيبقى في عاصفة ترابية قوية بتشتتد بالليل مع ظهور العقارب بكثرة...
أحنا بلدنا اتشهرت بالسحر و بكتر السحرة فيها و كمان اتشهرت بأن أهلها بيؤمنوا بالسحرة و بيقدسوهم و بياخدوا كلامهم كأنه أوامر، أنا أهلي ماتوا محروقين و مش متبقي غيري انا و شوية ناس قليلين... بنحاول كتير نخرج من البلد بس الظاهر أن مافيش مفر و الظاهر أن النهاية جاية جاية و العقارب أو عشيرة الجن اللي لعنت البلد عملت كده بأمر من ربنا عز وجل، ماهو مافيش ضرر أو نفع ألا بأمر من رب الناس اللي كانوا بينافقوه و بيدخلوا يصلوا له في المسجد و بعد كده بيخرجوا يروحوا يقدموا فروض الولاء و الطاعة للدجالين، ياما كتير حاولت اتكلم و اشرح للناس أن ده غلط بس اللي اتعود على حاجة مابيقدرش يبطلها و الظاهر أن السحر و السحرة اللي كانوا الناس بيقدسوهم هم السبب في نهايتنا السودة... بكتب كلامي ده و انا بستسلم و بعلن ان انا مش لاقي حل انا و كل الناس اللي اتبقت من أهالي البلد، أحنا مابنعرفش نخرج ولا نروح ولا نيجي و حتى شوارع البلد بالليل بتبقى مليانة عقارب و عشان كده بقيت بنام عند المقابر البعيدة عن البيوت عشان ماشوفش العقارب، و بقيت بستحمل العاصفة الترابية الشديدة غصب عني، بكتب كلامي ده و انا عارف إن انا هنام في يوم جنب المقابر و هصحى الصبح مش هلاقي نفسي في البلد... اتمنى أن انا الاقي نفسي في مكان أحسن و اتمنى أن ربنا يسامحني انا و كل أهل البلد اللي راحوا و اللي متبقيين، بكتب كلامي ده في دفتر مذكراتي عشان اللي يلاقيه من بعدي يعرف قرية العقارب اتلعنت ليه و ليه اتصابت بعاصفة ترابية.....)
خلصت الكلام اللي مكتوب في الكتاب أو الدفتر ده و نزلت من مكتبي و روحت على المكان اللي لقينا فيه المقابر؛ بس للأسف العمال كانوا خلصوا أعمال التطوير و الطريق بقى متسفلت و مافيهوش حاجة غير العربيات اللي رايحة و جاية، في الوقت ده افتكرت عم محمد خضر اللي بعت لي الدفتر اللي فيه المذكرات على مكتبي، بسهولة قدرت اوصل لعنوانه و روحت له بيته المتواضع، الرجل كان طيب و استقبلني أحسن استقبال و بعد ما شربت معاه الشاي بدأنا نتكلم أو هو اللي بدأ معايا الكلام لما قال....
- قريت اللي مكتوب في الكتاب اللي بعتهولك يا استاذ وليد؟!
رديت عليه...
- أه قريت و مش قادر استوعب اللي قريته، و بعدين انت لقيت الدفتر ده فين؟!
رد عليا عم محمد...
- لقيته جنب شاهد قبر من القبور اللي انت روحت عاينتها، و جنب الدفتر كان في هيكل عظمي لبني أدم، بس عاوز اقولك أننا لقينا حاجة تانية مهمة..
قال عم محمد كلامه ده و قام دخل أوضة من أوض شقته و بعد كده رجع و معاه يافطة حديد مكتوب عليها...
(مرحبًا بكم في قرية العقارب)
و تحت الجملة دي كان مكتوب...
(قرية العارفين)
أداني عم محمد اليافطة و هو بيقول...
- اليافطة دي كانت موجودة جنب المقابر، الظاهر أن كان في فعلًا قرية موجودة بالأسم ده و الله أعلم اختفت ازاي ولا راحت فين، بس اللي واضح من الكلام اللي في الدفتر اللي انا بعتهولك لما لقيتك مهتم أوي بالبحث في موضوع المقابر المجهولة دي أن البلد أو القرية دي اتلعنت لأن أهلها كانوا بيعملوا بلاوي و البلاوي دي كانت هي السبب في لعنتهم و ف غضب ربنا عليهم... أنا مش عارف يا استاذ وليد انت مصدق كلامي ولا لأ بس اللي عاوز أكدهولك أن الكلام اللي انت قريته ده حقيقي لواحد كان عايش في القرية و شاف و عاش أخر أيامها، الله أعلم اللي حصل ده كان أمتى بس الظاهر أنه حصل من سنين كتير... ربنا ينجينا و يخرجنا من الدنيا دي على خير و أهم حاجة أنه يخرجنا و هو راضي عننا...
بصيت لعم محمد خضر باستغراب و قولتله...
- طب انا اقدر أعمل أيه؟!
رد عليا عم محمد و قال...
- قدم الأدلة اللي معاك دي للدولة و قول للناس أن كان في قرية أسمها قرية العقارب كانت موجودة قبل محافظة المنيا و اختفت بسبب عاصفة رملية شديدة و ماتبقاش منها غير مقابر أهلها اللي لقوها مدفونة تحت الأرض.
خلصت كلام مع عم محمد و مشيت من عنده و انا معايا الدفتر و اليافطة... الدفتر و اليافطة اللي ماكنوش دليل قاطع على أن المكان ده كان في قرية، ماهو برضه مافيش حد عاقل يصدق أن قرية بحالها اختفت كده و كأنها ماكانتش موجودة من الأساس!!
حاولت اتكلم مع مسئولين عشان نحاول نبحث و ندور عن أصل القرية بس ماحدش سمعني و فسروا المقابر اللي لقوها بأنها مقابر لقرية قريبة من المكان أو مقابر قديمة الناس كانوا بيدفنوا فيها بعيد عن قرى محافظة المنيا؛ تفسيرهم ماكنش منطقي اوي بس احنا و كعادتنا يعني بنحب نريح دماغنا و مابنحبش ندور في الموضوع ألا لو كان في أثار فرعونية، بصراحة انا تعبت من كتر ما حاولت أثبت أن كان في قرية بالأسم ده بس في حاجة ناقصة... انا مش لاقي تفسير ولا مبرر لاختفاء القرية، أكيد الموضوع كبير و انا لسه مش عارف عنه تفاصيل كتير أقدر افهم بيها أصل الحكاية...
فضلت كده لحد ما ف يوم قعدت في شقتي لوحدي كالعادة و مسكت المذكرات في أيدي و فضلت أقرأ نفس الكلام يمكن للمرة ال ١٠٠ و برضه كنت حاسس أن في حاجة ناقصة، كنت قاعد بقرأ المذكرات عالسرير لحد ما من كتر التفكير تعبت و غمضت عيني و روحت في النوم علشان أصحى على صوت بيقول لي...
(أهلًا بيك في قرية العقارب)
فتحت عيني لقيت نفسي في مكان صحراوي غريب بالليل؛ المكان كان كله ضلمة إلا من نور القمر اللي كان منور من فوق راسي... و انا واقف مستغرب ركزت مع المكان اللي اكتشفت أنه هو هو نفس مكان المقابر اللي عاينتها من فترة أو هو ده مكان القرية اللي مابقتش موجودة، بس و انا مركز حواليا سمعت صوت بيهمس في ودني..
(أفتح المذكرات اللي ف أيدك)
المذكرات فعلًا لقيتها في أيدي ف فتحتها و أول ما فتحتها برقت لأني لقيت الكلام اللي كان مكتوب فيها متغير عن ما قريت قبل ما انام، الكلام الجديد اللي مكتوب كان عن ٣ حكايات ل ٣ شباب.. الاول اسمه منير و التاني اسمه جمال حمدان و التالت اسمه رجب الخيال، كانوا حكايات شبه بعض و أحداثهم متقاربة بس برضه مافهمتش منهم حاجة لحد ما خلصت قراية أخر سطر في حكاية رجب و مع نهايتها حسيت بالمكان بيتبدل من حواليا و مع تبديل المكان سمعت نفس الصوت اللي صحيت عليه بيقولي...
(نورت قرية العقارب يا أستاذ وليد)
بصيت حواليا لقيت المشهد متبدل تمامًا، أنا كنت واقف في قرية ريفية و الناس ماشيين قصادي عادي جدًا و الدنيا أه كانت ليل بس كان في أنوار من حواليا بسبب لمبات جاز كانت محطوطة على شبابيك البيوت من برة و ف بعض الأماكن في الشارع، بصيت قصادي على صاحب الصوت اللي قال لي كده لقيته شاب شكله غريب عن الناس اللي رايحين و جايين قصادي... كان شكله مترب و هدومه مبهدلة أو بالتحديد جلابيته كانت شبه متهالكة، قرب مني و قال...
- استاذ وليد ماتقلقش، ماحدش من الناس دول هيشوفك، أنت أصلًا مش موجود في المكان ده دلوقتي.. أنا بس حبيت أفهمك اللي انت بقالك كتير بتحاول تفهمه و مش لاقي طريقة تفهمه بيها، أنا ابقى محمد محمود الباجوري الأبن الأكبر للشيخ محمود الباجوري اللي انت قريت عنه في حكاية رجب اللي قريتها في المذكرات دلوقتي، أنا يا استاذ وليد كاتب المذكرات اللي وصلتلك و انا برضه صاحب الجثة اللي لقوها هيكل عظمي جنب المذكرات و شواهد القبور، أستاذ وليد كل الحكاية مش عندي انا بس ولا حتى عند الحكايات اللي انا خليتك تقراهم و تعرف عنهم عن طريق أظهارهم ليك ك كتابات في المذكرات، أستاذ وليد اللي انت عاوز تفهمه هتلاقيه عند ده...
قال كده و شاور بأيده على حاجة ورايا، لفيت عشان اشوف مين اللي شاور عليه لقيته شاب لابس جلابية و شكله زي بقية الناس، بصيت له باستغراب و سألته...
- انت مين؟
بص لي و قال...
- أنا اللي فهمك كل حاجة... روح محمد ابن الشيخ محمود اتعلقت بالمذكرات اللي وصلتك و روحه برضه هي اللي جابتك لحد هنا عشان تشوف بعينك... سمي اللي انت فيه خيال أو حلم أو عالم مالوش تفسير بس صدقني كل اللي قريته و عرفته أو لسه هتعرفه حصل فعلًا من سنين كتير...
رديت عليه بنفس السؤال تاني...
- ماعرفتش برضه انت مين؟!
قرب مني أكتر علشان أسمعه بوضوح و هو بيحكي و يقول.....
أي نبي لما كان بيشوف أهله بيرتكبوا فاحشة كان بيدعوهم بأمر من ربنا أنهم يرجعوا عنها و ده لأنه كان صالح و ماخافش من بطشهم... خاف بس من عقاب ربنا و عشان كده كان بيدعوهم لطريق الحق، لكن انا ماقدرتش اعمل كده لما وعيت عالدنيا و لقيت أمي ساحرة أو زي ما بيقولوا عليها أهل البلد (عارفة).... أنا ماكنتش راضي عن اللي امي بتعمله ولا عن انتشار السحر في البلد لدرجة إنه بقى بتدخل في كل جانب من جوانب الحياة؛ بس انا كنت مغلوب على أمري بسبب أن أمي كانت بتصرف علينا من فلوس شغلها كعارفة، ف ماقدرتش امنعها ولا امنع أهل البلد من أيمانهم بمعتقداتهم لأني ببساطة بشر عادي مش نبي و دي كانت غلطتي اللي أدركتها بعد فوات الأوان....
حسن عبد النعيم جبار
ده أنا
عندي ٢٠ سنة
الجزء التالت
من يوم ما وعيت عالدنيا انا و اختي و احنا مانعرفش لينا أهل غير أمي من بعد موت ابويا، أمي اللي لما ابويا مات و احنا صغيرين اتعلمت السحر على أيد واحد دجال أو زي ما بيسموه أهل البلد عارف... العارف ده أمي اتعلمت منه الشغلانة و ورثت منه كتبه بعد ما مات لأنه ماكنش له أولاد، اتعلمت امي الشغلانة اللي بقت تصرف منها علينا و بصراحة فلوس الشغلانة و سلطاتها كانت كتيرة جدًا لأن أهل بلدنا بيعتبروا العارف أو العارفة زي العلماء كده بالنسبة للناس العاديين، أمي ربتنا من فلوس حرام انا عارف و كتير كنت بحاول امنعها بس لما كنت بقولها بطلي شغل أو حتى بعترض على شغلها، كانت بترد عليا كل مرة بنفس الجملتين...
(مش هبطل الشغلانة اللي كبرتكوا، و مش هعرف ابطلها عشان السكة دي اللي بيمشيها مابيعرفش يرجع منها)
ف كنت بسكت و كانت حياتنا بتمشي عادي و فضلت الحياة ماشية عادي لحد ما ف يوم جت لنا واحدة ست اسمها ام منير، الست دي جت هي و بنتها اللي كان عندها مشكلة... بنتها كان سن جوازها قرب و ماكنش بيتقدملها عرسان، بصراحة البنت ماكنش في حاجة تمنع جوازها بس برضه الجواز قسمة و نصيب و ده اللي أهل بلدنا (قرية العقارب) مابيقتنعوش بيه، كل مشكلة عندهم لازم يبقى حلها عند عارف أو عارفة، المهم الست دي دخلت مع أمي أوضة الشغل، أمي طبعًا حبت تاخد منها قرشين زيادة ف أقنعت ام منير أن حد عامل لبنتها عمل و قالت للست و هي بتديها أزازة شكلها غريب...
(بنتك في واحدة عاملة لها عمل... خدي الأزازة دي و رشي اللي فيها قصاد بيت اللي انتي شاكة أنها عاملة لبنتك العمل و كل حاجة هتتحل)
وقتها الست ردت على أمي و قالت...
(هي البت بنت ال... جارتنا، البت دي طول عمرها و هي بتكره بنتي، بس قوليلي يا ستنا ماتقدريش تشوفيلي إذا كانت هي اللي عاملة العمل ولا لأ؟)
ردت عليها أمي...
(لا يا ام منير دي حاجة مش ف قدرتي ولا ف قدرة أي عارف أنه يعرفها، انتي لو شاكة فيها جربي ترشي الماية دي عند عتبتها و بنتك العمل هيتفك من عليها و لو ماتفكش يبقى واحدة غيرها)
ردت الست على أمي و قالت لها...
(طب يا ستنا العارفة و بعد ما ارش الماية، أيه اللي هيحصل للبت!)
ردت أمي عالست....
(مش شغلك يا أم منير... أنتي مش ليكي إن بنتك تخف؟)
ردت عليها الست...
(حاضر يا ستنا حاضر... كلامك واجب النفاذ)
و بعد ما خلصت الست الجلسة مع امي دفعت لها فلوس و كمان ادت لامي أكل زي بيض و جبنة و لحوم (حاجة كده أسمها أكرام العارف و دي حاجة أي حد بيديها للعارف أو للعارفة لما بيروحوا لهم) و بعد ما الست ادت لامي الحاجات خدت الأزازة و مشيت، بعد ما الست مشيت بيومين تقريبًا قعدت مع أمي وسألتها سؤال مهم كان بيدور في راسي....
- هي صحيح يا اما الأزازة هتخفف البت بنت ام منير؟!
ردت عليا امي و هي بتضحك....
- لا هتخفف ولا هتنيل... الازازة دي هتجيب لنا زباين زيادة عشان الشغل نايم.
بصيت لامي باستغراب و قولتلها....
- هتجيب زباين ازاي يعني؟
ردت عليا أمي...
- الأزازة اللي الست دي خدتها و هترشها قصاد باب جارتها اللي الله أعلم هي مين جواها سم عقارب مقري عليه بطلسم بيخلي جن يحضر هو و عشيرته على البنت اللي هتخطي على العمل ده، و لما البنت دي أو أي بنات في البيت يخطوا على اللي اترش من الأزازة هيصيبهم الجن بعشيرته و وقتها بقى هيلفوا على كل عارفين البلد اللي بقوا أكتر من الهم عالقلب و ساعتها ماحدش هيعرف يعالجهم غيري لأن فك السحر معايا انا وبس، ف انا بقى اعالجها و اخد اللي انا عاوزاه و كده كده بنت أم منير هتتجوز في يوم من الأيام زي كل البنات.
رديت على امي اللي كانت بتقول كلامها ده و هي بتضحك ضحكة شيطانية....
- بس ده يا اما مش حرام؟!
أول ما قولتلها كده ملامحها اتغيرت و قالتلي بعصبية...
- لا يا اخويا مش حرام، انا كده كده هعالج اللي هتتصاب و هعرف اتحكم في الجن اللي هيلبسها، و بعدين مافيش حاجة حرام مع أهل بلد اسمها قرية العقارب... بلد كل اللي فيها عقارب.. كلهم بيعملوا أعمال لبعض و ماحدش فيهم بيحب التاني، و بعدين انت بتتدخل ليه في اللي مالكش فيه، قوم من وشي و شوف وراك ايه... يلا غور.
سيبت امي و خرجت لفيت مع اصحابي شوية في البلد و بعد كده رجعت، بس لما رجعت لقيت امي قاعدة بتعيط جنب اختي اللي كانت نايمة على سريرها و هي عمالة تتنفض، وقتها بصيت لامي و قولتلها...
- أختي مالها يا ام حسن؟!
ردت عليا أمي....
- أختك كانت عند صاحبتها و من ساعة ما رجعت و هي كده.. انا مش عارفة مالها و عمالة اقرا عليها و هي عمالة تتنفض و مابتنطقش.
ضربت كف بكف و انا بقول لها....
- تقري أيه بس يا اما تقري أيه.... أحنا لازم نوديها لحكيم.
بصت لي امي و برقت...
- حكيم و انا موجودة!!.... أنا العارفة ام حسن اللي بتشفي كل عليل في البلد أودي بنتي لحكيم!!!
أنا هفضل وراها لحد ما اخليها تخف.
بصراحة زعقت مع امي و سيبتها و خرجت من البيت و فضلت قاعد عالمصطبة اللي جنب باب البيت لحد الصبح و مع طلوع النهار حسيت أن انا بنعس ف دخلت البيت و اطمنت أن امي و اختي ناموا ف دخلت انا كمان انام في أوضتي، غمضت عيني و روحت في النوم ماعرفش لمدة قد أيه بس كل اللي اعرفه أن انا صحيت على صوت امي و هي بتقول لي...
- أصحى يا حسن... ألحقني!
قومت من النوم و فتحت عيني لقيت امي واقفة قصادي و هي بتعيط، وقتها حسيت أن اختي جرى لها مصيبة ف قومت جري و روحت ناحية اختي اللي كانت لسه على حالها (نايمة و عمالة تتشنج و تخرف بكلام مش مفهوم)
بصيت لاختي و رجعت بصيت لامي اللي كانت واقفة بتعيط ورايا و قولتلها...
- هي اختي حصل لها أيه؟؟.... أنا لازم اوديها لحكيم.
ردت عليا امي و هي بتعيط و حاطة وشها في الأرض...
- ماعدش ينفع يا ابني... ماعدش ينفع.
رديت عليها و قولتلها بزعيق...
- أيه ده اللي ماعدش ينفع... هو في أيه ما تفهميني!!
قعدت امي ع الأرض و قالت و هي بتعيط...
- أختك كانت عند بنت حمدان هي و بنت العمدة، بنت حمدان جارة أم منير... أم منير رشت قصاد بيت حمدان من الأزازة اللي اديتهالها ف اتصابت اختك و بنت العمدة و البت بنت حمدان، انا حاولت اصرفه من عليها بس يا ابني الجن ده حضر هو وعشيرته و لما باجي أصرفه من على أختك مابيرضاش ينصرف لأن العهد اللي انا واخداه معاه مابينفعش بسببه اعالج حد هو لبسه من أهلي... الموضوع يتوه و مش هعرف افهمك كل حاجة، بس كل اللي اقدر اقولهولك أن اختك و بنت حمدان و البت بنت العمدة اتسكنوا بعشيرة كاملة من الجن و العشيرة دي بتتشكل في شكل عقارب و عشان تعرف تعيش هتولع في كل مكان حوالينا... انا عمري ما كنت افتكر أن انا هخلي بنتي تتأذي بسبب أعمالي.
قربت من أمي و قولتلها بزعيق..
- منك لله أنتي السبب... ياما قولتلك بلاش يا اما الشغلانة المنيلة بستين نيلة دي.
كملت امي كلامها و هي بتعيط...
- مافيش عارف هيقدر يصرفهم... كلهم بيخافوا يتعاملوا مع الجن سيد عشيرة العقارب اللي هيحتل البلد هو و عشيرته، و في الأخر بعد ما العشيرة تحتل القرية هتيجي عاصفة تاخدهم و ترجعهم لعالمهم تاني بالبيوت اللي احتلوها بعد ٤٠ يوم تقريبًا، كتاب السحر اللي حضرت منه الجن مكتوب فيه كده... انا عملت كل ده عشان ازود الزباين عندي و ماكنتش اعرف أن انا بجيب لعنة لأهل البلد كلهم و أولهم بنتي..
قالت امي كلامها ده و طلعت تجري ناحية باب البيت اللي فتحته و وقفت قصاده تزعق و تقول...
(البلد اتلعنت من عشيرة جن هتولع في كل البيوت عشان تعرف تعيش و تاخد مكاننا، العشيرة دي بعد ما تحرق اللي هتقدر تحرقه هتيجي عاصفة ترابية و تاخدهم و تاخد اللي سكنوا أجسامهم و هيختفوا... التراب هياخد العقارب و هياخد معاهم كل اللي اتلعنوا بعد ٤٠ يوم... النهاية جاية بعد ٤٠ يوم يا بلد)
خرجت وراها و قفلت بوقها بالعافية بدل ما الناس يتلموا علينا.. بس ناس مين اللي يتلموا علينا!... الناس كلهم كانوا بيجروا و البيوت كانت بتولع ولا كأننا في يوم الحشر، وقتها عرفت أن كلام امي صح و أن قبيلة من الجن لعنت البلد بسبب عمايلها السودة، خدت امي و دخلتها بالعافية بس أول ما دخلنا باب البيت اتقفل ورانا بقوة و فجأة ظهرت نار من العدم و بدأت تمسك في كل مكان في البيت، و مع ظهور النار ظهرت عقارب كتير من كل مكان و مع كل ده ظهرت اختي و معاها البنتين اللي خطوا عالعمل... كانت أشكالهم مرعبة و صوت اختي اللي كان متغير قال...
(السم هيصبح زي الدم و هيسري زي النار وسطكوا)
و مع الجملة دي ابتدت العقارب تقرب مني انا و امي و النار بدأت تحرق البيت كله و احنا جواه... الدخان الكثيف و لدغات العقارب خلونا نقع عالأرض و نستسلم للنهاية أو للموت... الألم كان لا يحتمل و جسمي بدأ يفقد قواه و بدأت اغمض عنيا و اخر حاجة شوفتها قبل ما اغمض هي جثة أمي اللي كانت جنبي على الأرض و العقارب و النار و اختي و البنتين اللي كانوا واقفين وراها....
بعد ما خلص كلامه بصيتله و انا مش مصدق اللي قاله و قولتله...
- يعني انت كمان ميت؟!
رد عليا...
- كل اللي قريت عنهم أو عرفت حكاياتهم ماتوا... القرية اهلها كلهم اتصابوا باللعنة و ماتوا بطرق مختلفة، بس اللي اتفضل كان شوية ناس و من ضمنهم محمد اللي وصلتك مذكراته.
قال كده و هو بيبص ورايا ف بحركة تلقائية مني بصيت انا كمان عشان الاقي نفس الشخص اللي كان واقف قبل كده، اللي هو محمد ابن الشيخ محمود الباجوري، بصيت له و قولتله و انا مستغرب...
- انا جيت هنا ازاي؟!
رد عليا و قال...
- انت ماجتش أصلًا.. روحك بس هي اللي بتشوف، انا كمان روحي اللي اتعلقت بالمذكرات بتشوف و جابت روحك لحد هنا عشان تشوف انت كمان... احنا دلوقتي في وقت بداية النهاية، اللعنة دلوقتي بتبتدي....
أول ما قال كده اختفى و اختفوا الناس و مع اختفاء الناس بدأت اسمع أصوات صرخات و أصوات هرج و مرج، بصيت حواليا لقيت بيوت البلد بتولع و الناس اللي اختفوا رجعوا ظهروا تاني و هم بيجروا و كأنهم خايفين من حاجة غريبة، لما ركزت عرفت أن الحاجة دي هي عقارب بتجري ورا الناس.. العقارب كانت بتخرج من البيوت اللي مولعة و... بس أيه ده!!
أنا شايف كل حاجة زي ما قريت في المذكرات و سمعت من حسن و محمد، انا شايف شاب بيجري و الناس بتقوله بيتكوا بيولع يا ابن العمدة و قصادي واحدة ست بتقول إن البلد هتهلك بعد ٤٠ يوم دي دي.. دي ام حسن العارفة و اللي ظهر من وراها و سحبها لجوة بيت ده أبنها حسن، انا عارفه لأني شوفته من شوية، فجأة كل حاجة سكتت و المكان بقى خراب و التراب ملى الشوارع و البيوت بقت خربانة و باين عليها أثر الحرايق و كأني طلعت بالزمن لقدام أو بعد ما الحرايق حصلت بفترة، وقفت ببص حواليا و انا مش عارف أيه اللي هيحصل بعد كده لكن ظهر فجأة محمد قدامي و قال لي...
- تعالى ورايا يا استاذ وليد.
مشيت وراه و انا مسلوب الأرادة، كنت بمشي وسط شوارع البلد و انا شايف العقارب بتتحرك حوالينا لكنها مابتقربش مننا، فضلت ماشي معاه لحد ما وصلنا عند المقابر اللي لما وصلت عندها اختفى محمد من قدامي لكنه كان موجود بشكل تاني عند قبر من القبور، قربت منه لقيته نايم و ف أيده نسخة من المذكرات اللي معايا، حاولت اقرب منه أكتر لكني مالحقتش لأني اتسمرت مكاني لما لقيت ٣ بنات أشكالهم مرعبة واقفين في نص المقابر، وقفت باصصلهم بخوف و انا مش عارف اتحرك لحد ما التلاتة قالوا بصوت واحد...
(السم هيصبح زي الدم و هيسري زي النار وسطكوا... طول ما الذنوب موجودة و انتوا مقتنعين أنها صح السم هيفضل بينكم... السم هو الذنوب اللي بتجيب العقاب زي ما حصل لقرية العقارب)
اول ما قالوا كده التراب اللي كان في الجو ابتدى يزيد و معاه الهوا ابتدى يشتد لدرجة أن انا غمضت عيني، و أول ما غمضت سمعت صوت رنة موبايلي!!!
فتحت تاني لقيت نفسي نايم على سريري و ف أيدي المذكرات اللي لما بصيت فيها لقيتها زي ما هي جواها نفس الكلام اللي قريته قبل ما انام و بس و الحكايات التلاتة ماكنوش مكتوبين و كأني شوفتهم في الحلم أو الرؤيا دي و بس، رميت المذكرات و فوقت من الحلم الغريب اللي شوفته و مسكت التليفون و رديت على الرقم الغريب اللي كان بيتصل...
- الو... استاذ وليد الدكروري.
رديت...
- أيوة يا فندم انا وليد.
رد عليا...
- أنا خضر أبن الحاج محمد خضر، والدي اتوفى الصبح بس قبل ما يموت اداني ورق و قال لي أن انا لازم اديه لحضرتك.
اتنفضت من مكاني و رديت عليه و قولت..
- حاضر حاضر... انا هلبس و اجيلك حالًا.
قومت لبست و روحت لبيت عم محمد خضر و هناك عرفت إنه مات و اتغسل و اندفن؛ ف عزيت ابنه اللي اداني ورق و قال لي إنه مكتوب بخط أيد عم محمد بنفسه قبل ما يموت، خدت الورق و روحت و لما قريته كانت الصدمة بالنسبة لي لأني لقيت مكتوب فيه الآتي...
" لو بتقرا الورق ده أبقى انا موتت، من و انا صغير بسمع حكايات عن قرية العقارب اللي اختفت و بسمع كمان عن جدي الكبير اللي اسمه احمد محمود الباجوري، الناس الكبار في بلدنا كانوا بيقولوا أن جدي ده جه مع أمه من قرية العقارب و بيحكوا أن أبوه كان شيخ اسمه محمود الباجوري خرجه هو و امه من القرية و خلاهم يروحوا عند بيت أهلها اللي هو ف قريتنا اللي انا عشت و اتربيت فيها، الشيخ الباجوري خرج مراته من القرية لأنه ماكنش حابب أن أهل بيته يفضلوا في العك اللي كانت فيه القرية و كان ناوي يروح لمراته هو و ابنه الكبير محمد لكن للأسف اللعنة حلت عالبلد و البلد من يومها و هي حواليها عاصفة رملية شديدة كانت بتمنع أي حد إنه يدخل أو يخرج منها، العاصفة دي استمرت ٤٠ يوم بعدها البلد اختفت بناسها و ماتبقاش منها أي حاجة، أهالي القرية اللي انا عيشت فيها بيقولوا أن أهل قرية العقارب اتلعنوا بسبب إيمانهم بالسحر و بسبب أن كان بيعيش وسطهم سحرة كتير... الناس الكبار اللي اتربيت على حكاياتهم بيقولوا أن أهل قرية العقارب اللي هم المفروض أهل ابويا اتلعنوا زي ما اتلعن قبلهم ناس كتير انتشرت بينهم الفواحش... مرت سنين لحد ما عرفت بموضوع الترب اللي لقوها و انا روحت بنفسي شيلت رفات الميتين و نقلته بأمر من الحكومة اللي انا بشتغل موظف عندها لترب أو مدافن الصدقة، أنا لقيت جثة و جنبها مذكرات و جنبهم اليافطة اللي اديتهالك... انا ماكنتش عارف اعمل حاجة ولا حتى بقيت عارف أثبت أن كان في قرية من الأساس، حاولت اتكلم و اقول للمسئولين بس ماحدش صدقني، كنت قربت ازهق لحد ما عرفت انك مهتم بالموضوع ف اختارتك انت و اديتك المذكرات و اليافطة اللي لقيتهم عشان تنشر الموضوع و تفهم الناس أن كان في قرية في المكان ده أسمها قرية العقارب، المذكرات اللي معاك دليل و المقابر دليل و حكايات أهل بلدنا و كلامي و أسمي أكبر دليل... انشر الموضوع و عرف الناس و حاول تخلي المسئولين يهتموا بأنهم يدوروا على بقايا القرية... و ادعي لي بالرحمة"
خلصت كلام عم محمد خضر اللي كتبه في ورق سابهولي، انا حطيت قصادكوا كل حاجة و حقيقي حاولت اتواصل كتير مع ناس واصلة و مسئولين لكنهم مش عايزين يبحثوا و شايفين أن الموضوع مافيش منه جدوى، بس انا شايف أنه لازم يتعرف لأن الحلم اللي انا شوفته و موضوع القرية كله مش مجرد قرية هلكت بأهلها و خلاص، الموضوع موضوع رسالة... الفواحش لما بتنتشر بين الناس النهاية بتبقى قريبة اوي و مش شرط تكون النهاية بجن و عقارب و نار و عاصفة زي ما حصل في قرية العقارب... النهاية ممكن تكون بوباء أو بأي شكل من أشكال الهلاك... بكتبلكوا الحكاية دي و بحط قصادكوا اللي عرفته بعد ما فات سنين و انا مش لاقي حد يصدقني... بكتبلكوا الحكاية دي و احنا ف ٢٠٢٠ و انا لسه موظف بروح و باجي و بعيش و اتجوزت و خلفت بس لسه لحد النهاردة محتفظ بالمذكرات و اليافطة و كلام عم محمد اللي في الورق، بكتب الكلام ده لأني ماشوفتش حاجة في أحلامي من ساعة الحلم أو الرؤيا اللي شوفتها من سنين إلا امبارح... انا امبارح حلمت بالتلات بنات بس قالوا لي جمل غريبة صحيت و انا لسه صداها ف ودني...
(الذنوب لما بتبقى عادة بيبقى العقاب قريب... العقاب بيبقى بأي شكل... أحنا مأمورين من اللي خلقكوا و خلقنا... احنا ذنوبكوا و سوادكوا... أحنا اللي جايين عشان نوصل لك رسالة و نمشي... زمان أهل قرية العقارب حضرونا و قضينا عليهم و انت شوفت كل الحكاية بعينك، بس دلوقتي احنا اقل بكتير من أننا نقضي عليكوا... انتوا اللي هتقضوا على نفسكوا ب حرب أو إسفاك دم أو حتى بوباء من صنعكم)
صحيت من النوم و انا مرعوب و كتبتلكم اللي حصل... تفتكروا هم يقصدوا أيه بكلامهم!