أخر الاخبار

قصة الجن الابيض بقلم الكاتب محمد شعبان العارف

 قصة الجن الابيض بقلم الكاتب محمد شعبان العارف


في سؤال مهم انا كنت سألتهولك في نهاية الحكاية اللي فاتت، فاكره؟.. لو مش فاكره، هفكرك.

هي الحكومات بتبني السجون ليه؟، هل عشان تحمي المجرمين من الناس اللي برة، ومايتعرضوش لأذى لما جرايمهم تتعرف؟!.. ولا عشان تحمي اللي برة من المجرمين ومايتمادوش في جرايمهم!



قصص رعب محمد جويلي,رعب محمد جويلي,محمد جويلي,قصص جن كتاب شمس المعارف,الجن العاشق,رعب المحكمه . محمد جويلى رعب,العاب مريم,مصطفى شعبان ابو البنات,محمد رمضان الملك,عالم الجن,تقليد اغنية الملك محمد رمضان,حركات الجن اثناء الرقية,محمد,الجن اثناء الصلاة,الجن المتلبس,محمد خيري,صراخ الجن اثناء الصلاه,هروب الجن اثناء الرقية,كلمات اغنية محمد رمضان,محمد جويلى,شمس المعارف الكبرى,اغنية محمد رمضان الجديدة,لعبة مريم الجزء الثاني



في الحقيقة السؤال ده فضل شاغل بالي لوقت طويل، من وقت ما دخلت السجن تقريبًا، وفضلت اسأله لنفسي ولكل اللي حواليا لحد ما لقيت أجابة مُقنعة.


السجون بتتبني ياصديقي عشان تلات حاجات، مش حاجتين وبس زي ما كنت فاكر؛ اولهم هو حماية المساجين من المجتمع، وتانيهم حماية المجتمع من المجرمين، وتالتهم تأهيل وإصلاح المجرمين دول عشان لما يخرجوا ويقضوا مدتهم، يعرفوا يتعاملوا مع الناس بشكل سوي، وعشان كده انا راضي جدًا عن فترة وجودي في السجن، ومتهيألي هو كمان زي حالاتي، قاعد وراضي وساكت، ومكمل مدته من غير ما يعترض.. طب مين هو؟، انا هحكيلك.


من وقت ما دخلت السجن واتوزعت على العنبر اللي انا فيه، ومن اول يوم قضيته في المكان هنا وانا لاحظت حاجة غريبة، او هي مش حاجة الحقيقة، هو شخص.. راجل عجوز، في الخمسينات تقريبًا، ملامحه جامدة، وشه مليان تجاعيد وخطوط، خطوط كل خط منهم، مستخبي جوة منه مليون حكاية وحكاية، بس مش شكله وبس هو الغريب، ولا هو الشئ اللي خلاني ادور وراه.. الغريب إن الراجل ده كان تملي ساكت، قليل اوي لما اشوفه بيتكلم مع حد او حتى بيضحك، ومش كده وبس، ده كل اللي في العنبر كانوا بيخافوا منه وبيعملوا له حساب، القديم منهم قبل الجديد، وللأسباب اللي ذكرتهالك دي، وبعد مرور فترة قصيرة على وجودي هنا، قربت في يوم من مسجون زي حالاتي وقعدت جنبه، سلمت عليه وطلعتله سيجارة واديتهاله، وبعد ما خدنا وادينا في أي كلام، بصيت له وسألته بفضول..



-إلا قولي ياصاحبي، هو الراجل العجوز اللي تملي قاعد ساكت ولوحده ده، ايه حكايته بالظبط؟!

خد المسجون نَفس من السيجارة وخرجه وهو بيضحك..

-طب وعلى ايه بس ياعمنا، عامل فيها صاحبي وزميلي وجاي تسألني عن احوالي وعزمت عليا بسيجارة، ليه اللف والدوران ده كله، ما تيجي معايا سكة واسأل من الأول.

بلعت ريقي بإحراج، كنت بدور على اي كلام اقوله او ابرر بيه موقفي، لكن مافيش، الكلام وقف على طرف لساني، لكن وقتها بصراحة الراجل ماقصرش واتكلم هو..


-عمومًا مش مستاهلة، توشكر على السيجارة، بس حكاية عم الجن، بلح، فاشوش، برة عني، ومش برة عني انا وبس، دول كل اللي في العنبر نفس الحوار، ماحدش فيهم هيقولك على اللي يريحك ولا هيحكيلك حكايته، بس انت لو الحوار شاغلك اوي، قرب منه، سايسه ولاغيه، اهو.. جايز يرتاحلك ويحكيلك، غير كده ماتحاولش، الراجل مشدد على المساجين ومحرج عليهم، ومانع إن أي حد فيهم يرغي ويحكي عن حكايته، ولو حد اتكلم من غير إذنه، صدقني هيشوف الويل.


-يااه!.. الويل مرة واحدة؟!، بس ثانية واحدة، ويل ايه اللي مسجون ممكن يشوفه اكتر من الويل اللي هو فيه، هو في هم اكتر من حبستنا هنا؟!


لما سألته السؤال ده، جاوبني وهو لسه بيدخن من السيجارة..


-يووه.. طبعًا ياعم في ويل اكتر من الحبس، في الكوابيس، الأذى، الرعب، الجن والعفاريت اللهم احفظنا.

-جن وعفاريت ازاي يعني، وايه علاقة الجن والعفاريت بحكاية الراجل الغريب ده؟!


ضحك المسجون ورد عليا بتريقة..


-لا مش سالك انت برضه ياابو الرجال، عاوز تستدرجني وتوقعني في الكلام عشان احكيلك، بس ريح نفسك، انا عندي عيال عايز اشوفهم بعد ما اخرج من هنا، يعني انسى، مش هفتح بوقي، ولو على حكايته، فاهو.. قاعد على سريره وسارح مع حبايبه كالعادة، قوم واعزم عليه بسجاير واتلزقله زي ما جيت تتلزقلي، قوم جايز يرتاحلك ويرميلك اللي في عبه.


بعد ما قالي المسجون كلامه ده، قام من جنبي وراح يشوف حاله، اما انا بقى، ولمدة أيام، مارتاحتش، فضلت مركز معاه وحرفيًا سألت كل اللي في العنبر عليه، وكلهم قالوا نفس الكلام، ماحدش اداني عُقاد نافع ولا حد رضي يحكيلي، وفضلت على الحال ده لحد ما في مرة وانا قاعد على سريري، اتفاجأت بيه.. الراجل العجوز اللي عرفت إن اسمه كارم ابو السعود.



جه وقعد جنبي على السرير، مانطقش ب ولا كلمة، فضل ساكت لفترة وانا كنت باصص له وانا جوايا احاسيس كتير، خوف على قلق على توتر، وقبل ما اتجرأ او اسأله أي سؤال، مد إيده في جيبه وطلع سيجارتين، ولع واحدة واداني التانية، حطتها في بوقي وهو ولعهالي.. سحبت نَفس وكنت لسه هشكره، بس ساعتها لقيته اخيرًا اتكلم..


-مش مستاهلة شُكرانية، كلنا في الهم سوا.



برقتله، استغربت من طريقته ومن إنه عرف اللي هتكلم فيه من قبل ما اقوله، وقبل برضه ما اسأله انت عرفت منين إن انا كنت هشكرك، قرب مني وقعد جنبي، سند ضهره على الحيطة اللي جنب السرير وبص قصاده وسرح..

-ماتشغلش بالك بعرفت منين انك كنت عايز تشكرني، خلينا في اللي محيرك ومخليك عمال تسأل عليا، انت شكلك طيب وابن ناس 

ووجودك هنا صدفة، اه اصل السجن كده، المجرمين اللي جواه متقسمين أنواع، نوع متعود عالحبس وجواه شيطان بعيد عنك، ونوع تاني برئ، ماعملش حاجة وجه هنا بسبب تلفيقة، وبين النوعين دول في نوع تالت كده مالوش مالكة، لا تقدر تقول عليه مجرم ومتعود عالبلاوي، ولا تقدر تقول عليه برئ، هو ارتكب المصيبة وعملها اه، بس عملها بالصدفة، وانت شكلك من النوع اللي في النص.

لما قال كده، نظرتي له اختلفت، شوفته شخص حكيم او عاقل اوي، راجل بالتأكيد السجن مش مكانه.. عنيا لَمعت، انبهرت بيه ومديت له إيدي..

-معاك حق.. انا ابو الرجال.



ابتسم ابتسامة خفيفة اوي ومد إيده وسلم عليا..

-عمك كارم ابو السعود، او زي ما الناس كانوا ومازالوا بيقولوا عليا، الجن.. الجن الابيض.

سحب إيده ورجع زي ما كان، وقتها بصيتله بفضول وسألته..

-إسمك غريب ياعم كارم، وماقصدش الأسم الأصلي، انا اقصد إسم الشهرة.


رجع راسه لورا وقال لي..


-ااه.. والله ياابني معاك حق، بس اسمي ده بقى هو اللي من عنده بتبتدي حكايتي.. حكايتي ياابو الرجال اللي انت هتموت وتعرفها، مش كده؟!


هزيتله راسي بالإيجاب، ف ساعتها ومن غير أي مقدمات ابتدا يحكيلي، وانا هحكيلك الحكاية زي ما حكهالي، والحاجات اللي مش هتفهمها ولا هتلاقيلها تفسير في النص، انا هفسرهالك في الأخر من كلام العساكر والظباط اللي اتزاملت عليهم بعد فترة كويسة من وجودي هنا، بس دلوقتي، انا هنقلك اللي قاله كارم، لكن بعد ما هو يخلص، او بعد ما انت تخلص قراية لكلامه، ماتسيبش الورق، ركز اووي في اللي هقولهولك في النهاية... اما دلوقتي، فخلينا مع كلام عم كارم اللي قالي..


*************


انا اتولدت من اكتر من خمسين سنة، ولما وعيت عالدنيا وبدأت اشوف واحس بكل اللي حواليا؛ لقيت نفسي موجود في منطقة شعبية، ابويا الحاج ابو السعود، خلفني انا وبنتين اكبر مني، بس البنتين دول كانوا من مراته الأولانية، وانا كنت الولد الوحيد من مراته التانية.. ومع الوقت ومرور السنين اكتر واكتر، وفي السنة اللي جيبت فيها ال ٢٢.. ابويا مات ومن بعده امي بشهور، وقتها مابقاليش حد في الدنيا، ولو هتسألني عن اخواتي، فهقولك ان لا هم ولا امهم اللي ابويا طلقها قبل ما يموت، كانوا بيقبلوني، وعشان كده عيشت لوحدي في بيت ابويا، وقبل ما تقول لنفسك الراجل ده كان بيشتغل ايه، هقولك إن انا كنت بشتغل نفس شغلانة ابويا، مبروك، شيخ، حلنجي، دجال، مخاوي، سميها زي ما تسميها، مش مهم الأسم، المهم إن انا ورثت عن ابويا بيته وشغلانته، وحتى جلابيته وعمته وكتبه، وكمان خدام الجن اللي كانوا تحت إيديه، ومع مرور الوقت ومعرفة الناس بإن الشيخ ابو السعود، ساب كارم ابنه مكانه، الناس بدأت تهل عالبيت وتيجي من تاني.. اللي عاوزة تخلف من جوزها كنت بساعدها.


 واللي عاوز يتجوز بت بيحبها واهله رافضين، كنت بجوزهاله، وفي المقابل، كنت باخد منهم اكراميات، والإكراميات دي هي اللي كانت معيشاني انا و (دوق دوق).. ودوق دوق ده كان ابن عم مصيلحي، مساعد ابويا الله يرحمه، ويرحم عم مصيلحي اللي مات قبله، وساب وراه ابنه اللي ورث نفس شغلانة ابوه، زي حالاتي بالظبط.. دوق دوق كان دراعي اليمين، وقت ما كان عندي ٢٥ سنة، كان هو عنده عشرين، عيل مجدع بصحيح، هارش الشغلانة وبيعرف يجيبلي كل المعلومات اللي انا عاوزها عن الحالة اللي هتعامل معاها، وفي وسط ده كله، الشغل لهاني، حكايات الناس ومشاكلهم اللي كنت بحلها، لهتني عن نفسي وعن حياتي وماتجوزتش، والحقيقة إن ده مش السبب الوحيد في عدم جوازي، انا الناس كلها في المنطقة كانت بتخاف مني، وحتى اللي مابيخافوش، كانوا شايفينني شاب نصاب، يعني مستحيل كان حد هيقبل إنه يجوزني بنته، وعشان كده كَفيت غيري شري واستمريت في شغلي، ومع الأيام وزيادة المُريدين وشهرتي وسط المنطقة والمناطق اللي حواليها، الناس طلعوا عليا إسم شهرة.. الجن الابيض، والأسم ده بيتقسم لاتنين، اولًا قالوا إني جن عشان بعرف احل المشاكل واتعامل مع الجن بسهولة، وكأني واحد منهم تمام، وثانيًا قالوا عني الابيض، عشان سجلي كان نضيف، ابيض، عمري ما دخلت قسم ولا اتقبض عليا بأي تهمة، اصل الحكومة كانت هتقبض عليا ليه، انا كنت في حالي، اعمل حجاب لدي، احل مشكلة ده، والناس كانوا بيدوني فلوسهم بكل رضا وحُب، ولحد هنا الأمور كانت ماشية تمام، مافيش مشاكل، مافيش خروج عن العُرف اللي اتربيت عليه، ومافيش أي أسم تاني غير جن الابيض اللي عمره ما دخل قسم شرطة، لكن الوضع اختلف وحياتي كلها اتشقلبت من اليوم اللي شوفته فيه!


يومها كنت قاعد في بيتي عادي وبستقبل الزباين اللي بيدخلهملي دوق دوق، وفي وسط اليوم، دخل عليا الواد وهو بيترعش ومتبرجل..


-عم كارم، في... في... في ناس برة عاوزينك.

بصيتله باستغراب وسألته..

-ناس مين ياض اللي مخلينك واقف مش على بعضك بالشكل ده؟!

-ننناس.. ناس شكلهم فخم اوي، باينهم حكومة او مافيا.

ضحكت على كلامه وقولتله باستهتار..


-دخلهم.. دخلهم وماتخافش اوي كده، احنا مابنأذيش حد عشان الحكومة تاخدني، ولا حتى بنشتغل في السلاح عشان المافيا تجيلنا، دخلهم وامسك نفسك كده وماتبقاش خرع.



هز لي راسه وخرج، وبعد ثواني دخلوا الناس، كانوا تلاتة، اتنين طول بعرض، لابسين بدل سودة ونضارات شمس، وقصادهم كان راجل قصير شويتين، لابس بدلة هو كمان وحاطط برفان غالي اوي، كان نفاذ لدرجة إني شميت ريحته من مكاني.



دخل وقرب مني، قعد على الكرسي اللي قصادي والاتنين اللي معاه قفلوا الباب وجُم وقفوا وراه، بصيت له ورفعت حاجبي وسألته باستغراب..


-بقى قعدت وحطيت رجل على رجل كمان وماقولتيليش حتى إسمك، مش واجب برضه إنك تعرفني بمعاليك؟!

ضحك ضحكة خبيثة وبعد كده بص للمكان كله ورجع بص لي..



-انا ياكارم دعوة امك الله يرحمها في ليلة القدر، انا اللي هشيلك من المزبلة اللي انت عايش فيها دي، وهخليك تعيش في عز عمرك ما كنت تحلم بيه.



ضحكت على كلامه بصراحة وبنفس الاستهتار اللي اتعاملت بيه من البداية، رديت عليه..

-ايه ده؟!.. انت علي بابا اللي هيفتحلي المغارة وهيدخلني عشان اخد كنز الاربعين حرامي!

-لا ياجن ياابيض، انا طاهر الزغبي اللي جايبلك مقبرة فرعونية وعايزك تفتحهاله.

برقت له وسألته باستغراب..

-انت.. انت طاهر الزغبي رجل الأعمال المعروف؟

-اه انا.. وجايلك بنفسي وجايبلك معايا الخير كله.

-نورت حارتنا المعفنة يابيه، بس في حاجتين عاوز اقولهملك، اولهم إن شكلك متغير عن ما بشوفك في الجرانين، وتانيهم إن انا مش فاهم منك حاجة، خير ايه اللي هيجيبه راجل تقيل زيك، لواحد معدوم زي حالاتي؟!

-جرى ايه ياكارم، ما تفتح مخك معايا.. انا عندي حتة أرض صحراوية، الأرض دي كنت بحفر فيها عشان هبني عليها عماير وآجر شققها، لكن وانا بحفر، لقينا في الأرض مايه، والمقاول اللي بيشتغل في شركة المقاولات بتاعتي، قالي إن الأرض تحتها مقبرة فرعونية، وفعلًا.. سمعت كلامه وجيبنا راجل بركة كده عشان يقرا ويعرفلنا مكان المقبرة بالظبط، او بمعنى أوضح، عشان يلاقيلنا المدخل ويدلنا على مكان الباب، بس الراجل طلع حمار، لا عرف يلاقي مكان الباب ولا عرف يدلنا على حاجة، وفي النهاية طمع، حاول يلاعبني وقالي عاوز مبلغ كبير اوي، وبعد ما ياخده مني، قالي إنه هيبقى يدلني على المكان، بس على مين.. انا عرفت انه نصاب وبيكدب، واللي بيكدب بيروح فين ياكارم!.. مظبوط، بيروح النار، وعشان كده كانت ديته عندي طلقة في نص دماغه، وفي النهاية اتدفن في مكان ماحدش يعرفه، يلا، خد نصيبه، لكن من وقتها بقى وانا واقع في مشكلة، الشغل وقف في الأرض وانا فضلت ادور على أي حد بيفهم في الشغلانة بتاعتكوا دي ومالقتش، وفضل ادور وادور لحد ما في مرة سمعت من الخدامة اللي بتشتغل عندي، واللي اسمها فتحية بالمناسبة، ان بنتها كان معمولها عمل عشان ماتتجوزش، وانت بخبرتك وبشغلك، قدرت تفكلها العمل ده وبنتها اتجوزت، فاكر فتحية ياكارم؟!

هزيتله راسي وانا بجاوبه..

-ايوه يابيه فاكرها، هي من المنطقة هنا وانا ساعدت بنتها عشان تتجوز اه، لكن كل ده ايه دخله بحوار المقبرة اللي في أرضك؟!

اتعصب ورد عليا بزعيق..

-انت هتستعبط ياابني انت؟!.. ما تفتح مخك معايا بدل ما اقوم افتحهولك بنفسي، بقولك فتحية حكت لمراتي عنك، ومراتي جت حكتلي، وانا عندي مقبرة تحت الأرض بتاعتي ومش عارف ادخل لها منين، ايه... محتاجة مفهومية دي؟!، اكيد مش جايلك اتشاهد في جمالك ولا جاي اقولك اعملي عمل للسكرتيرة بتاعتي عشان تحبني، انا يابيه جايلك عشان اخدك من إيدك ونروح الأرض، وهناك بقة تقرا ولا تحضر ولا تنيل أي نيلة من اللي انت بتعملها دي، وتلاقيلي طريق البوابة، وساعتها، اوعدك ان بعد ما نفتح ونلاقي الحاجة، هيبقى ليك منها ١٠%.. ومش بعد ما نبيعها، لا، ده قبل البيع، المهم بس توصلنا للطريق اللي هنوصل منه للبوابة، وطبعًا تقولنا بتتفتح ازاي.

لما قالي كده، بصيت للي واقفين معاه وبعد كده بصيتله ورديت عليه بكل ثقة..

-كان على عيني يابيه والله، انا ماليش في السكة دي، انا راجل كبيري افك سحر، افك عقدة راجل لا مؤاخذة يعني حياته متكعبلة مع مراته، انهي سحر معمول لواحد او واحدة بوقف الحال.. إنما بقى شغل المقابر والأثار واللبش ده، تؤ.. ماليش فيه، انا لسه شاب ومش عاوز اتفرم في الرجلين.

قام وقف وجه ناحيتي، وطى راسه وهمس لي بصوت واطي..

-ماتحورش، انا قبل ما اجيلك عرفت انك ساحر بجد وراجل تقيل رغم إن سنك صغير، ياراجل دول الناس مسمينك الجن من كتر ما انت بتعرف تتعامل معاهم بسهولة، يعني كده كده هتقدر، ولو على النسبة، هخليهالك ١٥%.

قربت منه وقولتله انا كمان بهمس..

-ولو ٩٩.. مش هشتغل الشغلانة دي، انا زي ما بيقولوا عني الجن، فبرضه بيقولوا عني الابيض، وهفضل طول عمري ابيض، يعني لا هلط نفسي في أثار ولا في دم، واتفضل يابيه من غير مطرود، شرفتني.

بِعد عني وبص لي من فوق لتحت، بعد كده راح ناحية الباب والجاردات بتوعه وراه، بس قبل ما يخرج، لف وبص لي وقالي ب غل..


-سهلة ياكارم، اللي مايجيش بالذوق او بالفلوس، كده كده هيجي، بس مش بمزاجه، بالعافية.


قومت وقفت وبصيتله انا كمان بتحدي..


-ابقى جرب ياطاهر بيه، ابقى جرب بس، وانا ساعتها اقسملك بالله، هدفنك وانت صاحي.



الجزء التاني




-سهلة ياكارم، اللي مايجيش بالذوق او بالفلوس، كده كده هيجي، بس مش بمزاجه، بالعافية.


قومت وقفت وبصيتله انا كمان بتحدي..

-ابقى جرب ياطاهر بيه، ابقى جرب بس، وانا ساعتها اقسملك بالله، هدفنك وانت صاحي.

بعد ما قولتله كده الجاردات بتوعه كانوا هيجوا ناحيتي وكان في نيتهم يضربوني، لكنه نده عليهم وقالهم..

-سيبوه.. ماحدش يجي جنبه.

وبعد كده وجهلي انا الكلام..


-هنشوف كلام مين اللي هيمشي ياكارم، سلام، سلام مؤقتًا لأني هشوفك بعدين.


وخرج، ومن بعد ما خرج والدنيا فضلت هادية.. يوم، والتاني، والتالت، وبعد مرور اسبوع بالظبط، وبعد ما خلصت شغلي ودوق دوق روح بيته، خرجت اجيب عشا، وقتها كانت الساعة واحدة بالليل، الحارة عندنا كانت هُس هُس عشان كنا في شتا، وبمجرد ما خرجت من الحارة ووانا ماشي في حتة ضلمة ومقطوعة، ظهرت فجأة عربية صغيرة ووقفت جنبي، ماعرفش جت منين ولا جت امتى، انا كل اللي انا فاكره إن العربية خرج منها اربع تيران شبه الاتنين اللي كانوا مع طاهر، وبسرعة البرق خبطوني على نفوخي حتة خبطة، خلتني ماحسش بحاجة حواليا وغيبت عن الدنيا، بس لما فوقت وفَتحت عنيا، لقيت نفسي في مكان غريب، زي أوضة صغيرة، او انا كنت فاكرها أوضة صغيرة وطلعت كرفان.. وجوة الكرفان اللي انا كنت فيه ده، وقصادي بالظبط، كان واقف كارم ووراه اربعة من رجالته، نفس الاربعة اللي طلعوا عليا وضربوني.


قرب مني طاهر وانا قاعد على الأرض ومتكتف، وقبل ما اشتمه ضحك وقالي..


-مش قولتلك إننا هنتقابل قريب ياكارم، نورت أرضي ياجن، يلا.. يلا فوق كده عشان نشوف شغلنا.


وقتها الغضب خلاني برقتله وقولتله بزعيق..


-بعينك يابيه، اقسم بالله ما هعمل اي حاجة غصب عني.


-يا رااجل ومين قالك بس انه غصب عنك، انت كده كده هتقبل وهتعمل كل حاجة بنفس راضية، انا عرضي لسه قائم، ال ١٥% زي ما هم، أظن النسبة محترمة وتخلي أي حد يشتغل بنفس راضية، وأظن برضه إن العبيط اللي يرفض عرض مهم زي ده وهو مخطوف، يستاهل يحصل اللي قبله ويحصل ابوه وامه الله يرحمهم، مش كده ولا ايه يا مولانا؟!


لما قالي كده، غضبي زاد وزعقتله بصوت أعلى..


-ابقى جرب ياابن الزغبي، ابقى جرب بس تأذيني وانا ورحمة ابويا وامي هنفذ حلفاني.


ضحك، استهتر بيا، وفي وسط ضحكه بشكل هيستيري، طلع مسدس من ورا ضهره وحطه على راسي، كان بيهددني، لكن في وسط تهديده، ووقت ما كان هو في موقف قوة، وانا في موقف ضعف، فجأة سمعنا صوت سارينة، كانت سارينة شبه بتاعت البوليس بالظبط!


في اللحظة دي رجالة طاهر طلعوا يجروا على برة، اما هو بقى، فساب المسدس من إيده ورفع دراعاته وهو مستسلم للأمر واقع، عبيط، غشيم، افتكر إنه البوليس بحق وحقيقي، بس في الحقيقة السارينة دي ماكانتش سارينة بوليس، دي كانت تمويه.. تمويه من بعده دخل علينا الكرفان دوق دوق ومعاه شوية من شباب المنطقة، ولحد هنا خليني اقف بالحكاية وارجع بيك لساعات قبل اللي حصل.


في اليوم ده وبعد ما الزباين مشيوا، جالي هاتف وقالي إن طاهر عاملي كمين، ماعرفش بقى إذا كان ناوي يخطفني من بيتي ولا من براه، المهم اني مشيت ورا الهاتف او صوت الجن اللي جالي وندهت على دوق دوق، قعدته معايا وفهمته خطتي؛ قولتله ان رجالة طاهر الزغبي ناوين يخطفوني الليلة دي، وطلبت منه إني لما اخرج من بيتي يفضل مراقبني هو والعيال المقاطيع اللي بيقعد يحشش معاهم كل يوم بالليل، ولما يعرف مكاني ويتأكد اني جوة، يحط على المكان هو واللي معاه بعد ما يعملوا نمرة السارينة بتاعت الحكومة دي، واللي اتفقنا عليه حصل، دوق دوق فضل مراقبني من بعد ما رجالة طاهر خطفوني وخرجوا برة المنطقة، وكمل في مراقبته هو واللي معاه لحد ما وصلوا بيا للكرفان اللي في الارض الصحرا، وبعد ما رتب حاله هو ومقاطيعه، حطوا على المكان وعملوا الدخلة المظبوطة، والحقيقة ان الدخلة كملت بتكتيف الجاردات اللي طلعوا يجروا، وبفكي من الربطة المنيلة اللي كنت مربوطها.. وطبعًا بعد ما فكوني ورنوا طاهر واللي معاه علقة محترمة، كتفوه وقالوا لي انه اهو قدامي، اعمل فيه اللي انا عاوزه.


كان مرمي قدامي برة الكارفان، متكتف زي الكلب الذليل، قربت منه وبرقتله، وبكل غل وكره قولتله في وشه..


-انا ارجل منك عشان هنفذ حلفاني، ايه.. بتبحلقلي كده ليه، مش انا اقسمتلك بالله اني هدفنك حي لو أذتني، واديني اهو هنفذ حلفاني.. يارجااالة، اشحنوه على عربية من العربيات اللي انتوا جايين فيها، طاهر بيه هيشرفنا في مقابر منطقتنا، والعيال اللي متربطين دول، اعدموهم العافية لحد ما يغيبوا عن الوعي، وبعدما نخلص، كل واحد هيتراضى.



وفعلًا، شوية من العيال المقاطيع اللي دوق دوق جابهم، شحنوا طاهر على عربية من العربيات وانا كنت معاهم، والشوية الباقيين فضلوا يضربوا في الجاردات وهم متكتفين لحد ما غابوا عن الدنيا، وبعد ما خدنا طاهر ونزلنا على المنطقة عندنا، دخلنا مدفن في اخر المقابر، المدفن ده كان مهجور وماحدش بيدفن فيه، زقينا بابه المتوارب المصدي، ودخلنا، وفي أوضة من الأوضتين بتوع المدفن، رمينا طاهر وهو متكتف وبوقه عليه لزقة عشان ماينطقش، وبعد ما اترمى في الأوضة اللي بالمناسبة يعني تعتبر هي المدفن او القبر، لأن عندنا في المنطقة بندفن الميتين فوق وش الأرض، والمدافن بتبقى عبارة عن أوضتين؛ أوضة للحريم وأوضة للرجالة.. وقتها انا قربت من طاهر وفي إيدي كشاف، وجهته ناحية وشه وقولتله وانا بضحك اوي..



-نورت اخرتك يابيه، انا عارف انه مدفن مش قد المقام، مش زي مدافنكوا يعني، بس اهو.. هتقول ايه بقى، قدرك وافعالك هم اللي جابوك لحد هنا، بالسلامة يازغبي، اقابلك في الأخرة.



وبعد كده خرجت وخليت الشباب يقفلوا عليه ورجعنا المنطقة، بس بعدها بيوم، عرفت إن نفس القدر اللي خلى طاهر الزغبي يقع معايا، هو هو نفس القدر اللي خلى التربي يعدي تاني يوم الصبح من عند المدافن ويسمع صوت طاهر وهو بينازع جوة الأوضة، الظاهر إنه عرف يشيل اللزقة من على بوقه وفك نفسه، بس ماعرِفش يخرج، هو فضل يزعق وينازع لحد ما عبد الغني التربي عدى من عند المدفن وسمعه، وطبعًا لما سمع صوته فتحله الأوضة، واول ما فتحله وخرج قصاده طاهر ولقاه عايش، الراجل اتجنن وشعره بقى ابيض، ما هو ماكنش متخيل ان في حد ممكن يكون اندفن في المدفن ده من اساسه، لا وايه، ده كمان اندفن وهو صاحي.. اما عن طاهر بقى، ففضل يجري زي المجانين في الشارع لحد ما وقع وأغمى عليه، ولما الناس لقوه ونقلوه المستشفى وفاق، ماكنش بيتكلم، هو بس كتب إسمه ورقم تليفون أهله، أهله اللي جم ونقلوه من المستشفى اللي هو فيها، وودوه لمستشفى كبيرة فضل فيها لأيام من غير ما ينطق، وبس ياسيدي، انا ماهتمتش، اه ما انا وقتها الغرور عماني وافتكرت إن خلاص كده، زي ما التربي اتجنن وشعره بقى أبيض من اللي شافه، افتكرت برضه إن طاهر اتجنن وفقد النطق وبقى مستحيل يوصل لي، بس لا، اللي حصل غير كده.. انا بعدها بأيام، وفي ليلة اتعشيت فيها انا ودوق دوق وشربنا الشاي كمان، نمت، ماديتش خوانة ونمت، بس لما صحيت، لقيت نفسي قاعد على كرسي من كراسي بيتي ومتكلبش، بصيت حواليا شمال ويمين وساعتها اتخضيت، الرعب خلى إيديا ورجليا عاملين زي ألواح التلج.. البيت كان مليان حكومة، وقصادي بالظبط كان في شنطة مليانة حشيش، كانت كمية تودي في داهية، وطبعًا بعد كده الحكومة خدتني وعرفت إن حد دس لي الشنطة وبلغ عني وانا نايم، وبكل سهولة ليلتها الحكومة كسرت الباب ودخلت فتشت ولقوا اللي لقوه، واللي لقوه ده كان السبب في إن انا ابقى موجود هنا.. ومش بس موجود لفترة وخلاص، لا، ده انا لبست تأبيدة عشان القضية اتعملتلي إتجار.



لما وصل كارم لحد هنا، سألته..

-طب ومين اللي دس لك الشنطة وبلغ عنك ياعم كارم، وازاي ماعرفتش اللي حصل من الجن اللي بيخدمك، زي ما عرفت إن طاهر عاملك كمين، وازاي اصلًا ماصحتش لما الحكومة كسرت عليك الباب!


رَجع راسه لورا وضحك ضحكة غريبة، ضحكة جواها زعل على حُزن..


-أظن انت حاسس إن انا اتغفلت، وأظن كمان إن احساسك بيقولك إن اللي ساعدني بعد كمين طاهر، هو نفسه اللي وقعني في كمين اسود منه.


-قصدك مين؟.. يعني انا فهمت صح، دوق دوق مش كده؟!


-هو ياسيدي، جالي هنا بعد سجني بسنة وشوية، قعد قصادي وهو بيعيط وندمان وحكالي اللي حصل، وزي ما حكالي انا هحكيلك... دوق قبل ما الحكومة تقبض عليا بيوم، وبعد ما خلص الشغل معايا وقعدته مع الشلة التلفانة بتاعته، طلع بيته اللي عايش فيه لوحده، واول ما فتح النور وجه يدخل، لقى قصاده شخص غريب، شاب مايعرفوش، لابس لبس نضيف اوي وزي ما يكون قاعد مستنيه في الضلمة، بص له دوق دوق باستغراب وسأله انت مين؟!، شاورله الشخص ده انه يقعد بعد ما طمنه انه مش هيأذيه، وبعد ما دوق دوق قعد قصاده، مد الشاب ده ايده على الأرض وطلع شنطتين، فتح شنطة منهم وبص لدوق دوق.. وقتها كان دوق دوق عينيه مبرقين مع اللي جوة الشنطة، فلوس.. فلوس كتير اوي اوي، وفي لحظة ما كان الواد مبرق مع الفلوس، اتكلم الشاب اللي قدامه ده وقال له..


(شوف يادوق دوق، الفرصة بتيجي في العُمر مرة واحدة وبس، وانا بقى فرصتك.. اللي قصادك دول ٢٥٠ ألف جنيه، ربع أرنب زي ما بتقولوا بلهجتكوا الشعبية، والفلوس دي سهل اوي انها تبقى ملكك، لكن ده في مقابل انك تعمل حاجة واحدة بس)


رد عليه دوق دوق وهو لسه مبرق وسأله عن الحاجة اللي مطلوب منها إنه يعملها، ساعتها قام الشاب وقرب من دوق دوق وعرفه بنفسه..


(بص ياسيدي، قبل ما تعمل اللي هتعمله ده، لازم اقولك انا مين، ولازم كمان تعرف انت هتعمله ليه.. انا عز الزغبي، اخو طاهر الزغبي الصغير، اظن عارف طاهر وعارف اللي كارم عمله فيه، بس في الحقيقة بقى انا غير اخويا خالص، والحقيقة برضه إن انا ماكنتش راضي عن اللي اخويا بيعمله، انا ياما نصحته وقولتله نركز في مجموعة شركاتنا ونسيبنا من الجري ورا الأثار والكلام الفاضي ده، بس هو ماسمعش كلامي، وكانت النتيجة إنه اتعرض للي اتعرضله ده، بس لما روحتله المستشفى وكتب لي اللي حصل معاه بالتفصيل، وده لأنه مابيتكلمش طبعًا.. لومت عليه في الأول، اتضايقت، غضبت، عاتبته لأنه ماسمعش كلامي، وفي النهاية هو وعدني إنه لما يخف ويخرج من محنته، هيكمل شغل في الأرض وهينسى موضوع الأثار ده خالص، وفي المقابل بقى انا وعدته إني هجيبله حقه من اللي عمل فيه كده، كارم يا دوق دوق.. كارم لازم يدفع تمن اللي حصل لطاهر، وانا بقى ماليش في جو الشمال ده، لا ليا في الخطف ولا القتل ولا الشغل اللي يلط إسم الواحد ده، انا عملي، بحب سياسة ال خد وهات، وعشان كده جيتلك ومعايا الشنطتين دول، الشنطة المفتوحة فيها ربع مليون، خدهم، انا مسامح فيهم، لكن عشان اسيبهملك، هسيبلك معاهم الشنطة التانية، ودي فيها عشر ترب حشيش، والمطلوب منك إنك تروح بيها بيت كارم وتخبيها في مكان هتقولي عليه، وبعد كده تتعامل عادي لحد ما الليل يجي، وقبل ما تمشي، تخلي كارم يشرب أي منوم بسيط، بحيث إن لما الحكومة تيجي وتقبض عليه، مايحاولش يهرب.. يعني من الأخر كده عاوزين نسلمه للحكومة جاهز من كله.. ها.. قولت ايه؟!)



ولإن دوق دوق حشاش وابوه وامه الجنيه، فوافق، وافق وباعني لعز اخو طاهر ودس لي الشنطة في بيتي، وبعد ما اتعشينا سوا وشربت الشاي اللي هو عاملهولي بإيده ونمت، اتسلمت للحكومة بمصيبة تودي ورا الشمس.


-طب وهو جه واعترفلك ليه؟!


-عشان حمار، بعد ما خد الفلوس من عز وانا اتسجنت، خباهم في سحارة جوة كنبة اسطنبولي قديمة في بيته، وفضل يسحب منهم ويشرب ويخربها لحد ما جت له البيت واحدة من إياهم، وبعد ما شرب وكان سكران، ووقت ما كان مقضيها معاها، فتح قصادها سحارة الكنبة وشافت الفلوس، ساعتها البت عينيها زغللت وخبطته على نفوخه، وبعد ما غاب عن الوعي، قلبته وفلقت.

ضحكت على كلامه وعلى اللي حصل مع دوق دوق بصراحة، وهو كمان، عم كارم غصب عنه ضحك معايا، لكن بعد ما خلصنا ضحك سألته..


-بس برضه ماجاوبتنيش ياعم كارم، الهاتف اللي جالك قبل الكمين بتاع طاهر، ماجالكش ليه قبل كمين دوق دوق وعز؟!


-والله علمي علمك، جايز يكونوا الخدم اللي معايا كانوا بيلاعبوني وقتها، او جايز اتحجب عنهم الرؤية في الموضوع ده بالذات، حقيقي مش عارف، بس كل اللي اعرفه إن انا كنت طول عمري خاربها، اعمال وسحر وفك وجلب، وعمري ما اتمسكت، ويوم ما اتمسك، اتمسك بحاجة ماعملتهاش.. هاه، دنيا غريبة ومالهاش أمان.


-اه والله معاك حق، دنيا غريبة فعلًا، طب والخدم والجن اللي معاك، لسه موجودين؟


بص لي اوي وبرق اوي، ركز في عيني، وبصوت تخين رد عليا وقالي..


-ما هم دول اللي عاملينلي هيبة في السجن بقالهم سنين، وهم دول اللي خلوا طاهر يفضل ساكت لحد ما مات من حوالي خمس سنين، ولو مش مصدقني، اسأل اللي حواليك، وماتقلقش، انا هصرحلهم إنهم يحكولك عن كراماتي اللي عايشين بيها.. يلا بالإذن ياابو الرجال، حاكم انا حرقت معاك جاز كتير اوي.. يلا، اروح انا بقى لخلوتي.



قام كارم من جنبي بعد ما عرفت حكايته، والحقيقة إن انا ماستكفتش باللي عرفته منه، انا سألت الناس وابتدوا يقولوا لي إنه فعلًا راجل واصل، واللي يقولي بقى إنه مرة رقى مسجون ملبوس وخرج جن من عليه، واللي يقولي إنه مرة أذى عسكري اتخانق معاه، واللي يقول واللي يعيد واللي يزيد، حكايات كتير عن الجن الابيض اللي ماحدش بيقدر يهوب ناحيته ولا حد بيقدر يأذيه، لكن كل الكلام ده، كان كلام المساجين الغلابة، هم اللي سهل يتضحك عليهم بالأساطير والخرافات، أما العساكر والظباط بقى، فدول كان ليهم رأي وكلام تاني.. العساكر والظباط اللي عرفتهم بعد ما خدت عالسجن وهو خد عليا، قالوا لي إن كارم لا مخاوي ولا نيلة، ولا حتى ابوه كان مخاوي، كارم دجال، واللي عرفه إن طاهر متربصله هو ورجالته، كانت فتحية اللي سمعت طاهر وهو بيتكلم مع رجالته، وراحت بلغت كارم، أما بقى عز ودوق دوق، فعز اخو طاهر، بعد ما ساب الشنطة عند دوق دوق، كلم ظابط صاحبه كان مفهمه اللي فيها، وكمان كان قايل له إن القضية دي، قضية هتنقله نقلة تانية، يعني ببساطة كده، بلاغ عن راجل دجال.



 باين لكل الناس إنه شيخ وتقي، وفي الحقيقة هو تاجر مخدرات ومخبي ده عن كل اللي حواليه، بالتأكيد هيبقى بلاغ محترم وهينقل الظابط اللي هينزل يحقق فيه نقلة تانية، وهو ده اللي عمله الظابط، اتحرك بسرعة من قبلها وجاب إذن النيابة، وطبعًا كان مُستند في الإذن على تحرياته وعن كلام الناس عن كارم، الناس اللي متعلمين وعايشين جوة منطقته، واللي بيقولوا عن كارم إنه دجال ولازم يتقبض عليه، وفعلًا.. اتقبض عليه واتهبد تأبيدة ولسه بيقضي فيها لحد دلوقتي، اما عن دوق دوق، فبيقولوا إنه افتقر تاني بعد ما اتسرق، بس تاب وبقى بيشتغل شغلانات شريفة، طب وطاهر الزغبي؟!.. طاهر ياسيدي اتعالج من الصدمة اللي اتعرضلها وكمل المشروع، واه بالمناسبة، الأرض ماكنش فيها مقبرة فرعونية ولا حاجة، المايه اللي العمال لقوها كانت ماية بير، يعني مش ماية رَصد.. وفضل طاهر عايش وهو فاقد النطق لحد ما مات من كام سنة، وبس.. دي كانت حكاية كارم او زي ما بيقولوا عنه (الجن الأبيض).. ولحد هنا بتخلص الحكايات في الورق ده، لكنها مابتخلصش أبدًا من المساجين ولا من عندي، وماتسألش نفسك كتير عن الحكايات اللي جاية، انا زي ما وصلتلك الورق ده، هوصلك ورق جواه حكايات تانية، ماتقلقش، مش هتأخر عليك ياكاتبنا.. إمضاء، ابو الرجال.



ولحد هنا بيخلص الورق اللي لقيته جوة الظرف اللي اداهولي البقال، وفي الحقيقة انا لحد دلوقتي مش عارف، هل دي اشتغالة، هزار، حد بيألف قصص وبيعرضها من خلالي، بجد مش عارف، لكني مستني الورق الجاي بحسب كلامه، وعشان الأمانة، ف انا نقلتلكوا الحكايتين اللي اتكتبوا لي، ولو جت لي من ابو الرجال أي حكايات تانية، اوعدكوا إني هرجع وهحكيكهالكوا، سلاام..

تمت


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-